الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منزه عن ذلك.
قوله: (أو على أنه مفعول قولوا)
، أي: قولوا هذه الكلمة. قال أبو حيان: هذا ليس بجائز، لأن القول لا يعمل في المفردات إنما يدخل على الجمل للحكاية، فيكون في موضع المفعول به إلا إن كان المفرد مصدراً، نحو قلت قولا، أو صفة لمصدر، نحو قلت حقا، أو معبرا به عن جملة نحو قلت شعراً وقلت خطبة، على أن هذا القسم يحتمل أن يعود إلى المصدر، لأن الشعر والخطبة نوعان من القول فصار كالقهقري من الرجوع، وحطة ليس واحدا من هذه، ولأنك إذا قلت حطة منصوبة بلفظ قولوا: فإن ذلك من الإسناد اللفظي لا المعنوي، وإذا كان من اللفظي لم يترتب على النطق به فائدة أصلا إلا مجرد الامتثال للأمر بالنطق بلفظ لا فرق بينه وبين الألفاظ الغفل التي لم توضع للدلالة على معنى، ويبعد أن يرتب الغفران للخطايا على النطق بمجرد لفظ مفرد لم يدل به على معنى، انتهى.
قوله: (وأخرجه على صورة الجواب) إلى آخره، هو جواب سؤال مقدر، أي: كيف عطف وسنزيد على نغفر، وهو مجزوم، قال الطيبي: أراد أن الزيادة إذا كانت من وعد الله كانت أعظم مما إذا كانت مسببة عن فعلهم.
قوله: (بدلوا بما أمروا به) ألى آخره.
لم يذكر اللفظ الذي قالوه بدله. قد أخرج الشيخان من حديث أبي
هريرة مرفوعا، إنهم قالوا: حبة في شعرة وفي رواية في شعيرة، وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود، أنهم قالوا: هطى سمقا يا زيد وزبا، وهي بالعربية: حنطة حمراء قوية فيها شعرة سوداء. وأخرج ابن جرير عنه، إنهم قالوا: حنطة حمراء فيها شعيرة. وأخرج الحاكم عن ابن عباس، إنهم، قالوا: حنطة. والحاصل، إنهم عدلوا إلى لفظ حنطة عن لفظ حطة استهزاء بها، فأخرج ابن جرير عن ابن زيد، أنهم قالوا: ما يشاء موسى أن يلعب بنا [إلا لعب بنا] حطة حطة، أي شيء حطة؟ وقال بعضهم لبعض حنطة.
قوله: (والرجز في الأصل ما يعاف عنه)، الراغب: أصل الرجز الاضطراب ومنه رجز البعير إذا تقارب خطوه، والرجز هنا الزلزلة، وقال غيره: أصله تتابع الحركات، والرجز العذاب المقلق بشدته قلقلة شديدة متتابعة شديدة.
قوله: وقرئ بالضم، وهي لغة فيه، زاد غيره: إنها لغة بني الصعدات.
قوله: (والمراد به الطاعون)، أخرجه ابن جرير عن ابن زيد وأورد فيه حديث الطاعون، رجزا نزل على من كان قبلكم، ثم أخرج
عن ابن عباس، إن كل شيء في القرآن من الرجز يعني به العذاب.
قوله: (الأدرة) بالضم انتفاخ الخصية.
قوله: من آس الجنة، بالمد، يخالفه ما أخرجه ابن المنذر، عن ابن عباس، أنها كانت من عوسج، وأخرج مثله عن الحكم.
قوله: (متعلق بمحذوف تقديره: فإن ضربت فقد انفجرت) تابع فيه الزمخشري، وقال أبو حيان: تقدم الرد عليه في هذا التقدير في فتاب عليكم، بأن إضمار هذا الشرط لا يجوز، وفي قوله أيضا إضمار قد إذ يقدر (فقد تاب عليكم)، فقد انفجرت ولا يحفظ من لسانهم ذلك، إنما تكوك بغير فاء أو إن دخلت الفاء فلابد من إظهار قد، وما دخلت عليه قد يلزم أن يكون ماضيا لفظا ومعنى. نحو:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ} ، وإذا كان ماضيا لفظا ومعنى: استحال أن يكون بنفسه جواب الشرط فاحتيج إلى تأويل وإضمار جواب الشرط، ومعلوم أن الانفجار على ما قدر يكون مرتبا على أن يضرب، وإذا كان مرتبا على مستقبل وجب أن يكون مستقبلا، فإذا كان مستقبلا امتنع أن تدخل عليه قد التي من شأنها ألا تدخل في شبه جواب الشرط على الماضي إلا ويكون معناه ماضيا، نحو الآية، ونحو قولهم: إن تحسن إلي فقد أحسنت إليك ويحتاج إلى تأويل كما ذكرنا، وليس هذا الفعل بدعاء فتدخله الفاء فقط ويكون معناه الاستقبال، وإن كان بلفظ الماضي، نحو: إن زرتني فغفر الله لك، وأيضا فالذي يفهم من الآية: أن الإنفجار قد وقع وتحقق، ولذلك قال: {قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا
وَاشْرَبُوا} وجعله جواب شرط محذوف على ما ذهب إليه يجعله غير واقع إذ يصير مستقبلا لأنه معلق على تقدير وجود مستقبل والمعلق على تقدير وجود مستقبل لا يقتضي إمكانه فضلا عن وجوده، فما ذهب إليه فاسد في التركيب العربي، فاسد من حيث المعنى، فوجب طرحه. فالفاء إذا إنما هي للعطف على جملة محذوفة، أي فضرب فانفجرت، لقوله:{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ} ، أي: فضرب فانفلق، ويدل على هذا المحذوف وجوب الانفجار مرتبا على ضربه، إذ لو كان ينفجر بدون ضرب ما كان للأمر فائدة، ولكان تركه عصيانا، وهو لا يجوز على الأنبياء. انتهى. وقال الحلبي في الجواب: كأنه، يعني الزمخشري، يريد تفسير المعنى، لا الإعراب. وقال السفاقسي: أما حذف الشرط وفعله: فقد تقدم. وقد يقال هنا: أنه ليس من هذا القبيل لتقدم الأمر المضمن معنى الشرط، وهو قوله: إضرب، وأما فساد المعنى والتركيب فممنوع وهو مثل قوله تعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} ، وقد قال ابن الضائع: وتقول: إن قام زيد فقد قام عمرو أمس، وهذا ليس بجواب في الحقيقة، إذ لا يتقدم المسبب على سببه وإنما الجواب محذوف، تقول: إن جنتنى فقد أعطيتك فهو مما استغنى فيه بالسبب عن مسببه، وهو كثير. قال السفاقسي: والتقدير في الإثنين على هذا النحو أي إن كذبوك فلا تأس؛ لأنه قد كذبت، أو فاصبر وإن ضربت بسيف أو لم يذكر، ونحوه، قد انفجرت، أو قدر واقعا لتحقيقه، قال: والحق أن فيه تكلفا وتعسفا،
ولكنه لا ينتهي إلى فساد المعنى والتركيب. وقال ابن هشام في المغني: بعد ذكره. إن هذا التقدير يقتضي تقدم الانفجار على الضرب؛ إلا أن قيل: المراد فقد حكمنا بترتيب الانفجار على ضربك.
قوله: (يريد ما رزقهم من المن والسلوى وماء العيون) إلى آخره. قال الشيخ سعد الدين: جعل الرزق بمعنى المرزوق ووصله إلى الطعام نظراً إلى كلوا أو إلى الماء نظراً إلى إشربوا، ولا قرينة على الأول، إلا أن يلاحظ ما سبق من قصد تظليل الغمام وإنزال المن والسلوى ولعدم التعرض لذلك في هذه القصة فسر بعضهم الرزق بالماء وجعله مما يؤكل بالنظر إلى ما ينبت منه ومشروبا بحسب نفسه، ولم يرتضه المصنف، أما أولاً، فلأنه لم يكن أكلهم في التيه من زروع ذلك الماء وثماره. وأما ثانيا: فلأنه جمع بين الحقيقة والمجاز، ولا يندفع بكون من للابتداء، دون البعضية لأن ابتداء الأكل ليس من الماء بل مما ينبت منه بل الجواب أن من لا تتعلق بالفعلين جميعا وإنما هي على الحذف، أي كلوا من رزق الله وأشربوا من رزق الله فلا جمع، انتهى، وقال أبو حيان: من رزق الله متعلق باشربوا، وهو من إعمال الثاني على طريقة اختيار أهل البصرة، إذ لو كان من إعمال الأول لأضمر في الثاني ما يحتاجه، فكان يكون كلوا واشربوا منه، من رزق الله، ولا يجوز حذف منه إلا في ضرورة، انتهي.
قوله: (وإنما قيده؛ لأنه وإن غلب في الفساد قد يكون منه ما ليس بفساد) إلى آخره. قال الطيبي: هذا الذي قال القاضي المقام ناب عنه؛ لأن الآية واردة في قوم مخصوصين. فالصواب: أن مفسدين حال مؤكدة، وهو الذي ذكره أبو البقاء، وقال الشيخ أكمل الدين: قيل:
جعل المفسدين حالاً مؤكدة فاسد، وذكر نحوه الشيخ سعد الدين.
قوله: أجموا بكسر الجيم، يقال: أجمت الطعام إذا كرهته من المداومة عليه.
قوله: (كانوا فلاحة) قال الطيبي: أي: أهل زراعات، فنزعوا إلى عكرهم أي: اشتاقوا إلى أصلهم، وقيل: العكر العادة والديدن.
قوله: (تفسير وبيان وقع موقع الحال)، عبارة أبي البقاء (من) في بقلها لبيان الجنس وموضعها نصب على الحال من الضمير المحذوف وتقديره: مما تنبته الأرض كائنا من بقلها.
قوله: (وقيل: بدل بإعادة الجار). قال أبو حيان: فمن، على هذا التقدير تبعيضية كهي في {مِمَّا تُنْبِتُ} ، ولا يمكن كونها حينئذ لبيان الجنس لأن اختلاف مدلود الحرفين يمنع البدل كاختلاف الحرفين قال: والمختار، كون (من) في الموضعين للتبعيض، وأن الثانية بدل من الأولى.
قوله: (يقال هبط الوادي) إلى آخره. في الحاشية المشار إليها: يشير به إلى أن هبط لا يختص بالنزول من المكان العالي، بل قد تستعمل في الخروج من أرض إلى أرض مساوية لها، وإلى أرض أعلى كما في هبط من الوادي، قوله:(وإنما صرفه لسكون وسطه) أي: كما صرف هند ودعد لمعادلة أحد السببين بخفة الاسم لسكون وسطه.