الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: (بارتسام أمره):
في الصحاح، رسمت له كذا فارتسمه أي امتثله.
قوله: (وكذلك: إشارة إلى مفهوم الآية المتقدمة، أي كما جعلناكم مهتدين) إلى آخره مشى عليه أبو حيان، فقال: الكاف للتشبيه، وذلك إشارة إلى جعلهم على هدى، المفهوم: من قوله: يهدي من يشاء وقال القرطبي: معنى التمثيل الذي تعطيه الكاف هو الصفة والحالة، لا التنظير والتشبيه، والمشار إليه ما يفهم من مضمون قوله: يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وهو الأمر العجيب الشأن، أي تعظيم المسلمين واختصاصهم بالهداية المأخوذ من قوله يهدي من يشاء، وتعظيم التوجه إلى الكعبة الماخوذ من قوله:{صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ، وقال الشيخ سعد الدين: الإشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده، لا إلى جعل أخر يقصد تشبيه هذا الجعل به، على ما يتوهم من أن المعنى مثل جعل الكعبة قبلة، جعلناكم أمة وسطا، وإذا تحققت فالكاف مقحم إقحاما كاللازم، لا يكادون يتركونه في لغة العرب وغيرهم، هكذا ينبغي أن يفهم هذا المقام.
قلت: صدق الشيخ سعد الدين وبر، وهذا المعنى الذي يجيء إليه مازال يختلج في ضميري في جميع الآيات التي وردت في القرآن بهذه الصفة، مثل:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا} ، {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ} ، {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ} ، {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} وكنت أرى
(جوازه فيما يتحمله) كثيرون من جعل الإشارة إلى شيء مفهوم مما سبق إلى أن ظفرت، بنقل عن ابن الأنباري فصرح بما نحوت إليه وقد سقته موضحا في سورة الأنعام من كتابي أسرار التنزيل وهذا الكلام من الشيخ سعد الدين مقوله.
قوله: (وسطا أي خياراً أو عدولا)، قال أبو حيان بعد حكاية القولين: الثاني ورد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتظاهرت به عبارات المفسرين فيجب المصير إليه في تفسير الوسط.
قلت: الأمر كما قال، فقد أخرج البخاري وأحمد، والترمذي والنسائي، والحاكم، وابن جرير وغيرهم، من حديث أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} قال: عدلاً، وأخرجه ابن جرير من حديث أبي هريرة مرفوعا، وأخرجه أيضا عن ابن عباس ومجاهد والربيع، وعبد الله بن كثير
وعطاء وقتادة، ثم قال ابن جرير، العدل هو معنى الخيار، لأن الخيار من