الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - باب في السمر بعد صلاة العشاء
روى يحيى بن سليم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم نائماً قبل العشاء ولا متحدثاً بعدها.
وروى عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها.
وروى عوف عن أبي المنهال عن أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم: كان يكره النوم قبلها والحديث بعدها.
وروى منصور عن خيثمة عن رجل عن عبد الله عن النبي
صلى الله عليه وسلم: ((لا سمر إلا لمصل أو مسافر)).
وروى عطاء بن السائب عن شقيق عن عبد الله قال: جدب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم السمر بعد صلاة العشاء.
وروى مسلم الأعور عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((نهى عن النوم قبل العشاء والسمر بعدها)).
وروى الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمر في بيت أبي بكر الليلة كذاك في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه.
وروى هشام عن قتادة عن أبي حسان عن عبد الله بن
عمرو قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن بني إسرائيل عامة ليله –وقال بعضهم- حتى يصبح.
فاختلفت هذه الأحاديث:
فأما حديث يحيى بن سليم الأول فهو عندي حديث ضعيف لم يروه غيره، ومما يبين ضعفه أن حماد بن زيد روى عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كنت أسمر عند عائشة حتى تقول لي يا ابن أختي قد
طلع الفجر، فأين هذا من ذاك، أليس هذا خلافه.
وروى ابن إدريس أيضاً عن هشام بن عروة نحو ما رواه حماد بن زيد، فكلا هذين أثبت من يحيى بن سليم.
وأما حديث عبد الرحمن بن القاسم الثاني فإنه ليس فيه ذكر النهي، إنما ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، وقد روى غيرهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله.
فالذي حفظ الشيء فأداه أصح من الذي لم يحفظه.
وحديث أبي برزة جيد الإسناد.
وحديث منصور ليس بالقوي لأن فيه رجلاً لم يسم.
وحديث عطاء بن السائب خطأ، رواه منصور وأبو حصين والأعمش عن أبي وائل عن سلمان بن ربيعة قال: جدب لنا عمر السمر، فهذا هو الحديث، ثم خالفهم فيه عاصم بن بهدلة وعطاء بن السائب، فأين هاذين من هؤلاء.
ثم اضطرب فيه هاذان لأنهما لم يحفظاه:
فقال عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال: جدب لنا عمر، ولم يرفعه وترك سلمان بن ربيعة، وأما عطاء بن السائب فقال: عن أبي وائل عن عبد الله قال: جدب لنا رسول الله، أخطأ فيه.
وأما حديث أنس ففي إسناده رجل متروك أو شبهه.
وأما حديث عمر فإن علقمة أيضاً لم يسمعه من عمر.
وحديث عبد الله بن عمرو جيد الإسناد.
فتكافأ في هذا الباب هاذان الحديثان:
حديث أبي برزة في الكراهة، وحديث عبد الله بن عمرو في الرخصة.
ثم اختلفت أيضاً الرواية عن الصحابة في هذا الباب:
فروي عن عمر الكراهة، ورويت عنه الرخصة.
وروي ( ..
…
) الكراهة، ورويت عنه الرخصة، وغيرهم أيضاً، فعلمنا بذلك أن للكراهة وجهاً، وللرخصة وجه على أصل حديث النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قال:((كان يسمر في أمر المسلمين)) وفي حديث عبد الله بن عمرو: ((كان يحدثنا عن بني إسرائيل)). فإذا كان السمر في أمر منفعة للإسلام أو في مذهب علم، فهذا الذي فيه الرخصة وما كان من السمر فيما يكون تلذذاً وتلهياً فهو الذي فيه الكراهة.