الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
279 -
ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ «أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. إذَا تَوَضَّأَ» .
280 -
(وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُمَا الْجَمَاعَةُ) .
281 -
(وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ»
ــ
[نيل الأوطار]
الْمَنْعِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْوَصْفَيْنِ صَرِيحًا، وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ النُّبُوَّةِ، أَوْ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةَ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ، وَتَقْدِيرِ الثَّوَابِ، فَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَيْسَ فِي الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ يُرَادِفُهُ فِي الظَّاهِرِ، أَوْ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَرَأَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ، أَوْ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا مِمَّنْ أُرْسِلَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ، كَجِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ؛ لِأَنَّهُمْ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ، فَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَخْلِيصَ الْكَلَامِ مِنْ اللَّبْسِ، أَوْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ أَمْدَحُ مِنْ لَفْظِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلَ، بِخِلَافِ لَفْظِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ عُرْفًا.
وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ: كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، لَا يَصِحُّ إطْلَاقُهُ، قَالَهُ الْحَافِظُ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظٍ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ مَثَلًا فِي الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، وَكَذَا عَكْسُهُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَلَوْ أَجَزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي، لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَخَصَّ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّا نَقُولُ الذَّاتُ الْمُخْبَرُ عَنْهَا فِي الرِّوَايَةِ وَاحِدَةٌ، فَبِأَيِّ وَصْفٍ وُصِفَتْ تِلْكَ الذَّاتِ مِنْ أَوْصَافِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا عُلِمَ الْقَصْدُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَلَوْ تَبَايَنَتْ مَعَانِي الصِّفَاتِ، كَمَا لَوْ أَبْدَلَ اسْمًا بِكُنْيَةٍ أَوْ كُنْيَةً بِاسْمٍ فَلَا فَرْقَ وَلِلْحَدِيثِ فَوَائِدُ مَذْكُورَةٌ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ مِنْ الْفَتْحِ.
[بَابُ تَأْكِيدِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ]
[بَابُ جَوَازِ تَرْكِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ]
قَوْلُهُ: (قَالَ: نَعَمْ إذَا تَوَضَّأَ) فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (لِيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَنَمْ) وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: (لِيَتَوَضَّأْ وَيَرْقُدْ) .
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا (تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَك ثُمَّ نَمْ) .
وَفِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: (نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ) وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَنَامَ وَيَأْكُلَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ مُعَاوَدَةُ الْأَهْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَكَذَلِكَ الشُّرْبُ كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيثِ عَمَّارٍ، وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ.
وَحَدِيثُ عُمَرَ جَاءَ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَجَاءَ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ وَهُوَ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ وَهُمْ الظَّاهِرِيَّةُ وَابْنُ حَبِيبٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى اسْتِحْبَابِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ. وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» وَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ فِيهِ مَقَالًا لَا يَنْتَهِضُ مَعَهُ لِلِاسْتِدْلَالِ وَسَنُبَيِّنُهُ فِي شَرْحِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَثَانِيهَا: أَنَّ قَوْلَهُ (لَا يَمَسُّ مَاءً) ، نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَتَعُمُّ مَاءَ الْغُسْلِ وَمَاءَ الْوُضُوءِ وَغَيْرَهُمَا، وَحَدِيثُهَا الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ بِلَفْظِ:«كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» خَاصٌّ بِمَاءِ الْوُضُوءِ فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (لَا يَمَسُّ مَاءً) غَيْرَ مَاءِ الْوُضُوءِ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاءِ مَاءُ الْغُسْلِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ يَجْنُبُ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» . وَثَالِثُهَا أَنَّ تَرْكَهُ صلى الله عليه وسلم لَمْسَ الْمَاءِ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْخَاصَّ بِنَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فَيَكُونُ التَّرْكُ عَلَى تَسْلِيمِ شُمُولِهِ لِمَاءِ الْوُضُوءِ خَاصًّا بِهِ. وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «إنَّمَا أُمِرْت بِالْوُضُوءِ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ» أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحَةِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ قَدَحَ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ ابْنُ زُبَيْدٍ الْمَالِكِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ. قُلْت: فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِحَمْلِ الْأَمْرِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ قَالَ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ إنْ شَاءَ» وَالْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ هُنَا وُضُوءُ الصَّلَاةِ لِمَا عَرَّفْنَاك غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّهُ هُوَ الْحَقِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ وَأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا.
وَقَدْ صَرَّحَتْ بِذَلِكَ عَائِشَةُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَهُوَ يَرُدُّ مَا جَنَحَ إلَيْهِ الطَّحَاوِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُضُوءِ التَّنْظِيفُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَهُوَ صَاحِبُ الْقِصَّةِ:(كَانَ يَتَوَضَّأُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ) كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ نَافِعٍ. وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّ مُخَالَفَةَ الرَّاوِي لِمَا رَوَى لَا تَقْدَحُ فِي الْمَرْوِيِّ وَلَا تَصْلُحُ لِمُعَارَضَتِهِ. وَأَيْضًا قَدْ وَرَدَ تَقْيِيدُ الْوُضُوءِ بِوُضُوءِ الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَتِهِ، وَمِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ فَيُعْتَمَدُ ذَلِكَ، وَيُحْمَلُ تَرْكُ ابْنِ عُمَرَ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ لِعُذْرٍ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالْحِكْمَةُ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ يُخَفِّفُ الْحَدَثَ وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَفْرِيقِ الْغَسْلِ. وَيُؤَيِّدُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ عَنْ شَدَّادِ بْنِ
282 -
(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
283 -
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ)
ــ
[نيل الأوطار]
أَوْسٍ الصَّحَابِيِّ قَالَ: (إذَا أَجْنَبَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَإِنَّهُ نِصْفُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ) .
وَقِيلَ: الْحِكْمَةُ فِي الْوُضُوءِ أَنَّهُ إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُنَشِّطُ إلَى الْعَوْدِ أَوْ إلَى الْغُسْلِ.
282 -
(وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَخَّصَ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) . الْوُضُوءُ عِنْدَ إرَادَةِ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَاتِ وَعَزَاهَا الْمُصَنِّفُ إلَى أَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ. وَعِنْدَ إرَادَةِ الشُّرْبِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا عِنْدَ النَّسَائِيّ وَلَكِنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَا مِنْ قَوْلِهِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَقَدْ رُوِيَ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْأَكْلِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَمِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْعَزِيمَةَ أَفْضَلُ مِنْ الرُّخْصَةِ، وَالْخِلَافُ فِي الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَأَمَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ فَقَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَيْهِ، وَحَكَى ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ وَاجِبٌ.
283 -
(وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ) . وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَزَادُوا: (فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ: (فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) وَيُقَالُ: إنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُثْبِتُ مِثْلَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى إسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَوَقَفَ عَلَى إسْنَادِ غَيْرِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ قَالَ الْحَافِظُ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا حَدِيثُ أَنَسٍ الثَّابِتُ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ» الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ غُسْلَ الْجَنَابَةِ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ وَإِنَّمَا يَتَضَيَّقُ عَلَى الْإِنْسَانِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا شَكَّ فِي اسْتِحْبَابِهِ قَبْلَ الْمُعَاوَدَةِ لِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلَى نِسَائِهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ وَعِنْدَ هَذِهِ وَقِيلَ: يَا
284 -
(عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ)
ــ
[نيل الأوطار]
رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَجْعَلُهُ غُسْلًا وَاحِدًا فَقَالَ: هَذَا أَزْكَى وَأَطْيَبُ» وَقَوْلُ أَبِي دَاوُد: إنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ أَصَحُّ مِنْهُ لَا يَنْفِي صِحَّتَهُ. وَقَدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ. وَقَدْ ذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ وَابْنُ حَبِيبٍ إلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْمُعَاوِدِ وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ الْبَابِ. وَذَهَبَ مَنْ عَدَاهُمْ إلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَجَعَلُوا مَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْحَاكِمِ بِلَفْظِ: (إنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ) صَارِفًا لِلْأَمْرِ إلَى النَّدْبِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: (كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُجَامِعُ ثُمَّ يَعُودُ وَلَا يَتَوَضَّأُ) وَيُؤَيِّدهُ أَيْضًا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ بِلَفْظِ: (إنَّمَا أُمِرْت بِالْوُضُوءِ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ)(فَائِدَةٌ) طَوَافُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى نِسَائِهِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِرِضَاهُنَّ أَوْ بِرِضَا صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ إنْ كَانَتْ نَوْبَةً وَاحِدَةً، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ يَقُولُ: كَانَ الْقَسَمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الدَّوَامِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا، وَأَمَّا مَنْ لَا يُوجِبُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ
بَابُ جَوَازِ تَرْكِ ذَلِكَ 284 - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ) . هُوَ طَرَفٌ مِنْ الْحَدِيثِ وَلَفْظُهُ فِي النَّسَائِيّ: «كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ» وَقَدْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ، وَابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، وَلَمْ يَتَكَلَّمَا عَلَيْهِ بِمَا يُوجِبُ ضَعْفًا، وَهُوَ مِنْ سُنَنِ النَّسَائِيّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ ثِقَةٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ أَئِمَّةٌ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِهَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَهُ ثُمَّ يَطْعَمُ» وَبِهِ اسْتَدَلَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوُضُوءِ لِإِرَادَةِ النَّوْمِ وَالْوُضُوءِ لِإِرَادَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ مَذْهَبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ.
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا أَرَادَ الْجُنُبُ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ وَمَضْمَضَ فَاهُ.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي الْجُنُبِ: إذَا أَرَادَ الْأَكْلَ أَنَّهُ يَغْسِلُ يَدَيْهِ وَيَأْكُلُ. وَعَنْ الزُّهْرِيِّ مِثْلُهُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَحْمَدُ، وَقَالَ:؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ فِي الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ، كَذَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لِابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ. وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ
285 -
(وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ إلَى أَهْلِهِ أَتَاهُمْ ثُمَّ يَعُودُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً) .
أَبْوَابُ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنِي
ــ
[نيل الأوطار]
إلَى أَنَّهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِهَا بِلَفْظِ:«كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَبِمَا سَبَقَ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارٍ. وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهُ كَانَ تَارَةً يَتَوَضَّأُ وُضُوءَ الصَّلَاةِ وَتَارَةً يَقْتَصِرُ عَلَى غَسْلِ الْيَدَيْنِ لَكِنَّ هَذَا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ خَاصَّةً، وَأَمَّا فِي النَّوْمِ وَالْمُعَاوَدَةِ فَهُوَ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ لِلْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ فِيهِمَا بِأَنَّهُ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ.
285 -
(وَعَنْهَا أَيْضًا قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ لَهُ حَاجَةٌ إلَى أَهْلِهِ أَتَاهُمْ ثُمَّ يَعُودُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً» رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ وَلَا يَمَسُّ مَاءً) . الْحَدِيثُ قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ وَهْمٌ. وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ: هُوَ خَطَأٌ. وَقَالَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ صَالِحٍ: لَا يَحِلُّ أَنْ يُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ.
وَفِي عِلَلِ الْأَثْرَمِ لَوْ لَمْ يُخَالِفْ أَبَا إِسْحَاقَ فِي هَذَا إلَّا إبْرَاهِيمُ وَحْدَهُ لَكَفَى قَالَ ابْنُ مُفَوِّزٍ: أَجْمَعَ الْمُحَدِّثُونَ أَنَّهُ خَطَأٌ مِنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَتَسَاهَلَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ، فَقَدْ صَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إنَّ أَبَا إِسْحَاقَ قَدْ بَيَّنَ سَمَاعَهُ مِنْ الْأَسْوَدِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْهُ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: تَفْسِيرُ غَلَطِ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ مُخْتَصَرًا وَاقْتَطَعَهُ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فَأَخْطَأَ فِي اخْتِصَارِهِ إيَّاهُ. وَنَصُّ الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَتَيْت الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ وَكَانَ لِي أَخًا وَصَدِيقًا فَقُلْت: يَا أَبَا عُمَرَ «حَدِّثْنِي مَا حَدَّثَتْك عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَالَتْ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَثَبَ وَرُبَّمَا قَالَتْ: قَامَ فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَمَا قَالَتْ: اغْتَسَلَ وَأَنَا أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ وَإِنْ نَامَ جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلَاةِ»
فَهَذَا الْحَدِيثُ الطَّوِيلُ فِيهِ " وَإِنْ نَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلَاةِ " فَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: " ثُمَّ إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ مَاءً " يَحْتَمِلُ أَحَدَ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُرِيدَ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ فَيَقْضِيهِمَا ثُمَّ يَسْتَنْجِي وَلَا يَمَسَّ مَاءً وَيَنَامُ فَإِنْ وَطِئَ تَوَضَّأَ كَمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْحَاجَةِ حَاجَةَ الْوَطْءِ وَبِقَوْلِهِ " ثُمَّ يَنَامُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً " يَعْنِي مَاءَ الِاغْتِسَالِ، وَمَتَى لَمْ يُحْمَلْ الْحَدِيثُ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَنَاقَضَ أَوَّلُهُ وَآخِرُهُ فَتَوَهَّمَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّ الْحَاجَةَ حَاجَةُ الْوَطْءِ فَنَقَلَ الْحَدِيثَ عَلَى مَعْنَى مَا فَهِمَهُ انْتَهَى.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوُضُوءِ عَلَى الْجُنُبِ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ أَوْ الْمُعَاوَدَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ غَيْرُ