الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنتم تعتبرون بذلك.
قوله: (لما عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وعد الله موسى أن يعطيه التوراة) قلت: هذا الذي ذكره من عودهم إلى مصر تبعا لما في الكشاف لا يعرف ولم يرد في شيء من الأخبار أنهم عادوا إلى مصر بعد خروجهم منها، والقرآن ناطق بخلاف ذلك في عدة مواضع، وهو أنهم كانوا بالشام، كقوله تعالى:{وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا} فإنها مفسرة بالشام، ولم يأت موسى للميعاد إلا بطور سينا، وهو بالشيء لا بمصر، وقد صرح بما ذكرته الإماء أبو جعفر ابن جرير فقال: قد كتب الله لهم الأرض المقدسة بعد أن أخرجهم من مصر، فلما امتنعوا من قتال الجبارين حرمها عليهم وعاقبهم بالتيه إلى أن دخلها أولادهم مع يوشع، ولم يخبرنا أنه ردهم إلى مصر بعد إخراجهم منها: قال: فإن قيل، فإن الله تعالى قال:{فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} إلى قوله: {وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} قيل: إن الله أورثهم وملكهم إياها ولم يردهم إليها وجعل مساكنهم الشام. وقال الشيخ بهاء الدين ابن عقيل في تفسيره لم يصرح أحد من المفسرين والمؤرخين بأنهم دخلوا مصر/ بعد خروجهم منها.
قوله: (واعدنا)
، لأنه تعالى وعده الوحي ووعده موسى الجيء)، قال الشيخ سعد الدين: كثيرا ما يسلك صاحب الكشاف هذه الطريقة أعني جعل تعلق المفاعلة بالنسبة إلى كل من المشاركين شيئا آخر. وقال أبو
حيان: لا يجوز نصب أربعين على الظرف، لأنه ظرف معدود فيلزم وقوع العامل في كل فرد فرد من أجزائه والمواعدة لم تقع كذلك. وقال الطيبي: من فوائد صاحب التقريب في هذا المحل إشكال تقريره أن أربعين إما أن يكون منتصبا على الظرفية أو على المفعولية لظهور بعد غيرهما من المنصوبات أو امتناعه، والأول ممتنع لأن المواعدة لم تكن في أربعين، وكذلك الثاني، لأن المواعدة إنما تتعلق بالأحداث والمعاني، لانفس الحديث والأزمنة ولا جائز أن يقدر مضاف لأنه لو قدر إما أن يقدر المذكور إلى الوحي والمجيء، وهو ممتنع لأن تقدير مضافين إلى شيء واحد حذفا من اللفظ غير معهود في العربية أو أن يقدر أمر واحد منهما أو غيره والأول أيضا ممنوع لأن أحدهما غير مواعد من الظرفين بل كليهما. والثاني غير جائز لأن المنقول ذلك الأمر، على أن المواعدة تقتضي شيئين. وأجاب بأنا نختار الثالث ونقدر أمراً يتضمنهما لتصحيح المعنى واللفظ نحو الملاقات، فإنها تستقيم من الجانبين، واللقاء الموعود من الله لأجل الوحي ومن موسى لأجل المجيء لاستماعه، وغرض المفسرين من ذلك التقدير بيان المعنى، وأن الموعود من كل جانب ماذا؟ لا بيان الإعراب. وقال الشيخ سعد الدين: أربعين في موضع المفعول به باعتبار ما يتعلق بها من الأحوال والأفعال الصالحة لتعليق الوعد به ويكون من الظرفين وعد يتعلق به إلا أنه من الله تعالى الوحي وتنزيل التوراة ومن موسى المجيء والاستماع والقبول وكذلك الكلام في موضع تبين اختلاف الظرفين في باب المفاعلة.
وقوله: (ثم اتخذتم العجل إلها:) فيه أمران: الأول: أنهم جعلوا اتخذ مما أبدل فيه الهمزة كما قالوا في ااتمن: أتمن، وكان القياس إبدالها ياء فيقال: ايتخذ. قال أبو حيان: ومن فوائد الشيخ بهاء الدين ابن النحاس: إن اتخذ مما أبدلت فيه الواو تاء على اللغة الفصحى، لأن فيه
لغة أنه يقال: وخذ بالواو فجاء هذا على الأصل في البدل وإن كان مبنيا على اللغة القليلة وهذا أحسن، لأنهم نصبوا على أن أتمن لغة رديئة وكان رحمه الله يغرب بنقل هذه اللغة وخرجه الفارسي على أن التاء الأولى أصلية، لأن العرب، قالوا: تخذ بكسر الخاء بمعنى اتخذ، قال تعالى:{لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} الثاني قال أبو حيان: يحتمل اتخذ هنا أن
تكون متعدية لواحد، أي صنعتم عجلا، وعلى هذا التقدير يكون ثم جملة محذوفة يدل عليها المعنى، وتقديرها: وعبدتموه إلها، وأن تكون متعدية إلى اثنين، فيكون المفعول الثاني محذوفا لدلالة المعنى عليه، والتقدير: ثم اتخذتم العجل إلها.
قال: والأول أرجح، إذ لو تعدى في هذه القصة إلى اثنين لصرح بالثاني، ولو في موضع واحد في نظائره، قال: ويترجح القول الثاني لاستلزام القول الأول حذف جملة، ولا يلزم في الثاني إلا حذف المفعول، وحذف المفرد أسهل. انتهى، والمصنف مشي على الثاني. قوله تعالى {مِنْ بَعْدِهِ}: أي مضيه. قال الشيخ سعد الدين: أن الضمير لموسى والمضاف محذوف، وقال أبو حيان: من تفيد ابتداء الغاية في البعدية التي تلي المواعدة إذ الظاهر عود الضمير على موسى ولا يتصور البعدية في الذات فلا بد من حذف، وأقرب ما يحذف مصدر يدل عليه لفظ واعدنا، أي من بعد مواعدة فلابد من ارتكاب المجاز في أحد الحرفين إلا إن قدر محذوف غير المواعدة، وهو أن يكون التقدير: من بعد ذهابه إلى الطور، فيزول التعارض إذ المهلة تكون بين المواعدة والاتخاذ ويبين المهلة قصة الأعراف إذ بين المواعدة والاتخاذ هناك جمل
كثيرة، وابتداء الغاية يكون عقب الذهاب إلى الطور فلم تتوارد المهلة والابتداء على شيء واحد فزال التعارض.
وقوله: (والعفو محو الجريمة من عفا إذا درس)، ذكر غيره أن العفو بمعنى الترك وبمعنى الدروس، وبمعنى السهولة، وإن العفو عن الذنب يصح رجوعه إلي كل منها، فعلى الأول هو ترك ما يستحق الذنب من العقوبة، وهو ما ذكره الليث وعلى الثاني، وهو محو الذنب، وهو ما ذكره ابن الأنباري وعلى الثالث: هو الإعراض عن المؤاخذة كما يعرض عما يسهل على النفس بذله.
قوله: (أي لكي تشكروا عفوه)، إصلاح لما في الكشاف، إذ قال: إرادة أن تشكروا، قال المحسوف: هذا بناء على مذهبه، والذي ألجأه إلى ذلك أن لعل تكون بمعنى الطمع والاشفاق، وكلاهما مستحيل في حق الله، فأوله بالإرادة بناء على مذهبه أن مراد الله تعالى قد يتخلف عن إرادته، وعندنا لا يصح ذلك لأن إرادته تستلزم الوقوع، ولو أراد الله أن يشكروا لشكروا كلهم، ولم يقع ذلك، فيحمل على {وَإِنْ تَشْكُرُوا} أخرج ابن أبي حاتم عن السدي: عن أبي مالك، قال: لعلكم في القرآن بمعنى كي، غير أية في الشعراء {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} ،