الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَعَمْ قَالَ: أُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: لَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ]
الْحَدِيثُ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ. وَكَذَلِكَ رَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَكْلَ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ مِنْ جُمْلَةِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مِمَّنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو طَلْحَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَأَبُو أُمَامَةَ وَجَمَاهِيرُ مِنْ التَّابِعِينَ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ.
وَذَهَبَ إلَى انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ، وَاخْتَارَهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ، وَحُكِيَ عَنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا، وَحُكِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَنَسَبَهُ فِي الْبَحْرِ إلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَإِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حُكِيَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنْ صَحَّ الْحَدِيثُ فِي لُحُومِ الْإِبِلِ قُلْت بِهِ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَدْ صَحَّ فِيهِ حَدِيثَانِ: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ. قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ. احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالنَّقْضِ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِعَدَمِهِ بِمَا عِنْدَ الْأَرْبَعَةِ وَابْنِ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّهُ كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَدَمَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَلَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ مُطْلَقًا كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ وَهُوَ الْحَقُّ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ فَيَجْعَلُ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ نَاسِخًا لِأَحَادِيثِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ لَمْ تَشْمَلْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا بِالتَّنْصِيصِ وَلَا بِالظُّهُورِ بَلْ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ:(قَالَ لَهُ الرَّجُلُ أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ؟ قَالَ: نَعَمْ) وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: (تَوَضَّئُوا مِنْهَا) وَفِي حَدِيثِ ذِي الْغُرَّةِ الْآتِي: (أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا قَالَ: نَعَمْ) فَلَا يَصْلُحُ تَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم لِلْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ نَاسِخًا لَهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ الْخَاصَّ بِنَا وَلَا يَنْسَخُهُ بَلْ يَكُونُ فِعْلُهُ لِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ خَاصًّا بِالْأُمَّةِ دَلِيلَ الِاخْتِصَاصِ بِهِ. وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُدَوَّنَةٌ فِي الْأُصُولِ مَشْهُورَةٌ وَقَلَّ مَنْ يَتَنَبَّهُ لَهَا مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي مَوَاطِنِ التَّرْجِيحِ، وَاعْتِبَارُهَا أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْمَضَايِقِ، وَقَدْ اسْتَرَحْنَا بِمُلَاحَظَتِهَا عَنْ التَّعَبِ فِي جُمَلٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي عَدَّهَا النَّاسُ مِنْ الْمُعْضِلَاتِ وَسَيَمُرُّ بِك فِي هَذَا الشَّرْحِ مِنْ مَوَاطِنَ اعْتِبَارِهَا مَا تَنْتَفِعُ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ أَسْلَفْنَا التَّنْبِيهَ عَلَى ذَلِكَ.
فَإِنْ قُلْت: هَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُوقِعُك فِي الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ
257 -
(وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مُبَارَكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو
ــ
[نيل الأوطار]
مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ خَاصٌّ بِالْأُمَّةِ، كَمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ:«تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ» وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ وَأَبِي طَلْحَةَ وَأُمِّ حَبِيبَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَغَيْرِهِمْ فَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ لِلْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ نَاسِخًا لِلْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ وَلَا مُعَارِضًا لِمِثْلِ مَا ذَكَرْت فِي لُحُومِ الْإِبِلِ. قُلْت: إنْ لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم إلَّا مُجَرَّدُ الْفِعْلِ بَعْدَ الْأَمْرِ لَنَا بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فَالْحَقُّ عَدَمُ النَّسْخِ وَتَحَتَّمَ الْوُضُوءُ عَلَيْنَا مِنْهُ وَاخْتِصَاصُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَأَيُّ ضَيْرٍ فِي التَّمَذْهُبِ بِهَذَا الْمَذْهَبِ، وَقَدْ قَالَ بِهِ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو طَلْحَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى وَعَائِشَةُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو غُرَّةَ الْهُذَلِيُّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو مِجْلَزٍ لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ وَأَبُو قِلَابَةَ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ. صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ. وَقَدْ نَسَبَهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ إلَى أَكْثَرِ هَؤُلَاءِ وَزَادَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَأَبَا مِجْلَزٍ. وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْحَازِمِيُّ: وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْمَنْسُوخَ هُوَ تَرْكُ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَالنَّاسِخُ الْأَمْرُ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ قَالَ: وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ وَذَكَرَ لَهُمْ مُتَمَسَّكًا.
وَيُؤَيِّدُ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ أَنَّ حَدِيثَ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِنْهُ لَهُ عِلَّتَانِ ذَكَرَهُمَا الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: (مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءَ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ حَتَّى قُبِضَ) وَإِنْ قَالَ الْجُوزَجَانِيُّ: إنَّهُ بَاطِلٌ فَهُوَ مُتَأَيَّدٌ بِمَا كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ دَيْدَنًا لَهُ وَهَجِيرًا وَإِنْ خَالَفَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ إذَا تَقَرَّرَ لَك هَذَا. فَاعْلَمْ أَنَّ الْوُضُوءَ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ، وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ ثَابِتَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا، وَلَا مُتَمَسَّكَ لِمَنْ قَالَ: إنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ.
وَأَمَّا لُحُومُ الْغَنَمِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ مُخَصِّصَةٌ لَهُ مِنْ عُمُومِ مَا مَسَّتْ النَّارُ، فَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ الْآتِي:(لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا) وَفِي حَدِيثِ ذِي الْغُرَّةِ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا - يَعْنِي الْغَنَمَ - قَالَ: لَا وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ (إنْ شِئْت تَوَضَّأْ وَإِنْ شِئْت فَلَا تَتَوَضَّأْ) وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا فِي بَابِ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ.
257 -
(وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَسُئِلَ عَنْ لُحُومِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: لَا تَوَضَّئُوا مِنْهَا، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مُبَارَكِ الْإِبِلِ، فَقَالَ: لَا تُصَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا مِنْ الشَّيَاطِينِ، وَسُئِلَ عَنْ الصَّلَاةِ فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، فَقَالَ: صَلُّوا فِيهَا فَإِنَّهَا بَرَكَةٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو
دَاوُد) .
258 -
(وَعَنْ ذِي الْغُرَّةِ قَالَ: «عَرَضَ أَعْرَابِيٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكُنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ أَفَنُصَلِّي فِيهَا؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَفَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: لَا» ، رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ) .
بَابُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ هَلْ أَحْدَثَ
259 -
(عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ: «شُكِيَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا»
ــ
[نيل الأوطار]
دَاوُد) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَالَ فِي صَحِيحِهِ: لَمْ أَرَ خِلَافًا بَيْنَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صَحِيحٌ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لِعَدَالَةِ نَاقِلِيهِ.
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى هَلْ هُوَ عَنْ الْبَرَاءِ أَوْ عَنْ ذِي الْغُرَّةِ أَوْ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ؟ وَصُحِّحَ أَنَّهُ عَنْ الْبَرَاءِ. وَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ قِيلَ: إنَّ ذَا الْغُرَّةِ لَقَبُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَأَنَّ اسْمَهُ يَعِيشُ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ وَعَدَمُ وُجُوبِهِ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا. وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الصَّلَاةِ فِي مَبَارِكِ الْإِبِلِ، وَالْإِذْنِ بِهَا فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الْمَوَاضِعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالْمَأْذُونِ فِيهَا لِلصَّلَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
258 -
(وَعَنْ ذِي الْغُرَّةِ قَالَ: «عَرَضَ أَعْرَابِيٌّ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُدْرِكُنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ فِي أَعْطَانِ الْإِبِلِ أَفَنُصَلِّي فِيهَا؟ فَقَالَ: لَا، قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ أَفَنُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِهَا؟ قَالَ: لَا» ، رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ) .
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ قَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: وَرِجَالُ أَحْمَدَ مُوَثَّقُونَ، وَقَدْ عَرَفْت مَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَقَدْ صَرَّحَ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الَّذِي صَحَّ فِي الْبَابِ حَدِيثَانِ: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ، وَهَكَذَا قَالَ إِسْحَاقُ، ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ.
وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ: قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ: صَحَّ فِي الْبَابِ حَدِيثَانِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَدِيثُ الْبَرَاءِ اهـ. وَقَدْ عَرَفْت الْكَلَامَ عَلَى فِقْهِ الْحَدِيثِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَذُو الْغُرَّةِ قَدْ عَرَفْت أَنَّهُ غَيْرُ الْبَرَاءِ وَأَنَّ اسْمَهُ يَعِيشُ.