الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
59 - باب صوم يوم عاشورء
روى حصين عن الشعبي عن محمد بن صيفي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم في يوم عاشوراء: ((صوموا هذا اليوم، فمن كان طعم فليتم بقية يومه)).
ثم روي مثل هذا بعينه عن جماعة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ابن عباس، وهند بن أسماء، وأسماء بن حارثة، وسلمة بن الأكوع، وغيرهم.
وروي من أكثر من عشرين وجهاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم يوم عاشوراء.
وروى عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن أهل الجاهلية كانوا يصومون عاشوراء، وأن النبي صلى الله عليه وسلم صامه قبل أن يفترض رمضان [وترك عاشوراء]، فلما فرض رمضان، قال:((من شاء صامه ومن شاء تركه)).
وروى هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم
عاشوراء وأمر بصومه، فلما فرض رمضان ترك عاشوراء.
وروى أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصوم عاشوراء، فلما فرض رمضان لم يأمر به، ولم ينه عنه.
وروى سلمة بن كهيل عن القاسم بن مخيمرة عن أبي عمار عن قيس بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا أيضاً.
وروى الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك.
وروى الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في يوم عاشوراء: ((هذا يوم عاشوراء، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر)).
فهذه الأحاديث في ظاهرها مختلفة، ولها معاني، وهذا عندنا من الناسخ والمنسوخ.
وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وكد صومه في أول الأمر قبل نزول شهر الصوم، حتى أمرهم بأن يتموا بقية يومهم وإن كانوا قد أكلوا، وإنما يفعل ذلك في الفريضة.
ثم جاءت الأحاديث بما يبين أن ذلك كله كان قبل شهر رمضان، فلما فرض شهر رمضان كان ما سواه تطوعاً.
ومما يؤكد ذلك أن معاوية إنما أسلم يوم الفتح، وقد فرض الله عز وجل صوم شهر رمضان قبل ذلك بسنين، ثم حكى معاوية أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخبر الناس بأنه صائم ويقول لهم:((من شاء منكم فليصم)) ففي هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث بيان نسخ إيجاب صوم عاشوراء، وفيه أيضاً بيان [لأن] النسخ لم يكن على تركه البتة، ولكن على أنه صار تطوعاً، فمن شاء فعله، ومن شاء تركه.