المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قوله (فإن قيل: الأبدان مركبة) - نواهد الأبكار وشوارد الأفكار = حاشية السيوطي على تفسير البيضاوي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌الآية (21)

- ‌قوله: (ولكم صفة رزقا):

- ‌قوله: (ولأن مخاطبة الجم الغفير)

- ‌قوله: (ونزل لازم الجزاء منزلته على سبيل الكناية)

- ‌قوله: (واللام في الأنهار للجنس)

- ‌قوله (فإن قيل: الأبدان مركبة)

- ‌قوله: (وبعوضة عطف بيان لمثلا)

- ‌قوله: (التغابي)

- ‌قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}

- ‌قوله: (وثم) لعله لتفاوت هذين الخلقين)

- ‌قوله: (قلت: فيما ذكروه شكوك)

- ‌قوله: (والتاء لتأنيث الجمع)

- ‌قوله: والهمة:

- ‌قوله: (وإلا عطفه بما يقدر عاملا فيه)

- ‌قوله: (إذ العبرة بالخواتيم):

- ‌قوله: (إزاحة)

- ‌قوله: وقرأ ابن كثير بنصب آدم ورفع كلمات

- ‌قوله: (واقتضاه العقل):

- ‌قوله: (وإسرائيل لقب)

- ‌قوله: (المراد التعريض)

- ‌قوله: (أو نصب بإضمار أن على أن الواو للجمع)

- ‌قوله: (وتتركونها من الترك كالمنسيات)

- ‌قوله: (وإيراده منكراً مع تنكير النفس للتعميم

- ‌قوله: (وأصل آل: أهل، لأن تصغيره أهيل)

- ‌قوله: (واعدنا)

- ‌قوله: (يعني التوراة الجامع بين كونه كتابا وحجة)

- ‌قوله: (استعيرت للمعاينة)

- ‌قوله: (أو على أنه مفعول قولوا)

- ‌قوله: (أحيطت بهم إحاطة القبة بمن ضربت عليه أو ألصقت بهم من ضرب الطين على الحائط)

- ‌قوله: (اللام موطئة للقسم)

- ‌قوله: (والمروى عنه عليه السلام:

- ‌قوله: (أي تحقيقه وصف البقرة)

- ‌قوله: (ومن قال إنه واد في جهنم)

- ‌قوله: (أو مبهم) إلى آخره

- ‌قوله: (وتنكير حياة)

- ‌قوله: (نزل في ابن صوريا

- ‌قوله: (ومنه التناسخ)

- ‌قوله: (ألم تعلم

- ‌قوله: (إشارة إلى أن الأماني المذكورة)

- ‌قوله: (فعلتم التولية)

- ‌قوله: (أو المتجاهلون من أهل الكتاب)

- ‌قوله: (لما روى جابر)

- ‌قوله: (والحكمة ما تكمل به نفوسهم من المعارف والأحكام)

- ‌قوله: (مشهود له بالاستقامة)

- ‌قوله: (ويعقوب: عطف على إبراهيم)

- ‌قوله: (أم منقطعة)

- ‌قوله: (ويحتمل أن يكون اعتراضا)

- ‌قوله: (والأسباط: جمع سبط)

- ‌ قوله: (ونحن له مسلمون)

- ‌قوله: (أو منَّا لو كتمنا)

- ‌قوله: (بارتسام أمره):

- ‌قوله: (وهذه الشهادة)

- ‌قوله: (والعلم، إما بمعنى المعرفة)

- ‌قوله: (ترضاها، تحبها)

- ‌قوله: (تخصيص لمن عاند، واستثناء لمن آمن)

- ‌قوله: (أو أمر الأمة)

- ‌قوله: (قدمه باعتبار المقصد

- ‌قوله: (وكانوا أربعة عشر)

- ‌قوله: (وجمعها للتنبيه على كثرتها)

- ‌قوله: (وما سواه: إما نعمة أو منعم عليه)

- ‌قوله: (واعلم أن دلالة هذه الآيات)

- ‌قوله: (وقيل: في طائفة من اليهود)

- ‌قوله: (أو استثناه الشرع)

- ‌قوله: (صدقتك على المسكين)

- ‌قوله: (قيل: كتب على اليهود القصاص وحده، وعلى النصارى، العفو مطلقا)

- ‌قوله: (من مرفوع بكتب)

- ‌قوله: (فعليه بالصوم)

- ‌قوله: (يطوقونه، بالإدغام)

- ‌قوله: (الفاء لوصف المبتدأ بما ضمن معنى الشرط)

- ‌قوله: (والاختيان أبلغ من الخيانة، لأن الزيادة في البناء تدل على الزيادة في المعنى)

- ‌قوله: (تلك حدود الله)

- ‌قوله: (يناصبونكم)

- ‌قوله: (قاتلهم المشركون عام الحديبية)

- ‌قوله: (ولا يجوز يوم النحر وأيام التشريق)

- ‌قوله: (ذلك إشارة إلى الحكم المذكور عندنا، والتمتع عند أبي حنيفة)

- ‌قوله: (وثم تفاوت ما بين الإفاضتين)

- ‌قوله: (اجعل إتياءنا ومنحتنا في الدنيا)

- ‌قوله: (وقيل: في المنافقين كلهم)

- ‌قوله: (للدلالة عليه)

- ‌قوله: (أي آيات الله)

- ‌قوله: (فإن الطبع يكرهه)

- ‌قوله: (إثم كبير)

- ‌قوله: (والواو للحال، ولو بمعنى إن)

- ‌قوله: (وتتعلق أن بالفعل)

- ‌قوله: (جمع قرء)

- ‌قوله: (أكره الكفر في الإسلام)

- ‌قوله: (كان المطلق يترك العدة)

- ‌قوله: (إلا أن تفرضوا)

- ‌قوله: (أفضل الصلاة: أحمزها)

- ‌قوله: (ألم تر تعجيب)

- ‌قوله: (استثناء من قوله: فمن شرب)

- ‌قوله: (كليم الله، بمعنى مكالمه)

- ‌قوله: (من علمه)

- ‌قوله: (تقديره: أو رأيت مثل الذي)

- ‌قوله: (قيل: طاووسا، وديكا وغرابا وحمامة)

- ‌قوله: (لعله لم يدخل الفاء)

- ‌قوله: (أي ومن يؤته الله)

- ‌قوله: (وإنما كتب بالواو كالصلاة للتفخيم)

- ‌قوله: (وقيل: المراد التصدق الإنظار)

- ‌قوله: (من يكتب بالسوية)

- ‌قوله: (بدل البعض من الكل أو الاشتمال)

- ‌قوله: (أي يقولون لا نفرق)

- ‌قوله: (أنزل الله آيتين):

- ‌سورة آل عمران

- ‌قوله: (إنما فتح الميم في المشهورة، وكان حقها أن يوقف عليها لإلقاء حركة الهمزة عليها

- ‌قوله: (نزل عليك الكتاب نجوما)

- ‌قوله: " وأصله يرد إليها غيرها

- ‌قوله: (والأغمار)

- ‌قوله: " والمسومة المعلمة

- ‌قوله: " وقرئ القائم بالقسط على البدل عن، هو

- ‌قوله: " فالملك الأول عام والآخران بعضان منه

- ‌قوله: " وإخراج الحي من الميت

- ‌قوله: " ولكن الحمل على الخبر أوقع

- ‌قوله: " وقيل: في أقوام

- ‌قوله: " ونصبه على الحال

- ‌قوله: " ما من مولود

- ‌قوله: " أو يسلمها

- ‌قوله: ومطرد الكعوب أي ليس في كعوبه اختلاف

- ‌قوله: " أو عطف على يبشرك أو وجيها

- ‌قوله: " من الحور

- ‌قوله: " أي متوفي أجلك

- ‌قوله: " خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم على طريق التهيج

- ‌قوله: " أي أنتم هؤلاء الحمقى

- ‌قوله: " يفتلونها بقراءته فيميلونها عن المنزل إلى المحرف

- ‌قوله: " وتكون (لا) مزيدة

- ‌قوله: " وتحتمل الخبرية

- ‌قوله: " فحذف إحدى الميمات

- ‌قوله: " واستدل به على أن الإيمان هو الإسلام

- ‌قوله: " ريب المنون

- ‌قوله: " أي لن تبلغوا حقيق البر

- ‌قوله: " كل الطعام أي كل المطعومات

- ‌قوله: " أو فيه آيات بينات مقام إبراهيم وأمن من دخله

- ‌قوله: " فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستطاعة بالزاد والراحلة

- ‌قوله: " طالبين لها اعوجاجا

- ‌قوله: " فقد اهتدى لا محالة

- ‌قوله: " أي ولا تكونن على حال

- ‌قوله: " بمعنى: وكنوا أمة تأمرون

- ‌قوله: " وأهل الكتاب كفروا برسول الله

- ‌قوله: " ففي رحمة الله يعني الجنة

- ‌قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}

- ‌قوله: " استثناء من أعم عام الأحوال

الفصل: ‌قوله (فإن قيل: الأبدان مركبة)

قوله وإذا العذارى: البيت.

قوله: ولذلك قيل للأثافي خوالد، قال في الصحاح: لبقائها بعد دروس الأطلال.

‌قوله (فإن قيل: الأبدان مركبة)

، إلى آخره. قال الطيبي. ذكر الراغب نحو هذا الجواب. ثم قال: ليس لذلك القول وجه إلا التوقيف، ولا مدخل للاجتهاد فيه والذي يستبعده المتفلسفون هو أنهم يريدون أن يتصوروا أبدانا متناولة الأطعمة لا استحالة له فيها ولا تغير لها ولا يكون منها فضلات، وتصور ذلك محال وذلك لأن التصور هو إدراك الوهم ما أدركه الحس. ومالا يدركه الحس جزءه ولا كله كيف يمكن تصوره ولو كان للإنسان سبيل إلى تصور ذلك لما قال تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} .

وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مخبراً عن الله تعالى: ((أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)).

قوله: (التمثيل)، قال الطيبي: لم يرد به التشبيه التمثيلي [أو الاستعارة التمثيلية بل أعم. وقال الشيخ سعد الدين: المراد

ص: 139

بالتمثيل] التشبيه مطلقا سواء كان في المفرد أو المركب على وجه الاستعارة أو غيرها.

قوله: (ولذلك شاعت الأمثال في الكتب الإلهية وفشت في عبارات البلغاء).

قلت: أخرج الرامهرمزي في الأمثال عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل).

قوله: كما مثل في الإنجيل غل الصدور بالنخالة والقلوب القاسية بالحصاة- ومخاطبة السفهاء بإثارة الزنابير)، نص على ما حكاه الإمام في الأول: لا تكونوا كمنخل خرج منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرج الحكمة من أفواهكم وتبقون الغل في صدوركم.

وفى الثاني: قلوبكم كالحصاة التي لا تطبخها النار ولا يلينها الماء ولا تنسفها الرياح.

وفي الثالث: لا تثيروا الزنابير فتلدغكم، فكذلك لا تخاطبوا السفهاء فيشتموكم.

قوله: (أسمع من قراد) قال الميداني: لأنه يسمع صوت

ص: 140

أخفاف الإبل من مسيرة يوم فيتحرك لها، وقال الشيخ سعد الدين: تزعم العرب إنه يسمع الهمس الخفي.

من وقع مناسيم الإبل على مسيرة سبع ليال، وقال القمي في الأمثال: زعموا أنه يحس بالإبل في ليلة القرب: وهي الليلة التي تصبح منها الإبل على الماء، فيتحرك لذلك حركة لا يخفى أنها قد أحست بإقبال الإبل والناس لا يشعرون قال: وفي لطف إحساس كثير من الحيوان عجب عجيب وإن في ذلك لعبرة لأولى الألباب، فتبارك الله أحسن الخالقين.

قوله: (وأعز من مخ البعوض)، يضرب لمن تكلف الأمور الشاقة.

قوله: (وأيضا لما أرشدهم إلى ما يدل على أن المتحدي به وحي) إلى آخره. وقال الإمام: إنه تعالى لما بين أن القرءان معجز أتى بشبهة أوردها الكفار قدحا في ذلك وأجاب عنها. وتقرير الشبهة أنه جاء في القرءان ذكر النحل والذباب والعنكبوت، وهذه الأشياء لا تليق بكلام البلغاء فضلاً عن كلام المجيد، وأجاب أن صغر هذه الأشياء، لا يقدح في البلاغة.

إذا كان ذكرها مشتملاً على حكم بالغة. قال الطيبي: فعلى هذا نظم الآية بما قبلها نظم قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ

ص: 141

أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} في كونها جملة مستطردة، كما ذكره الإمام: قلت: وفيه إشارة إلى مناسبة وضع هذه الآية هنا، ولم توضع في سورة العنكبوت أو الحج عقب المثل المستنكر، لأنه جواب عن شبهة أوردت على إقامة الحجة على حقيقة القرءان بأنه معجز فكان ذكرها هنا أنسب.

قوله: (فإنه انكسار يعتري القوة الحيوانية فيردها عن أفعالها).

قال الشيخ سعد الدين: هو تفسير للفظ الحياء ونوع تنبيه على معناه الوجداني المغني عن التعريف.

وقال الشيخ أكمل الدين، الحق أن الكيفيات النفسانية لا تحتاج إلى تعريف لكونها وجدانيات، فإن عرفت كان التعريف لفظيا. قال: والظاهر أنه عرفه هنا ليبنى عليه كيفية جواز إطلاقه على الله تعالى.

قوله: (فقيل: حيي الرجل، هي لغة حكاها أبو زيد خلافا لقول أبي البقاء: إنه لم يستعمل منه فعل بلا سين.

قوله) (إذا اعتلت نساه وحشاه) النسا بالفتح والقصر عرق يخرج من الورك فيستبطن الفخذين، ثم يمر بالعرقوب حتى يبلغ

ص: 142

الحافر، والحشا: الربو وهو النفس العالي، قاله: القطب والطيبي والشيخ سعد الدين، وقاد الشيخ سعد الدين وغيره: الحشا ما انضمت عليه الضلوع والجمع أحشاء.

قلت: يريد الأول قول الشماخ:

تلاعبني إذا ما شئت خود

على الأنماط ذات حشا قطيع

أي: ذات نفس عال من سمنها.

قوله: (إذا وصف به الباري تعالى، كما جاء في الحديث: ((إن الله يستحيي من ذي الشيبة المسلم أن يعذبه)). أخرجه البيهقي في الزهد، من حديث آنس بنحوه، وابن أبي الدنيا في كتاب العمر من حديث سلمان بنحوه.

قوله: ((إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع العبد يديه أن يردها صفرا حتى يضع فيهما خيرا)). أخرجه أبو داود، والترمذي، وحسنه،

ص: 143

والحاكم، وصححه من حديث سلمان، يدون قوله: حتى يضع فيها خيراً. وأخرجه الحاكم من حديث أنس هذه الجملة نحوه. والصفر: الخالي.

قوله: (فالمراد به الترك اللازم للانقباض، كما أن المراد من رحمته وغضبه إصابة المعروف والمكروه اللازمين لمعنييهما). قال صاحب الانتصاف: التأويل في الحديث لازم، لأنه إثبات، وأما الآية فلا تحتاج إلى التأويل، لأن الحياء مسلوب عنه تعالى، فهو كقوله: إنه تعالى، ليس بجسم ولا عرض، وتعقبه القطب، بأن نفي الحياء في الآية ليس سلبا محضا، بل عدم الحياء عن ما من شأنه الحياء، فإن نفى الحياء مطلقا وصف مذمة، فإنه يقال للخائض فيما لا ينبغي: لا حياء له وذلك محال على الله تعالى سلبا، فوجب التأويل في السلب كالإثبات، وقال الشيخ سعد الدين: فإن قيل: هب أن إثبات الاستحياء لله تعالى كما في الحديث يحتاج إلى تأويل، وأما نفيه كما في الآية فلا يحتاج إلى ذلك كما في قولهم: لله ليس بجوهر ولا عرض وقوله تعالى: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} ، و {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ونحو ذلك: فأي

ص: 144

حاجة إلى جعل لا يستحي من قبيل التمثيل أو المقابلة أعنى المشاكلة، قلنا إذا نفيت أمثال ذلك على الإطلاق، بمعنى أنها ليست من شأنه فإنه لا يتصف بها، كما في الأمثلة المذكورة لم يحتج إلى تأويل، وأما إذا نفيت على التقييد فقد رجع النفي إلى القيد، وأفاد ثبوت أصل الفعل أو إمكانه لا أقل، فاحتاج إلى تأويل، كما إذا قيل: لم يلد ذكرا ولم يأخذه نوم في هذه الليلة، وليس بعرض قارن الذات. وقال الطيبي: الفرق بين قولنا: إن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض، وما في الآية والحديث هو أن القصد في ذلك التنزيه: ومالا يجوز أن ينسب إليه تعالى. وفي الآية القصد إلى تجويز ضرب المثل وأن الحياء غير مانع منه، وفي الحديث القصد إلى ترك تخييب العبد وأن الحياء مانع من التخييب فالمقاصد مختلفة والمقامات متباينة، فهما قريبان من ترتب الحكم على الوصف المناسب، فلابد من اعتبار المجاز.

قوله: (ونظيره، قول من يصف إبلا:

إذا ما استحين الماء يعرض نفسه .... كرعن بسبت في إناء من الورد)

هو للمتنبي، قال الطيبي: أي تركن، والضمير للنوق وكرع الماء يكرع كروعا إذا تناوله بفيه من موضعه والسبت بكسر السين المهملة: جلود البقر المدبوغة بالقرظ، شبه مشافر الإبل به، وعنى بالإناء

ص: 145

النقرة فيها الماء، وبالورد الأزهار، ويصف الإبل وكثرة مياه الأمطار المحفوفة بالأزهار، فكأن الماء يعرض نفسه عليها.

والإبل تستحي من رد الماء إذا كثر عرض نفسه عليها فتكرع فيه بمشافر كأنها السبت. والبيت من قصيدة يمدح بها أبا الفضل محمد بن الحسين بن العميد، أولها:

نسيت وما أنسى عتابا على الصد .... ولا خفرا زادت به حمرة الخد

ومن يصحب اسم ابن العميد محمد

يسر بين أنياب الأساود والأسد

يمر من السم الوحي بعاجز

ويعبر من أفواههن عن درد

كفانا الربيع العيس من بركاته

فجاءته لم تسمع حداء سوى الرعد

إذا ما استحين الماء يعرض نفسه .... كرعن بسبت في إناء من الورد

كأنا أرادت شكرنا الأرض عنده .... فلم يخلنا جو هبطناه من رفد

قوله: (وأنما عدل به عن الترك لما فيه من التمثيل).

ص: 146

قال الشيخ سعد الدين: بين الاستعارة التمثيلية وبين التشبيه في المصدر تنبيها على أنها استعارة تبعية، وبه يظهر أن المستعار في الاستعارة التمثيلية قد يكون لفظا مفرداً دالاً على معنى مركب.

قوله: (وتحتمل الآية خاصة أن يكون مجيئه على المقابلة لما وقع في كلام الكفرة). قال الطيبي: لم يرد بالمقابلة المعنى المصطلح عليه في البديع، وهي أن يجمع بين شيئين متوافقين أو أكثر وبين ضديهما. بل أراد المشاكلة. وهي: أن تذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته لكن المشاكلة على التقدير. إذ لولا قولهم: أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت على سبيل الإنكار لم يحسن قوله إن الله لا يستحي، جوابا عنه. وذكر نحوه الشيخ أكمل الدين والشيخ سعد الدين. وزاد أن المشاكلة ليس بحقيقة، كما هو ظاهر، وأن وجه التجوز ليس بظاهر، قال: وظاهر كلامهم أن مجرد وقوع مدلول هذا اللفظ في مقابلة ذاك جهة التجوز.

قلت: وقد كنت سئلت قديما عن المشاكلة ما علاقتها؟ فأجبت بما نصه، قد رأيت بعض متأخري أهل البيان إدعى في نوع المشاكلة أنه واسطة بين الحقيقة والمجاز، قال: وليس بحقيقة لأنه استعمال اللفظ فيما لم يوضع له ولا مجاز لعدم العلاقة المعتبرة.

والصواب أنه مجاز قطعا، والعلاقة في مثل: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ

ص: 147

سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}، {فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الشكل والشبه الصورى، كما يطلق على الإنسان والفرس على الصورة المصورة.

قوله: (وضرب المثل اعتماده) زاد في الكشاف وصنعه.

قوله: (وأصله وقع شيء على آخر) قال الراغب: الضرب إيقاع شيء على شيء، ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها، كضرب الشيء باليد والعصا والسيف ونحوها. وضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة، وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه، وبذلك شبه السجية، فقيل لها: الضريبة والطبيعة، والضرب في الأرض: الذهاب فيها وهو ضربها بالأرجل، وضرب الخيمة بضرب أوتادها بالمطرقة، وتشبيها بضرب الخيمة قال تعادلى:{وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ} أي: التحفتهم الذلة التحاف الخيمة، ومنه استعير

ص: 148

{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} وضرب المثل هو من ضرب الدراهم وهو ذكر شيء أثره يظهر في غيره.

قوله: (وأن بصلتها مخفوض المحل عند الخليل بإضمار من منصوب بافضاء الفعل إليه بعد حذفها عند سيبويه) قال ابن مالك في شرح الكافية: يجوز أن يتعدى الفعل اللازم بحرف الجر إلى إن وأن وغيرهما، نحو عجبت [من أنك منطلق، ومن أن قام زيد ومن قعود عمرو، ويجوز حذف حرف الجر من أن وإن، فيقال]: عجبت أنك ذاهب وأن قام زيد، ولا يجوز حذفه من غيرهما، فلا يقال: عجبت قعود عمرو.

ومذهب الخليل والكسائي في أي وإن، إنهما في محل جر بعد حذف حرف الجر. ومذهب سيبويه والفراء إنهما في محل نصب، ويؤيد قول الخليل قول الشاعر: أنشد الأخفش:

وما زرت ليلى أن تكون حبيبة

إلى ولا دين بها أنا طالبه

فجر المعطوف على أن فعلم أن أن في محل جر.

تنبيه: قول المصنف: منصوب بإفضاء الفعل إليه بعد حذفها كلام مطلق لم يقصد به خصوص هذا الموضع، فإنه يجوز هنا أن تكون منصوبا لا على حذفها، بل على تعدية الفعل بنفسه إليه فإن استحي

ص: 149

يتعدى بنفسه

أيضا. قالت شاعرة:

وإني لأستحييه والثوب بيننا

كما كنت أستحييه وهو يراني

وقد نبه على ذلك في الكشاف، فقال: وفيه لغتان، التعدي بالجار والتعدي بنفسه. تقول: استحييت منه واستحييته وهما محتملان هنا. هذه عبارته، قال في الحاشية المشار إليها: يعني التعدية بنفسها وبحرف الجر فإن عديت بنفسها فموضع (أن يضرب) النصب بالمفعولية، فإن عديت بحرف الجر كانت على الوجهين المشهورين في موضع أن وما بعدها إذا حذف منها حرف الجر، هل هي في موضع نصب أو جر؟ فحاصله أن فيها طريقين، طريقة قاطعة بأن محله نصب وطريقة بأن في محله قولين، أحدهما النصب والآخر الجر. انتهى.

قوله: (وما إبهامية تزيد النكرة إبهاما وشياعا) وتسد عنها طرق التقييد، كقولك: أعطني كتابا ما أي أي كتاب كان، أو مزيدة للتأكيد، كالتى في قوله تعالى:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} قال الشيخ سعد الدين: جعل صاحب الكشاف ههنا ما الإبهامية قسيما للصلة وفي المفصل قسيما من حروف الصلة، مثلها في {فَبِمَا نَقْضِهِمْ} وكأنه مال هنا إلى أنها اسم على ما هو رأي البعض، فمعنى مثلا ما أي مثل

ص: 150

ويتفرع على الإبهام الحقارة مثل أعطه شيئا ما، والفخامة مثل لأمر ما يسود، والنوعية مثل أضربه ضربا (ما) ففي الجملة تؤكد ما إفادة تنكير الاسم قبلها قال: وبين فائدة المزيدة بقوله للتأكيد لئلا يتوهم أنها لغو يجب صيانة الكلام الفصيح عنه.

وقال الطيبي: إذا كانت ما إبهامية تعطى معنى التنكير في مثلا وتزيد في شيوعه، ولهذا قلنا أي مثل كان والمؤكدة تؤكد معنى مضمون الجملة ويعضده ما في المفصل: قولك ما أن رأيت زيداً. الأصل ما رأيت، ودخول أن صلة أكدت معنى النفي وقال الشيخ أكمل الدين: الإبهامية: قال بعضهم إنها اسمية للصفة لأنها في معنى مثلا أي: مثلا حقيرا كان أو صغيراً، قال: وذكر بعضهم أن ما في الكشاف هو الوجه، لثبوت زيادة ما لهذه الفائدة نصا في مثل {أَيًّا مَا تَدْعُوا} و {أَيْنَمَا تَكُونُوا} فالحمل على ما ثبت أولى، قال: وقوله: أو مزيدة للتأكيد، يعني أنها لتأكيد الكلام، لا لزيادة الإبهام والشيوع.

قال بعضهم: وحينئذ يحتمل أن تكون لتأكيد ضرب المثل فيكون معناه إن الله يضرب المثل حقا. وأن تكون لتأكيد نفي الاستحياء، فمعناه إن الله لا يستحي ألبته أن يضرب مثلا، وقال أبو حيان: ما إذا نصب بعوضة زائدة للتأكيد، أو صفة للمثل تزيد النكرة شياعا، كما تقول: ايتني برجل

ص: 151

ما، أي: أي رجل كان. وقيل: ما نكرة وتنصب بدلا من مثلا. وقال ابن هشام في المغني: قال الزجاج: ما في قوله: {مَثَلًا مَا بَعُوضَةً} حرف زائد للتوكيد عند جميع البصريين. قال ابن هشام: ويؤيده سقوطها في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وبعوضة بدل. وقيل: (ما) اسم نكرة صفة لمثلا أو بدل منه، وبعوضة عطف بيان على (ما).

قوله: (ولا نعنى بالمزيد اللغو الضائع) إلى آخره.

قال الشيخ سعد الدين: معنى كونها صلة ومزيدة أنها لا يتغير بها أصل المعنى، ويشكل ببعض الحروف المفيدة للتأكيد، مثل إن واللام حيث لا تعد صلة وإن اشترط عدم العمل انتقض باللام حيث لم تعمل، وزيادة بعض الحروف الجارة حيث عملت، وقد تكون حروف الصلة لتزيين اللفظ وزيادة فصاحته، وقال الشيخ أكمل الدين: ليس معنى الزيادة التي تكون لغوا، فإنه لا يصح في الكلام المعجز، وإنما المراد بها ألا تكون موضوعة لمعنى أو جزء التركيب وإنما تفيد وثاقة وقوة للتركيب. وقال بعضهم في الفرق بينها وبين الحروف الموضوعة للتأكيد الغير الزائدة، كلام القسم ولام التأكيد ونحوهما إن هؤلاء موضوعة لتأكيد هو جزء معنى التركيب كالجص الذي يوضع بين اللبنتين، والحرف الزائد وإن كان موضوعا لمعنى التأكيد إلا أنه لا دخل له في التركيب بل خارج عنه كما إذا أوصل خشبة بخشبة وضع على مفصلهما ضبة فتلك الضبة ما صارت جزءا من ذلك المركب، بل لا يفيد إلا

ص: 152