الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه فتنبيه أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك، ومنه قوله تعالى:{وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} وإذا استعمل في الزمان الماضي فيكون المستعمل فيه باقيا على حالة وقد يكون متغيراً، ولا فرق بين أن يكون زمان المستعمل فيه قد تقدم تقدما كثيرا، وبين أن يكون قد تقدم بأن واحد. وقال أبو حيان: قول الزمخشري كان عبارة عن وجود الشيء في زمان ماض وليس فيه دليل على عدم سابق ولا انقطاع طارئ، قول لبعض النحويين. والصحيح أنها كسائر الأفعال يدل لفظ المضي منها على الانقطاع. ثم قد تستعمل حيث لا يكون انقطاع وفرق بين الدلالة والاستعمال. ألا ترى أنك تقول هذا اللفظ يدل على العموم؟ ثم قد يستعمل حيث لا يراد العموم بل المراد الخصوص. وقال الشيخ سعد الدين: لا دلالة في كان الناقصة لا على انقطاع ولا دوام فلذلك تستعمل فيما هو حادث: مثل، كان زيد راكبا، وفيما هو دائم مثل:{وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} .
قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}
لا يدل على أنهم لم يكونوا خيرا فصاروا خيراً أو انقطع ذلك عنهم.
قوله: " وقيل كنتم في علم الله "، إلى آخره. قال الشيخ سعد الدين: قصده بالأقوال الثلاثة تحقق معنى المضي.
وقوله: " استئناف بين به كونهم خيراً "، قال الطيبي: أن ترك العاطف ليكون الكلام الأول كالمورد للسؤال عن موجب ما سيق له الحديث فيجاب بالثاني ويعاد بصيغة من استؤنف عنه الحديث لبيان الموجب.
قوله: " يتضمن الإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به "، قال الطيبي: يعني ذكر الإيمان بالله وأريد الإيمان بجميع ما يجب الإيمان به لأن الإيمان إنما يعتد به ويستأهل أن يقال له إيمان إذا أمن بالله على الحقيقة، وحقيقة الإيمان بالله أن يستوعب جميع ما يجب الإيمان به فلو اختل شيء منه لم يكن من الإيمان بالله في شيء والمقام يقتضيه لكونه تعريضا بأهل الكتاب وإنهم لا يؤمنون بجميع ما يجب الإيمان به ويدل على مكان التعريض قوله تعالى:{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} لاشك أنهم كانوا مؤمنين بالله وموافقين للمؤمنين في بعض الشرائع لكنهم لما تركوا بعض الإيمان كأنهم لم يؤمنوا وأيضا المقام مقام مدح للمؤمنين وكونهم خير الناس، لأن قوله (وتؤمنون بالله) عطف على تأمرون بالمعروف وهو كلام مستأنف بين به أن المؤمنين خير أمة في ماذا، فينبغي أن يكون هو أيضا تعليلا للخبرية وأن يندرج تحته جميع ما يجب الإيمان به ليكون معتداً به صالحا لأن يمتدح به فلو خرج بعض الإيمان لم يكن مدحا، قال:(وإنما أخر وحقه أن يقدم لأنه قصد بذكره الدلالة على أنهم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إيمانا بالله وإظهاراً لدينه)، قال الطيبي: يعني إنما أخر قوله: (وتؤمنون بالله) ليكون تلويحا إلى مكان التعليل فإنه حينئذ من باب الإخبار عن حصول الجملتين في قوله وتفويض الترتيب إلى الذهن ولو قدم لم يتنبه لتلك النكتة.
قوله: ويجوز أن يراد بتقديم الأمر بالمعروف على الإيمان الاهتمام وأن سوق الكلام لأجله، وذكر الإيمان كالتتميم ويجوز أن يجعل من باب قوله:{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} تنبيها على أن جدوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الدين أظهر شيء مما اشتمل عليه الإيمان بالله لأنه من وظيفة الأنبياء.
قوله: " وهذه الجملة والتي بعدها "، قال الشيخ سعد الدين: أي منهم