المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - ط الحديث - جـ ١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[كِتَاب الطَّهَارَة]

- ‌[أَبْوَابُ الْمِيَاهِ]

- ‌[بَابُ طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِهِ

- ‌[بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ مَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ مُسْتَعْمَلًا]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَاءِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ أَسْآرِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ سُؤْرِ الْهِرِّ]

- ‌[أَبْوَابُ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ وَذِكْرِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ مِنْهَا] [

- ‌بَابُ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي الْوُلُوغِ]

- ‌بَابُ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ بَعْدَهُمَا

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ بِالْمُكَاثَرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي أَسْفَلِ النَّعْلِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ نَضْحِ بَوْلِ الْغُلَامِ إذَا لَمْ يُطْعَمْ]

- ‌[بَابُ الرُّخْصَةِ فِي بَابِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَذْيِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَنِيِّ

- ‌بَابُ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا شَعْرُهُ وَأَجْزَاؤُهُ بِالِانْفِصَالِ]

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي تَطْهِيرِ الدَّبَّاغِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ أَكْلِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ دُبِغَ]

- ‌بَابُ نَجَاسَةِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ إذَا ذُبِحَ

- ‌[أَبْوَابُ الْأَوَانِي]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّضْبِيبِ بِهِمَا إلَّا بِيَسِيرِ الْفِضَّةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ وَنَحْوِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْمِيرِ الْأَوَانِي

- ‌بَابُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ

- ‌[أَبْوَابُ أَحْكَامِ التَّخَلِّي] [

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَخَلِّي عِنْد دُخُوله وَخُرُوجه]

- ‌بَابُ كَفِّ الْمُتَخَلِّي عَنْ الْكَلَامِ

- ‌[بَابُ تَرْكِ اسْتِصْحَابِ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ]

- ‌بَابُ الْإِبْعَادِ وَالِاسْتِتَارِ لِلتَّخَلِّي فِي الْفَضَاءِ

- ‌[بَابُ نَهْي الْمُتَخَلِّي عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا] [

- ‌بَاب جَوَازِ ذَلِكَ بَيْن الْبُنَيَانِ]

- ‌بَابُ ارْتِيَادِ الْمَكَانِ الرَّخْوِ وَمَا يُكْرَهُ التَّخَلِّي فِيهِ

- ‌بَابُ الْبَوْلِ فِي الْأَوَانِي لِلْحَاجَةِ

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا]

- ‌بَابُ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْجَارِ

- ‌بَابٌ فِي إلْحَاقِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْأَحْجَارِ بِهَا

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ]

- ‌(بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْتَنْجَى بِمَطْعُومٍ أَوْ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ لِنَجَاسَتِهِ)

- ‌بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ تَقْدِمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى السِّوَاكِ وَذِكْرِ مَا يَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ تَسَوُّكِ الْمُتَوَضِّئِ بِأُصْبُعِهِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ]

- ‌بَابُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْخِتَانِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌بَابُ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَنَحْوِهِمَا وَكَرَاهَةِ السَّوَادِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَإِكْرَامِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِهِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَزَعِ وَالرُّخْصَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ الْإِطْلَاءِ بِالنُّورَةِ

- ‌أَبْوَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ فَرْضِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ لَهُ

- ‌[بَابُ التَّسْمِيَةِ لِلْوُضُوءِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَتَأْكِيدِهِ لِنَوْمِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ

- ‌بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ اللِّحْيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ لَا يَجِبُ]

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ]

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غُضُونِ الْوَجْهِ

- ‌[بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَإِطَالَةِ الْغُرَّةِ]

- ‌بَابُ تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ وَتَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ وَدَلْكِ مَا يَحْتَاجُ إلَى دَلْكٍ

- ‌بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَصِفَتِهِ وَمَا جَاءَ فِي مَسْحِ بَعْضِهِ

- ‌بَابُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَائِهِ

- ‌بَابُ مَسْحِ ظَاهِرِ الْأُذُنَيْنِ وَبَاطِنِهِمَا

- ‌بَابُ مَسْحِ الصُّدْغَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الْعُنُقِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ الْفَرْضُ

- ‌[بَابُ مَا يَظْهَرُ مِنْ الرَّأْسِ غَالِبًا مِنْ الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَكَرَاهَةِ مَا جَاوَزَهَا]

- ‌[بَابُ مَا يَقُولُ إذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ]

- ‌بَابُ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ

- ‌أَبْوَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي شرعية الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَعَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ جَمِيعًا

- ‌بَابُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ

- ‌بَابُ تَوْقِيتِ مُدَّةِ الْمَسْحِ

- ‌بَابُ اخْتِصَاصِ الْمَسْحِ بِظَهْرِ الْخُفّ

- ‌أَبْوَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ لَا الْيَسِيرِ مِنْهُ عَلَى إحْدَى حَالَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ الْقُبُلِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ هَلْ أَحْدَثَ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ

- ‌[أَبْوَابُ مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِأَجْلِهِ] [

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَالرُّخْصَةُ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌[بَابُ تَأْكِيدِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ]

- ‌[بَابُ جَوَازِ تَرْكِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ]

- ‌[أَبْوَابُ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنِيِّ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَنَسْخِ الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌[بَابُ مَنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَوْ بِالْعَكْسِ]

- ‌[بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اجْتِيَازِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْعِهِ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ

- ‌[بَابُ طَوَافِ الْجُنُبِ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَبِأَغْسَالٍ]

- ‌[أَبْوَابُ الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ] [

- ‌بَابُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ غُسْلِ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ بَاطِنِ الشُّعُورِ وَمَا جَاءَ فِي نَقْضِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ نَقْضِ الشَّعْرِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ وَتَتَبُّعِ أَثَرِ الدَّمِ فِيهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الِاسْتِتَارِ عَنْ الْأَعْيُنِ لَلْمُغْتَسِلِ وَجَوَازِ تَجَرُّدِهِ فِي الْخَلْوَةِ

- ‌بَابُ الدُّخُولِ فِي الْمَاءِ بِغَيْرِ إزَارٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌كِتَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لِلصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً

- ‌[بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لَلْجَرْحِ]

- ‌بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لَخَوْفِ الْبَرْدِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ

- ‌[بَابُ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ]

- ‌بَابُ مَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ طَهَارَتِهِ يَسْتَعْمِلُهُ

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ دُون بَقِيَّةِ الْجَامِدَاتِ

- ‌بَابُ صِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ مَنْ تَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ

- ‌بَابُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ مَاءٍ وَلَا تُرَابٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ

- ‌[أَبْوَابُ الْحَيْضِ والاستحاضة]

- ‌[بَابُ بِنَاءِ الْمُعْتَادَةِ إذَا اُسْتُحِيضَتْ عَلَى عَادَتِهَا]

- ‌بَابُ الْعَمَلِ بِالتَّمْيِيزِ

- ‌[بَابُ مَنْ تَحِيضُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لِفَقْدِ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ]

- ‌[بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بَعْدَ الْعَادَةِ]

- ‌بَابُ وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ وَمَا يُبَاحُ مِنْهَا]

- ‌[بَابُ كَفَّارَةِ مِنْ أَتَى حَائِضًا]

- ‌[بَابُ الْحَائِضِ لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي وَتَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَاب سُؤْرِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا]

- ‌[بَابُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ]

- ‌[كِتَابُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ أَكْثَرِ النِّفَاسِ]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ النُّفَسَاءِ]

- ‌[بَابُ افْتِرَاض الصَّلَاة وَمَتَى كَانَ]

- ‌بَابُ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ تَمْرِينًا لَا وُجُوبًا

- ‌بَابُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ لَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ

- ‌أَبْوَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌[بَابُ وَقْتِ الظُّهْرِ]

- ‌[بَابُ تَعْجِيلِهَا وَتَأْخِيرِهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]

- ‌[بَابُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالضَّرُورَةِ]

- ‌[بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِهَا وَتَأْكِيدِهِ مَعَ الْغَيْمِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّهَا الْوُسْطَى وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا]

الفصل: ‌باب حكم الماء إذا لاقته النجاسة

‌بَابُ حُكْمِ الْمَاءِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ

13 -

(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا الْحِيَضُ وَلُحُومُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدَ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدِيثُ بِئْرِ بُضَاعَةَ صَحِيحٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «إنَّهُ يُسْتَقَى لَك مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ تُطْرَحُ فِيهَا مَحَايِضُ النِّسَاءِ، وَلَحْمُ الْكِلَابِ، وَعَذِرِ النَّاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» . قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعْت قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْت قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا قُلْت: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ؟ قَالَ: إلَى الْعَانَةِ، قُلْت: فَإِذَا نَقَصَ، قَالَ: دُونَ الْعَوْرَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: قَدَّرْت بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي فَمَدَدْتُهُ عَلَيْهَا ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَسَأَلْت الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَدْخَلَنِي إلَيْهِ هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ لَا، وَرَأَيْت فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

[بَابُ حُكْمِ الْمَاءِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ. وَقَدْ صَحَّحَهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حَزْمٍ وَالْحَاكِمُ، وَجَوَّدَهُ وَأَبُو أُسَامَةَ، وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَمْ نَرَ ذَلِكَ فِي الْعِلَلِ لَهُ وَلَا فِي السُّنَنِ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِجَهَالَةِ رَاوِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَاخْتِلَافِ الرُّوَاةِ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَلَهُ طَرِيقٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ ثُمَّ سَاقَهَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا: إسْنَادُهُ مَشْهُورٌ.

وَفِي الْبَابِ عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ «إنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو سُفْيَانَ طَرِيفُ بْنُ شِهَابٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مَتْرُوكٌ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ حِبَّانَ بِنَحْوِهِ. وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ. وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ وَابْنِ السَّكَنِ فِي صِحَاحِهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ.

وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا بِزِيَادَةِ الِاسْتِثْنَاءِ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ، وَلَفْظُهُ:«الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ أَوْ طَعْمِهِ» وَفِي إسْنَادِهِ رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ مَتْرُوكٌ. وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ مِثْلُهُ عِنْدَ

ص: 44

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

ابْنِ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيِّ وَفِيهِ أَيْضًا رِشْدِينُ.

وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ: «إنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ إلَّا إنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ» مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ بْنِ بَقِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَفِيهِ تُعُقِّبَ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ رِشْدِينَ بْنَ سَعْدٍ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ. وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ مُرْسَلًا. وَصَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ إرْسَالَهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُثْبِتُ أَهْلُ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لَا يَثْبُتُ هَذَا الْحَدِيثُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْمُحَدِّثُونَ عَلَى تَضْعِيفِهِ.

قَالَ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ: فَتَلَخَّصَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمَذْكُورَ ضَعِيفٌ فَتَعَيَّنَ الِاحْتِجَاجُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا: يَعْنِي الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ بِالنَّجَاسَةِ رِيحًا أَوْ لَوْنًا أَوْ طَعْمًا نَجِسٌ. وَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ. عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ فَغَيَّرَتْ لَهُ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا فَهُوَ نَجِسٌ انْتَهَى.

وَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ: قَوْلُهُ: (أَتَتَوَضَّأُ) بِتَاءَيْنِ مُثَنَّاتَيْنِ مِنْ فَوْقٍ خِطَابٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَذَا قَالَ فِي التَّلْخِيصِ. قَوْلُهُ: (النَّتْنُ) بِنُونٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ نُونٌ قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ التَّاءِ وَهُوَ الشَّيْءُ الَّذِي لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: نَتِنَ الشَّيْءُ بِكَسْرِ التَّاءِ يَنْتَنُ بِفَتْحِهَا فَهُوَ نَتِنٌ.

قَوْلُهُ: (بِئْرِ بُضَاعَةَ) أَهْلُ اللُّغَةِ يَضُمُّونَ الْبَاءَ وَيَكْسِرُونَهَا وَالْمَحْفُوظُ فِي الْحَدِيثِ الضَّمُّ. قَوْلُهُ: (وَالْحِيَضُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ جَمْعُ حِيضَةٍ بِكَسْرِ الْحَاءِ أَيْضًا مِثْلُ سِدْرٍ وَسِدْرَةٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا خِرْقَةُ الْحَيْضِ الَّذِي تَمْسَحُهُ الْمَرْأَةُ بِهَا، وَقِيلَ: الْحِيْضَةُ الْخِرْقَةُ الَّتِي تَسْتَثْفِرُ الْمَرْأَةُ بِهَا.

قَوْلُهُ: (عَذِرِ النَّاس) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ عَذِرَةٍ، كَلِمَةٌ وَكَلِمٌ وَهِيَ الْخُرْءُ وَأَصْلُهَا اسْمٌ لِفِنَاءِ الدَّارِ ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا الْخَارِجُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَظْرُوفِ بِاسْمِ الظَّرْفِ. قَوْلُهُ:(إلَى الْعَانَةِ) قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ: وَهِيَ مَوْضِعُ مَنْبَتِ الشَّعْرِ فَوْقَ قُبُلِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. قَوْلُهُ: (دُونَ الْعَوْرَةِ) قَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ عَوْرَةَ الرَّجُلِ أَيْ دُونَ الرُّكْبَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ رُكْبَتِهِ وَسُرَّتِهِ» .

قَوْلُهُ: (مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: يَعْنِي بِطُولِ الْمُكْثِ وَأَصْلِ الْمَنْبَعِ لَا بِوُقُوعِ شَيْءٍ أَجْنَبِيٍّ فِيهِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ شَيْءٍ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ أَوْصَافُهُ أَوْ بَعْضُهَا لَكِنَّهُ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِالنَّجَاسَةِ خَرَجَ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ فَكَانَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لَا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ كَمَا سَلَفَ، فَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ بِمَا لَاقَاهُ، وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا إلَّا إذَا تَغَيَّرَ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعِكْرِمَةُ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَالنَّخَعِيِّ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَمَالِكٌ وَالْغَزَالِيُّ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ: الْقَاسِمُ وَالْإِمَامُ يَحْيَى، وَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ، وَمِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ: الْهَادِي وَالْمُؤَيَّدُ

ص: 45

14 -

(وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْت «رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَسْأَلُ

ــ

[نيل الأوطار]

بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ وَالنَّاصِرُ إلَى أَنَّهُ يَنْجُسُ الْقَلِيلُ بِمَا لَاقَاهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ أَوْصَافُهُ إذْ تُسْتَعْمَلُ النَّجَاسَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 5] وَلِخَبَرِ الِاسْتِيقَاظِ، وَخَبَرِ الْوُلُوغِ وَلِحَدِيثِ:«لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ» وَحَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ وَلِتَرْجِيحِ الْحَظْرِ وَلِحَدِيثِ: «اسْتَفْتِ قَلْبَك وَإِنْ أَفْتَاك الْمُفْتُونَ» عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيِّ وَأَبِي نُعَيْمٍ مَرْفُوعًا.

وَحَدِيثِ: «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَأَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالُوا: فَحَدِيثُ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» مُخَصَّصٌ بِهَذِهِ الْأَدِلَّةِ وَاخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْقَلِيلِ الَّذِي يَجِبُ اجْتِنَابُهُ عِنْدَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ فَقِيلَ: مَا ظَنُّ اسْتِعْمَالُهَا بِاسْتِعْمَالِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ وَقِيلَ: دُونَ الْقُلَّتَيْنِ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي قَدْرِهِمَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَالنَّاصِرُ وَالْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ، وَأَجَابَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ لَا يَنْجُسُ بِالْمُلَاقَاةِ لِلنَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ بِاسْتِلْزَامِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي اعْتِبَارِ الظَّنِّ لِلدَّوْرِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْقَلِيلُ إلَّا بِظَنِّ الِاسْتِعْمَالِ وَلَا يُظَنُّ إلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا، وَأَيْضًا الظَّنُّ لَا يَنْضَبِطُ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ، وَأَيْضًا جَعَلُ ظَنِّ الِاسْتِعْمَالِ مَنَاطًا يَسْتَلْزِمُ اسْتِوَاءَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ.

وَعَنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ بِأَنَّهُ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ وَحَدِيثِ «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» فَمَا بَلَغَ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ وَلَا يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ فَنَجِسٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيُخَصُّ بِهِ حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ، وَحَدِيثُ:" لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ ". وَأَمَّا مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ فَإِنْ تَغَيَّرَ خَرَجَ عَنْ الطَّهَارَةِ بِالْإِجْمَاعِ وَبِمَفْهُومِ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ فَيُخَصُّ بِذَلِكَ عُمُومُ حَدِيثِ " لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ " وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِأَنْ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ لَمْ تُغَيِّرْهُ، فَحَدِيثُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ يَدُلُّ بِعُمُومِهِ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِ عَنْ الطَّهَارَةِ لِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَحَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى خُرُوجِهِ عَنْ الطَّهُورِيَّةِ بِمُلَاقَاتِهَا، فَمَنْ أَجَازَ التَّخْصِيصَ بِمِثْلِ هَذَا الْمَفْهُومِ قَالَ بِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَمَنْ مَنَعَ مِنْهُ مَنَعَهُ فِيهِ.

وَيُؤَيِّدُ جَوَازَ التَّخْصِيصِ بِهَذَا الْمَفْهُومِ لِذَلِكَ الْعُمُومِ بَقِيَّةُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا الْمَقَامُ مِنْ الْمَضَايِقِ الَّتِي لَا يَهْتَدِي إلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ فِيهَا إلَّا الْأَفْرَادُ. وَقَدْ حَقَّقْت الْمَقَامَ بِمَا هُوَ أَطْوَلُ مِنْ هَذَا وَأَوْضَحَ فِي طَيِّبِ النَّشْرِ عَلَى الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ. وَلِلنَّاسِ فِي تَقْدِيرِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ أَقْوَالٌ لَيْسَ عَلَيْهِ أَثَارَةٌ مِنْ عِلْمٍ فَلَا نَشْتَغِلُ بِذِكْرِهَا.

ص: 46

عَنْ الْمَاءِ يَكُونُ بِالْفَلَاةِ مِنْ الْأَرْضِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ السِّبَاعِ وَالدَّوَابِّ، فَقَالَ: إذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ، يَحْمِلْ الْخَبَثَ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَفِي لَفْظِ ابْنِ مَاجَهْ وَرِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ:" لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ ") .

ــ

[نيل الأوطار]

الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا. وَقَدْ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ وَاللَّفْظُ الْآخَرُ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْحَاكِمُ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظِ " لَا يَنْجُسُ " وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ. وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ مَنْدَهْ: إسْنَادُ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ انْتَهَى. وَمَدَارُهُ عَلَى الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ فَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ. وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي الْإِسْنَادِ.

وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا بِلَفْظِ «إذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَنْجُسْ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَبِلَفْظِ «إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّةً فَإِنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْخَبَثَ» كَمَا فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَابْنِ عَدِيٍّ وَالْعُقَيْلِيِّ وَبِلَفْظِ " أَرْبَعِينَ قُلَّةً " عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهَذَا اضْطِرَابٌ فِي الْمَتْنِ. وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ دَعْوَى الِاضْطِرَابِ فِي الْإِسْنَادِ بِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا مِنْ جَمِيعِ تِلْكَ الطُّرُقِ لَا يُعَدُّ اضْطِرَابًا؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ ثِقَةٍ إلَى ثِقَةٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُكَبَّرِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْمُصَغَّرِ، وَمَنْ رَوَاهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فَقَدْ وَهِمَ. وَلَهُ طَرِيقٌ ثَالِثَةٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ جَوَّدَ إسْنَادَهَا ابْنُ مَعِينٍ.

وَعَنْ دَعْوَى الِاضْطِرَابِ فِي الْمَتْنِ بِأَنَّ رِوَايَةَ أَوْ ثَلَاثٍ شَاذَّةٌ وَرُوَاةُ أَرْبَعِينَ قُلَّةٍ مُضْطَرِبَةٌ وَقِيلَ: إنَّهُمَا مَوْضُوعَتَانِ ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الْبَدْرِ الْمُنِيرِ. وَرِوَايَةُ أَرْبَعِينَ ضَعَّفَهَا الدَّارَقُطْنِيّ بِالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيِّ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْقُلَّتَيْنِ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ غَيْرُ ثَابِتٍ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ؛ لِأَنَّهُ حَدِيثٌ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلِأَنَّ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يُوقَفْ عَلَى حَقِيقَةِ مَبْلَغِهِمَا فِي أَثَرٍ ثَابِتٍ وَلَا إجْمَاعٍ، وَقَالَ فِي الِاسْتِذْكَارِ: حَدِيثٌ مَعْلُولٌ رَدَّهُ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَتَكَلَّمَ فِيهِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّمَا لَمْ نَقُلْ بِهِ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْقُلَّتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ.

وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى طَرِيقَةِ الْفُقَهَاءِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ الِاضْطِرَابِ. وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِقِلَالِ هَجَرَ فَلَمْ يَثْبُتْ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ صَقْلَابٍ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، قَالَ النُّفَيْلِيُّ: لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَنًا عَلَى الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى عَامَّةِ حَدِيثِهِ وَلَكِنَّ أَصْحَابَ الشَّافِعِيِّ قَوَّوْا كَوْنَ الْمُرَادِ قِلَالَ هَجَرَ بِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْعَرَبِ لَهَا فِي أَشْعَارِهِمْ،

ص: 47

15 -

(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، وَهَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ: " ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ "، وَلَفْظُ الْبَاقِينَ: " ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ ") .

ــ

[نيل الأوطار]

كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الطُّهُورِ.

وَكَذَلِكَ وَرَدَ التَّقْيِيدُ بِهَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قِلَالُ هَجَرَ كَانَتْ مَشْهُورَةً عِنْدَهُمْ وَلِهَذَا شَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا رَأَى لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ مِنْ نَبْقِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى بِقِلَالِ هَجَرَ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: قِلَالُ هَجَرَ مَشْهُورَةُ الصَّنْعَةِ مَعْلُومَةُ الْمِقْدَارِ وَالْقُلَّةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ وَبَعْدَ صَرْفِهَا إلَى أَحَدِ مَعْلُومَاتِهَا وَهِيَ الْأَوَانِي تَبْقَى مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْكِبَارِ وَالصِّغَارِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْكِبَارِ جَعْلُ الشَّارِعِ الْحَدَّ مُقَدَّرًا بِعَدَدٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَشَارَ إلَى أَكْبَرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي تَقْدِيرِهِ بِقُلَّتَيْنِ صَغِيرَتَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيرِ بِوَاحِدَةٍ كَبِيرَةٍ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ التَّكَلُّفِ وَالتَّعَسُّفِ.

قَوْلُهُ: (مَا يَنُوبُهُ) هُوَ بِالنُّونِ أَيْ يَرِدُ عَلَيْهِ نَوْبَةً بَعْدَ أُخْرَى. وَحَكَى الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّ ابْنَ الْمُبَارَكِ صَحَّفَهُ فَقَالَ: يَثُوبهُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْمِلْ الْخَبَثَ) هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ: النَّجَسَ كَمَا وَقَعَ تَفْسِيرُ ذَلِكَ بِالنَّجَسِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَالتَّقْدِيرُ لَمْ يَقْبَلْ النَّجَاسَةَ بَلْ يَدْفَعُهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَضْعُفُ عَنْ حَمْلِهَا لَمْ يَكُنْ لِلتَّقْيِيدِ بِالْقُلَّتَيْنِ مَعْنًى فَإِنَّ مَا دُونَهُمَا أَوْلَى بِذَلِكَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَقْبَلُ حُكْمَ النَّجَاسَةِ. وَلِلْخَبَثِ مَعَانٍ أُخَرُ ذَكَرَهَا فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُرَادُ هَهُنَا مَا ذَكَرْنَا.

وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَدْرَ الْقُلَّتَيْنِ لَا يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَكَذَا مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ بِالْأَوْلَى، وَلَكِنَّهُ مُخَصَّصٌ أَوْ مُقَيَّدٌ بِحَدِيثِ «إلَّا مَا غَيَّرَ رِيحَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ طَعَمَهُ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَقَدْ وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى مَعْنَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْكَلَامِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ.

قَوْلُهُ: (الدَّائِمِ) تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ. قَوْلُهُ: (الَّذِي لَا يَجْرِي) قِيلَ: هُوَ تَفْسِيرٌ لِلدَّائِمِ وَإِيضَاحٌ لِمَعْنَاهُ وَقَدْ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ رَاكِدٍ يَجْرِي بَعْضُهُ كَالْبِرَكِ. وَقِيلَ: احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمَاءِ الرَّاكِدِ لِأَنَّهُ جَارٍ مِنْ حَيْثُ الصُّورَةُ سَاكِنٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْقَيْدَ حَيْثُ جَاءَ بِلَفْظِ: الرَّاكِدِ بَدَلَ الدَّائِمِ. وَكَذَلِكَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الدَّائِمُ مِنْ حُرُوفِ الْأَضْدَادِ يُقَالُ لِلسَّاكِنِ وَالدَّائِرِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ: لَا يَجْرِي. صِفَةٌ مُخَصِّصَةٌ لِأَحَدِ مَعْنَى الْمُشْتَرَكِ. وَقِيلَ: الدَّائِمُ وَالرَّاكِدُ مُقَابِلَانِ لِلْجَارِي، لَكِنَّ الدَّائِمَ الَّذِي لَهُ نَبْعٌ وَالرَّاكِدُ الَّذِي لَا نَبْعَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ) ضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِضَمِّ اللَّامِ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ. قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا: وَذَكَرَ

ص: 48

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا جَزْمُهُ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ يَبُولَنَّ ثُمَّ نَصَبَهُ بِإِضْمَارِ أَنْ وَإِعْطَاءِ ثُمَّ حُكْمَ وَاوِ الْجَمْعِ، فَأَمَّا الْجَزْمُ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْبَوْلُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَالْغُسْلُ عَلَى انْفِرَادِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَسَاوِي الْأَمْرَيْنِ فِي النَّهْيِ عَنْهُمَا.

وَأَمَّا النَّصْبُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا دُونَ إفْرَادِ أَحَدِهِمَا وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، بَلْ الْبَوْلُ فِيهِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ سَوَاءً أَرَادَ الِاغْتِسَالَ فِيهِ أَمْ لَا، وَضَعَّفَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُتَعَدِّدَةِ لَفْظٌ وَاحِدٌ فَيُؤْخَذُ النَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ إنْ ثَبَتَتْ رِوَايَةُ النَّصْبِ، وَيُؤْخَذُ النَّهْيُ عَنْ الْإِفْرَادِ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ هِشَامٍ فِي الْمُغْنِي فَقَالَ: إنَّهُ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ ابْنُ مَالِكٍ إعْطَاءَهَا حُكْمَهَا فِي النَّصْبِ لَا فِي الْمَعِيَّةِ قَالَ: وَأَيْضًا مَا أَوْرَدَهُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ قَبِيلِ الْمَفْهُومِ لَا الْمَنْطُوقِ، وَقَدْ قَامَ دَلِيلٌ آخَرُ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ وَنَظِيرُهُ إجَازَةُ الزَّجَّاجِ وَالزَّمَخْشَرِيِّ، فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42] كَوْنُ تَكْتُمُوا مَجْزُومًا وَكَوْنُهُ مَنْصُوبًا مَعَ أَنَّ النَّصْبَ مَعْنَاهُ النَّهْيُ اهـ.

وَقَدْ اعْتَرَضَ الْجَزْمَ الْقُرْطُبِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ النَّهْيَ عَنْهُ لَقَالَ: ثُمَّ يَغْتَسِلَنَّ بِالتَّأْكِيدِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَأْكِيدِ النَّهْيِ أَنْ لَا يُعْطَفَ عَلَيْهِ نَهْيٌ آخَرُ غَيْرُ مُؤَكَّدٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لِلتَّأْكِيدِ مَعْنًى فِي أَحَدِهِمَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ مُجَرَّدِ الْغُسْلِ مِنْ دُونِ ذِكْرٍ لِلْبَوْلِ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ فِي بَابِ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِ الْمَاءِ، وَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ مُجَرَّدِ الْبَوْلِ مِنْ دُونِ ذِكْرٍ لِلْغُسْلِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ» وَالنَّهْيُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى انْفِرَادٍ يَسْتَلْزِمُ النَّهْيَ عَنْ فِعْلِهِمَا جَمِيعًا بِالْأَوْلَى.

وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ إنْ صَحَّتْ رِوَايَةُ النَّصْبِ، وَالنَّهْيُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَدِيثٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ عَلَى رِوَايَةِ الْجَزْمِ، وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ الرَّفْعِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّهُ نَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى مَآلِ الْحَالِ، وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَضْرِبَنَّ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ ضَرَبَ الْأَمَةِ ثُمَّ يُضَاجِعُهَا» أَيْ ثُمَّ هُوَ يُضَاجِعُهَا وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ الضَّرْبِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَحْتَاجُ فِي مَآلِ حَالِهِ إلَى مُضَاجَعَتِهَا فَتَمْتَنِعُ لِإِسَاءَتِهِ إلَيْهَا فَيَكُونُ الْمُرَادُ هَهُنَا النَّهْيُ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ لِأَنَّ الْبَائِلَ يَحْتَاجُ فِي مَآلِ حَالِهِ إلَى التَّطَهُّرِ بِهِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ لِلنَّجَاسَةِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا النَّهْيُ فِي بَعْضِ الْمِيَاهِ لِلتَّحْرِيمِ، وَفِي بَعْضِهَا لِلْكَرَاهَةِ فَإِنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا جَارِيًا لَمْ يَحْرُمْ الْبَوْلُ فِيهِ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا جَارِيًا فَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: يُكْرَهُ. وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِأَنَّهُ يُقَذِّرُهُ وَيُنَجِّسُهُ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ، وَهَكَذَا إذَا كَانَ كَثِيرًا رَاكِدًا أَوْ قَلِيلًا، لِذَلِكَ قَالَ: وَقَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ: يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَاءِ

ص: 49

بَابُ أَسْآرِ الْبَهَائِمِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْقُلَّتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهَا وَإِلَّا يَكُونُ التَّحْدِيدُ بِالْقُلَّتَيْنِ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ عَنْ وُرُودِهَا عَلَى الْمَاءِ عَبَثًا.

16 -

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ

ــ

[نيل الأوطار]

الرَّاكِدِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَكَذَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْعَيْنِ. الْجَارِيَةِ، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ لَا التَّحْرِيمِ انْتَهَى. وَيُنْظَرُ مَا الْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّحْرِيمِ، وَلَا فَرْقَ فِي تَحْرِيمِ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْبَوْلُ فِيهِ أَوْ فِي إنَاءٍ ثُمَّ يُصَبَّ إلَيْهِ خِلَافًا لِلظَّاهِرِيَّةِ، وَالتَّغَوُّطُ كَالْبَوْلِ وَأَقْبَحُ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ إلَّا مَا حُكِيَ عَنْ دَاوُد الظَّاهِرِيِّ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ أَقْبَحُ مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي الْجُمُودِ عَلَى الظَّاهِرِ. وَقَدْ نَصَرَ قَوْلَ دَاوُد ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى وَأَوْرَدَ لِلْفُقَهَاءِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَتْبَاعُهُمْ عَلَى دَاوُد شَيْئًا وَاسِعًا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَحَمَلَتْهُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَا دُونَ الْقُلَّتَيْنِ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّ قَدْرَ الْقُلَّتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ.

وَقِيلَ: حَدِيثُ الْقُلَّتَيْنِ عَامٌّ فِي الْأَنْجَاسِ فَيُخَصُّ بِبَوْلِ الْآدَمِيِّ، وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ هُوَ عَدَمُ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ بِالْمُتَنَجِّسِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَسْتَوِي فِيهِ سَائِرُ النَّجَاسَاتِ وَلَا يَتَّجِهُ تَخْصِيصُ بَوْلِ الْآدَمِيِّ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى هَذَا الْمَعْنَى. قَوْلُهُ:(ثُمَّ يَتَوَضَّأُ مِنْهُ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَا يَخْتَصُّ بِالْغُسْلِ بَلْ الْوُضُوءُ فِي مَعْنَاهُ، وَلَوْ لَمْ يَرِدْ هَذَا لَكَانَ مَعْلُومًا لِاسْتِوَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ) هَذَا اللَّفْظُ ثَابِتٌ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ، وَلِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى، " ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ " قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ اللَّفْظَيْنِ يُفِيدُ حُكْمًا بِالنَّصِّ وَحُكْمًا بِالِاسْتِنْبَاطِ اهـ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ بِلَفْظِ فِيهِ تَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الِانْغِمَاسِ بِالنَّصِّ وَعَلَى مَنْعِ التَّنَاوُلِ بِالِاسْتِنْبَاطِ، وَالرِّوَايَةُ بِلَفْظِ مِنْهُ بِعَكْسِ ذَلِكَ. وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا عَلَى نَجَاسَةِ الْمُسْتَعْمَلِ وَعَلَى أَنَّهُ طَاهِرٌ مَسْلُوبُ الطَّهُورِيَّةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْبَحْثَيْنِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَمَنْ ذَهَبَ إلَى خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ حَمَلَ هَذَا الْخَبَرَ عَلَى مَا دُونَهُمَا، وَخَبَرَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَلَى مَا بَلَغَهُمَا جَمْعًا بَيْنَ الْكُلِّ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ ذَلِكَ.

ص: 50