الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
السامانية (دولة)
ظهر السامانيون على المسرح السياسى لدولة الخلافة العباسية
فى عصر الخليفة «المأمون» (198 - 218هـ= 813 - 833م)، وسموا
بذلك نسبة إلى قرية «سامان» القريبة من «سمرقند» ؛ حيث
كانوا يتوارثون إمارتها، ويسمى أميرهم «سامان خداه» ، أى
كبير قرية «سامان» وصاحبها. وقد اعتنق أحد السامانيين
الإسلام أثناء خلافة الأمويين، وسمى ابنه «أسدًا» ، كاسم حاكم
«خراسان» فى عهد «هشام بن عبدالملك» ، واسمه «أسد بن
عبدالله القسرى». وطال العمر بأسد السامانى حتى أدرك
«المأمون» ، فذهب إليه فى «مرو» ، قبل انتقاله إلى «بغداد»
(فى الفترة من سنة 193هـ= 809م إلى سنة 202هـ = 817م)،
ومعه أبناؤه الأربعة: «نوح» و «أحمد» ، و «إلياس» ، و «يحيى» ،
فاحتفى بهم «المأمون» وألحقهم بخدمته. وبعد انتقال
«المأمون» إلى «بغداد» أمر بإسناد عمل إلى كل واحد من
أبناء «أسد السامانى» ، فتم إسناد حكم «سمرقند» إلى
«نوح» ، وحكم «فرغانة» إلى «أحمد» ، وحكم «الشاش» إلى
«يحيى» ، وحكم «هراة» إلى «إلياس» ، فكان هذا مقدمة لتمكن
نفوذ السامانيين فى هذه المناطق المعروفة باسم «بلاد ما وراء
النهر» (نهر جيحون) .. وقد برز «أحمد بن أسد» حاكم «فرغانة»
على إخوته، وكان له سبعة أبناء هم «نصر» و «يحيى»
و «يعقوب» و «إسماعيل» و «إسحاق» و «أسد» و «حميد» ، وعند
وفاته سنة (250هـ= 864م) حل محله ابنه الأكبر «نصر» ، ودان له
باقى إخوته بالطاعة والولاء. وفى سنة (261هـ= 875م) حدَث
التحول الحاسم فى تاريخ السامانيين، حينما أسند الخليفة
«المعتمد على الله» ولاية جميع بلاد «ما وراء النهر» إلى «نصر
بن أحمد بن أسد السامانى»، فأقام «نصر» فى «سمرقند» ،
وعين أخاه «إسماعيل» نائبًا عنه ببخارى وعهد إلى كل أخ من
إخوته الباقين بحكم إحدى الولايات، مما يمكن معه اعتبار عام
(261هـ= 875م) بداية تكوُّن «الدولة السامانية» . وعقب وفاة
«نصر بن أحمد» فى «سمرقند» عام (279هـ= 892م) ضم أخوه
«إسماعيل» «سمرقند» إلى ملكه، وأصبح هو الحاكم الأعلى
لكل بلاد «ما وراء النهر» ؛ لذلك يرى بعض المؤرخين أن
«إسماعيل بن أحمد بن أسد السامانى» هو المؤسس الحقيقى
للدولة السامانية؛ حيث خضع له سائر الأمراء السامانيين، ووسع
حدود الدولة، فضم لها «خراسان» ومعظم البلاد التى كانت
خاضعة لنفوذ «الدولة الصفارية» ، وبلغت «الدولة السامانية» قمة
مجدها فى عهده (من 279 - 295هـ= 892 - 908م) ثم فى عهد
حفيده «نصر بن أحمد بن إسماعيل» (301 - 331هـ= 913 - 943م)
وبدأت «الدولة السامانية» تتدهور منذ عهد «نوح بن نصر» (331
- 343هـ= 943 - 954م)، حتى سقطت فى يد الغزنويين سنة
(389هـ= 999م) .. وقد كانت «الدولة السامانية» ملتزمة بمذهب
أهل السنة، وكانت علاقتها بالخلافة العباسية علاقة احترام
وإجلال؛ حيث كان أمراؤها يعدون أنفسهم نوابًا عن الخليفة.
وقد ازدهرت الحياة العلمية فى عصر السامانيين، وكانت
«بخارى» ، و «سمرقند» تنافسان «بغداد» فى مكانتها العلمية
والأدبية، بسبب تشجيع الأمراء السامانيين للعلم وحبهم للعلماء،
فقد سمح الأمير السامانى «أبو القاسم نوح بن منصور» (نوح
الثانى) لابن سينا باستخدام مكتبة قصره، كما قام الطبيب
والفيلسوف المشهور «أبو بكر الرازى» (251 - 313هـ= 865 -
925م) بإهداء كتابه المعروف فى الطب «المنصورى» إلى الأمير
السامانى «أبى صالح منصور بن إسحاق» أمير «سجستان» .
وقد شهد الأدب الفارسى أيضًا عصره الذهبى خلال حكم
السامانيين، وعاش الشاعر الفارسى المعروف «الفردوسى»
شطرًا من حياته فى عصر «الدولة السامانية» .