الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالتشديد.
قوله: " ريب المنون
"، حوادث الدهر.
قوله: " فكنى عن عدم توبتهم بعدم قبولها ". قال الشيخ سعد الدين: يعني ليس المراد أنهم يتوبون ولا تقبل توبتهم، بل هم من قبيل من لا يحصل له قبول التوبة، بناء على عدم التوفيق للتوبة، فهو من قبيل الكناية دون المجاز، حيث أريد بالكلام معناه لينتقل منه إلى الملزوم.
قوله: " لما كان الموت على الكفر سببا لامتناع قبول الفدية أدخل الفاء هنا للإشعار به ".
قال الطيبي: حاصل السؤال أن الآيتين سواء في صحة إدخار الفاء لتصور السببية، وحاصل الجواب الفرق وذلك أن المرتد قد يرجى منه الرجوع إلى الإيمان، فلا يترتب عليه عدم التوبة، بخلاف الميت على الكفر، نعوذ بالله، فإن عدم قبول الفدية مترتب على الموت حالة الكفر لا محالة، والحاصل منع السببية في الأولى لجواز تخلف الثاني عن الأول وتقريره أن التي عريت عن الفاء واردة على الكناية وجعل الموصولة مع صلتها ذريعة إلى تحقيق الخبر.
كقوله:
(إن التي ضربت بيتا مهاجرة
…
بكوفة الجند غالت دونها غول)
قوله: " والتي حلت بها موجبة، كقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} والفرق أن الصلة على القول الأول منبهة على تحقيق الخبر ملوحة إليه فتكون كالأمارة، فإن الكفر بعد الإيمان والتمادي عليه عناد وليس بموجب لعدم قبول التوبة فحقق الخبر للتغليظ بخلاف الموت على الكفر فإنه موجب للدمار والهلاك ألبتة فإخلاء الفاء ثمة وإدخالها هنا لذلك.
قوله: " على البدل من " ملء " أو الخبر لمحذوف "، قال الشيخ سعد الدين: لابد من تقدير وصف ليحسن البدل ولا دلالة عليه وجعله خبر محذوف إنما يحسن إذا جعلت الجملة صفة أو حالا ولا يخلوا عن ضعف.
قوله: " ولو افتدى به، محمول على المعنى، كأنه قيل: فلن يقبل من أحدهم فدية ولو افتدى بملء الأرض ذهبا " قال ابن المنير: هذه الواو للمصاحبة تستدعي شرطا آخر يعطف عليه الشرط المقترنة به ضرورة والعادة أن يكون المنطوق به منبها على ما سكت عنه بالأولى كقولك: أكرم زيداً ولو أساء، تقديره: أكرم زيدا إن أحسن وإن أساء، كقوله تعالى:{وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} وهنا ولو افتدى لا يقتضي إضمار محذوف ينبه المذكور عليه، لأن افتداءهم بملء الأرض ذهبا أجدر بقبول الفدية فلذلك قدر الزمخشري فدية حتى يجعل ملء الأرض ذهبا فدية خالصة أولى من أصل الفدية. وأما تطبيق الآية عليه فعسير، وغايته أن قبول الفدية بملء الأرض ذهبا بأن يؤخذ قهراً كأخذ الدية، وتارة يقول المفتدى: أنا أفعل هذا ولا يفي به، وتارة يقول ذلك والفدية عتيدة
وتسليمها لمن يؤمل/ قبولها منه، فالمذكور في الآية أبلغ الأحوال وهو أن يبذله محققا، ونظيره {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} فإذا لم يقبل هذا فلأن لا يقبل قوله: أبذل أو أقدر عليه. وما جرى مجراه أولى فتكون
الواو على حالها. وكقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ} مصرح به، والمراد به لا خلاص لهم من الوعيد، وإلا فقد علم أنهم لا يقدرون يومئذ على فلس. كما تقول: لا أبيعك هذا بألف دينار ولو سلمتها إلي في يدي، وهذا من السهل الممتنع، وقال أبو حيان- في تقدير المصنف-: هذا المعنى، ينبو عنه هذا التركيب ولا يحتمله، والذي يقتضيه هذا التركيب وينبغي أن يحمل عليه أن الله تعالى أخبر أن من مات كافراً لا يقبل منه ما يملأ الأرض من ذهب على كل حال يقصدها ولو في حال افتدائه من العذاب، لأن حالة الافتداء هي حالة لا يمتن فيها المفتدى على المفتدي منه إذ هي حالة قهر من المفتدى منه للمفتدي، وقد قررنا في نحو هذا التركيب أن لو تأتي منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء وما بعدها جاء تنصيصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها، كقوله: أعطوا السائل لو جاء على فرس، ورد السائل ولو بظلف محرف كان هذه الأشياء ممالا ينبغي أن يؤتى به لأن كون السائل على فرس يشعر بغناه فلا يناسب أن يعطي وكذلك الظلف المحرق لا غنى فيه فكان يناسب ألا يرد السائل وكذلك حالة الفداء تناسب أن يقبل منه ملء الأرض ذهبا لكنه لا يقبل ونظيره {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} لأنهم نفوا أن يصدقهم على كل حال