الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
: خذوا واذكروا إرادة أن تتقوا)، قال الطيبي: الحاصل، أن لعلكم إذا كانت تعليلا، لقوله: خذوا واذكروا، كان على حقيقته لأنه راجع إليهم، وإذا علق بقلنا المقدر يكون تعليلا لفعل الله، فيجب تعليله بالإرادة على مذهبهم.
قوله: (أعرضتم عن الوفاء)، في الحاشية: التولي حقيقة في الإعراض بالجسد، وأن يستدبرك الشخص بعد إقباله عليك، والمراد هنا المجاز، وهو الإعراض عن الطاعة والقبول.
قوله: (اللام موطئة للقسم)
، قال أبو حيان: في لقد، لام الابتداء، في نحو لزيد قائم، ويحتمل أن يكون جوابا لقسم محذوف، ويكون قد أقسم على أنهم علموا الذين اعتدوا.
قوله: (والسبت، مصدر سبتت اليهود: إذا عظمت يوم السبت)، قال القطب: فسره بالمصدر، لأن المنهي عنه الاعتداء فيه. لا الاعتداء على شيء في يوم السبت، وفي الحاشية يريد أنهم اعتدوا في التعظيم ولم يقوموا بحقه، وليس المراد نفي ظرفية الزمان، وهم وإن كان اعتداؤهم واقعا في ذلك اليوم فليس المراد إلا أنهم اعتدوا في ذلك التعظيم الذي أمروا به في ذلك اليوم فيتجاوزوا حدوده، وقال الحلبي: فيه نظر فإن هذا اللفظ موجود واشتقاقه مذكور في لسان العرب، قبل: فعل اليهود ذلك، اللهم إلا أن يريد هذا السبت الخاص المذكور في هذه الآية. قلت: لا وجه لهذا النظر كما لا يخفي ثم قوله: إن هذا الاشتقاق موجود في لسان العرب قبل فعل اليهود ذلك محل توقف فإن فعل اليهود من زمن موسى، وهو قبل انتشار لغة العرب، وفشو الاشتقاق فيها بدهر طويل فما أطلقت العرب السبت على مصدر سبتت اليهود إلا بعد فعلهم له بلا شك بل نفس تسمية العرب اليوم بالسبت وسائر الأيام بأسمائها المتداولة الآن متأخر عن زمن عيسى، فضلا عن موسى، وما كانوا، أعني العرب يسمون السبت إلا شيارا وكذا سائر الأيام كان لها في اللغة
العربية القديمة إسما غير هذه قال الشاعر في أسماء الأيام السبعة على اللغة القديمة:
أؤمل أن أعيش وأن يومي
…
بأول أو بأهون أو جبار
أو لتالي دبار فإن أفته
…
فمؤنس أو عروبة أو شيار
هذه أسماء أيام الأسبوع على الترتيب، ذكر ذلك الفراء في كتاب الأيام والليالي، وخلائق أخرهم أبو حيان في تذكرته، وقد بسطت ذلك في كتاب المزهر.
قوله: (جامعين بين صورتي القرد والخسوء وهو الصغار والطرد، قال الحلبي: هذا التقدير بناء على أن الخبر لا يتعدد، فلذلك قدرهما بمعنى خبر واحد من باب (هذا حلو حامض).
قوله: (قال مجاهد: ما مسخت صورتهم، ولكن قلوبهم)، أخرجه ابن جرير عنه، وقال إنه قول مخالف لظاهر القرآن والأحاديث والآثار المستفيضة، وإجماع المفسرين.
قوله: (فجعلتا، أي: المسخة أو العقوبة)، قال أبو حيان: الظاهر أن الضمير عائد على المصدر المفهوم من كونوا، أي: فجعلنا كينونتهم قردة.
قوله: (من الأمم)، قال الشيخ سعد الدين: بيان لما بين يديها وما خلفها على استعارتهما للزمان وإقامة ما موقع من تحقيرا لشأنهم في مقام العظمة والكبرياء، ويعنى بما قبلها السابقين الذين مضوا وكان في كتبهم
أنه تكون تلك المسخة فاعتبروا بها، وصح ألفا، لأن جعلها نكالاً للفريقين جميعا، إنما تحقق بعد القول والمسخ.
قوله: (وقصته أنه كان فيها شيخ فقتل إبنه بنو أخيه طمعا في ميراته) إلى اخره. أخرج هذه القصة ابن جرير، وغيره، مطولة، ومختصرة من طرق عن ابن عباس، وأبي العالية، ومجاهد، وغيرهم، وفيها: أن الشيخ قتله ابن أخيه خلاف قول المصنف كالكشاف أن ابنه هو المقتول، وقد نبه القطب والطيبي على وهمه، قال الطيبي: قوله في آخر القصة: ولم يورث قاتل بعد ذلك يدل عليه، لأن المورث الأب لا ابنه المقتول، ولأن قاتل الابن لا يمنع الإرث من الأب بلا خلاف.
قوله: (مكان هزو وأهله أو مهزوءا ينا أو الهزء نفسه) قال الطيبي: أي: أن هزءا مصدر، لا يصلح أن يقع مفعولاً ثانيا؛ لأنه على تأويل خبر المبتدأ فيقدر المضاف فهو إما على مكان هزء أو أهل هزء أو يجعل الهزء بمعنى المهزوء به، تسمية للمفعول به بالمصدر، كقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} أي: مصيدة أو يجعل الذات نفس المعنى مبالغة، نحو رجل عدل، ولخصه الشيخ سعد الدين، فقال: إشارة إلى أن اتخذ يتعدى إلى مفعولين هما المبتدأ والخبر كجعل وصير، فوقع المصدر خبراً عن الجماعة فاحتاج إلى التأويل بالحذف أو التجوز في المفرد أو في الحكم.
قوله: (لأن الهزء في مثل ذلك جهل وسفه)، في الحاشية يشير إلى أن المزاح والهزل اليسير في غير الفتاوى والوقائع العظيمة مسموح به، وأما في مثل هذه الواقعة فهو سفه وعبث.
قوله: (نفى عن نفسه ما رمى به على طريقة البرهان وأخرج ذلك في صورة الاستعاذة استفظاعا له) قال الطيبي: عني/ بقوله: طريقة البرهان، طريقة الكناية، حيث نفى عن نفسه أن يكون داخلا في زمرة الجاهلين وواحداً منهم وتمم المبالغة بالاستعادة، أي: أن الهزء في مقام الإرشاد كاد أن يكون كفراً فصحت الاستعاذة منه، فالمطابقة بين جواب موسى وبين كلامهم من حيث المعنى.
قوله: (وكان حقه أن يقولوا: أي بقرة هي)؟ إلى أخره. قال الطيبي: يعني ما هي يسأل به عن الجنس وحقيقة الشيء وحقيقة البقرة: غير مسئول عنها، لأن الضمير راجع إلى البقرة المذكورة وهي بقرة فذة مبهمة فامتنع السؤال عن حقيقتها فرجع إلى صفاتها ثم إلى أقربها من الحقيقة وما تمتاز بها عن سائر أنواعها، كأنها صارت حقيقة أخرى على منوال.
قوله: (فإن تفق الأنام وأنت منه .... فإن المسك بعض دم الغزال)
وقال القطب: لما كان المراد السؤال عن الصفة كان حقه أن يقال: أي بقرة؟ أو كيف هي؟ فإن (ما هي) سؤال عن حقيقة الشيء، لكنهم لما سمعوا اتصافها بهذه الصفات العجيبة الشأن ولم يعرفوا من جنس البقر ما هو موصوف بهذه الصفة فكأنهم لم يعرفوا حقيقتها فأوردوا العبارة السائلة، عن حقيقتها وإن أرادوا صفتها، فلهذا حسن في الجواب ذكر