الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
الرستمية (دولة)
دولة نشأت بالمغرب الأوسط (الجزائر) سنة 161 هـ في عهد
الخلافة العباسية، وظلت حتى سنة 296 هـ وتوالى عليها عدد من
الولاة هم: عبدالرحمن بن رستم [162هـ=779م]: بويع
«عبدالرحمن» ليكون أول إمام للدولة الإباضية الناشئة فى ربوع
«المغرب الأوسط» ، وقد كان أحد طلاب العلم، ودرس على يد
«أبى عبيدة مسلم ابن أبى كريمة» ، فلما أتم تعليمه عمل على
نشر «المذهب الإباضى» ودعمه، ثم عينه «أبو الخطاب» نائبًا له
على «مدينة القيروان» ، فاكتسب الخبرة الإدارية، وعرف طبائع
الناس وظروفهم، ولم يدخر جهدًا فى محاربة الولاة العباسيين،
وجَمْع شمل «الإباضية» ، خاصة بعد مقتل «أبى الخطاب» . كان
«عبدالرحمن» رجلاً زاهدًا، وذا صبر على الشدائد، وملتزمًا بكتاب
الله وسنة نبيه، واشترط على الناس حين وقع اختيارهم عليه
للإمامة أن يسمعوا له ويطيعوا ما لم يحد عن الحق، ثم اختط
مدينة «تهيرت» ، ودخل فى طاعته العديد من القبائل مثل:
«لماية» ، و «سدرانة» ، و «مزاتة» ، و «لواتة» ، و «مكناسة» ،
و «غمارة» ، و «أزداجة» ، و «هوارة» ، و «نفوسة» ، وقد افترشت
هذه القبائل مساحات واسعة، امتدت من «تلمسان» غربًا حتى
«طرابلس» شرقًا. ومضى «عبدالرحمن» فى حكم البلاد بالعدل،
منتهجًا سياسة شرعية فى إدارتها، مما أشاع الاستقرار والأمن
بين الناس، فلما شعر بدنو أجله اختار مجلسًا للشورى، ليُختار
من بين أفراده مَن يصلح للإمامة من بعده، واختار ابنه
«عبدالوهاب» ضمن أفراد هذا المجلس، ثم مات فى سنة (168هـ=
784م). عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم [168هـ=784م]:
اختاره مجلس الشورى ليكون خلفًا لأبيه فى الإمامة، واتسم
عهده ببعض الاضطرابات والقلاقل، وواجه العديد من الثورات
التى اتخذ بعضها طابعًا مذهبيا، وبعضها الآخر طابعًا قبليا،
فأثَّرت إلى حد بعيد على «الدولة الرستمية» ، وعلى رمزها
الدينى المتمثل فى الإمام. ومات «عبد الوهاب» فى سنة
(198هـ=814م). أفلح بن عبدالوهاب [198هـ= 814م]: بويع الإمام
«أفلح» خلفًا لأبيه، وكان ذا صفات طيبة، وجاءت مبايعته على
عكس ما نهجه الخوارج فى تعيين الإمام، إذ اختاره أبوه للإمامة
قبل وفاته، وربما يرجع ذلك إلى طبيعة الظروف التى ألمت
بالبلاد، حيث أحاط الأعداء بمدينة «تهيرت» ، وكان لابد من
اختيار رجل شجاع يتمكن من مواجهة الأعداء. وقد اتسم عهد
«أفلح» بالهدوء والاستقرار، وبلغت الدولة فى عهده أوج
ازدهارها، ونشطت التجارة، وأقبل الناس من كل مكان قاصدين
العاصمة «تهيرت» ، وتُوفِّى الإمام «أفلح» فى سنة (240هـ)، إثر
حزنه الشديد على وقوع ابنه «أبى اليقظان» فى أيدى
العباسيين. أبو بكر بن أفلح بن عبدالوهاب [240هـ=854م]: كان
«أبو اليقظان» مرشحًا لمنصب الإمامة، ولكن وقوعه فى أيدى
العباسيين حال دون ذلك، وتولاها أخوه «أبو بكر» الذى لم يكن
فى شدة آبائه وأجداده وحزمهم، فضلا عن انغماسه فى الترف
والنعيم وميله إلى الراحة، وقد تفرغ لراحته وملذاته حين خرج
أخوه «أبو اليقظان» من سجن العباسيين وشاركه الحكم، ولكن
«أبا بكر» دبر مقتل «محمد بن عرفة» وهو من الشخصيات
البارزة بالعاصمة، ليتخلص من نفوذه، فكان ذلك سببًا فى
نشوب الصراع بين طوائف الدولة الرستمية، وحاولت كل طائفة
تحقيق أهدافها من خلال المعارك الطاحنة، التى أسفرت عن
هزيمة حكام البيت الرستمى، واعتزال «أبى بكر» منصب الإمامة.
أبو اليقظان محمد بن أفلح بن عبدالوهاب [268هـ= 881م]: شهدت
العاصمة «تهيرت» فترة من القلاقل والاضطرابات، ثم نجح «أبو
اليقظان» فى تهدئة الأوضاع ودخول العاصمة «تهيرت» فى سنة
(268هـ=881م)، فتولى منصب الإمامة، وتجنب سياسة التعصب
وتفضيل قبيلة بعينها على غيرها، وجلس لبحث شكاوى رعاياه
والبت فيها بنفسه، واستعان بمجلس الشورى الذى ضم إليه
شيوخ القبائل ووجهاءها، فاستقرت الأوضاع، وهدأت النفوس،
وظل «أبو اليقظان» يدير دفة الأمور فى دولته حتى وفاته فى
سنة (281هـ=894م). أبو حاتم يوسف بن محمد [281هـ=894م]:
تولى «أبو حاتم» الإمامة عقب وفاة والده «أبى اليقظان» ، لأن
أخاه الأكبر «يقظان» كان غائبًا فى موسم الحج، وقد لعب
العامة -بزعامة «محمد بن رباح» و «محمد بن حماد» المعروفين
بالشجاعة والنجدة- دورًا بارزًا فى المطالبة ببيعة «أبى حاتم»
بالإمامة لسخائه وكرمه، ولكن هذا الدور الذى لعبه العامة
أطمعهم فى التدخل فى شئون الحكم وتحقيق المكاسب، فرفض
«أبو حاتم» ذلك وضرب على أيديهم وطردهم من المدينة، فعمدوا
إلى تأليب القبائل ضده، ونجحوا فى طرده من العاصمة
«تهيرت» ، وبايعوا عمه «يعقوب بن أفلح» بالإمامة، فصار هناك
إمامان من بيت واحد، يقفان وجهًا لوجه فى صراعٍ دامٍ على
السلطة، ولكن أحدهما لم يحقق نجاحًا ملموسًا على الآخر،
فاحتكما وعقدا هدنة، وعاد «أبو حاتم» إلى العاصمة إمامًا على
البلاد، وانسحب عمه «يعقوب» بعد أن حكم العاصمة «أربع
سنوات». وقد حاول «أبو حاتم» إصلاح ما أفسدته الحروب داخل
العاصمة «تهيرت» ، وكوَّن مجلسًا استشاريًا من زعماء القبائل
ومشايخها للاستعانة بهم فى إدارة البلاد، ولكن محاولاته
الإصلاحية كانت بمثابة صحوة الموت للبيت الرستمى، خاصة بعد
أن ضعفت قوتهم العسكرية فى محاولة لإنهاء الصراع الذى وقع
حول مدينة «طرابلس» . وقد تآمر أفراد البيت الرستمى أنفسهم
على حياة إمامهم «أبى حاتم» ، وقتلوه فى سنة (294هـ=907م)
اليقظان بن أبى اليقظان [294هـ=907م]: بويع بالإمامة عقب مقتل
أخيه فى سنة (294هـ=907م)، واتسم عهده بالفتن والقلاقل،
وتطلع مختلف القبائل والطوائف إلى الاستئثار بالحكم، كما دبرت
المؤامرات من داخل البيت الرستمى على يد «دوسر» ابنة «أبى
حاتم»، وتكاتفت فرق الخوارج مثل:«المالكية» و «الواصلية»
و «الشيعة» لإحباك الفتن والمؤامرات للإطاحة بالإمام، وقد نجح
«اليقظان» إلى حد بعيد فى كبح جماح هذه الطوائف والحد من
نشاطها، فهربت «دوسر» ، ولجأت إلى «أبى عبدالله الشيعى»
الذى نجح فى بسط نفوذه على مساحات كبيرة من أرض
«المغرب» ، واستنجدت به للثأر لأبيها، فاستجاب لها، واتجه إلى
«تهيرت» ، فخرجت لمقابلته وجوه أهل «تهيرت» ورحبوا بمقدمه،
واستسلم «اليقظان» لمصيره، وخرج مع بنيه إلى «أبى
عبدالله»، فأمر بقتلهم ودخل العاصمة فى سنة (297هـ= 910م)،
واستولى على ما بها من أموال ومغانم، فطويت صفحة «الدولة
الرستمية».