المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المضمضة والاستنشاق - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - ط الحديث - جـ ١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[كِتَاب الطَّهَارَة]

- ‌[أَبْوَابُ الْمِيَاهِ]

- ‌[بَابُ طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِهِ

- ‌[بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ مَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ مُسْتَعْمَلًا]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَاءِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ أَسْآرِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ سُؤْرِ الْهِرِّ]

- ‌[أَبْوَابُ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ وَذِكْرِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ مِنْهَا] [

- ‌بَابُ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي الْوُلُوغِ]

- ‌بَابُ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ بَعْدَهُمَا

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ بِالْمُكَاثَرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي أَسْفَلِ النَّعْلِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ نَضْحِ بَوْلِ الْغُلَامِ إذَا لَمْ يُطْعَمْ]

- ‌[بَابُ الرُّخْصَةِ فِي بَابِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَذْيِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَنِيِّ

- ‌بَابُ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا شَعْرُهُ وَأَجْزَاؤُهُ بِالِانْفِصَالِ]

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي تَطْهِيرِ الدَّبَّاغِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ أَكْلِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ دُبِغَ]

- ‌بَابُ نَجَاسَةِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ إذَا ذُبِحَ

- ‌[أَبْوَابُ الْأَوَانِي]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّضْبِيبِ بِهِمَا إلَّا بِيَسِيرِ الْفِضَّةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ وَنَحْوِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْمِيرِ الْأَوَانِي

- ‌بَابُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ

- ‌[أَبْوَابُ أَحْكَامِ التَّخَلِّي] [

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَخَلِّي عِنْد دُخُوله وَخُرُوجه]

- ‌بَابُ كَفِّ الْمُتَخَلِّي عَنْ الْكَلَامِ

- ‌[بَابُ تَرْكِ اسْتِصْحَابِ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ]

- ‌بَابُ الْإِبْعَادِ وَالِاسْتِتَارِ لِلتَّخَلِّي فِي الْفَضَاءِ

- ‌[بَابُ نَهْي الْمُتَخَلِّي عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا] [

- ‌بَاب جَوَازِ ذَلِكَ بَيْن الْبُنَيَانِ]

- ‌بَابُ ارْتِيَادِ الْمَكَانِ الرَّخْوِ وَمَا يُكْرَهُ التَّخَلِّي فِيهِ

- ‌بَابُ الْبَوْلِ فِي الْأَوَانِي لِلْحَاجَةِ

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا]

- ‌بَابُ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْجَارِ

- ‌بَابٌ فِي إلْحَاقِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْأَحْجَارِ بِهَا

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ]

- ‌(بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْتَنْجَى بِمَطْعُومٍ أَوْ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ لِنَجَاسَتِهِ)

- ‌بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ تَقْدِمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى السِّوَاكِ وَذِكْرِ مَا يَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ تَسَوُّكِ الْمُتَوَضِّئِ بِأُصْبُعِهِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ]

- ‌بَابُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْخِتَانِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌بَابُ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَنَحْوِهِمَا وَكَرَاهَةِ السَّوَادِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَإِكْرَامِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِهِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَزَعِ وَالرُّخْصَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ الْإِطْلَاءِ بِالنُّورَةِ

- ‌أَبْوَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ فَرْضِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ لَهُ

- ‌[بَابُ التَّسْمِيَةِ لِلْوُضُوءِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَتَأْكِيدِهِ لِنَوْمِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ

- ‌بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ اللِّحْيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ لَا يَجِبُ]

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ]

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غُضُونِ الْوَجْهِ

- ‌[بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَإِطَالَةِ الْغُرَّةِ]

- ‌بَابُ تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ وَتَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ وَدَلْكِ مَا يَحْتَاجُ إلَى دَلْكٍ

- ‌بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَصِفَتِهِ وَمَا جَاءَ فِي مَسْحِ بَعْضِهِ

- ‌بَابُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَائِهِ

- ‌بَابُ مَسْحِ ظَاهِرِ الْأُذُنَيْنِ وَبَاطِنِهِمَا

- ‌بَابُ مَسْحِ الصُّدْغَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الْعُنُقِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ الْفَرْضُ

- ‌[بَابُ مَا يَظْهَرُ مِنْ الرَّأْسِ غَالِبًا مِنْ الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَكَرَاهَةِ مَا جَاوَزَهَا]

- ‌[بَابُ مَا يَقُولُ إذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ]

- ‌بَابُ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ

- ‌أَبْوَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي شرعية الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَعَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ جَمِيعًا

- ‌بَابُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ

- ‌بَابُ تَوْقِيتِ مُدَّةِ الْمَسْحِ

- ‌بَابُ اخْتِصَاصِ الْمَسْحِ بِظَهْرِ الْخُفّ

- ‌أَبْوَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ لَا الْيَسِيرِ مِنْهُ عَلَى إحْدَى حَالَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ الْقُبُلِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ هَلْ أَحْدَثَ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ

- ‌[أَبْوَابُ مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِأَجْلِهِ] [

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَالرُّخْصَةُ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌[بَابُ تَأْكِيدِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ]

- ‌[بَابُ جَوَازِ تَرْكِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ]

- ‌[أَبْوَابُ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنِيِّ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَنَسْخِ الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌[بَابُ مَنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَوْ بِالْعَكْسِ]

- ‌[بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اجْتِيَازِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْعِهِ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ

- ‌[بَابُ طَوَافِ الْجُنُبِ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَبِأَغْسَالٍ]

- ‌[أَبْوَابُ الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ] [

- ‌بَابُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ غُسْلِ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ بَاطِنِ الشُّعُورِ وَمَا جَاءَ فِي نَقْضِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ نَقْضِ الشَّعْرِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ وَتَتَبُّعِ أَثَرِ الدَّمِ فِيهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الِاسْتِتَارِ عَنْ الْأَعْيُنِ لَلْمُغْتَسِلِ وَجَوَازِ تَجَرُّدِهِ فِي الْخَلْوَةِ

- ‌بَابُ الدُّخُولِ فِي الْمَاءِ بِغَيْرِ إزَارٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌كِتَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لِلصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً

- ‌[بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لَلْجَرْحِ]

- ‌بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لَخَوْفِ الْبَرْدِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ

- ‌[بَابُ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ]

- ‌بَابُ مَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ طَهَارَتِهِ يَسْتَعْمِلُهُ

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ دُون بَقِيَّةِ الْجَامِدَاتِ

- ‌بَابُ صِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ مَنْ تَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ

- ‌بَابُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ مَاءٍ وَلَا تُرَابٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ

- ‌[أَبْوَابُ الْحَيْضِ والاستحاضة]

- ‌[بَابُ بِنَاءِ الْمُعْتَادَةِ إذَا اُسْتُحِيضَتْ عَلَى عَادَتِهَا]

- ‌بَابُ الْعَمَلِ بِالتَّمْيِيزِ

- ‌[بَابُ مَنْ تَحِيضُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لِفَقْدِ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ]

- ‌[بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بَعْدَ الْعَادَةِ]

- ‌بَابُ وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ وَمَا يُبَاحُ مِنْهَا]

- ‌[بَابُ كَفَّارَةِ مِنْ أَتَى حَائِضًا]

- ‌[بَابُ الْحَائِضِ لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي وَتَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَاب سُؤْرِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا]

- ‌[بَابُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ]

- ‌[كِتَابُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ أَكْثَرِ النِّفَاسِ]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ النُّفَسَاءِ]

- ‌[بَابُ افْتِرَاض الصَّلَاة وَمَتَى كَانَ]

- ‌بَابُ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ تَمْرِينًا لَا وُجُوبًا

- ‌بَابُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ لَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ

- ‌أَبْوَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌[بَابُ وَقْتِ الظُّهْرِ]

- ‌[بَابُ تَعْجِيلِهَا وَتَأْخِيرِهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]

- ‌[بَابُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالضَّرُورَةِ]

- ‌[بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِهَا وَتَأْكِيدِهِ مَعَ الْغَيْمِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّهَا الْوُسْطَى وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا]

الفصل: ‌باب المضمضة والاستنشاق

‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

168 -

(عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه «أَنَّهُ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ]

قَوْلُهُ: (فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ غَسْلَهُمَا فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَقَدْ أَسْلَفَنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (فَمَضْمَضَ) الْمَضْمَضَةُ: هِيَ أَنْ يَجْعَلَ الْمَاءَ فِي فِيهِ، ثُمَّ يُدِيرُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَقَلُّهَا أَنْ يَجْعَلَ الْمَاءَ فِي فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ إدَارَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْإِدَارَةَ شَرْطٌ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا الرُّجُوعُ إلَى مَفْهُومِ الْمَضْمَضَةِ لُغَةً، عَلَى ذَلِكَ تَنْبَنِي مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ: تَحْرِيكُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتَنْثَرَ) فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ (وَاسْتَنْشَقَ) وَالِاسْتِنْثَارُ أَعَمُّ قَالَهُ فِي الْفَتْحِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُحَدِّثُونَ: الِاسْتِنْثَارُ هُوَ إخْرَاجُ الْمَاءِ مِنْ الْأَنْفِ بَعْدَ الِاسْتِنْشَاقِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَابْنُ قُتَيْبَةَ: الِاسْتِنْثَارُ: هُوَ الِاسْتِنْشَاقُ، قَالَ: قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّثْرَةِ وَهِيَ طَرَفُ الْأَنْفِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ: هِيَ الْأَنْفُ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: رَوَى سَلَمَةُ عَنْ الْفَرَّاءِ أَنَّهُ يُقَالُ: نَثَرَ الرَّجُلُ وَانْتَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ إذَا حَرَّكَ النَّثْرَةَ فِي الطَّهَارَةِ انْتَهَى.

وَفِي الْقَامُوسِ اسْتَنْثَرَ: اسْتَنْشَقَ الْمَاءَ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ بِنَفْسِ الْأَنْفِ كَانْتَثَرَ. وَقَالَ فِي الِاسْتِنْشَاقِ: اسْتَنْشَقَ الْمَاءَ: أَدْخَلَهُ فِي أَنْفِهِ. إذَا تَقَرَّرَ لَكَ مَعْنَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْثَارِ وَالِاسْتِنْشَاقِ لُغَةً فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ، فَذَهَبَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَمِنْ أَهَلِ الْبَيْتِ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ إلَى وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَدَاوُد الظَّاهِرِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبٌ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ، وَالْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ فِيهِمَا وَمَا نُقِلَ مِنْ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ مُتَعَقَّبٌ بِهَذَا.

وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الْوُجُوبِ بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا أَنَّهُ مِنْ تَمَامُ غَسْلِ

ص: 177

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

الْوَجْهِ فَالْأَمْرُ بِغَسْلِهِ أَمْرٌ بِهَا. وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَنْتَثِرْ» .

وَبِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ بِلَفْظِ «إذَا تَوَضَّأْتَ فَانْتَثِرْ» .

وَبِمَا أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْجَارُودِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَهْلُ السُّنَنِ الْأَرْبَعِ مِنْ حَدِيثِ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَفِيهِ: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: «إذَا تَوَضَّأْت فَمَضْمِضْ» أَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.

قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: إنَّ إسْنَادَهَا صَحِيحٌ، وَقَدْ رَدَّ الْحَافِظُ أَيْضًا فِي التَّلْخِيصِ مَا أُعِلَّ بِهِ حَدِيثُ لَقِيطٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ إلَّا إسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، وَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَابْنُ الْقَطَّانِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ.

وَمِنْ أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ.

وَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالزُّهْرِيُّ وَرَبِيعَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَتَادَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَالنَّاصِرُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ عليهم السلام إلَى أَنَّهُمَا فَرْضٌ فِي الْجَنَابَةِ، وَسُنَّةٌ فِي الْوُضُوءِ، فَإِنْ تَرَكَهُمَا فِي غُسْلِهِ مِنْ الْجَنَابَةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي الْوُضُوءِ بِحَدِيثِ:(عَشْرٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ) وَقَدْ رَدَّهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ وَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَرِدْ بِلَفْظِ (عَشْرٌ مِنْ السُّنَنِ) بَلْ بِلَفْظِ مِنْ الْفِطْرَةِ وَلَوْ وَرَدَ لَمْ يَنْتَهِضْ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ لَا السُّنَّةُ بِالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيِّ الْأُصُولِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ.

وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ: «الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. وَبِحَدِيثِ: (تَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ) وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ ذِكْرُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ. وَرُدَّ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمْرٌ بِهَا كَمَا سَبَقَ.

وَبِأَنَّ وُجُوبَهَا ثَبَتَ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَالْأَمْرُ مِنْهُ أَمْرٌ بِدَلِيلِ:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] وَيُمْكِنُ مُنَاقَشَةُ هَذَا بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ أَحَالَهُ فَقَطْ كَمَا وَقَعَ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى تَمَامِ الْحَدِيثِ وَهُوَ (فَاغْسِلْ وَجْهَكَ وَيَدَيْكَ وَامْسَحْ رَأْسَكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ) فَيَصِيرُ نَصًّا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ فِي خُصُوصِ آيَةِ الْوُضُوءِ لَا فِي عُمُومِ الْقُرْآنِ، فَلَا يَكُونُ أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمَضْمَضَةِ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ:(كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ) فَيُقْتَصَرُ فِي الْجَوَابِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِهَا، وَالْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِمَا صَحَّ عَنْهُ، وَلَا يَكُونُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ فِي مَبَادِئِ التَّعْلِيمِ وَنَحْوِهَا مُوجِبًا

ص: 178

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

لِصَرْفِ مَا وَرَدَ بَعْدَهُ وَإِخْرَاجِهِ عَنْ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَزِمَ قَصْرُ وَاجِبَاتِ الشَّرِيعَةِ بِأَسْرِهَا عَلَى الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ مَثَلًا لِاقْتِصَارِهِ عَلَى ذَلِكَ الْمِقْدَارِ فِي تَعْلِيمِهِ.

وَهَذَا خَرْقٌ لِلْإِجْمَاعِ وَإِطْرَاحٌ لِأَكْثَرِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَعَلَى مَا سَلَفَ مِنْ أَنَّ الْأَمْرَ بِغَسْلِ الْوَجْهِ أَمَرَ بِهَا، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُسْتَبْعَدًا فِي بَادِئِ الرَّأْي بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْوَجْهَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ لَكِنَّهُ يَشُدُّ مِنْ عَضُدِ دَعْوَى الدُّخُولِ فِي الْوَجْهِ، أَنَّهُ لَا مُوجِبَ لِتَخَصُّصِهِ بِظَاهِرِهِ دُونَ بَاطِنِهِ، فَإِنَّ الْجَمِيعَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ يُسَمَّى وَجْهًا فَإِنْ قُلْت: قَدْ أُطْلِقَ عَلَى خَرْقِ الْفَمِ وَالْأَنْفِ اسْمٌ خَاصٌّ فَلَيْسَا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَجْهًا. قُلْت: وَكَذَلِكَ أُطْلِقَ عَلَى الْخَدَّيْنِ وَالْجَبْهَةِ وَظَاهِرِ الْأَنْفِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَسَائِرِ أَجْزَاءِ الْوَجْهِ أَسْمَاءَ خَاصَّةً فَلَا تُسَمَّى وَجْهًا، وَهَذَا فِي غَايَةِ السُّقُوطِ لِاسْتِلْزَامِهِ عَدَمَ وُجُوبِ غَسْلِ الْوَجْهِ.

فَإِنْ قُلْت: يَلْزَمُ عَلَى هَذَا وُجُوبُ غَسْلِ بَاطِنِ الْعَيْنِ قُلْت: يَلْزَمُ لَوْلَا اقْتِصَارُ الشَّارِعِ فِي الْبَيَانِ عَلَى غَسْلِ مَا عَدَاهُ، وَقَدْ بَيَّنَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا نَزَلَ إلَيْنَا فَدَاوَمَ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَلَمْ يُحْفَظْ أَنَّهُ أَخَلَّ بِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهُدَى، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ غَسَلَ بَاطِنَ الْعَيْنِ مَرَّةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ إلَى وُجُوبِ غَسْلِ بَاطِنِ الْعَيْنِ ابْنُ عُمَرَ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَرُوِيَ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّاصِرِ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَاسْتُدِلَّ لَهُمْ بِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَسَيَأْتِي مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِذَلِكَ فِي بَابِ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ.

وَقَدْ اعْتَرَفَ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ بِضَعْفِ دَلِيلِ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ. قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْتَجَّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْشَاقِ مَعَ صِحَّةِ الْأَمْرِ بِهِ إلَّا بِكَوْنِهِ لَا يَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ تَارِكَهُ لَا يُعِيدُ، وَهَذَا دَلِيلٌ فِقْهِيٌّ فَإِنَّهُ لَا يُحْفَظُ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إلَّا عَنْ عَطَاءٍ، وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى. وَذَكَرَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ لَقِيطِ بْنِ صُبْرَةَ مَا لَفْظُهُ.

وَقَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولَابِيُّ فِيمَا جَمَعَهُ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إذَا تَوَضَّأْت فَأَبْلِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْقَطَّانِ: وَهَذَا صَحِيحٌ، فَهَذَا أَمْرٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ، وَانْضَمَّ إلَيْهِ مُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا وَفِعْلًا مَعَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الْفِعْلِ انْتَهَى.

وَمِنْ جُمْلَةِ مَا أَوْرَدَهُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مِنْ الْأَدِلَّةِ الْقَاضِيَةِ بِوُجُوبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ حَدِيثُ عَائِشَةَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ بِلَفْظِ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ مِنْ الْوُضُوءِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ» وَقَدْ ضُعِّفَ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْأَزْهَرِيِّ الْجُوزَجَانِيَّ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ لَا مِنْ طَرِيقِهِ فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصُّوفِيُّ عَنْ ابْنِ عَدِيٍّ الْحَافِظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ

ص: 179

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عِصَامِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا.

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْحَقَّ وُجُوبُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وَكَذَلِكَ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ إلَّا الرَّأْسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْعَدَدَ، فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ الِاقْتِصَارُ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ عَلَى وَاحِدَةٍ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَصْدُقُ بِمَرَّةٍ، وَقَدْ صَرَّحَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِالْمَرَّةِ، وَفِيهِ خِلَافٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ: هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ؟ ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأَنَّ الثَّلَاثَ سُنَّةٌ لِثُبُوتِ الِاقْتِصَارِ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَمَرَّتَيْنِ، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ بَابٌ فِي هَذَا الْكِتَابِ.

وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنْ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمَكْحُولٌ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَالْمُزَنِيِّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْبَصْرِيُّ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالنَّخَعِيِّ: إنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ وَلَا يَنْتَهِضُ التَّرْتِيبُ بِثُمَّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ عَلَى الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ مِنْ لَفْظِ الرَّاوِي، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ، وَالْفِعْلُ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ.

نَعَمْ قَوْلُهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» يُشْعِرُ بِتَرْتِيبِ الْمَغْفِرَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى وُضُوءٍ مُرَتَّبٍ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، وَأَمَّا إنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَلَا. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى الْوُجُوبِ بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إفَادَةِ الْوَاوِ لِلتَّرْتِيبِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ النُّحَاةِ وَغَيْرُهُمْ، وَأَصْرَحُ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ حَدِيثُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ عَلَى الْوَلَاءِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» وَفِيهِ مَقَالٌ لَا أَظُنّهُ يَنْتَهِضُ مَعَهُ. وَقَدْ خَلَطَ فِيهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَخَرَّجَهُ مِنْ طُرُقٍ، وَجَعَلَ بَعْضَهَا شَاهِدًا لِبَعْضٍ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ فَلْيُرَاجَعُ الْحَدِيثُ فِي مَظَانِّهِ، فَإِنَّ التَّكَلُّمَ عَلَى ذَلِكَ هَهُنَا يُفْضِي إلَى تَطْوِيلٍ يُخْرِجُنَا عَنْ الْمَقْصُودِ. وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا.

قَوْلُهُ: (إلَى الْمَرْفِقَيْنِ) الْمَرْفِقُ فِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا فَتْحُ الْمِيمِ وَكَسْرُ الْفَاءِ. وَالثَّانِي عَكْسُهُ لُغَتَانِ. وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِهِمَا، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا زُفَرُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُد الظَّاهِرِيُّ، فَمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ جَعَلَ إلَى فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَعَ، وَمَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ جَعَلَهَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ.

وَاسْتُدِلَّ لِغَسْلِهِمَا أَيْضًا بِحَدِيثِ «إنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَدَارَ الْمَاءَ عَلَى مِرْفَقَيْهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ الصَّلَاةَ إلَّا بِهِ» عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ، وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا وَفِيهِ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرٌ، وَضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ، وَانْفَرَدَ ابْنُ حِبَّانَ بِذِكْرِهِ فِي الثِّقَاتِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِضَعْفِ هَذَا الْحَدِيثِ الْمُنْذِرِيُّ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

وَاسْتُدِلَّ لِذَلِكَ أَيْضًا

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

بِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «تَوَضَّأَ حَتَّى أَشْرَعَ فِي الْعَضُدِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَفِيهِ أَنَّهُ فِعْلٌ لَا يَنْتَهِضُ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْوُجُوبِ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ بَيَانٌ لِلْمُجْمَلِ فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا إجْمَالَ لِأَنَّ إلَى حَقِيقَةٍ فِي انْتِهَاءِ الْغَايَةِ مَجَازٌ فِي مَعْنَى مَعَ. وَقَدْ حَقَّقَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ الرَّضِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِيَةِ وَغَيْرِهِ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا لِذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مُقَدِّمَةِ الْوَاجِبِ فَيَكُونُ وَاجِبًا، وَفِيهِ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ مَعْرُوفٌ وَسَيَعْقِدُ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بَابًا، سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (إلَى الْكَعْبَيْنِ) هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ بَيْنَ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ مَا عَدَا الْإِمَامِيَّةَ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ الْوَاجِبُ الْغَسْلُ أَوْ يَكْفِي الْمَسْحُ؟ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَوْلُهُ: (لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمُرَادُ لَا يُحَدِّثُهَا بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا، وَلَوْ عُرِضَ لَهُ حَدِيثٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ حَصَلَتْ لَهُ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ، وَقَدْ غُفِرَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا حَدَّثَتْ بِهِ نُفُوسُهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَكِيمِ التِّرْمِذِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (لَا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الدُّنْيَا) وَهِيَ فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ وَالْمُصَنَّفِ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ. قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ: الْمُرَادُ بِحَدِيثِ النَّفْسِ الْمُجْتَلَبُ وَالْمُكْتَسَبُ، وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي الْخَاطِرِ غَالِبَا فَلَيْسَ مِنْ الْمُرَادِ. قَالَ عِيَاضٌ وَقَوْلُهُ: يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِمَّا يَكْتَسِبُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إنَّ حَدِيثَ النَّفْسِ عَلَى قِسْمَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: مَا يَهْجُمُ هَجْمًا يَتَعَذَّرُ دَفْعُهُ عَنْ النَّفْسِ. وَالثَّانِي: مَا تَسْتَرْسِلُ مَعَهُ النَّفْسُ، وَيُمْكِنُ قَطْعُهُ وَدَفْعُهُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الْحَدِيثُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ الثَّانِي، فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْأَوَّلُ لِعُسْرِ اعْتِبَارِهِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ لَفْظُ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَكَسُّبًا مِنْهُ وَتَفَعُّلًا لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى النَّوْعَيْنِ مَعًا إلَى آخِرِ كَلَامِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّيغَةَ مُشْعِرَةٌ بِشَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرُ مَغْلُوبٍ بِوُرُودِ الْخَوَاطِرِ النَّفْسِيَّةِ، لِأَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يُقَالُ لَهُ: مُحَدِّثٌ لِانْتِفَاءِ الِاخْتِيَارِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِهِ.

ثَانِيهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُرِيدًا لِلتَّحْدِيثِ طَالِبًا لَهُ عَلَى وَجْهِ التَّكَلُّفِ، وَمَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ هُجُومًا وَبَغْتَةً لَا يُقَالُ: إنَّهُ حَدَّثَ نَفْسَهُ. قَوْلُهُ: (غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) رَتَّبَ هَذِهِ الْمَثُوبَةَ عَلَى مَجْمُوعِ الْوُضُوءِ الْمَوْصُوفِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَصَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ الْمُقَيَّدَةُ بِذَلِكَ الْقَيْدِ فَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا. وَظَاهِرُهُ مَغْفِرَةُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالصَّغَائِرِ لِوُرُودِ مِثْلِ ذَلِكَ مُقَيَّدًا كَحَدِيثِ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمُعَةُ إلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُمَا مَا اُجْتُنِبَتْ الْكَبَائِرُ» .

ص: 181

169 -

(وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّهُ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَفَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَفَعَلَ هَذَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا طُهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) .

170 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

171 -

(وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .

ــ

[نيل الأوطار]

169 -

(وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّهُ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَنَفَرَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى، فَفَعَلَ هَذَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا طُهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) . الْحَدِيثُ إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ هَكَذَا: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْن عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ قَدَّسَ سِرَّهُ. فَمُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إنْ كَانَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الْكِنْدِيُّ فَهُوَ ثِقَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْحَلَبِيُّ الْأَنْطَاكِيُّ فَهُوَ صَدُوقٌ يُغْرِبُ، وَكِلَاهُمَا رَوَى عَنْهُ النَّسَائِيّ. وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ فَهُوَ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ. وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ: صَدُوقٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام

وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ قَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ الْمُصَنِّف رحمه الله: وَفِيهِ مَعَ الَّذِي قَبْلَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَسْتَنْشِقَ بِالْيَمِينِ، وَيَسْتَنْثِرَ بِالْيُسْرَى انْتَهَى.

170 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً ثُمَّ لِيَسْتَنْثِرْ.» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَفْسِيرِ الِاسْتِنْثَارِ وَعَلَى وُجُوبِهِ فِي حَدِيثِ عُثْمَانَ.

171 -

(وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ) .

قَدْ سَلَفَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ تَفْسِيرًا وَحُكْمًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ: - يَعْنِي الدَّارَقُطْنِيّ - لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ حَمَّادٍ غَيْرَ هُدْبَةَ وَدَاوُد بْنِ الْمُحَبَّرِ. وَغَيْرُهُمَا يَرْوِيهِ عَنْهُ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَذْكُرُ أَبَا هُرَيْرَةَ. قُلْت: وَهَذَا لَا يَضُرُّ لِأَنَّ هُدْبَةَ ثِقَةٌ مُخَرَّجٌ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَيُقْبَلُ رَفْعُهُ وَمَا يَنْفَرِدُ بِهِ انْتَهَى. وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مَنْسُوبًا إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ، وَعَادَتُهُ التَّكَلُّمُ عَلَى مَا فِيهِ وَهْنٌ.

ص: 182