الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مرجوحا لم يستسهل تخريج القراءة المتفق عليها عليه يوضح لك هذا أنه جوز ذلك في قراءة شاذة مع كون فعل الشرط مضارعا وذلك على تأويله بالماضي فقال: قرئ " أينما تكونوا يدرككم الموت " برفع يدرك فقيل هو على حذف الفاء ويجوز أن يقال إنه محمول على ما يقع موقعه وهو، أينما كنتم كما جاء ولا ناعب على ما يقع موقع ليسوا مصلحين، وهو ليسوا بمصلحين، وقد يرى كثير من الناس كلام الزمخشري في هذه المواضع متناقضا والصواب ما بينت لك، انتهى. تنبيه، قال الشيخ ولي الدين العراقي في حاشيته على الكشاف، ومن خطه نقلت، ذكر أبو حيان من الأبيات الدالة على الرفع.
قولة: " إن تسألوا الخير يعطوه "، البيت: هو سبق ذهن أو قلم، فإن هذا ليس من أبيات الرفع، فإن المضارع فيه، وهو يعطوه، البيت مجزوم بحذف نونه، قلت: إنما أورده لقوله في تمامه وإن خيروا في الجهد أدرك منهم طيب أخبار، فإن فعل الشرط فيه ماض، والجواب وهو أدرك مضارع مرفوع وهذه صورة المسألة وأما إن يسألوا الخير يعطوه فالفعلان فيه مضارعان مجزومان وليس ذلك صورة المسألة فالشيخ ولي الدين هو الذي سهى في اعتراضه.
قوله: " وقرئ ودت وعلى هذا يصح أن يكون شرطية " قال الشيخ سعد الدين: قد يقال إن في الصحة كلاما لأن الجملة على تقدير الموصولية حال أو عطف على تجد والشرطية لا تقع حالاً ولا مضافا إليه الظرف فلم يبق إلا عطفها على أذكر وهو بتقدير صحته يخل بالمعنى وهو كون هذه الحالة والودادة في ذلك اليوم، ولا محيص سوى جعلها حالاً بتقدير مبتدأ، أي وهي ما عملت من سوء ودت.
قوله: " ولكن الحمل على الخبر أوقع
" عبارة الكشاف الحمل على الابتداء وهي أحسن لأنها كما قال الشيخ سعد الدين تشعر بأنها إذا
جعلت شرطية لا تكون في موقع المبتدأ بل المفعول لأن عملت لم تشتغل بضميره بل بقي مسلطا عليه.
قوله: " كرره للتوكيد والتذكير "، قال الشيخ سعد الدين: الأحسن ما قيل أن ذكره أولاً للمنع عن موالاة الكافرين وثانيا للحث على عمل الخير والمنع عن عمل السوء.
قوله: " إشارة إلى أنه تعالى إنما نهاهم إلى آخره " قال الطيبي: فهو على الأول تتميم وعلى الثاني تكميل كمل به ليجمع بين صفتي القهر والرحمة تحريضا على الإنابة.
قوله: " المحبة ميل النفس " إلى آخره. قال الغزالي في الإحياء: الحب عبارة عن ميل الطبع إلى الشيء المستلذ فإن تأكد ذلك الميل وقوي سمي عشقا والبغض عبارة عن نفرة الطبع عن المؤلم المتعب ماذا قوي سمي مقتا ولا تظن أن الحب مقصور على مدركات الحواس الخمس حتى يقال: إن الله سبحانه لا يدرك بالحواس ولا يتمثل في الخيال فلا يحب؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سمى الصلاة قرة عين وجعلها أبلغ المحبوبات ومعلوم أنه ليس للحواس الخمس فيها حظ، بل جنس سادس مظنته القلب، والبصيرة الباطنة أقوى من البصر الظاهر والقلب أشد إدراكا من العين وجمال المعاني المدركة بالفعل أعظم من جمال الصور الظاهرة للإبصار فيكون لا محالة لذة القلوب مما تدركه من الأمور الشريفة الإلهية التي تجل عن أن تدركها الحواس أتم وأبلغ فيكون ميل الطبع السليم والعقل الصحيح إليه أقوى، ولا معنى للحب إلا الميل إلى ما في إدراكه لذة فلا ينكر إذا حب الله لا من قعد به القصور في درجة البهائم في يجز إدراك الحواس
أصلا، وقال الطيبي: فسر المتكلمون محبة العبد لله بأنها محبة طاعته وخدمته أو ثوابه أو إحسانه وأما العارفون فقد قالوا العبد يحب الله لذاته وأما حب طاعته وثوابه فهي درجة نازلة والقول الأول ضعيف، وذلك أنه لا يمكن أن يقال في كل شيء أنه إنما كان محبوبا لأجل معنى أخر فلا بد من الانتهاء إلى شيء يكون محبوبا لذاته، فكما يعلم أن اللذة محبوبة لذاتها كذلك يعلم أن الكمال محبوب لذاته وأكمل الكمالات لله تعالى فيقتضي كونه محبوبا لذاته من ذاته، وقال صاحب الفرائد، بعدما حكى نحواً من هذا المعنى وهذا أبلغ أنواع الحب، فعلى هذا حب العبد لله تعالى حقيقة بل المحبة الحقيقية مستحقة لله تعالى إذ كل ما يحب من المخلوقات فإنما يحب بخصوص أثر من آثار وجوده قال الطيبي: ويقال لما عظم ذاته وبين جلالة سلطانه بقوله سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآيات تعلق قلب العبد بمولى عظيم الشأن ذي الملك والملكوت والجلال والجبروت ثم لما ثني بنهي المؤمنين عن موالاة أعدائه وحذر عن ذلك غاية التحذير كرر فيها {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} ، ونبه على وجوب استئصال تلك الموالاة، بقوله:{قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ} الآية، وأكد ذلك بالوعيد الشديد وذلك قوله:{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ} الآية، زاد ذلك التعلق أقصى غايته واستأنف. قوله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} كأنه تعالى يشير إلى أن عبيدي لم يتمالكوا أنفسهم عند ذلك بأن لا يسألوا بأي شيء ينال كمال المحبة وموالاة ربنا، فقيل لهم: بعد قطع موالاة أعدائنا تنال تلك الدرجة بالتوجه إلى متابعة حبيبنا إذ كل طريق سوى طريقه مسدود.
قوله: " جواب الأمر "، هو رأى عزى للخليل وأكثر المتأخرين