الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والثاني: بأنه مقصور على السماع.
قوله: (إزاحة)
أي إزالة، يقال: زاح عنى الأمر، زال وذهب.
قوله: (من بين أشجارها الفائتة للحصر) في الحاشية المشار إليها: أي لا تنحصر، فالحصر فيها فائت، وقال الشيخ سعد الدين: معنى الفائتة للحصر، أنها سبقت الحصر ولم تبق محصورة يقال: فاتني بكذا أي سبقنى به وذهب به عني وجاريته وماريته حتى فته، وفي الصحاح: الفوت والفوات مصدر فاتني الشيء، فالمعنى: إنها فاتت الحصر، بمعنى لم يدركها الحصر.
قوله: كما روى (حبك الشيء يعمى ويصم) أخرجه أبو داود من حديث أبي الدرداء مرفوعا. قال الميداني في الأمثال: معناه يخفى عنك معايبه ويصم أذنيك عن سماع مساوئه.
وقال الشاعر في معناه:
وكذبت طرفي فيك والطرف صادق .... وأسمعت أذني فيك مالم تسمع
قوله: (والأولى ألا تعين) كذا قال ابن جرير، وقال إن العلم بها
علم لا ينفع وجهل لا يضر، قلت: وقد يقال: إن فيها نفعاما، وذلك إذا قلنا: إنها الكرم، ففيها إشارة إلى أن الخمر أم الخبائث لأن أصلها هو الذي كان السبب في الإخراج من الجنة أولا فيجتنب لئلا يكون مانعا من العود إليها في الآخرة.
قوله: (أصدر زلتهما عن الشجرة وحملهما على الزلة بسببها) قال الطيبي: يشير إلى أن أزلهما على أن يكون الضمير (عنها) للشجرة مضمن لمعنى أصدر، وعن حينئذ للسببية، أي أن الشيطان إنما قدر على إصدار الزلة عن الشجرة بسبب الوسوسة، بأن يقول: هذه شجرة الخلد فكلا لتخلدا، أو لأن أكلها سبب لصيرورتكما ملكين، هذا هو المراد بقوله: فحملهما الشيطان على الزلة بسببها، أي بسبب الشجرة.
قوله: (ونظير (عن) هذه) في قوله تعالى: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} قال الشيخ سعد الدين: أي ما أصدرت فعله عن أمري، قال: وما يقال: أن في التضمين بورود الفعل المضمن على طريق الحال ليس بلازم.
قوله: (أو أزلهما عن الجنة)، قال صاحب الانتصاف: يشهد له قوله تعالى: {كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} ، قال في الانصاف: وهو سهو، لأن الذي أعاد الضمير إلى الشجرة قدر (فأصدر الشيطان) زلتهما عن الشجرة وذلك لا ينافي إخراج الشيطان إياهما عن الجنة ولا يمكن نسبة الإخراج إلى الشجرة، ولقد كان هذا الوجه قويا وعن تأييده غنيا.
قوله: (فقيل: إنه منع من الدخول على جهة التكرمة) قال الطيبي: يريد أن الأمر بالخروج معلل بقوله: {فَإِنَّكَ رَجِيمٌ} فدل على أن الجنة دار المقربين فلا يسكنها اللعين، فإذا دخل لغير التكرمة لا يمنع منه ويمكن أن يعبر بالأمر عن مطلق الطرد والإهانة.
فلا يلزم على هذا وجوب الخروج.
قوله: (وقيل: دخل في فم الحية حتى دخلت به).
قلت: هو المراد، أخرجه، ابن جرير، عن ابن مسعود وابن عباس وأبي العالية ووهب بن منبه ومحمد بن قيس، وفيه التصريح بأنه تأولهما بذلك ولم يسند شيما من الأقوال المذكورة عن أحد.
قوله: (أو هما وإبليس). قلت: هذا هو الوارد، أخرجه ابن جرير، عن ابن عباس، وزاد: والحية، وعن مجاهد وأبي العالية وأبي صالح والسدي فهو المعتمدة. والعداوة بين آدم وإبليس
والحية ظاهرة وفي الحديث. ((الحيات ما/ سالمناهن منذ حاربناهن)).
قوله: (بعضكم لبعض عدو) حال استغنى فيها عن الواو بالضمير، قال الطيبي: ويجوز أن يكون جملة مستأنفة على تقدير السؤال. وقال أبوحيان: هذه الجملة في موضع الحال أي اهبطوا متعادين، والعامل فيها: اهبطوا، وصاحب الحال الضمير في اهبطوا، ولم يحتج إلى الواو لإغناء الرابط عنها، واجتماع الواو والضمير في الجملة الاسمية الواقعة حالا أكثر من انفراد الضمير، وأجاز مكي أن تكون مستأنفة إخباراً من الله تعالى بأن بعضهم لبعض عدو فلا يكون في موضع الحال، وكأنه فر من الحال، لأنه تخيل أنه يلزم من القيد في الأمر أن يكون مأمورا به أو كالمأمور، ألا ترى، أنك إذا قلت: قم ضاحكا كان المعنى الأمر بايقاع القيام مصحوبا بالحال، فيكون الحال مأمورا بها أو كالمأمور لأنك لم تسوغ له القيام إلا في حال الضحك، وما لا يتوصل إلى فعل المأمور به إلا به مأمور به.
والله تعالى لا يأمر بالعداوة ولا يلزم ما يتخيل من ذلك لأن الفعل إذا كان مأمورا به من المسند إليه في حال من أحواله لم تكن تلك الحال مأموراً بها، لأن النسبة الحالية هي نسبة تقييدية لا نسبة إسنادية فلو كانت مأموراً بها لم تكن تقييدية والتقييدية غير الإسنادية فلو سلمنا كون الحال مأموراً إذا كان العامل فيها أمراً فلا يسوغ ذلك هنا، لأن الفعل المأمور به إذا كان لا يقع في الوجود إلا بذلك القيد ولا يمكن خلافه: لم يكن ذلك القيد مأمورا به لأنه ليس داخلا في حيز التكليف، وهذه الحال من هذا
النوع، فلا يلزم أن يكون الله تعالى أمر بها وهذه الحال من الأحوال اللازمة. انتهى كلام أبي حيان.
قوله: (موضع استقرار أو استقرار)، قال أبو حيان: أي أنه اسم مكان أو مصدر، وبقى احتمال ثالث، إنه اسم مفعول، وهو ما استقر ملكهم عليه وجاز تصرفهم فيه، ذكره الماوردي.
قوله: (ومتاع تمتع)، في الحاشية المشار إليها، يعني أن المتاع تارة يطلق ويراد به المصدر وتارة غيره والمراد هنا المصدر.
قوله تعالى: ({إِلَى حِينٍ} يراد به وقت الموت أو القيامة).
قلت: القولان واردان، أخرج ابن جرير الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما، والثاني عن مجاهد.
قال الطيب: الثاني مشكل بقوله: متاع بمعنى تمتع بالعيش، قال الكواشى: لكل إنسان مكان في الأرض يستقر فيه ويتمتع بما قسم له فيه مدة حياته وبعد مماته، قال الطيبي: هذا معنى قوله: في الأعراف {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (24) قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} ، فالمتاع بمعنى التحقير في الاستمتاع والتقليل في المكث على نحو قوله تعالى: {إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ
وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ}.
قال: ويمكن أن يجعل المتاع بمعنى التمتع في العيش على تقدير حصول الثواب والعقاب للمؤمن والكافر في القبر، وأما تمتع الكافر فعلى التهكم ثم التغليب.
قال: والوجه الأول أظهر، وقال الشيخ: أكمل الدين: قوله إلى الموت لا يحتاج إلى تأويل وأما قوله: إلى يوم القيامة فيحتاج إلى ذلك فقيل: لأنه يبتدئ من الموت لإدخال مقدمات الشيء فيه أو لأنه ينتفع بمسكنه في القبر إلى أن يبعث، وقال الشيخ سعد الدين: الظرف واقع خبراً على مستقر ومتاع، فقيل: إلى يوم القيامة، لأن الاستقرار ثابت إلى يوم القيامة، لمكان القبر، وقيل: إلى الموت، نظرا إلى تعلقه بمتاع، إذ لا تمتع بعد الموت.
قلت: ما حمل هذا المحمل على أحسن من هذا المحمل، ثم قال الشيخ سعد الدين: ومن جعله على تقدير التفسير بيوم القيامة أيضا متعلق بمتاع وجعل ابتداء يوم القيامة من الموت، لأن من مات فقد قامت قيامته.
أو جعل مقدمات الشيء من جملته، فلا يخفى أن التفسيرين حينئذ واحد، أو جعل السكنى في القبر تمتعا في الأرض، وهذا أقرب.
وقال أبو حيان: يمكن أن يفسر قوله {مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}