الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلقكم إذ قال) قال أبو حيان: هذا القول لا تحرير فيه. لأن ابتداء خلقنا: لم يكن وقت قول الله للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، لأن الفعل العامل في الظرف: لابد أن يقع، أما أن يسبقه أو يتأخر عنه فلا، لأنه: لا يكون له ظرفا.
قوله: (وعن معمر، أنه مزيدا). قلت. هو أبو عبيدة معمر المثنى الإمام المشهور صاحب مجاز القرآن وغيره من المصنفات، توفى سنه تسع ومائتين، وقيل: بعد ذلك.
قوله: (والملائكة جمع ملأك على الأصل) قال الطيبي: أي أصله: ملأك بالهمزة ثم ترك الهمزة لكثرة الاستعمال فلما جمعوه ردوه إلى الأصل.
قوله: (والتاء لتأنيث الجمع)
قال الشيخ سعد الدين: معناه لتأكيد تأنيث الجماعة، وعبارة المفصل: لتأكيد معنى الجمع.
قوله: (وهو مقلوب مألك) في الحاشية المشار إليها: لفظ الملك مشتق من الألوكة، وهي الرسالة. ويقال لها: مألكة، فالأصل فيه مألك ثم قلب فصار ملأكا على وزن مفعل، ثم خفف بعد قلبه ونقلت حركة الهزة إلى اللام، فصار ملكا على وزن فعل، فكان قياس هذا أن يجمع على أفعال كجملة وأجمال وفرس وأفراس، لكنهم راعوا الأصل الثاني وهو ملأك، أعني بعد القلب وقبل أن يخفف فجمع على قياس نظائره.
فقوله: جمع على الأصل: لا يريد به الأصل الأول قبل القلب، وإلا كان قياسه: مألك. كمأدبة ومأدب، لكن يريد به ما تأصل بعد قلبه، وقبل تخفيفه.
قوله: (من الألوكة. تصريح بأن ميمه زائدة، وهو رأي الجمهور، وذهبت طائفة إلى أنها أصلية، ثم اختلفوا هل هو من الملك بالفتح وهو القوة لقوتهم، أو من الملك بالكسر فهو فعل بمعنى مفعول، لأنهم مملوكون لله، قولان.
وأحسن من الجميع قول النضر بن شميل: إنه غير مأخوذ من شيء. قال: إن العرب لا تشتق فعله وتصرفه وهو مما فات علمه.
قوله: (وجاعل من جعل الذي له مفعولان) زاد في الكشاف: ومعناه، مصير.
قوله: (ويجوز أن يكون بمعنى خالق) قال أبو حيان: فيتعدى إلى واحد، قال: وهذا القول عندي أجود لأنهم قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها، فظاهر هذا أنه مقابل لقوله:{جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} فلو كان الجعل الأول على معنى التصيير/ لذكره ثانيا فكان (أتجعل فيها خليفة من يفسد فيها) وإذا لم يأت كذلك كان معنى الخلق أرجح ولا احتياج إلى تقرير خليفة لدلالة ما قبله عليه.
قوله: (والمراد به آدم عليه الصلاة والسلام.
الراغب: إنما استخلف الله تعالى آدم: لقصور المستخلف عليه أن يقبل التأثير) من المستخلف، وذلك ظاهر كأن السلطان جعل الوزير بينه وبين رعيته إذ هم أقرب إلى قبولهم منه، وكذا الواعظ جعل بين
العامة والعلماء الراسخين فإن العامة أقبل منه من العالم الراسخ، وليس ذلك لعجزه، بل لعجز العامة عن القبول منه.
قوله: (تعجب من أن يستخلف) قال الطيبي: أي ولدت الهمزة معنى التعجب لأنه لا يجوز أن يحمل على الإنكار لأنه لا يتصور من الملائكة.
قوله: (من سبح في الأرض والماء، الراغب: التسبيح أصله: من السبح وهو سرعة الذهاب في الماء، واستعير لجري النجوم في الفلك ولجري الفرس.
قوله: (وبحمدك في موضع الحال)، قال أبو حيان: وهي حال متداخلة لأنها حال في حال. وقال ابن الشجري: إن شئت علقت الباء بالتسبيح، أي: نسبح بالثناء عليك، وإن شئت قدرت نسبح متلبسين بحمدك.
قوله: (أي متلبسين بحمدك على ما أهلتنا لمعرفتك ووفقتنا لتسبيحك. قال الطيبي: توجيه لتقييد التسبيح بالحمد أي تسبيحنا مقيد بشكرك ومتلبس به.
قوله: (ونقدس لك، نطهر نفوسنا عن الذنوب لأجلك) يشير إلى أن اللام للعلة، وهو أحد الأقوال فيها.
قال أبو حيان: والأحسن أن تكون معدية للفعل كهي في قوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ} ، {سَبَّحَ لِلَّهِ} ، وسجدت لله.
قوله: (إما بخلق علم ضروري بها فيه أو إلقاء في روعه وهو الإلهام)، زاد غيره: أو بإرسال ملك إليه، أو بخطاب الله تعادل له، أو بخلق الأصوات في الأجسام المسميات.
قال الطيبي: وفي إيجاز البيان: وقع التعليم بالوحي في أصول الأسماء والمصادر ومباني الأفعال والحروف عند حصول أول اللغة في الإصطلاح ثم بزيادة الهداية في التصريف والاشتقاق. فأفادت هذه الآية أن علم اللغة فوق التحلى بالعبادة فكيف علم الشريعة التي هي الحكمة.
قوله: (وآدم: اسم أعجمي، كآزر وشالخ، واشتقاقه من الأدمة أو الأدمة بالفتح) يعني أو من أديم الأرض، لما روي عنه عليه الصلاة والسلام:((أنه تعالى قبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها فخلق منها آدم))، فلذلك أتى بنوه أخيافا أو من الأدم، والأدمة: بمعنى الألفة، تعسف كاشتقاق إدريس من الدرس، ويعقوب من العقب وإبليس من الإبلاس.
قوله: (واشتقاقه)، مبتدأ وخبره: تعسف، أي إن ذلك إنما
يتأتى في الأسماء العربية. والعجمي: لا اشتقاق له.
قال الشيخ أكمل الدين: واعترض عليه بأن توافق اللغتين غير منكر ولا دليل على أن الاشتقاق من خواص كلام العرب وأيضا آدم عليه الصلاة والسلام كان يتكلم بالعربية فلا يلزم عدم الاشتقاق في المشبه به عدمه في آدم وأيد باشتقاق حواء من الحوة، وأجيب بأن الأصل عدم التوافق وبأن الاشتقاق من كلام العرب فإنهم أطبقوا على أن التفرقة بين اللفظ العربي والعجمي بصحة الاشتقاق، وإن آدم كان يتكلم بكل لسان على ما صح في النقل، ولكن كان غالبه بالسرياني، ويدل عليه أنها في أولاده، ثم إن تكلمه بالعربي لا مدخل له في عربية اسمه واشتقاقه والكلام فيه.
ثم إن الاشتقاق في الأعلام القصدية، أي التي لا تكون علما بالغلبة، كأحمد وتغلب ويشكر مثلا، ليس له معنى إلا النقل عن مشتق، وذلك: لم يعرف في المشبه به، يعنى إدريس وإبليس، وأما في آدم فمن الأدمة، لا يناسبه ما ورد في براعة جماله وأن يوسف عليه الصلاة والسلام كان جماله على الثلث من جماله، وكذلك من أديم الأرض على أن أدم من أديم الأرض غير مستعمل قبل جعله علما حتى يقال: إنه منقول. ثم أن المصنف منع الاشتقاق على قانون كلام العرب بأنها أعجمية، أما اشتقاقها في العجمية إن صح فلا مانع منه. صرح به في طالوت. انتهى.
وأقول: قد صح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
أنه قال: (إنما سمي لأنه خلق من أديم الأرض)، أخرجه
الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، وورد مثله عن على ابن أبي طالب وابن مسعود رضي الله عنهما أخرجه ابن جرير. وذلك يقوى كونه عربيا، وبه صرح الجواليقي (وغيره، قال الجواليقي) في المعرب: أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين، كلها أعجمية ألا أربعة أسماء، وهي: آدم وصالح وشعيب ومحمد، وأديم الأرض. ظاهر وجهها والأدمة: لون يشبه لون التراب، قاله: الليث، ويقاربه قول الحافي في لون يقارب السواد. وقول الجوهري: السمرة والحزن ما غلظ من الأرض وصلب. والأخياف بخاء معجمة ومثناة تحتية وفاء: المختلفون. والحديث الذي أورده المصنف أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن مردوده والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الاخضر فجاء بنو آدم على قدر الأرض منها، الأحمر والأبيض، والأسود وبين ذلك، والسهل