الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ
317 -
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ مَاجَهْ الْوُضُوءَ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا مَنْسُوخٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ حَمْلَهُ وَمُتَابَعَتَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ مِنْ أَجْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْعِيدَيْنِ ضَعِيفَةٌ وَفِيهِ آثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ جَيِّدَةٌ. وَالْحَدِيثُ اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ غُسْلَ يَوْمِ الْعِيدِ مَسْنُونٌ وَلَيْسَ فِي الْبَابِ مَا يَنْتَهِضُ لِإِثْبَاتِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ. وَأَمَّا اشْتِرَاطُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ صَلَاةَ الْعِيدِ فَلَا أَدْرِي مَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي كُتُبِ أَئِمَّتِنَا كَمَجْمُوعِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَأُصُولِ الْأَحْكَامِ وَالشِّفَاءِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَغْتَسِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ وَيَوْمَ الْعِيدِ» وَقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ فَإِنْ صَحَّ إسْنَادُهُ صَلَحَ لِإِثْبَاتِ هَذِهِ السُّنَّةِ.
[بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ]
الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ الْأَشْبَهُ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لَا يَصِحُّ فِي الْبَابِ شَيْءٌ وَهَكَذَا قَالَ الذَّهَبِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: لَيْسَ فِيمَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الذُّهْلِيُّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ لَلَزِمَنَا اسْتِعْمَالُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ: لَا يَرْفَعُهُ الثِّقَاتُ إنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لَمْ يُصَحِّحْ عُلَمَاءُ الْحَدِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْئًا مَرْفُوعًا.
قَالَ الْحَافِظُ قَدْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ مُوَثَّقُونَ. وَقَدْ صَحَّحَ الْحَدِيثُ أَيْضًا ابْنُ حَزْمٍ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ إِسْحَاقَ مَوْلَى زَائِدَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: إِسْحَاقُ مَوْلَى زَائِدَةٍ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُصَحَّحَ الْحَدِيثُ قَالَ وَأَمَّا رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِسْنَادُهَا حَسَنٌ إلَّا أَنَّ الْحُفَّاظَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو رَوَوْهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ: هُوَ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ أَسْوَأُ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ حَسَنًا، فَإِنْكَارُ النَّوَوِيِّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ تَحْسِينَهُ مُعْتَرَضٌ. قَالَ الذَّهَبِيُّ: هُوَ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ احْتَجَّ بِهَا الْفُقَهَاءُ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ وَالْبَيْهَقِيِّ، وَعَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَثْبُتُ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ
318 -
(وَعَنْ مُصْعَبِ بْن شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ الْجُمُعَةِ، وَالْجَنَابَةِ، وَالْحِجَامَةِ، وَغَسْلِ الْمَيِّتِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ. وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا بِالْحَافِظِ)
ــ
[نيل الأوطار]
وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ خَرَّجَ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِائَةً وَعِشْرِينَ طَرِيقًا.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ وَالْوُضُوءِ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ النَّاصِرِ وَالْإِمَامِيَّةِ أَنَّ مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِهَذَا الْحَدِيثِ. وَلِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي، وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعِتْرَةِ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَحَمَلُوا الْأَمْر عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ:«إنَّ مَيِّتَكُمْ يَمُوتُ طَاهِرًا فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَحَسَّنَهُ ابْنُ حَجَرٍ.
وَلِحَدِيثِ «كُنَّا نُغَسِّلُ الْمَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ» أَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ، وَصَحَّحَ ابْنُ حَجَرٍ أَيْضًا إسْنَادَهُ. وَلِحَدِيثِ أَسْمَاءَ الْآتِي. وَقَالَ اللَّيْثُ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لِحَدِيثِ «لَا غُسْلَ عَلَيْكُمْ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَقْفَهُ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ رَفْعُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ يَنْجُسُ حَيًا وَلَا مَيِّتًا» ، إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ، وَوَرَدَ أَيْضًا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ (لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ) أَيْ لَا تَقُولُوا هُمْ نَجَسٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ «الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ» وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَسْمَاءَ وَهَذَا لَا يَقْصُر عَنْ صَرْفِ الْأَمْرِ عَنْ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ الْوُجُوبُ إلَى مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ أَعْنِي الِاسْتِحْبَابَ يَكُونُ الْقَوْلُ بِذَلِكَ هُوَ الْحَقّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ بِوَجْهٍ مُسْتَحْسَنٍ. وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: الْجَمْعُ حَاصِلٌ بِغَسْلِ الْأَيْدِي فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالِاغْتِسَالِ لَا يَتِمُّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ إلَّا بِغَسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَمَا وَقَعَ مِنْ إطْلَاقِهِ عَلَى الْوُضُوءِ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ فَمَجَازٌ لَا يَنْبَغِي حَمْلُ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ عَلَيْهِ بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ الْأَعَمُّ الْأَغْلَبُ، وَلَكِنَّهُ يُمْكِنُ تَأْيِيدُهُ بِمَا سَلَفَ مِنْ حَدِيثِ:«فَحَسْبُكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ» .
318 -
(وَعَنْ مُصْعَبِ بْن شَيْبَةَ عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُغْتَسَلُ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ الْجُمُعَةِ، وَالْجَنَابَةِ، وَالْحِجَامَةِ، وَغَسْلِ الْمَيِّتِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ. وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ لَكِنْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُصْعَبُ بْنُ شَيْبَةَ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَلَا بِالْحَافِظِ) . الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَمُصْعَبٌ الْمَذْكُورُ ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ،