الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَيْضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ قَالَ: خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا، فَاجْتَذَبْتُهَا إلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَأَبَا دَاوُد قَالَا:" فِرْصَةً مُمَسَّكَةً ") .
بَابُ مَا جَاءَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ
339 -
(عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَطَهَّرُ بِالْمُدِّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْحَيْضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ ثُمَّ قَالَ: خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ تَطَهَّرِي بِهَا، فَاجْتَذَبْتُهَا إلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَأَبَا دَاوُد قَالَا:" فِرْصَةً مُمَسَّكَةً ") . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ، وَسَمَّاهَا مُسْلِمٌ أَسْمَاءَ بِنْتَ شَكَلٍ. وَقِيلَ: إنَّهُ تَصْحِيفٌ وَالصَّوَابُ أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ، ذَكَرَهُ الْخَطِيبُ فِي الْمُبْهَمَاتِ. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ تَعَدَّدَتْ وَرُوِيَ (فِرْصَةً مُمَسَّكَةً) فِي الصَّحِيحَيْنِ
أَيْضًا قَوْلُهُ: (فِرْصَةً) هِيَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ: الْقِطْعَةُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَكَاهُ ثَعْلَبُ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْفِرْصَةُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الصُّوفِ مُثَلَّثَةُ الْفَاءِ. وَالْمِسْكُ: هُوَ الطِّيبُ الْمَعْرُوفُ. وَقَالَ عِيَاضٌ: رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهُوَ الْجِلْدُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ (فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِيبًا غَيْرَهُ) كَذَا أَجَابَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مُتَعَقِّبٌ فَإِنَّ هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ، نَعَمْ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: يَعْنِي بِالْفِرْصَةِ الْمِسْكَ أَوْ الزَّرِيرَةَ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ نَقْضِ الشَّعْرِ، وَغَايَةُ مَا فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى التَّنْظِيفِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي إذْهَابِ أَثَرِ الدَّمِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ الْمُخْتَارِ الَّذِي قَالَهُ الْجَمَاهِيرُ: إنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمِسْكِ تَطْيِيبُ الْمَحَلِّ وَدَفْعُ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ. .
[بَابُ مَا جَاءَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ]
قَوْلُهُ: (بِالصَّاعِ) الصَّاعُ: أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُدُّ: رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ، فَيَكُونُ الصَّاعُ خَمْسَةَ أَرْطَالٍ وَثُلُثًا بِرِطْلِ الْبَغْدَادِيِّ قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهًا لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الصَّاعَ هُنَا ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ، الْمُدُّ رَطْلَانِ انْتَهَى. وَالرَّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَالْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ وَاسْتِحْبَابِ الِاقْتِصَادِ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ الْإِسْرَافِ فِي الْمَاءِ وَلَوْ كَانَ عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُ حَرَامٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
340 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
341 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَكُونُ رَطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
342 -
(وَعَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: «أُتِيَ مُجَاهِدٌ بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
340 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
341 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِإِنَاءٍ يَكُونُ رَطْلَيْنِ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . الْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِنَحْوِهِ وَقَالَ غَرِيبٌ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَبْرٍ عَنْ أَنَسٍ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ.، وَقَدْ ثَبَتَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي:«كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ يُقَال لَهُ: الْفَرَقُ» ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ «ثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ» .
وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يُقَالُ لَهُ الْفَرَقُ» وَفِي أُخْرَى " فَدَعَتْ بِإِنَاءِ قَدْر الصَّاع فَاغْتَسَلَتْ فِيهِ " وَفِي أُخْرَى «كَانَ يَغْتَسِلُ بِخَمْسِ مَكَاكِيكَ وَيَتَوَضَّأُ بِمَكُّوكٍ» وَفِي أُخْرَى «يَغْسِلُهُ الصَّاعُ وَيُوَضِّئُهُ الْمُدُّ» وَفِي أُخْرَى «يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا كَانَتْ اغْتِسَالَاتٌ فِي أَحْوَالٍ، وَالْفَرَقُ سَيَأْتِي تَقْدِيرُهُ وَأَمَّا الْمَكُّوكُ فَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم وَضَمَّ الْكَافِ الْأُولَى وَتَشْدِيدُهَا وَجَمَعَهُ مَكَاكِيكُ وَمَكَاكِيُّ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَكُّوكِ هُنَا: الْمُدُّ.
342 -
(وَعَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: «أُتِيَ مُجَاهِدٌ بِقَدَحٍ حَزَرْتُهُ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِمِثْلِ هَذَا» رَوَاهُ النَّسَائِيّ) . الْحَدِيثُ إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ هَكَذَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ فَذَكَرَهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ هُوَ ابْنُ حَسَّانَ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهُوَ حُجَّةٌ. وَيَحْيَى بْن زَكَرِيَّا هُوَ الْإِمَامُ الْكَبِيرُ وَحَدِيثُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَمُوسَى الْجُهَنِيِّ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ،
وَقَدْ عَرَفْتَ كَيْفِيَّةَ الْجَمْعِ بَيْن الرِّوَايَاتِ. قَوْلُهُ: (حَزَرْتُهُ) أَيْ قَدَّرْتُهُ. قَالَ الْحَافِظُ: تَمَسَّكَ بِهَذَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَجَعَلَ الْفَرَقَ ثَمَانِيَةَ أَرْطَالٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرَقَ مِقْدَارُهُ مَا سَيَأْتِي، وَالْحَزْرُ لَا يُعَارِضُ بِهِ التَّحْدِيدَ، وَأَيْضًا لَمْ يُصَرِّح مُجَاهِدٌ بِأَنَّ الْإِنَاءَ الْمَذْكُورَ صَاعٌ فَحُمِلَ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَوَانِي مَعَ تَقَارُبِهَا
343 -
(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَجْزِي مِنْ الْغُسْلِ الصَّاعُ، وَمِنْ الْوُضُوءِ الْمُدُّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَثْرَمُ) .
344 -
(وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَال لَهُ الْفَرَقُ» مُتَّفَق عَلَيْهِ. وَالْفَرَقُ: سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ) .
345 -
(عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ)
ــ
[نيل الأوطار]
343 -
(وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَجْزِي مِنْ الْغُسْلِ الصَّاعُ، وَمِنْ الْوُضُوءِ الْمُدُّ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَثْرَمُ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ مَاجَهْ بِنَحْوِهِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. قَوْلُهُ:(يَجْزِي. . . إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجْزِي دُونَ الصَّاعِ وَالْمُدِّ يُعَارِضُهُ مَا سَيَأْتِي.
344 -
(وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ قَدَحٍ يُقَال لَهُ الْفَرَقُ» مُتَّفَق عَلَيْهِ. وَالْفَرَقُ: سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ) . قَوْلُهُ: (الْفَرَقُ) قَالَ ابْنُ التِّينِ: بِتَسْكِينِ الرَّاءِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَرَوَيْنَاهُ بِفَتْحِهَا، وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ الْأَمْرَيْنِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَأَشْهُر. وَزَعَمَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا قَالَ: بَلْ هُمَا لُغَتَانِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَعَلَّ مُسْتَنَدُ الْبَاجِيَّ مَا حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ عَنْ ثَعْلَبَ وَغَيْرَهُ الْفَرَق بِالْفَتْحِ وَالْمُحَدِّثُونَ يُسَكِّنُونَهُ وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِالْفَتْحِ انْتَهَى. وَقَدْ حَكَى الْإِسْكَانَ أَبُو زَيْدٍ وَابْنُ دُرَيْدٍ وَغَيْرُهُمَا، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ الْفَرَق بِالْفَتْحِ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا وَبِالْإِسْكَانِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَطْلًا. قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ غَرِيبٌ، وَقَدْ ثَبَتَ تَقْدِيرُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ هُوَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَكَذَا قَالَ الْجَمَاهِيرُ. وَقِيلَ: الْفَرَقُ صَاعَانِ.
قَالَ الْحَافِظُ: لَكِنْ نَقَلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْفَرَق ثَلَاثَةُ آصُعٍ وَعَلَى أَنَّ الْفَرَق سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا، وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ اتِّفَاقَ أَهْلِ اللُّغَةِ.
بَابُ مَنْ رَأَى التَّقْدِيرَ بِذَلِكَ اسْتِحْبَابًا وَأَنَّ مَا دُونَهُ يُجْزِي إذَا أُسْبِغَ
345 -
(عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَغْتَسِلُ هِيَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي إنَاءٍ وَاحِدٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ) . الْقَدْرُ الْمُجْزِئ مِنْ الْغُسْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ، سَوَاءٌ كَانَ صَاعًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَبْلُغْ فِي النُّقْصَانِ إلَى مِقْدَارٍ لَا يُسَمَّى مُسْتَعْمِلُهُ مُغْتَسِلًا، أَوْ إلَى مِقْدَارٍ فِي الزِّيَادَةِ يَدْخُلُ فَاعِلُهُ فِي حَدّ الْإِسْرَاف. وَهَكَذَا الْوُضُوء الْقَدْر الْمُجْزِي مِنْهُ مَا يَحْصُل بِهِ غَسْل أَعْضَاء الْوُضُوء سَوَاء كَانَ مُدَّا أَوْ أَقَلّ أَوْ أَكْثَر مَا لَمْ يَبْلُغ فِي الزِّيَادَة إلَى حَدّ السَّرَف أَوْ النُّقْصَان إلَى حَدّ لَا يَحْصُل بِهِ الْوَاجِب.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِسَعْدٍ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ فَقَالَ: مَا هَذَا السَّرَفُ، فَقَالَ: أَفِي الْوُضُوءِ