الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ
114 -
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فَأَحْمِلُ أَنَا وَغُلَامٌ نَحْوِي إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ وَعَنَزَةً فَيَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
[نيل الأوطار]
فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِنَّهَا عِنْدَهُمَا بِالْجِيمِ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ لَمْ أَرَ هَذَا الْحَرْفَ فِي اللُّغَةِ يَعْنِي رِكْسًا، وَتَعَقَّبَهُ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ الرَّدُّ مِنْ حَالَةِ الطَّهَارَةِ إلَى حَالَةِ النَّجَاسَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{أُرْكِسُوا فِيهَا} [النساء: 91] أَيْ رُدُّوا. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَوْ ثَبَتَ مَا قَالَ لَكَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ يُقَالُ: رَكَسَهُ رَكْسًا إذَا رَدَّهُ.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيُّ: " هَذَا رِكْسٌ " يَعْنِي نَجِسًا. وَأَغْرَبَ النَّسَائِيّ فَقَالَ: الرِّكْسُ: طَعَامُ الْجِنِّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذَا إنْ ثَبَتَ فِي اللُّغَةِ فَهُوَ مُزِيحٌ لِلْإِشْكَالِ.
وَفِي الْقَامُوسِ: الرِّكْسُ: رَدُّ الشَّيْءِ مَقْلُوبًا وَقَلْبُ أَوَّلِهِ عَلَى آخِرِهِ وَشَدَّ الرِّكَاسَ وَهُوَ حَبْلٌ يُشَدُّ فِي خَطْمِ الْجَمَلِ إلَى رُسْغِ يَدَيْهِ فَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ فَيُبْقِي رَأْسَهُ مُعَلَّقًا، وَبِالْكَسْرِ: النَّجِسُ انْتَهَى، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّاذَكُونِيُّ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ تَدْلِيسًا وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي التَّدْلِيسِ بِأَخْفَى مِنْهُ، وَقَدْ رَدَّهُ فِي الْفَتْحِ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
[بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ]
قَوْلُهُ: (إدَاوَةً) هِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: إنَاءٌ صَغِيرٌ مِنْ جِلْدٍ. قَوْلُهُ: (وَعَنَزَةً) هِيَ بِفَتْحِ النُّونِ عَصَا أَقْصَرُ مِنْ الرُّمْحِ لَهَا سِنَّانٌ، وَقِيلَ: هِيَ الْحَرْبَةُ الْقَصِيرَةُ. قَوْلُهُ: (فَيَسْتَنْجِي) قَالَ الْأَصِيلِيُّ مُتَعَقِّبًا عَلَى الْبُخَارِيِّ اسْتِدْلَالَهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّهَا مِنْ قَوْلِ أَبِي الْوَلِيدِ أَحَدِ الرُّوَاةِ عَنْ شُعْبَةَ لَا مِنْ قَوْلِ أَنَسٍ، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ فَلَمْ يَذْكُرْهَا، وَقَدْ رَدَّهُ الْحَافِظُ بِأَنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ:«فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَغُلَامٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مَعَنَا إدَاوَةٌ فِيهَا مَاءٌ يَسْتَنْجِي مِنْهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» ، وَلِلْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَطَاءَ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ بِلَفْظِ:«إذَا تَبَرَّزَ أَتَيْتُهُ بِمَاءٍ فَتَغَسَّلَ بِهِ» .
وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَنَسٍ بِلَفْظِ: «فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ» قَالَ: وَقَدْ بَانَ بِهَذِهِ الرِّوَايَاتِ الرَّدُّ عَلَى الْأَصِيلِيِّ، وَكَذَا فِيهِ الرَّدُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ التِّينِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فَإِنَّ رِوَايَةَ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ السَّابِقَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَوْلُ أَنَسٍ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ مَالِكٌ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ. قَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الْيَمَانِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَقَالَ: إذًا لَا يَزَالُ فِي يَدِيّ نَتِنٌ. وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ. وَعَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: مَا كُنَّا نَفْعَلُهُ.
وَذَكَرَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَقَالَ: إنَّمَا ذَلِكَ وُضُوءُ النِّسَاءِ. قَالَ: وَعَنْ غَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ مَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ. وَالسُّنَّةُ دَلَّتْ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، فَهِيَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ، قَالَ: وَلَعَلَّ سَعِيدًا رحمه الله فَهِمَ مِنْ أَحَدٍ غُلُوًّا فِي هَذَا الْبَابِ بِحَيْثُ يُمْنَعُ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْأَحْجَارِ، فَقَصَدَ فِي مُقَابَلَتِهِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا اللَّفْظَ لَإِزَالَةِ ذَلِكَ الْغُلُوِّ، وَبَالَغَ بِإِيرَادِهِ إيَّاهُ عَلَى هَذِهِ الصِّيغَةِ.
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ إلَى أَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِالْحِجَارَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَإِذَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَقَعَ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ فِي زَمَانِ سَعِيدٍ رحمه الله انْتَهَى. وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْأَحْجَارِ وَعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَاءِ، فَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْمَاءِ وَأَنَّ الْأَحْجَارَ تَكْفِي إلَّا إذَا تَعَدَّتْ النَّجَاسَةُ الشَّرَجَ أَيْ حَلْقَةَ الدُّبُرِ، وَقَالَ بِقَوْلِهِمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ «إذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلَى الْغَائِطِ فَلْيَسْتَطِبْ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ عَنْهُ» كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِنَحْوِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الِاسْتِطَابَةِ. وَذَهَبَتْ الْعِتْرَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَأَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ إلَى عَدَمِ الِاجْتِزَاءِ بِالْحِجَارَةِ لِلصَّلَاةِ، وَوُجُوبِ الْمَاءِ وَتَعَيُّنِهِ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْآيَةَ فِي الْوُضُوءِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَاءَ مُتَعَيَّنٌ لَهُ وَلَا يُجْزِئُ التَّيَمُّمُ إلَّا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَأَمَّا مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَيْهِ.
قَالُوا: حَدِيثُ الْبَابِ وَنَحْوُهُ مُصَرَّحٌ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ. قُلْنَا: النِّزَاعُ فِي تَعَيُّنِهِ وَعَدَمِ الِاجْتِزَاءِ بِغَيْرِهِ، وَمُجَرَّدُ فِعْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا لَزِمَكُمْ الْقَوْلُ بِتَعَيُّنِ الْأَحْجَارِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَهُوَ عَكْسُ مَطْلُوبِكُمْ. قَالُوا: أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنِّسَاءِ:«مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَسْتَطِيبُوا بِالْمَاءِ فَإِنِّي أَسْتَحْيِيهِمْ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ» ، قُلْنَا: صَرَّحَتْ بِالْمُسْتَنَدِ وَهُوَ مُجَرَّدُ فِعْلِ النَّبِيِّ لَهُ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ الْأَمْرُ بِهِ وَلَا حَصْرُ الِاسْتِطَابَةَ عَلَيْهِ. قَالُوا: حَدِيثُ قُبَاءَ وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي. قُلْنَا: هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لَا لَكُمْ، لِأَنَّ تَخْصِيصَ أَهْلِ قُبَاءَ بِالثَّنَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غَيْرَهُمْ بِخِلَافِهِمْ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَشَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ. سَلَّمْنَا فَمُجَرَّدُ الثَّنَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ الْمُدَّعَى وَغَايَةُ مَا فِيهِ الْأَوْلَوِيَّةُ لِأَصَالَةِ الْمَاءِ فِي التَّطْهِيرِ، وَزِيَادَةِ تَأْثِيرِهِ فِي إذْهَابِ أَثَرِ النَّجَاسَةِ، عَلَى أَنَّ حَدِيثَ قُبَاءَ فِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ.
قَالَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ رَادًّا عَلَى حُجَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا لَفْظُهُ: قُلْنَا: مُسَلَّمٌ. فَأَيْنَ سُقُوطُ الْمَاءِ انْتَهَى. وَنَقُولُ لَهُ وَمَتَى ثَبَتَ وُجُوبُ الْمَاءِ حَتَّى نَطْلُبَ دَلِيلُ سُقُوطِهِ، ثُمَّ إنَّ السُّنَّةَ بِاعْتِرَافِكَ قَدْ وَرَدَتْ بِالِاسْتِطَابَةِ بِالْأَحْجَارِ،
115 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَإِنَّهَا مَجْزِيَّةٌ فَأَيْنَ دَلِيلُ عَدَمِ إجْزَائِهَا. وَعَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: «مُرْنَ أَزْوَاجَكُنَّ أَنْ يَغْسِلُوا عَنْهُمْ أَثَرَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ فَإِنَّا نَسْتَحِي مِنْهُمْ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُهُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. الْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْمَاءِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.
115 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] قَالَ: كَانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ) . الْحَدِيثُ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِلَفْظِ:«نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَهْلِ قُبَاءَ {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108] فَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إنَّا نُتْبِعُ الْحِجَارَةَ الْمَاءَ» قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَا عَنْهُ إلَّا ابْنَهُ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ فَقَالَ: لَيْسَ لَهُ وَلَا لِأَخَوَيْهِ عِمْرَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ حَدِيثٌ مُسْتَقِيمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ الَّذِي رَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ طَرِيقِهِ ضَعِيفٌ أَيْضًا. وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ هَذَا الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا ذِكْرُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ فَحَسْبُ، وَهَكَذَا صَرَّحَ النَّوَوِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ بَيْن الْأَحْجَارِ وَالْمَاءِ وَلَا يُوجَدُ هَذَا فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ.
وَكَذَا قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ. وَرِوَايَةُ. الْبَزَّارِ وَارِدَةٌ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً. وَحَدِيثُ الْبَابِ قَالَ الْحَافِظُ: هُوَ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ. وَرَوَى أَحْمَدُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ:«لَمَّا نَزَلَتْ الْآيَةُ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا الطُّهُورُ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِهِ؟ قَالَ: مَا خَرَجَ مِنَّا رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ مِنْ الْغَائِطِ إلَّا غَسَلَ دُبُرَهُ» فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " هُوَ هَذَا " وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ قَانِعٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.
وَحَكَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ، وَالثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ كَمَالِ التَّطْهِيرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.