الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُلَانَةُ تَعْنِي الشَّاةَ، فَقَالَ: فَلَوْلَا أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا، قَالُوا: أَنَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} [الأنعام: 145] وَأَنْتُمْ لَا تَطْعَمُونَهُ أَنْ تَدْبُغُوهُ فَتَنْتَفِعُوا بِهِ. فَأَرْسَلَتْ إلَيْهَا فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا فَدَبَغَتْهُ فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قِرْبَةً حَتَّى تَخَرَّقَتْ عِنْدَهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ) .
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ
60 -
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهُمْ الْمُدَّةَ غَيْرُ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى جُهَيْنَةَ «إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي هَذَا فَلَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» .
وَلِلْبُخَارِيِّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَشْيَخَةٌ لَنَا مِنْ جُهَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَيْهِمْ «أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنْ الْمَيْتَةِ بِشَيْءٍ» .)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ تَحْرِيمِ أَكْلِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ دُبِغَ]
الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَأَنَّ الدِّبَاغَ وَإِنْ أَوْجَبَ طَهَارَتَهَا لَا يُحَلِّلُ أَكْلَهَا. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ أَيْضًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمُتَقَدِّمِ: «إنَّمَا حُرِّمَ مِنْ الْمَيْتَةِ أَكْلُهَا» وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى طَهَارَةِ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بِالدَّبْغِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
[بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ]
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُكَيْمٍ: شَهِدَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قُرِئَ عَلَيْهِمْ فِي جُهَيْنَةَ وَسَمِعَ مَشَايِخَ جُهَيْنَةَ يَقُولُونَ ذَلِكَ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ: هَذَا الْخَبَرُ مُرْسَلٌ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْعِلَلِ عَنْ أَبِيهِ: لَيْسَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ صُحْبَةٌ وَإِنَّمَا رِوَايَتُهُ كِتَابُهُ، وَخَالَفَهُ الْحَاكِمُ فَأَثْبَتَ لِعَبْدِ اللَّهِ صُحْبَةً، قَالَ الْحَافِظُ: وَأَغْرَبَ الْمَاوَرْدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاتَ وَلِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ سَنَةٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ: تَضْعِيفُ مَنْ ضَعَّفَهُ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الرِّجَالِ فَإِنَّهُمْ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ الضَّعْفُ عَلَى الِاضْطِرَابِ كَمَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ.
وَمِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
الِاضْطِرَابِ فِيهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْهُ وَلَفْظُهُ: «جَاءَنَا كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِأَرْضِ جُهَيْنَةَ إنِّي كُنْتُ رَخَّصْتُ لَكُمْ فِي إهَابِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا فَلَا تَنْتَفِعُوا بِإِهَابٍ وَلَا عَصَبٍ» (قَالَ الْحَافِظُ: إسْنَادُهُ ثِقَاتٌ، وَتَابَعَهُ فَضَالَةُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ) .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ خَالِدٍ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ انْطَلَقَ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ فَدَخَلُوا وَقَعَدْتُ عَلَى الْبَابِ فَخَرَجُوا إلَيَّ وَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمٍ أَخْبَرَهُمْ الْحَدِيثَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ مَا سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ عُكَيْمٍ لَكِنْ إنْ وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ ابْنُ شَاهِينِ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَفِيهِ عَدِيُّ بْنُ الْفَضْلِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ جَابِرٍ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَفِيهِ زَمَعَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، قَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ. قَالَ الْحَازِمِيُّ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فِي إسْنَادِ حَدِيثِ ابْنِ عُكَيْمٍ: اخْتِلَافٌ رَوَاهُ الْحَكَمُ مَرَّةً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ ابْنِ عُكَيْمٍ، وَرَوَاهُ عَنْهُ الْقَاسِمُ بْنُ مُخَيْمِرَةَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ الْحَكَمِ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ ابْنِ عُكَيْمٍ، وَلَكِنْ مِنْ أُنَاسٍ دَخَلُوا عَلَيْهِ ثُمَّ خَرَجُوا وَأَخْبَرُوهُ.
وَلَوْلَا هَذِهِ الْعِلَلُ لَكَانَ أَوْلَى الْحَدِيثَيْنِ أَنْ يُؤْخَذَ بِهِ حَدِيثُ ابْنِ عُكَيْمٍ، ثُمَّ قَالَ: وَطَرِيقُ الْإِنْصَافِ فِيهِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ حَدِيثَ ابْنِ عُكَيْمٍ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ فِي النَّسْخِ لَوْ صَحَّ، وَلَكِنَّهُ كَثِيرُ الِاضْطِرَابِ لَا يُقَاوِمُ حَدِيثَ مَيْمُونَةَ فِي الصِّحَّةِ ثُمَّ قَالَ: فَالْمَصِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوْلَى لِوُجُوهٍ مِنْ التَّرْجِيحِ وَيُحْمَلُ حَدِيثُ ابْنِ عُكَيْمٍ عَلَى مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَحِينَئِذٍ يُسَمَّى إهَابًا، وَبَعْدَ الدِّبَاغِ يُسَمَّى جِلْدًا وَلَا يُسَمَّى إهَابًا، هَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَلِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ وَهَذَا هُوَ الطَّرِيقُ فِي نَفْيِ التَّضَادِّ انْتَهَى.
وَمُحَصَّلُ الْأَجْوِبَةِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْإِرْسَالُ لِعَدَمِ سَمَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ الِانْقِطَاعُ لِعَدَمِ سَمَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ الِانْقِطَاعُ لِعَدَمِ سَمَاعِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ، ثُمَّ الِاضْطِرَابُ فِي سَنَدِهِ فَإِنَّهُ تَارَةً قَالَ عَنْ كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَتَارَةً عَنْ مَشْيَخَةٍ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَتَارَةً عَمَّنْ قَرَأَ الْكِتَابَ، ثُمَّ الِاضْطِرَابُ فِي مَتْنِهِ فَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِتَقْيِيدِ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ التَّرْجِيحُ بِالْمُعَارَضَةِ بِأَنَّ أَحَادِيثَ الدِّبَاغِ أَصَحُّ، ثُمَّ الْقَوْلُ بِمُوجِبِهِ بِأَنَّ الْإِهَابَ اسْمٌ لِلْجِلْدِ قَبْلَ الدِّبَاغِ لَا بَعْدَهُ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا، ثُمَّ الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ هَذَا عَامٌّ وَتِلْكَ خَاصَّةٌ، وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ مُسْتَكْمِلًا.
قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الدِّبَاغَ يُطَهِّرُ فِي الْجُمْلَةِ لِصِحَّةِ النُّصُوصِ بِهِ، وَخَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ لَا يُقَارِبُهَا