الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: فإن الميم عنده تمنع الوصفية "، قال الشيخ سعد الدين: لأن بالاختصاص والتعويض يخرج عن كونه منصرفا وصار مثل جهل، إذ الميم بمنزلة صوت مضموم إلى اسم بقاءهما على معنييهما بخلاف مثل سيبويه، وخالويه حيث صار الصوت جزء الكلمة. انتهى. وقال الزجاج: وزعم سيبويه أن هذا الاسم لا يوصف لأنه قد ضمت الميم إليه وما بعده منصوب على النداء. والقول عندي أنه صفة فكما لا تمتنع الصفة مع " ياء " فلا تمتنع مع الميم، قال أبو علي: قول سيبويه عندي أصح لأنه ليس في الأسماء الموصوفة شيء على حد اللهم، ولذلك خالف سائر الأسماء ودخل في حيز مالا يوصف نحو جبريل. فإنهما صار بمنزلة صوت مضموم إلى اسم فلم يوصف.
قوله: " فالملك الأول عام والآخران بعضان منه
" قال الطيبي: لأن لام الجنس إذا دخلت على المفرد صلحت لأن يراد بها جميع الجنس وأن يراد بها بعضه بحسب القرائن فالملك الأول مطلق شامل في جنسه، لأن الملك الذي يقع عليه ممالكيته سبحانه وتعالى، ليس ملكا دون ملك.
بخلاف الثاني والثالث، لأنهما حصتان من الجنس لتقييدهما بالايتاء والنزع، ولأن المراد نزع الملك من العجم والروم وإيتاءه المسلمين، قال: ويحتمل أن يراد بالملك الأول العهد والمعهود ملك العجم والروم، بشهادة سبب النزول. والثاني والثالث مظهر أن وضعا موضع المضمر إشعاراً بالعلية وإن تصرفه فيه ليس كتصرف المالك المجازي بل تصرف تسخير وقهر يؤتيه من يشاء كيف يشاء وينزعه ممن يشاء كيف يشاء، لا اعتراض لأحد عليه في تصرفه سبحانه ومن ثم عقبه بقوله:" وتعز من تشاء وتذل من تشاء " قال: ولعل هذا الوجه أظهر والمقام له أدعى، ولما تقرر أن المعرف إذا أعيد كان الثاني غير الأول، ولأن قوله: تؤتي
الملك، إلى آخره، بيان على سبيل الاستئناف، لقوله: مالك الملك. فلا يكون المبين خلاف المبين.
قوله: " وقيل، المراد بالملك النبوة " أخرجه ابن جرير، عن مجاهد.
قوله: " ذكر الخير وحده لأنه المقضي بالذات والشر مقضي بالعرض، إذ لا يوجد شر جزئ ما لم يتضمن خيرا كليا " رفع إلى سؤال من بعض الفضلاء، يسأل في تقرير هذا الكلام، فكتب عليه ما نصه، لاشك إن الشرائع كلها متفقة على النظر إلى جلب المصالح ودرء المفاسد، وكذلك أحكام القضاء والقدر جارية على سنن ذلك وإن خفى وجه ذلك على الناس في كثير منها ولهذا ورد في الحديث، " لا تتهم الله على نفسك " فإذا علم ذلك من المعلوم أن الله قدر الخير والشر كان مظنة أن يقول قائل: كيف قدر الشر وهو خلاف ما علم نظيره إليه شرعا وقدر أو هذه هي الشبهة التي تمسك بها المعتزلة. والجواب إن الشر اليسير إذا كان وسيلة إلى خير كثير كان ارتكابه مصلحة لا مفسدة، ألا ترى إن الفصد والحجامة وشرب الدواء الكريه وقطع السلعة ونحوها من الأمور المؤلمة لكونه وسيلة إلى حصول الصحة بحسن ارتكابها في مقتضى الحكمة ويعد خيراً لا شراً وصحة لا مرضا لاستلزامه ذلك.
فكذلك كل ما قضاه الله من الشر فإنما قضاه بحكمة بالغة وهو وسيلة إلى خير أعضم وأعم نفعا ولهذا ورد، لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين وورد " لو لم تذنبوا لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك العجب
العجيب " فتقدير الذنوب وإن كانت شراً فليست لكونها مقصودة في نفسها بل لغيرها وهو السلامة من داء العجب التي هي خير عظيم، قال بعض المحققين: ولهذا قيل: يا من إفساده إصلاح، يعني أنما قدره من المفاسد فلتضمنه مصالح عظيمة اغتفر ذلك القدر اليسير في جنبها لكونها وسيلة إليها وما مدى إلى الخير فهو خير فكل شر قدره الله لكونه لم يقصد بالذات بل بالعرض لما يستلزمه من الخير الأعظم يصدق عليه بهذا الاعتبار إنه خير فدخل في قوله " بيدك الخير " فلهذا اقتصر عليه على وجه إنه شامل لما قصد أصلا ولما وقع استلزاما وهذه من مسألة ليس من الإمكان أبدع مما كان التي قدرها الغزالي وألفنا في شرحها كتاب تشييد الأركان فلينظره من أراد البسط والله أعلم.
قوله " روى أنه صلى الله عليه وسلم لما خط الخندق، إلى قوله: فنزلت " أخرجه بطوله بدون نزول الآية، البيهقي وأبو نعيم في الدلائل عن عمرو بن عوف المزني، وأخرجه ابن جرير عن قتادة مختصرا، وفيه نزول الآية. قال الشيخ سعد الدين: ضمير صد عنها ومنها للصخرة والمستكن للضربة وضمير لا بتيها للمدينة وهما حرتان يكتنفانها والحرة كل أرض