المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عبد الواد (بنو) - موسوعة سفير للتاريخ الإسلامي - جـ ١٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الدولة الطولونية

- ‌الدولة الإخشيدية

- ‌الدولة الجغتائية

- ‌الدولة الإيلخانية

- ‌الإيلخانيون

- ‌الدولة الجلائرية

- ‌الدولة المظفرية

- ‌آل مظفر

- ‌كرت (دولة)

- ‌قراقيونلو (دولة)

- ‌الصفوية (دولة)

- ‌الأفاغنة

- ‌الأفشارية

- ‌القاجارية

- ‌التيمورية (دولة)

- ‌الغزنوية (دولة)

- ‌الغورية (دولة)

- ‌دهلى (سلطنة)

- ‌الخلجية (دولة)

- ‌التغلقيون (دولة)

- ‌تغلق شاه (بنو)

- ‌المغول (دولة فى الهند)

- ‌الأغالبة

- ‌الرستمية (دولة)

- ‌الأدارسة (دولة)

- ‌بنو مدرار (دولة)

- ‌بنو واسول (دولة)

- ‌الزيرية (دولة)

- ‌المرابطون (دولة)

- ‌الموحدون (دولة)

- ‌المرينية (دولة)

- ‌بنو وطاس (دولة)

- ‌زيان (بنو)

- ‌عبد الواد (بنو)

- ‌الحفصية (دولة)

- ‌نبهان (آل)

- ‌ نجاح (بنو)

- ‌المهدى (بنو)

- ‌بنو يعفر (دولة)

- ‌همدان (بنو)

- ‌زريع (بنو)

- ‌طاهر (بنو)

- ‌العيونيون

- ‌البيزنطية (دولة)

- ‌البيزنطيون

- ‌الأفطس (بنو)

- ‌آق قيونلو (دولة)

- ‌الخطا (مملكة)

- ‌القراخطائية

- ‌واداى (مملكة)

- ‌الإسبان

- ‌البرامكة

- ‌الإغريق

- ‌الرومان

- ‌غانة الإسلامية (دولة)

- ‌مالى (دولة)

- ‌صنغى (دولة)

- ‌الكانم والبرنو

- ‌البرنو

- ‌الهوسا (إمارات)

- ‌البلالة (سلطنة)

- ‌الفونج (دولة)

- ‌دارفور (سلطنة)

- ‌شوا (سلطنة)

- ‌أوفات (سلطنة)

- ‌عَدَل (سلطنة)

- ‌مقديشيو (سلطنة)

- ‌كلوة (سلطنة)

- ‌بات (سلطنة)

- ‌الأموية (خلافة)

- ‌العباسية (خلافة)

- ‌العباسيون

- ‌البويهية (دولة)

- ‌البويهيون

- ‌الصفارية (دولة)

- ‌السامانية (دولة)

- ‌الحمدانية (دولة)

- ‌السلاجقة (دولة)

- ‌الطاهرية (دولة)

- ‌الصليحية (دولة)

- ‌الإسماعيلية (دولة)

- ‌الأويغوريون (دولة)

- ‌جهور (بنو)

- ‌رسول (بنو)

- ‌الروم

- ‌الزبيريون

- ‌الزندية

- ‌الزنكية

- ‌السعديون

- ‌سلاجقة الروم

- ‌الشهابيون

- ‌الشيبانيون

- ‌غانية (بنو)

- ‌الفرس (دولة)

- ‌طخارستان (مملكة)

- ‌السعودية (المملكة العربية)

- ‌نصر (بنو)

- ‌الأحمر (بنو)

- ‌غرناطة (دولة)

- ‌العامرية (دولة)

- ‌حمود (بنو)

- ‌الفاطمية (دولة)

- ‌العبيديون

- ‌الأيوبية (دولة)

- ‌المماليك البحرية (دولة)

- ‌المماليك البرجية (دولة)

- ‌المماليك (دولة)

- ‌العثمانية (دولة)

- ‌الأموية (دولة فى الأندلس

الفصل: ‌عبد الواد (بنو)

*‌

‌عبد الواد (بنو)

ترجع تسمية هذه الدولة بهذا الاسم إلى «زيان بن ثابت» ، والد

«يغمراس» مؤسسها، كما أنها تسمى بدولة بنى عبدالواد (العبد

الوادية) نسبة إلى قبيلة «عبد الواد» التى ينتمى إليها «بنو

زيان». وقد قامت هذه الدولة بالمغرب الأوسط (الجزائر حاليا)

وكان يحدها غربًا «نهر ملوية» ، ومدينة «قسنطينة» من الجانب

الشرقى، وكانت هذه المنطقة تضم عدة مدن منها:«بجاية» ،

و «الجزائر» ، و «وهران» ، و «قسنطينة» ، و «مليانة» ، و «تلمسان» .

شجع ضعف «دولة الموحدين» عقب هزيمتهم فى معركة

«العقاب» فى سنة (609هـ= 1212م)، بعض القوى على

الاستقلال، فشجع ذلك بدوره «بنى عبدالواد» على الاستقلال

بالمغرب الأوسط، فاستولوا على «تلمسان» فى سنة (627هـ=

1230م). ويعد «يغمراس بن زيان» الذى تولى الإمارة بعد أخيه

فى سنة (633هـ= 1235م) هو المؤسس الحقيقى لهذه الدولة،

حيث سالم جيرانه من الموحدين كى لا يعرض دولته الناشئة

لمعارك جانبية، تصرفه عن تأسيس الدولة، وبنى سياسته فى

هذه المرحلة على عاملين مهمين هما: العامل العسكرى: جاور

«الحفصيون» «بنى زيان» من جهة الشرق، وجاورهم «بنو

مرين» من الغرب، وهاجم «بنو حفص» مدينة «تلمسان» فى سنة

(640هـ= 1242م)، فهادنهم «بنو زيان» وبايعوهم، ودعوا على

منابرهم للحفصيين، وفى الوقت نفسه بعثوا بجنودهم إلى

الجبال واتخذوا من الإغارة على القوات الحفصية وسيلة لطردهم

من «تلمسان» و «المغرب الأوسط» ، فاضطر الحفصيون إلى عقد

الصلح معهم وأعادوا «يغمراس» إلى مقر حكمه بتلمسان ثانية،

وكذلك فعل «بنو زيان» مع الموحدين فى سنة (646هـ= 1248م)

ثم قاموا بغارات كثيرة على القبائل الموجودة داخل «المغرب

الأوسط»، مثل قبائل «توُين» و «مغرادة». العامل السلمى: لم

يكتف «يغمراس» بالمعارك والغارات، وعمد إلى تحصين بلاده

شرقًا وغربًا، وجاء بقبيلة «بنى عامر» وأقطعها نواحى

«وهران» و «تلمسان» لتكون حائط الصد لأعدائه، ثم دعم كيان

ص: 133

دولته بمصاهرة الحفصيين، حيث زوج إحدى بناته لعثمان ابن

الأمير الحفصى «أبى إسحاق» ، فأمن بذلك شرهم، وهجماتهم

على الحدود الشرقية لدولته. كانت القبيلة من أهم العوامل التى

أثرت فى سياسة دولة «بنى زيان» وكيانها؛ حيث دخلت هذه

الدولة فى صراع طويل مع قبائل: «بنى توُين» و «مغرادة» من

البربر، و «بنى عامر سويد» من العرب، لرفض هذه القبائل

الخضوع لغيرها، ولتعصبها لبنى جلدتها وقبيلتها، وشقت عصا

الطاعة، ثم زادت حدة موقفها بعد وفاة «يغمراس» فى سنة

(681هـ= 1282م)، واضطر الأمير «عثمان» الذى خلف والده

«يغمراس» إلى مواجهتهم، فاستولى على «مازونة» من

«مغرادة» فى سنة (686هـ= 1287م)، ثم احتل مدينة «تنس» ،

ودخل «إنشريش» ولكن هذا الاتساع عاد إلى الانكماش ثانية

نتيجة احتلال «بنى مرين» للمغرب الأوسط، وحصارهم «تلمسان»

فى سنة (698هـ= 1299م)، وعادت القبائل مرة أخرى إلى التمرد

والعصيان عقب وفاة الأمير «عثمان» ، فخرج إليهم الأمير «أبو

زيان محمد الأول» (703 - 707هـ= 1303 - 1307م)، ثم خضعت هذه

الدولة أكثر من مرة لدولة بنى مرين مثلما حدث فى سنة (670 -

680هـ= 1271 - 1281م) وسنة (689هـ= 1290م) وسنة (737 -

749هـ= 1336 - 1348م) ولكن بنى زيان كانوا يرفضون هذا

الخضوع، وينتهزون الفرصة للعودة إلى حكم بلادهم. وقد عاشت

هذه الدولة فى حروب واضطرابات دائمة، ونشبت الخلافات بين

أفراد البيت الزيانى، وأدى التهافت على السلطة بينهم إلى أن

يشهر الولد السيف فى وجه أبيه، بل يتعدى ذلك، ويقتل أباه،

مثلما حدث مع «أبى تاشفين (الثانى) عبد الرحمن» (791 -

795هـ=1389 - 1393م) ووالده السلطان «أبى حمو موسى

(الثانى) بن يوسف»، حين خلع «تاشفين» أباه من السلطة،

واستولى على الحكم، ثم اعتقل أباه وإخوته فى سنة (788هـ=

1386م) فقامت حروب بين أفراد هذه الأسرة، وعاد «أبو حمو»

إلى عرشه، واستعان «ابنه تاشفين» ببنى مرين عليه، وحاربه،

ص: 134

ثم قتله وعاد «تاشفين» إلى الحكم فى ظل التبعية لبنى مرين.

تفشت ظاهرة قتل السلاطين بدولة بنى زيان، وزاد التناحر بين

أفراد البيت الزيانى، وتكررت هجمات الاسبان على الشواطئ

المغربية، واستولوا على «مرسى وهران» فى سنة (911هـ=

1505م)، ثم استولوا سنة (912هـ= 1506م) على «وهران»

و «بجاية» و «تدلس» وهى موانى تابعة «لبنى زيان» ، وارتضى

«أبو حمو الثالث» (909 - 923هـ= 1503 - 1517م) دفع ضريبة

سنوية للإسبان لكى يبقى فى مقعد الحكم، فاستنجد الناس

بالأتراك العثمانيين لتخليصهم من هذا الاحتلال، فأسرع لنجدتهم

الأخوان «عروج» و «خير الدين» ابنا «يعقوب التركى» ، اللذان

كانا يحملان المتطوعين فى السفن لإنقاذ مهاجرى الأندلس،

ونقلهم إلى أرض «المغرب» ، ودارت معركة بين الطرفين،

وأرسلت إسبانيا بالإمدادات لتعزيز قواتها وحليفها «أبى حمو»

الذى فر إلى «وهران» للاحتماء بالقوة الإسبانية هناك، وحاصر

الإسبان مدينة «تلمسان» واستشهد «عروج» فى سنة (924هـ=

1518م)، ومات «أبو حمو الثالث» فى السنة نفسها. وتوالت

الاضطرابات، وزاد التنافس على العرش، وأقبل السعديون من

«المغرب الأقصى» واستولوا على «تلمسان» فى سنة (957هـ=

1550م). وانقسم البيت الزيانى إلى طوائف ثلاث: إحداها تضامنت

مع الأتراك، والأخرى استعانت بالأسبان، والأخيرة تحالفت مع

السعديين، وتحرك الأتراك، ودخلوا فى معركة مع السعديين

وهزموهم، فعادوا إلى «المغرب الأقصى» ، ودخل الأتراك

العاصمة «تلمسان» . وكان آخر حكام «بنى زيان» هو «الحسن

بن عبدالله» (957 - 962هـ= 1550 - 1555م) الذى ثار عليه الناس

لميله إلى الإسبان فخلعه الأتراك، وضموا «تلمسان» إلى حكومة

«الجزائر» التركية فى سنة (962هـ= 1555م). كان موقع «الدولة

الزيانية» بالمغرب الأوسط حافزًا للقوى الأخرى بالمغرب على

التطلع إليها، بغرض السيطرة وفرض النفوذ، ولعل هذا هو ما

فعله الموحدون، و «بنو مرين» ، و «الحفصيون» . وظلت العلاقات

ص: 135

بين هذه الدولة وهذه القوى بين شَد وجذب، فتارة يخضع «بنو

زيان» للنفوذ الموحدى والمرينى والحفصى، وتارة ينعمون

باستقلالهم، وأخرى يمتد فيها نفوذهم إلى بعض مناطق

المغربين الأدنى والأقصى. ولقد وقف «بنو زيان» فى بداية الأمر

فى وجه الزحف الموحدى، إلا أن الموحدين تمكنوا من إخضاعهم

والسيطرة على «المغرب الأوسط» ، ودخل «بنو زيان» فى تبعية

الموحدين، فلما قويت شوكة «بنى زيان» كانت «دولة

الموحدين» فى مرحلة الضعف والانهيار، فبدأ الموحدون

يتوددون إليهم ويهادنونهم، فخشى الحفصيون من هذا التحالف،

وتوجهوا إلى «تلمسان» واستولوا عليها فى سنة (640هـ=

1242م) بمساعدة بعض قبائل «المغرب الأوسط» ، واشترطوا

لعودة «بنى زيان» إلى الحكم أن يخلعوا طاعة الموحدين

ويعلنوا تبعيتهم للحفصيين، فقبل «بنو زيان» ذلك، وعادوا إلى

حكم «تلمسان» . ولكن الموحدين لم يعجبهم هذا الوضع وحشدوا

جيوشهم وحاصروا «تلمسان» ، فأعلن «بنو زيان» طاعتهم لهم،

وساعدوهم فى صراعهم مع المرينيين على الرغم من العلاقات

المتوترة بينهما، وظل هذا شأنهما حتى سقوط «دولة الموحدين»

فى سنة (668هـ= 1269م). أما علاقة «بنى زيان» بالحفصيين،

فكانت علاقة عداء؛ نظرًا لتضارب مصالح الدولتين، حيث رغبت

كل منهما فى التوسع على حساب الأخرى. وقد بدأت هذه

العلاقات باستيلاء الحفصيين على «تلمسان» فى سنة (640هـ=

1242م)، ثم بدأت بينهما المفاوضات، وعاد «يغمراس» إلى

عاصمته «تلمسان» وأعلن تبعيته للحفصيين، ولكن «بنى زيان»

لم يرضوا بهذه التبعية وأعلنوا استقلالهم عن هذه التبعية فى

عهد «المتوكل الزيانى» فى سنة (868هـ= 1464م)، ومن ثم

حاصرتهم جيوش الحفصيين فى «تلمسان» فى سنة (871هـ=

1466م)، وهدموا أسوارها، وأجبروهم على إعلان الطاعة

والتبعية للحفصيين ثانية. وقد عمد الحفصيون إلى إحداث الفُرقة،

وإشعال الفتنة بين أفراد البيت الزيانى، حتى يتسنى لهم إحكام

ص: 136

قبضتهم عليهم، ويضمنوا تبعيتهم، وتم لهم ذلك واستمر حتى دبَّ

الضعف والتفكك بين سلاطين «بنى حفص» وأفراد أسرتهم،

فوجه إليهم بنو زيان عدة ضربات متوالية، وتمكنوا من هزيمتهم

والاستيلاء على «تونس» فى سنة (730هـ= 1330م). وعلى الرغم

مما سبق فقد شهدت العلاقات الزيانية الحفصية - أحيانًا- بعض

حالات الهدوء، وحسن الجوار، وتجلى ذلك حين صاهرهم

«يغمراس» وزوَّج ابنه «عثمان» إحدى بنات «أبى إسحاق

الحفصى» فى سنة (681هـ= 1282م). كان الحكم فى «دولة بنى

زيان» وراثيا، وكانت ألقاب حكامهم تتراوح بين «أمير

المسلمين» ولقب «السلطان» ، وقد تفشت ظاهرة قتل سلاطينهم

على أيدى أفراد أسرتهم الحاكمة للوصول إلى الحكم، كما فعل

«تاشفين» مع والده «أبى حمو» . وتعددت المناصب الإدارية فى

هذه الدولة، وجاء منصب «الوزارة» فى مقدمتها، كما كان

قاضى القضاة يتقدم مجموعة القضاة بالدولة، وكذلك كان قائد

الجيش من رجال هذه الدولة البارزين، ولذا كان السلطان يختاره

من أفراد أسرته، أو يتولى هو مكانه، ويخرج بنفسه على رأس

الجيوش. وكان ديوان الإنشاء والتوقيع من أبرز الدواوين، لأنه

يختص بالمراسيم السلطانية، ومراسلات الدولة مع غيرها من

الدول. تمتع «المغرب الأوسط» بسطح متنوع، جمع بين السهل

الساحلى والوديان الداخلية، وسلسلة جبال الأطلس، فضلاً عن

تمتعه بمناخ يختلف من منطقة إلى أخرى، وبتربة خصبة صالحة

للزراعة، وبأنهار منتشرة فى كل مكان مثل نهرى «شلف»

و «سيرات» ، وبعيون مائية منبثة، وبأمطار تسقط على منطقة

الساحل، فهيأت كل هذه العناصر لقيام زراعة ناجحة، أولاها

ولاة الأمر عنايتهم ورعايتهم، فتنوعت المحاصيل الزراعية، كما

ازدهرت صناعة الأقمشة الحريرية والصوفية، وصناعة السجاد

والبسط، وكذلك صناعة السفن الحربية والتجارية، والأسلحة،

والمصنوعات الجلدية، والمشغولات الذهبية والفضية والنحاسية.

وكان لموقع «المغرب الأوسط» دور كبير فى تنشيط التجارة،

ص: 137

باعتباره همزة الوصل بين المغربين الأدنى والأقصى، حيث تمتد

شواطئه، وتكثر موانيه المطلة على «البحر المتوسط» ، فضلا عن

طرق التجارة المتعددة بجنوبه، والتى كانت تمر منها القوافل

التجارىة القادمة من جنوب الصحراء قاصدة الموانى المطلة على

«البحر المتوسط» ، لتكمل رحلتها إلى «أوربا» وغيرها من

المناطق. وقد تعددت صادرات «المغرب الأوسط» ، وكان الصوف

والأسلحة والمنتجات الزراعية من أهم صادرات «بنى زيان»

وأسهمت موانى: «وهران» و «تنس» و «الجزائر» و «بجاية»

إسهامًا بارزًا فى تنشيط التجارة، وازدهار الاقتصاد، وكان ذلك

سببًا رئيسيا فى اهتمام سلاطين «بنى زيان» بالبناء والتعمير،

فتنوعت فى عهدهم المؤسسات وعُنوا بإنشاء المساجد

والمدارس والقصور، والمنشآت العسكرية، وكانت أبرز مساجدهم

هى: «مسجد أبى الحسن» الذى أمر «عثمان بن يغمراس» ببنائه

سنة (696هـ= 1296م)، و «مسجد الولى إبراهيم» الذى تم بناؤه

فى عهد أبى حمو الثانى، كما شهد عهد «أبى تاشفين الأول»

نهضة عمرانية كبيرة. وتعددت المدارس بتلمسان ووهران، وكانت

أبرز هذه المدارس هى «المدرسة التاشفينية» (أو المدرسة

القديمة) التى أنشأها «أبو تاشفين بن عبد الرحمن» (718 -

736هـ = 1318 - 1336م)، و «المدرسة اليعقوبية» التى بناها

«أبو حمو موسى الثانى» ، وكان افتتاحها فى الخامس من صفر

سنة (765هـ= نوفمبر 1363م). وبنى «بنو زيان» الحصون

والأبراج والأسوار والقلاع العسكرية لتحصين بلادهم، ومن أبرز

قلاعهم: قلعة «تامز يزدكت» التى كانت مركز مقاومتهم على

الحدود الشرقية مع «بنى حفص» . اهتم «بنو زيان» بتنشيط

الحركة الفكرية فى بلادهم، ودعموها بإنشاء المدارس

والمساجد والكتاتيب والزوايا لتعليم الطلاب، ولم يختلف أسلوب

التعليم فى دولتهم عن مثيله فى «دولة بنى مرين» و «دولة

الحفصيين»، وامتلأت المؤسسات التعليمية بالعلماء المتخصصين

فى كل علم وفن، وقد لقى هؤلاء من الدولة معاملة حسنة

ص: 138

وأغدقت عليهم المنح والعطايا، وولتهم المناصب الرفيعة حتى

ينهضوا بالمستوى التعليمى والفكرى فى البلاد. واستعاد

المذهب المالكى مكانته بدولة «بنى زيان» كما استعاده فى

بقية الدول الأخرى عقب سقوط «دولة الموحدين» ، وازدهرت

علوم التفسير والفقه والحديث والمنطق والجدل والكلام، وغيرها

من العلوم، وتبوأت مجموعة من العلماء مكانة ممتازة لدى «بنى

زيان»، منهم:«أبو إسحاق إبراهيم بن يخلف التنسى» المتوفى

عام (680هـ= 1281م)، و «أبو عبدالله محمد بن محمد المقرى»

المتوفى عام (759هـ= 1358م) والذى تتلمذ على يديه مجموعة من

العلماء النابغين، أمثال: ابن الخطيب، وابن خلدون، والشاطبى

وغيرهم. وبرزت كذلك جماعة من العلماء فى علوم اللغة والأدب

منهم: «أبو عبدالله بن عمر بن خميس التلمسانى» المتوفى عام

(708هـ= 1308م)، وقد أشرف على «ديوان الإنشاء» بتلمسان

فى عهد «عثمان بن يغمراس» ، و «أبو عبدالله محمد بن منصور

القرشى التلمسانى» الذى أنشأ «ديوان الرسائل» فى عهد أبى

حمو الأول.

ص: 139