الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّضْبِيبِ بِهِمَا إلَّا بِيَسِيرِ الْفِضَّةِ
67 -
(عَنْ ابْن عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءٍ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ)
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَزَادَ (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) وَقَدْ تَفَرَّدَ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ بِزِيَادَةِ إنَاءِ الذَّهَبِ الثَّابِتَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَالثَّوْرِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ امْرَأَةِ ابْنِ عُمَرَ سَمَّاهَا الثَّوْرِيُّ: صَفِيَّةَ.
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحه بِلَفْظِ «الَّذِي يَشْرَبُ فِي الْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارًا» وَفِيهِ اخْتِلَافٌ عَلَى نَافِعٍ فَقِيلَ عَنْهُ: عَنْ ابْنِ عُمَرَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الصَّغِيرِ، وَأَعَلَّهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ. وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَلِ أَيْضًا وَخَطَّأَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُد قَالَ: وَالصَّحِيحُ فِيهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ يَعْنِي عَنْ زَيْدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: فَرَجَعَ الْحَدِيثُ إلَى حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ.
قَوْلُهُ: (يُجَرْجِرُ) الْجَرْجَرَةُ: صَبُّ الْمَاءِ فِي الْحَلْقِ كَالتَّجَرْجُرِ، وَالتَّجَرْجُرُ: أَنْ تَجَرَّعَهُ جَرْعًا مُتَدَارَكَا جَرْجَرَ الشَّرَابُ: صَوْتٌ وَجَرْجَرَهُ: سَقَاهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ. وَقَوْلُهُ: نَارَ جَهَنَّمَ يُرْوَى بِالرَّفْعِ وَهُوَ مَجَاز لِأَنَّ النَّارَ لَا تُجَرْجَرُ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّهُ جَعَلَ صَوْتَ جَرْعِ الْإِنْسَانِ لِلْمَاءِ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي الْمَخْصُوصَةِ لِوُقُوعِ النَّهْيِ عَنْهَا وَاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ عَلَيْهَا كَجَرْجَرَةِ نَارِ جَهَنَّمَ فِي بَطْنِهِ عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ.
وَالْأَكْثَرُ الَّذِي عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَدِيثِ وَأَهْلُ الْغَرِيبِ وَاللُّغَةِ النَّصْبُ. وَالْمَعْنَى كَأَنَّمَا تَجَرَّعَ نَارَ جَهَنَّمِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَوْلُهُ يُجَرْجِرُ بِضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَجِيمٌ مَكْسُورَةٌ وَهُوَ صَوْتٌ يُرَدِّدُهُ الْبَعِيرُ فِي حَنْجَرَتِهِ إذَا هَاجَ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ فِي ضَبْطِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ، وَالْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
66 -
(وَعَنْ الْبَرَاءِ بْن عَازِبٍ قَالَ: «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الشَّرَابِ فِي الْفِضَّةِ فَإِنَّهُ مَنْ شَرِبَ فِيهَا فِي الدُّنْيَا لَمْ يَشْرَبْ فِيهَا فِي الْآخِرَةِ» . مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ. الْحَدِيثُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ) .
[بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّضْبِيبِ بِهِمَا إلَّا بِيَسِيرِ الْفِضَّةِ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْجَارِي عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ عَنْ
68 -
(وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ: قَالَ: «رَأَيْتُ عِنْدَ أَنَسٍ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ ضَبَّةُ فِضَّةٍ»
ــ
[نيل الأوطار]
جَدِّهِ وَقَالَ: إنَّهَا وَهْمٌ، وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ: لَمْ نَكْتُبْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ (أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ) إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمَشْهُورُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمُضَبَّبِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ بِسَنَدٍ لَهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ لَا يَشْرَبُ فِي قَدَحٍ فِيهِ حَلْقَةُ فِضَّةٍ وَلَا ضَبَّةُ فِضَّةٍ، ثُمَّ رَوَى النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَنَسٍ.
وَفِي حَرْفِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ «نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ لُبْسِ الذَّهَبِ وَتَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ» قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عُمَرُ بْنُ يَحْيَى بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ الْجَارِي رَأَى تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: يَتَكَلَّمُونَ فِيهِ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ كَذَا فِي الْمِيزَانِ وَفِي الْكَاشِفِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَفِي الْمِيزَانِ أَيْضًا رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ إبْرَاهِيمَ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ.
الْحَدِيثُ اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي الْآنِيَةِ الْمُذَهَّبَةِ وَالْمُفَضَّضَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ إذَا وَضَعَ الشَّارِبُ فَمَهُ عَلَى غَيْرِ مَحَلِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا سَيَأْتِي.
وَأُجِيبَ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِمَا سَلَفَ مِنْ الْمَقَالِ فِيهِ.
68 -
(وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ فَاِتَّخَذَ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّةٍ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَحْمَدَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ: قَالَ: «رَأَيْتُ عِنْدَ أَنَسٍ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ ضَبَّةُ فِضَّةٍ» .) وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ «رَأَيْتُ قَدَحَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ انْصَدَعَ فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّةٍ» .
وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ الَّذِي جَعَلَ السِّلْسِلَةَ هُوَ أَنَسُ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ " فَجَعَلْتُ مَكَانَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً " وَجَزَمَ بِذَلِكَ ابْنُ الصَّلَاحِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي الْخَبَرِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إنَّهُ كَانَ فِيهِ حَلْقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَرَادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكَانَهَا حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَقَالَ لَهُ أَبُو طَلْحَةَ: لَا تُغَيِّرْ شَيْئًا صَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا.
الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ سِلْسِلَةٍ أَوْ ضَبَّةٍ مِنْ فِضَّةٍ فِي إنَاءِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَهُوَ حُجَّةٌ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَدِيثُ السَّابِقُ الَّذِي فِيهِ " أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ " عَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ لَا يُعَارِضُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ عَامٌّ وَهَذَا مُخَصَّصٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ تَفْضِيضِ الْأَقْدَاحِ السَّابِقِ مُخَصَّصٌ بِهَذَا فَلَا يُعَارِضُ.
قَوْلُهُ: (الشَّعْبُ) هُوَ الصَّدْعُ وَالشَّقُّ. وَقَوْلُهُ: (سَلْسَلَة)، السَّلْسَلَةُ: بِفَتْحِ السِّينِ الْمُرَادُ بِهَا إيصَالُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ.