الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غُضُونِ الْوَجْهِ
بِزِيَادَةٍ مَا
180 -
(عَنْ أَبِي أُمَامَةَ «أَنَّهُ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ثَلَاثًا، ثَلَاثًا، قَالَ: وَكَانَ يَتَعَاهَدُ الْمَاقَيْنِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ)
181 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنهما قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْت: بَلَى فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ: فَوَضَعَ إنَاءً فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ فَصَكَّ بِهِمَا وَجْهَهُ وَأَلْقَمَ إبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ قَالَ: ثُمَّ عَادَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غُضُونِ الْوَجْهِ]
الْحَدِيثُ أَخَرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا بِلَفْظِ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ وَكَانَ يَمْسَحُ الْمَاقَيْنِ» ، وَذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ عِلَّةً وَلَا ضَعْفًا وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ مِنْ طَرِيقِ سُمَيْعٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَسُمَيْعٌ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: لَا أَدْرِي مَنْ هُوَ وَلَا ابْنُ مَنْ هُوَ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي تَوْثِيقِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (الْمَاقَيْنِ) مَوْقُ الْعَيْنِ مَجْرَى الدَّمْعِ مِنْهَا أَوْ مُقَدَّمُهَا أَوْ مُؤَخِّرُهَا كَذَا فِي الْقَامُوسِ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: أَجْمَعَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَوْقَ وَالْمَاقُ مُؤَخِّرُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الْأَنْفَ انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِهِمَا فِي الْحَدِيثِ مَخْصِرُ الْعَيْنَيْنِ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّبْوِيبِ غُضُونُ الْوَجْهِ وَهِيَ مَا تُعْطَفُ مِنْ الْوَجْهِ إمَّا قِيَاسًا عَلَى الْمَاقَيْنِ وَإِمَّا اسْتِدْلَالًا بِمَا فِي الْحَدِيثِ الْآتِي مِنْ قَوْلِهِ:«ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ فَصَكَّ بِهِمَا وَجْهَهُ» وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثٍ أَخَرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ:«إذَا تَوَضَّأْتُمْ فَأَشْرِبُوا أَعْيُنَكُمْ مِنْ الْمَاءِ» وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ الْبَخْتَرِيِّ بْنِ عُبَيْدَةَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُعْجَمَةِ وَقَدْ ضَعَّفُوهُ كُلَّهُمْ فَلَا يَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ كَذَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَفِيهِ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْمِيزَانِ أَنَّهُ وَثَّقَهُ وَكِيعٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا أَعْلَمُ لَهُ حَدِيثًا مُنْكَرًا انْتَهَى، لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مَا تَفَرَّدَ بِهِ حُجَّةً لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقِيلَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُخَالِفُ فِي حَدِيثِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ الْبَخْتَرِيُّ، فَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي صَفْوَةِ التَّصَوُّفِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي السِّرِّيِّ لَكِنَّهُ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَمْ أَجِدْ لَهُ أَنَا فِي جَمَاعَةٍ اعْتَنَوْا بِالْبَحْثِ عَنْ حَالِهِ أَصْلًا وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ.
181 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنهما قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلَا أَتَوَضَّأُ لَكَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْت: بَلَى فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي قَالَ: فَوَضَعَ إنَاءً فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدَيْهِ فَصَكَّ بِهِمَا وَجْهَهُ وَأَلْقَمَ إبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ قَالَ: ثُمَّ عَادَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ثَلَاثًا ثُمَّ أَخَذَ كَفًّا بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ
ثُمَّ أَرْسَلَهَا تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَدَهُ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْوُضُوءِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَإِطَالَةِ الْغُرَّةِ
182 -
( «عَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: هَلُمَّ أَتَوَضَّأُ لَكُمْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ
ــ
[نيل الأوطار]
ثُمَّ أَرْسَلَهَا تَسِيلُ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا ثُمَّ يَدَهُ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْوُضُوءِ.» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) . لَعَلَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ رحمه الله لَفْظُ أَحْمَدُ وَسَاقَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ بِمَعْنَاهُ.
وَتَمَامُ الْحَدِيثِ «ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ وَفِيهَا النَّعْلُ فَفَتَلَهَا بِهَا، ثُمَّ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، قَالَ: قُلْت: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قَالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ: قُلْت: وَفِي النَّعْلَيْنِ. قَالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ: قُلْت: وَفِي النَّعْلَيْنِ قَالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَقَالٌ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ عَنْهُ فَضَعَّفَهُ، وَقَالَ: مَا أَدْرِي مَا هَذَا، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَغْسِلُ مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الْوَجْهِ وَيَمْسَحُ مَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا مَعَ الرَّأْسِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّعْبِيُّ، وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَدَاوُد إلَى أَنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ فَيُغْسَلَانِ مَعَهُ، وَذَهَبَ مَنْ عَدَاهُمْ إلَى أَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ فَيُمْسَحَانِ مَعَهُ، وَفِيهِ أَيْضًا اسْتِحْبَابُ إرْسَالِ غَرْفَةٍ مِنْ الْمَاءِ عَلَى النَّاصِيَةِ لَكِنْ بَعْدَ غَسْلِ الْوَجْهِ لَا كَمَا يَفْعَلُهُ الْعَامَّةُ عَقِيبَ الْفَرَاغِ مِنْ الْوُضُوءِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي غَسْلِ الرِّجْلِ نَزْعُ النَّعْلِ وَأَنَّ الْفَتْلَ كَافٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ الْحَافِظِ فِي بَابِ إيصَالِ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ أَنَّ رِوَايَةَ الْمَسْحِ عَلَى النَّعْلِ شَاذَّةٌ لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، وَلَا يُحْتَجُّ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ، وَأَبُو دَاوُد لَمْ يَرْوِهَا مِنْ طَرِيقِهِ وَلَا ذَكَرَ الْمَسْحَ، وَلَكِنَّهُ رَوَاهَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْعَنَةً وَفِيهِ مَقَالٌ مَشْهُورٌ إذَا عَنْعَنَ.
وَقَدْ احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِتَثْلِيثِ مَسْحِ الرَّأْسِ بِرِوَايَةِ أَبِي دَاوُد الَّتِي ذَكَرْنَاهَا، وَاحْتَجَّ الْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَمْسَحُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِإِطْلَاقِ الْمَسْحِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَتَقْيِيدِهِ بِالْمَرَّةِ فِي رِوَايَةٍ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ الْمَسْحِ. قَوْلُهُ:(وَأَلْقَمَ إبْهَامَيْهِ) جَعَلَ إبْهَامَيْهِ لِلْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْأُذُنِ وَالْعِذَارِ مِنْ الْوَجْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَا بَيْنَ الْأُذُنِ وَاللِّحْيَةِ لَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَى الْأَمْرَدِ غَسْلُهُ دُونَ الْمُلْتَحِي.
قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ رَأَى مَا أَقْبَلَ مِنْ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الْوَجْهِ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ.