الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
(عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ وَالنَّسَائِيُّ قَالَا: وَضُوءُ الْمَرْأَةِ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ، وَقَدْ رَوَى بَعْدَهُ حَدِيثًا آخَرَ: الصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، يَعْنِي حَدِيثَ الْحَكَمِ)
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ]
الْحَدِيثُ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى: قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدِيثُ الْحَكَمِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَضْعِيفِهِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ وَقَدْ أَغْرَبَ النَّوَوِيُّ بِذَلِكَ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ أَوْ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا» قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ: رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَلَمْ أَقِفْ لِمَنْ أَعَلَّهُ عَلَى حُجَّةٍ قَوِيَّةٍ، وَدَعْوَى الْبَيْهَقِيّ أَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُرْسَلِ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ إبْهَامَ الصَّحَابِيِّ لَا يَضُرُّ وَقَدْ صَرَّحَ التَّابِعِيُّ بِأَنَّهُ لَقِيَهُ. وَدَعْوَى ابْنِ حَزْمٍ أَنَّ دَاوُد الَّذِي رَوَاهُ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ - وَهُوَ ضَعِيفٌ مَرْدُودَةٌ، فَإِنَّهُ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ وَهُوَ ثِقَةٌ، وَقَدْ صَرَّحَ بِاسْمِ أَبِيهِ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَصَرَّحَ الْحَافِظُ أَيْضًا فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بِأَنَّ إسْنَادَهُ صَحِيحٌ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ الصَّحَابِيُّ وَنَسَبَهُ ابْنُ حَزْمٍ إلَى الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو رَاوِي الْحَدِيثِ وَجُوَيْرِيَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ لَكِنْ قَيَّدَاهُ بِمَا إذَا خَلَتْ بِهِ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالشَّعْبِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ الْمَنْعُ لَكِنْ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا. وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي مَنْعِ التَّطَهُّرِ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ وَفِي جَوَازِهِ مُضْطَرِبَةٌ، لَكِنْ قَالَ: صَحَّ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ الْمَنْعُ فِيمَا إذَا خَلَتْ بِهِ، وَعُورِضَ بِأَنَّ الْجَوَازَ أَيْضًا نُقِلَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا سَيَأْتِي مِنْ الْأَدِلَّةِ.
وَقَدْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِحَمْلِ أَحَادِيثِ النَّهْيِ عَلَى مَا تَسَاقَطَ مِنْ الْأَعْضَاءِ لِكَوْنِهِ قَدْ صَارَ مُسْتَعْمَلًا، وَالْجَوَازُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الْمَاءِ، وَبِذَلِكَ جَمَعَ الْخَطَّابِيِّ وَأَحْسَنُ مِنْهُ مَا جَمَعَ بِهِ الْحَافِظُ فِي
10 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .
11 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ بِفَضْلِ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .
12 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَفْنَةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت جُنُبًا، فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .
ــ
[نيل الأوطار]
الْفَتْحِ مِنْ حَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ بِقَرِينَةِ أَحَادِيثِ الْجَوَازِ الْآتِيَةِ.
10 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ» ، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) .
11 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ بِفَضْلِ غُسْلِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ) .
12 -
(وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي جَفْنَةٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِيَتَوَضَّأَ مِنْهَا أَوْ يَغْتَسِلَ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت جُنُبًا، فَقَالَ: إنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) . حَدِيثُهُ الْأَوَّلُ مَعَ كَوْنِهِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ قَدْ أَعَلَّهُ قَوْمٌ بِتَرَدُّدٍ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ حَيْثُ قَالَ: وَعِلْمِي وَاَلَّذِي يَخْطِرُ عَلَى بَالِي أَنَّ أَبَا الشَّعْثَاءِ أَخَبَرَنِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَقَدْ وَرَدَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِلَا تَرَدُّدٍ. وَأُعِلَّ أَيْضًا بِعَدَمِ ضَبْطِ الرَّاوِي وَمُخَالَفَتِهِ وَالْمَحْفُوظُ مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ: «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَيْمُونَةَ كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ، كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَدْ أَعَلَّهُ قَوْمٌ بِسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ رَاوِيهِ عَنْ عِكْرِمَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ، لَكِنْ قَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ وَهُوَ لَا يَحْمِلُ عَنْ مَشَايِخِهِ إلَّا صَحِيحَ حَدِيثِهِمْ. قَوْلُهُ:(لَا يُجْنِبُ) فِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ وَفِي أُخْرَى بِضَمِّهَا، فَالْأُولَى مِنْ جَنُبَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا، وَالثَّانِيَةُ مِنْ أَجْنَبَ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقَدْ أَجْنَبَ وَجَنِبَ وَجَنُبَ وَاسْتَجْنَبَ وَهُوَ جُنُبٌ يَسْتَوِي لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ اهـ. وَظَاهِرُ حَدِيثَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَيْمُونَةَ مُعَارِضٌ لِحَدِيثِ الْحَكَمِ السَّابِقِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ الَّذِي مِنْ الصَّحَابَةِ فَيَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ بِمَا سَلَفَ. لَا يُقَالُ: إنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْخَاصَّ بِالْأُمَّةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ تَعْلِيلَهُ الْجَوَازَ بِأَنَّ الْمَاءَ لَا يُجْنِبُ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِهِ.
وَأَيْضًا النَّهْيُ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الرَّجُلِ تَشْمَلُهُ صلى الله عليه وسلم بِطَرِيقِ الظُّهُورِ، وَقَدْ تَقَرَّرَ دُخُولُ الْمُخَاطَبِ فِي خِطَابِ نَفْسِهِ، نَعَمْ، لَوْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ التَّعْلِيلَ كَانَ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم مُخَصِّصًا لَهُ مِنْ عُمُومِ الْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ. وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ الِاتِّفَاقَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
عَلَى جَوَازِ وُضُوءِ الْمَرْأَةِ بِفَضْلِ الرَّجُلِ دُونَ الْعَكْسِ، وَتَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ الطَّحَاوِيُّ قَدْ أَثْبَتَ فِيهِ الْخِلَافَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قُلْت: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الرُّخْصَةِ لِلرَّجُلِ مِنْ فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ وَالْإِخْبَارُ بِذَلِكَ أَصَحُّ، وَكَرِهَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إذَا خَلَتْ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، وَحَمَلُوا حَدِيثَ مَيْمُونَةَ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَخْلُ بِهِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ الْحَكَمِ.
فَأَمَّا غُسْلُ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَوُضُوءُهُمَا جَمِيعًا فَلَا اخْتِلَافَ فِيهِ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: «كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَنَابَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا» . وَلِمُسْلِمٍ: «مِنْ إنَاءٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لِي، دَعْ لِي» .
وَفِي لَفْظِ النَّسَائِيّ «مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ يُبَادِرُنِي وَأُبَادِرُهُ حَتَّى يَقُولَ: دَعِي لِي وَأَنَا أَقُولُ: دَعْ لِي» اهـ.
وَقَدْ وَافَقَ الْمُصَنِّفَ فِي نَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى جَوَازِ اغْتِسَالِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ جَمِيعًا الطَّحَاوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا حَكَاهُ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْهُ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ قَوْمٍ. وَمِنْ جُمْلَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الِاغْتِسَالِ وَالْوُضُوءِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ جَمِيعًا مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أُمِّ صَبِيَّةَ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ «اخْتَلَفَتْ يَدِي وَيَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوُضُوءِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ» وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:«كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّئُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» قَالَ مُسَدَّدٌ: مِنْ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ جَمِيعًا قَالَ فِي الْفَتْحِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الْمَاءَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَحَكَى ابْنُ التِّينِ عَنْ قَوْمٍ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ كَانُوا يَتَوَضَّئُونَ جَمِيعًا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ هَؤُلَاءِ عَلَى حِدَةٍ وَهَؤُلَاءِ عَلَى حِدَةٍ، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، تَرُدُّ عَلَيْهِ. وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ اسْتَبْعَدَ اجْتِمَاعَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْأَجَانِبِ. وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ التِّينِ عَنْهُ بِمَا حَكَاهُ سَحْنُونٌ أَنَّ مَعْنَاهُ كَانَ الرِّجَالُ يَتَوَضَّئُونَ وَيَذْهَبُونَ، ثُمَّ يَأْتِي النِّسَاءُ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ قَوْلُهُ: جَمِيعًا، مَعْنَاهُ ضِدُّ الْمُفْتَرِقِ كَمَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَقَدْ وَقَعَ مُصَرَّحًا بِوُجُودِ الْإِنَاءِ فِي صَحِيحِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ «أَبْصَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ يَتَطَهَّرُونَ، وَالنِّسَاءُ مَعَهُمْ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ يَتَطَهَّرُونَ مِنْهُ» وَالْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: لَا مَانِعَ مِنْ الِاجْتِمَاعِ قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَيَخْتَصُّ بِالْمَحَارِمِ وَالزَّوْجَاتِ.