الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - باب صوم ثلاثة أيام من كل شهر
روى حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي عثمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر فكأنما صام الدهر)).
وروى عاصم عن أبي عثمان عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وروى شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((صوم ثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر وإفطاره)).
وروى يزيد الرشك عن معاذة عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثاً من كل شهر، قلت: من أية؟ قالت: لم يكن يبالي من أيه كان.
وروى الأسود بن شيبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن
أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يصوم [ثلاثاً من] كل شهر.
ثم جاءت أحاديث كثيرة مسندة صحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصيام البيض وذكر فضلها،
وجاءت أحاديث بأنه كان يصوم شعبان.
وجاءت أحاديث [ ..
…
] فيها: أنه كان يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم،
وجاءت أحاديث أنه سئل: أي شهر أفضل بعد رمضان؟ فقال: ((المحرم))، وجاءت أحاديث أن أفضل الصيام، صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً؛ وجاءت أحاديث: أن من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر، فكل هذه قد جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فاختلفت هذه الأحاديث في ظاهرها، ولها وجوه ومعاني:
وذلك أن أصل الفرض إنما هو الشهر المبارك الذي افترضه الله عز وجل، وأجمع أهل الإسلام على صومه، وكانت
الفسحة فيما بعده للأمة، وكان الصوم بعده تطوعاً، وكانت الفضائل في بعضه أكثر منها في بعض، وكان من شاء استكثر من تلك الفضائل، ومن شاء استقل، ومن شاء تركها إلى غير حرج.
أما سمعت حديث طلحة بن عبيد الله في قول الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم حين سأله عن الصوم فذكر شهر رمضان، فقال: هل علي غيره، قال:((لا، إلا أن تطوع)) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لئن صدق ليدخلن الجنة)) وذلك عند قوله: ((والذي بعثك بالحق لا أزيد على هذا شيئاً ولا أنتقص منه)).
ومثل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي قال: إني لأبغض فلاناً، فكان مما احتج به عليه: أنه لا يصوم إلا شهر رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((قم، إن أدري لعله خيرٌ منك)).
في أشباهٍ لهذا كثيرة.
وإنما يرى أنه كره أن يجعل شيئاً من هذه الفضائل في الصوم معلومة فيلم بها الناس، فتكون كالشيء المفترض عليهم، فأخذ ببعضها في وقت، وأخذ ببعضها في آخر، وذكر لكل شيء فضيلة؛ لئلا يلزم شيء واحد بعينه كأنه لا يجوز
غيره، فيكون بمنزله [ ..
…
] الواجب، ففي صوم ثلاثٍ من كل شهر فضلٌ، فإن تعمد به البيض كان أفضل، وإن صامهن في غير البيض فقد أخذ بفضلٍ دون فضل، وكذلك سائر ما ذكرناه.