الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكثر ما يكون في الأعلام، قال: والجمهور على أن هذا القول في موضع نصب على المفعولية له، أي كراهة أن تبروا، وذهب الزجاج والتبريزي إلى أنه في موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف، أي أن تبروا وتتقوا أمثل وأولى أو خير لكم من أن تجعلوا الله عرضة، فهذه ثلاثة أعاريب.
قوله: (وتتعلق أن بالفعل)
، قال الشيخ سعد الدين: عبر به دون أن يقول: فلا تجعلوا، تنبيها على أنه متعلق بالمنفى لا بالنفي.
قوله: (أو بعرضه أي ولا تجعلوا الله عرضة لأن تبروا لأجل أيمانكم به) قال أبو حيان: هذا التقدير لا يصح، لأنه إذا علق لأيمانكم بتجلعوا ولا تبروا بعرضه، فقد فصل بين عرضه وبين معموله أن تبروا بقوله: لأيمانكم، وهو أجنبي منهما؛ لأنه معمول لتجعلوا، وذلك لا يجوز.
قوله: (ولا تجعلوه معرضا) إلى آخره، هو على المعنى الثاني بعرضه، وهو كونها بمعنى المعروض للأمر، والإيمان على هذا بمعنى الأقسام على ظاهرها، لا بمعنى المحلوف عليه.
قوله: (وأن تبروا علة)، قال أبو حيان: الذي يظهر لي على هذا القول، أنه في موضع نصب على إسقاط الخافض والعامل فيه لأيمانكم، والتقدير: لاقسامكم على أن تبروا فنهوا عن ابتذال اسم الله تعالى وجعله معرضا لأقسامكم على البر والتقوى والإصلاح، وهي أوصاف جميلة، فما ظنك بغيرها، قال: وعلى هذا يكون الكلام منتظما واقعا كل لفظ منه مكانه الذي يليق به.
قوله: (كقول العرب، لا والله وبلى والله)، قال الشيخ سعد الدين، وهو على طريق المثال وإيراد بعض الجزئيات، قلت: وخصه لأنه الوارد في تفسير الآية مرفوعا، أخرج البخاري عن عائشة قالت: أنزلت هذه الآية، في قول الرجل: لا والله وبلى والله، وأخرج أبو داود، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال في لغو اليمين:(هو كلام الرجل في بيته، كلا والله وبلى والله) وله طرق أخرى.
قوله: (معنى البعد): عبارة غيره: معنى الامتناع.
قوله: (أضيف إلى الظرف على الاتساع) الأصل تربصهم أربعة أشهر.
قوله: (وإلا بانت بعدها بطلقة)، قال: في الهداية: لأنه ظلمها بمنع حقها فجازاه الشرع بزوال نعمة النكاح عند مضي هذه المدة.
قوله: (خبر في معنى الأمر): قال الشيخ سعد الدين: وجه هذا المجاز تشبيه ما هو مطلوب الوقوع بما هو متحقق الوقوع في الماضي، كما في رحمك الله أو في المستقبل والحال، كما في هذا المثال، قال: ثم إنه لا يعطى حكم الأمر في جعله جملة إنشائية حتى لا يكون خبر المبتدأ إلا بتقدير القول. لأن ذلك لا يبقى معه ما أريد فى هذا المقام من التأكيد
انتهى.
واعلم أن القول في هذه الآية وأمثالها بأنها خبر بمعنى النهي قد كثر في عبارات العلماء حتى كادوا يجمعون عليه وقد نبه القاضي أبو بكر ابن العربي على دقيقة فقال، في قوله تعالى:{فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ} ، ليس نفيا لوجود الرفث، بل نفى لمشروعيته فإن الرفث يوجد من بعض الناس وأخبار الله لا يجوز أن تقع بخلاف مخبره، وإنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا، كقوله:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} ومعناه مشروعا لا محسوسا، فإنا نجد مطلقات لا يتربصن، فعاد النفي إلى الحكم الشرعي لا إلى الوجود الحسي، وكذلك:{لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} . لا يمسه أحد شرعا، فإن وجد المس فعلى خلاف حكم الشرع، قال: وهذه الدقيقة التي فاتت العلماء قالوا: إن الخبر يكون بمعنى النهي، وما وجد ذلك قط ولا يصح أن يوجد، فإنهما يختلفان حقيقة، ويتباينان وضعا. انتهى. وتابعه القرطبي، فقال: هنا هو خبر على بابه وهو خبر عن حكم الشرع فإن وجدت مطلقة لا تتربص فليس من الشرع، ثم رأيت الطيبي نقل عن الراغب مثل ذلك فقال: عند قوله والوالدات يرضعن، ذكر جماعة من الفقهاء أن يرضعن أمر وإن كان لفظه خبراً، لأنه لو جعل خبرا لم يقع بخلاف مخبره، وهذه قضية إنما تصح في خبر لفظة لا تحتمل التخصيص، وأما إذا كان عاما يمكن أن يخصص على وجه يخرج من أن يكون كذبا فادعاء ذلك فيه