الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
السلاجقة (دولة)
السلاجقة أسرة تركية كبيرة، كانت تقيم فى بلاد «ما وراء
النهر»، وتنسب إلى زعيمها «سلجوق بن تُقاق» ، الذى اشتهر
بكفاءته الحربية، وكثرة أتباعه. وقد أسلم «سلجوق» وأتباعه،
وخلَّف من الأولاد «أرسلان» و «ميكائيل» و «موسى» ، وكان
أبرزهم «ميكائيل» ، الذى أنجب «طغرل بك» (محمد) و «جغرى
بك» (داود)، اللذين قام عليهما مجد «السلاجقة» . هاجر السلاجقة
بزعامة «طغرل بك» وأخيه «جغرى» فى الربع الأول من القرن
الخامس الهجرى إلى «خراسان» الخاضعة لنفوذ الغزنويين، وبعد
سلسلة من الصراع بين الغزنويين و «السلاجقة» ، استطاع
«السلاجقة» السيطرة على «خراسان» بعد هزيمة الغزنويين
بقيادة السلطان «مسعود بن محمود بن سبكتكين» سنة (431هـ
= 1040م) أمام «طغرل بك» وأخيه «جغرى» . وقد ساعد
«السلاجقة» على توطيد سلطانهم انتماؤهم إلى المذهب السنى،
وإعلانهم الولاء والتبعية للخليفة العباسى «القائم بأمر الله» ،
الذى عين «طغرل بك» نائبًا عنه فى «خراسان» وبلاد «ما وراء
النهر» وفى كل ما يتم فتحه من البلاد. وقد استطاع «السلاجقة»
توسيع حدود مملكتهم بسرعة هائلة، فاستولى زعيمهم «طغرل
بك» على «جرجان» و «طبرستان» سنة (433هـ)، وعلى
«خوارزم» و «الرى» و «همدان» سنة (434هـ = 1043م) وعلى
«أصبهان» سنة (443هـ = 1051م)، وعلى أذربيجان» سنة
(446هـ = 1054م)، وبدأ يتطلع للسيطرة على «بغداد» ، وقد
هيأت له الأوضاع السائدة فى «العراق» تحقيق هذا الهدف. وقد
أصبح «طغرل بك» (ركن الدين أبو طالب محمد بن ميكائيل بن
سلجوق» أولَ سلاطين «السلاجقة» فى «بغداد» ، ابتداءً من
(رمضان 447هـ = نوفمبر 1055م)، وقد استقبله الخليفة «القائم
بأمر الله» بكل مظاهر الحفاوة والترحاب، ولقبه «ملك المشرق
والمغرب». كان «طغرل بك» حريصًا على إبداء كل مظاهر
الإجلال والتوقير للخليفة، وقد اقتدى به خلفاؤه؛ فعاملوا
الخلفاء العباسيين بكل ما يليق بمكانتهم من احترام وتعظيم. وقد
أوصى «طغرل بك» بأن يخلفه بعد موته ابن أخيه «سليمان بن
داود جغرى»؛ حيث إنه لم يخلف ولدًا، وفى (8 من رمضان سنة
455هـ = سبتمبر سنة 1063م) توفى «طغرل بك» بمدينة «الرى»
ببلاد «الجبل» ، وعمره نحو سبعين عامًا، وقد نفذ «عميد الملك
الكندرى» وصية «طغرل بك» ، ولكن الناس كانوا أميل إلى «ألب
أرسلان»، فأمر «عميد الملك» بالخطبة له وتم الأمر له بمساعدة
وزيره «نظام الملك» ، وأصبح سلطانَ «السلاجقة» . وعقب تولِّى
«ألب أرسلان» سلطنة «السلاجقة» ، أقر «عميد الملك الكندرى»
وزير عمه «طغرل» فى منصبه، ولكنه سرعان ما تغير عليه
فعزله فى شهر (المحرم سنة 456هـ = ديسمبر سنة 1063م)،
وسجنه، ثم دبر قتله فى شهر (ذى الحجة سنة 456هـ = نوفمبر
سنة 1064م)، ويبدو أن «نظام الملك» لعب دورًا فى ذلك. وبعد
عزل «عميد الملك» ، عين «ألب أرسلان» «نظام الملك» وزيرًا له،
وكان وزيره أثناء إمارته على «خراسان» قبل توليه السلطنة،
ويُعدُّ «نظام الملك» أشهر وزراء «السلاجقة» كما يعد من أشهر
الوزراء فى التاريخ الإسلامى. استطاع «ألب أرسلان» أن يوسع
حدود مملكة «السلاجقة» التى ورثها عن عمه «طغرل» ، وأن
يسجل انتصارات رائعة ضد أعدائه فى الداخل والخارج، فنجح
فى القضاء على حركات العصيان فى «خراسان» و «ما وراء
النهر» و «أذربيجان» ، وتمكن من تعزيز الوجود الإسلامى فى
«أرمينيا» بعد انتصاره فى معركة ملاذكرد الشهيرة، واستولى
على «حلب» وقضى على النفوذ الفاطمى بها. وعقب وفاة «ألب
أرسلان» تولى السلطنة ابنه «ملكشاه» بعهد من أبيه، وتولى
«نظام الملك» أخذ البيعة له، وأقره الخليفة «القائم بأمر الله»
على السلطنة. لم يكتفِ «ملكشاه» بإقرار «نظام الملك» فى
الوزارة كما كان فى عهد أبيه، بل زاد على ذلك بأن فوض إليه
تدبير المملكة، وقال له: «قد رددت الأمور كلها كبيرها وصغيرها
إليك، فأنت الوالد»، ولقبه ألقابًا كثيرة، أشهرها لقب «أتابك» ،
ومعناه الأمير الوالد، وكان «نظام الملك» أول مَن أُطلق عليه هذا
اللقب. وسبب هذه المكانة الرفيعة التى حظى بها «نظام الملك»
عند السلطان «ملكشاه» ، أنه هو الذى مهد له الأمور، وقمع
المعارضين، فرآه السلطان أهلاً لهذه المكانة. الخلفاء
العباسيون فى العهد السلجوقى: كان «المقتدى بأمر الله» ،
أول خليفة يتقلد منصبه فى ظل «دولة السلاجقة» ، وبذلك يكون
الخلفاء الذين تولوا الخلافة فى العهد السلجوقى - بعد «القائم
بأمر الله» - ثمانية هم: 1 - المقتدى بأمر الله (عبدالله بن محمد بن
القائم بأمر اللهـ) [467 - 487هـ = 1075 - 1094م]. 2 - المستظهر
بالله (أبو العباس أحمد بن المقتدى بأمر اللهـ) [487 - 512هـ =
1094 -
1118م]. 3 - المسترشد بالله (أبو منصور الفضل بن
المستظهر) [512 - 529هـ = 1118 - 1135م]. 4 - الراشد بالله
(أبوجعفر المنصور بن المسترشد) [529 - 530هـ = 1135 -
1136م]. 5 - المقتفى لأمر الله (أبوعبدالله بن محمد بن المستظهر
باللهـ) [532 - 555هـ = 1138 - 1160م]. 6 - المستنجد بالله
(أبوالمظفر يوسف بن المقتفى)[555 - 566هـ = 1160 - 1170م].
7 -
المستضىء بأمر الله (أبو محمد الحسن بن المستنجد باللهـ)
[566 - 575هـ = 1170 - 1179م]. 8 - الناصر لدين الله (أبو العباس
أحمد بن المستضىء بأمر اللهـ) [575 - 622هـ = 1179 - 1225م].
وقد شهدت خلافة «الناصر لدين الله» زوال ملك «السلاجقة» فى
سنة (590هـ = 1194م) وبداية استقلال الخلفاء العباسيين
بالسلطة فى «بغداد» وما يحيط بها. بلغت «الدولة السلجوقية»
ذروة مجدها وعظمتها على يد «ملكشاه» الذى استمر فى
السلطنة عشرين عامًا تقريبًا؛ حيث استطاع أن يستثمر ما حققه
«طغرل بك» و «ألب أرسلان» على أحسن وجه، فحقق إنجازات
عظيمة بمعاونة وزيره «نظام الملك» . وقد تزامنت سلطنة
«ملكشاه» -فى معظمها- مع خلافة «المقتدى بأمر الله» ، الذى
تولى منصبه بعد ابتداء حكم «ملكشاه» بعامين، وتُوفِّى بعد
وفاته بعامين. وقد اتسعت حدود «الدولة السلجوقية» فى عهد
«ملكشاه» اتساعًا غير مسبوق، من حدود الصين إلى آخر
«الشام» ، ومن أقاصى بلاد الإسلام فى الشمال إلى آخر بلاد
«اليمن» ، وحمل إليه ملوك الروم الجزية. وترجع عظمة «الدولة
السلجوقية» فى عهد «ملكشاه» إلى اتساع حدودها وازدهار
الحركة الثقافية فيها بصورة جديرة بالإعجاب. وكان لنظام الملك
أثر متميز وجهد خلاق فى ذلك، على المستوى الإدارى
والعسكرى، والثقافى. فاهتم بإنشاء العديد من المدارس التى
نسبت إليه فى أنحاء الدولة، فسميت بالمدارس النظامية، وكان
أشهرها: «نظامية بغداد» التى تخيَّر «نظام الملك» مشاهير الفكر
والثقافة فى العالم الإسلامى للتدريس فيها مثل: «حجة الإسلام
أبى حامد الغزالى» صاحب كتاب «إحياء علوم الدين» ، الذى
فوض إليه «نظام الملك» مهمة التدريس فى «المدرسة النظامية»
ببغداد، ثم فى «المدرسة النظامية» بنيسابور، التى كان إمام
الحرمين أبو المعالى الجوينى يقوم بالتدريس فيها. وقد أسهمت
هذه المدارس النظامية فى تثبيت قواعد المذهب السنى والدفاع
عنه ضد مختلف البدع والأهواء والمذاهب المنحرفة التى انتشرت
فى ذلك الوقت. وقد كان «نظام الملك» مؤلفًا مرموقًا أيضًا، فهو
مؤلف كتاب «سياسة نامه» الذى تحدث فيه عن كيفية تدبير
شئون الملك، وفضح معتقدات الحشاشين وغيرهم من الخارجين
عن الدين. ثم بدأت مظاهر الضعف تنتشر فى جسم «الدولة
السلجوقية» عقب وفاة «ملكشاه» ، فظهر الانقسام والتمزق
والفتن، باستثناء فترة حكم السلطان «معز الدين سنجر أحمد» ؛
حيث شهدت الدولة قوة وصحوة مؤقتة.