المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب بيان أنها الوسطى وما ورد في ذلك في غيرها] - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار - ط الحديث - جـ ١

[الشوكاني]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[كِتَاب الطَّهَارَة]

- ‌[أَبْوَابُ الْمِيَاهِ]

- ‌[بَابُ طَهُورِيَّةِ مَاءِ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ

- ‌بَابُ بَيَانِ زَوَالِ تَطْهِيرِهِ

- ‌[بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ مَا يَغْتَرِفُ مِنْهُ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ غَسْلِ وَجْهِهِ مُسْتَعْمَلًا]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ]

- ‌بَابُ حُكْمِ الْمَاءِ إذَا لَاقَتْهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ أَسْآرِ الْبَهَائِمِ]

- ‌[بَابُ سُؤْرِ الْهِرِّ]

- ‌[أَبْوَابُ تَطْهِيرِ النَّجَاسَةِ وَذِكْرِ مَا نُصَّ عَلَيْهِ مِنْهَا] [

- ‌بَابُ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ فِي الْوُلُوغِ]

- ‌بَابُ الْحَتِّ وَالْقَرْصِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْأَثَرِ بَعْدَهُمَا

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ

- ‌بَابُ تَطْهِيرِ الْأَرْضِ النَّجِسَةِ بِالْمُكَاثَرَةِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي أَسْفَلِ النَّعْلِ تُصِيبُهُ النَّجَاسَةُ

- ‌[بَابُ نَضْحِ بَوْلِ الْغُلَامِ إذَا لَمْ يُطْعَمْ]

- ‌[بَابُ الرُّخْصَةِ فِي بَابِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَذْيِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَنِيِّ

- ‌بَابُ أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ لَمْ يَنْجُسْ بِالْمَوْتِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَلَا شَعْرُهُ وَأَجْزَاؤُهُ بِالِانْفِصَالِ]

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي تَطْهِيرِ الدَّبَّاغِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي نَسْخِ تَطْهِيرِ الدِّبَاغِ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ أَكْلِ جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَإِنْ دُبِغَ]

- ‌بَابُ نَجَاسَةِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ إذَا ذُبِحَ

- ‌[أَبْوَابُ الْأَوَانِي]

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ التَّضْبِيبِ بِهِمَا إلَّا بِيَسِيرِ الْفِضَّةِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي آنِيَةِ الصُّفْرِ وَنَحْوِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْمِيرِ الْأَوَانِي

- ‌بَابُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ

- ‌[أَبْوَابُ أَحْكَامِ التَّخَلِّي] [

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَخَلِّي عِنْد دُخُوله وَخُرُوجه]

- ‌بَابُ كَفِّ الْمُتَخَلِّي عَنْ الْكَلَامِ

- ‌[بَابُ تَرْكِ اسْتِصْحَابِ مَا فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ]

- ‌بَابُ الْإِبْعَادِ وَالِاسْتِتَارِ لِلتَّخَلِّي فِي الْفَضَاءِ

- ‌[بَابُ نَهْي الْمُتَخَلِّي عَنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا] [

- ‌بَاب جَوَازِ ذَلِكَ بَيْن الْبُنَيَانِ]

- ‌بَابُ ارْتِيَادِ الْمَكَانِ الرَّخْوِ وَمَا يُكْرَهُ التَّخَلِّي فِيهِ

- ‌بَابُ الْبَوْلِ فِي الْأَوَانِي لِلْحَاجَةِ

- ‌[بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا]

- ‌بَابُ وُجُوبِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحَجَرِ أَوْ الْمَاءِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ الْأَحْجَارِ

- ‌بَابٌ فِي إلْحَاقِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْأَحْجَارِ بِهَا

- ‌[بَابُ النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ]

- ‌(بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُسْتَنْجَى بِمَطْعُومٍ أَوْ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ)

- ‌(بَابُ مَا لَا يُسْتَنْجَى بِهِ لِنَجَاسَتِهِ)

- ‌بَابُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ تَقْدِمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى الْوُضُوءِ

- ‌أَبْوَابُ السِّوَاكِ وَسُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى السِّوَاكِ وَذِكْرِ مَا يَتَأَكَّدُ عِنْدَهُ

- ‌بَابُ تَسَوُّكِ الْمُتَوَضِّئِ بِأُصْبُعِهِ عِنْدَ الْمَضْمَضَةِ

- ‌[بَابُ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ]

- ‌بَابُ سُنَنِ الْفِطْرَةِ

- ‌بَابُ الْخِتَانِ

- ‌بَابُ أَخْذِ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءِ اللِّحْيَةِ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌بَابُ تَغْيِيرِ الشَّيْبِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ وَنَحْوِهِمَا وَكَرَاهَةِ السَّوَادِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ اتِّخَاذِ الشَّعْرِ وَإِكْرَامِهِ وَاسْتِحْبَابِ تَقْصِيرِهِ]

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقَزَعِ وَالرُّخْصَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ الْإِطْلَاءِ بِالنُّورَةِ

- ‌أَبْوَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ فَرْضِهِ وَسُنَنِهِ

- ‌بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ لَهُ

- ‌[بَابُ التَّسْمِيَةِ لِلْوُضُوءِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ غَسْلِ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الْمَضْمَضَةِ وَتَأْكِيدِهِ لِنَوْمِ اللَّيْلِ

- ‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي جَوَازِ تَأْخِيرِهِمَا عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ

- ‌بَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ اللِّحْيَةِ

- ‌[بَابٌ فِي أَنَّ إيصَالَ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ اللِّحْيَةِ الْكَثَّةِ لَا يَجِبُ]

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ]

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ الْمَاقَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ غُضُونِ الْوَجْهِ

- ‌[بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ وَإِطَالَةِ الْغُرَّةِ]

- ‌بَابُ تَحْرِيكِ الْخَاتَمِ وَتَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ وَدَلْكِ مَا يَحْتَاجُ إلَى دَلْكٍ

- ‌بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ كُلِّهِ وَصِفَتِهِ وَمَا جَاءَ فِي مَسْحِ بَعْضِهِ

- ‌بَابُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَمْ لَا

- ‌بَابُ أَنَّ الْأُذُنَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ بِمَائِهِ

- ‌بَابُ مَسْحِ ظَاهِرِ الْأُذُنَيْنِ وَبَاطِنِهِمَا

- ‌بَابُ مَسْحِ الصُّدْغَيْنِ وَأَنَّهُمَا مِنْ الرَّأْسِ

- ‌بَابُ مَسْحِ الْعُنُقِ

- ‌[بَابُ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَبَيَانُ أَنَّهُ الْفَرْضُ

- ‌[بَابُ مَا يَظْهَرُ مِنْ الرَّأْسِ غَالِبًا مِنْ الْعِمَامَةِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّنِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا وَكَرَاهَةِ مَا جَاوَزَهَا]

- ‌[بَابُ مَا يَقُولُ إذَا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ]

- ‌بَابُ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ جَوَازِ الْمُعَاوَنَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْمِنْدِيلِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ

- ‌أَبْوَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[بَابٌ فِي شرعية الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْمُوقَيْنِ وَعَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ جَمِيعًا

- ‌بَابُ اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ اللُّبْسِ

- ‌بَابُ تَوْقِيتِ مُدَّةِ الْمَسْحِ

- ‌بَابُ اخْتِصَاصِ الْمَسْحِ بِظَهْرِ الْخُفّ

- ‌أَبْوَابُ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ الْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ لَا الْيَسِيرِ مِنْهُ عَلَى إحْدَى حَالَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ الْقُبُلِ]

- ‌[بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لُحُومِ الْإِبِلِ]

- ‌[بَابُ الْمُتَطَهِّرِ يَشُكُّ هَلْ أَحْدَثَ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ

- ‌[أَبْوَابُ مَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لِأَجْلِهِ] [

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ وَالرُّخْصَةُ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ اسْتِحْبَابِ الطَّهَارَةِ لِذِكْرِ اللَّهِ عز وجل وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ]

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌[بَابُ تَأْكِيدِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ وَاسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لَهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَةِ]

- ‌[بَابُ جَوَازِ تَرْكِ الْوُضُوء لِلْجَنْبِ]

- ‌[أَبْوَابُ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ]

- ‌[بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنِيِّ]

- ‌بَابُ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَنَسْخِ الرُّخْصَةِ فِيهِ

- ‌[بَابُ مَنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَوْ بِالْعَكْسِ]

- ‌[بَابُ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ]

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اجْتِيَازِ الْجُنُبِ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْعِهِ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ

- ‌[بَابُ طَوَافِ الْجُنُبِ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَبِأَغْسَالٍ]

- ‌[أَبْوَابُ الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ] [

- ‌بَابُ غُسْلِ الْجُمُعَةِ]

- ‌بَابُ غُسْلِ الْعِيدَيْنِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ مِنْ غَسْلِ الْمَيِّتِ

- ‌بَابُ الْغُسْلِ لِلْإِحْرَامِ وَلِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَدُخُولِ مَكَّةَ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌بَابُ غُسْلِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا أَفَاقَ

- ‌بَابُ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌بَابُ تَعَاهُدِ بَاطِنِ الشُّعُورِ وَمَا جَاءَ فِي نَقْضِهَا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ نَقْضِ الشَّعْرِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ وَتَتَبُّعِ أَثَرِ الدَّمِ فِيهِ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي قَدْرِ الْمَاءِ فِي الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الِاسْتِتَارِ عَنْ الْأَعْيُنِ لَلْمُغْتَسِلِ وَجَوَازِ تَجَرُّدِهِ فِي الْخَلْوَةِ

- ‌بَابُ الدُّخُولِ فِي الْمَاءِ بِغَيْرِ إزَارٍ

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي دُخُولِ الْحَمَّامِ

- ‌كِتَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لِلصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً

- ‌[بَابُ تَيَمُّمِ الْجُنُبِ لَلْجَرْحِ]

- ‌بَابُ الْجُنُبِ يَتَيَمَّمُ لَخَوْفِ الْبَرْدِ

- ‌بَابُ الرُّخْصَةِ فِي الْجِمَاعِ لِعَادِمِ الْمَاءِ

- ‌[بَابُ اشْتِرَاطِ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلتَّيَمُّمِ]

- ‌بَابُ مَنْ وَجَدَ مَا يَكْفِي بَعْضَ طَهَارَتِهِ يَسْتَعْمِلُهُ

- ‌بَابُ تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ دُون بَقِيَّةِ الْجَامِدَاتِ

- ‌بَابُ صِفَةِ التَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ مَنْ تَيَمَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَصَلَّى ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ

- ‌بَابُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِوِجْدَانِ الْمَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ مَاءٍ وَلَا تُرَابٍ عِنْدَ الضَّرُورَةِ

- ‌[أَبْوَابُ الْحَيْضِ والاستحاضة]

- ‌[بَابُ بِنَاءِ الْمُعْتَادَةِ إذَا اُسْتُحِيضَتْ عَلَى عَادَتِهَا]

- ‌بَابُ الْعَمَلِ بِالتَّمْيِيزِ

- ‌[بَابُ مَنْ تَحِيضُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا لِفَقْدِ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ]

- ‌[بَابُ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ بَعْدَ الْعَادَةِ]

- ‌بَابُ وُضُوءِ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌[بَابُ تَحْرِيمِ وَطْءِ الْحَائِضِ فِي الْفَرْجِ وَمَا يُبَاحُ مِنْهَا]

- ‌[بَابُ كَفَّارَةِ مِنْ أَتَى حَائِضًا]

- ‌[بَابُ الْحَائِضِ لَا تَصُومُ وَلَا تُصَلِّي وَتَقْضِي الصَّوْمَ دُونَ الصَّلَاةِ]

- ‌[بَاب سُؤْرِ الْحَائِضِ وَمُؤَاكَلَتِهَا]

- ‌[بَابُ وَطْءِ الْمُسْتَحَاضَةِ]

- ‌[كِتَابُ النِّفَاسِ]

- ‌[بَابُ أَكْثَرِ النِّفَاسِ]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ سُقُوطِ الصَّلَاةِ عَنْ النُّفَسَاءِ]

- ‌[بَابُ افْتِرَاض الصَّلَاة وَمَتَى كَانَ]

- ‌بَابُ قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌[بَابُ حُجَّةِ مَنْ كَفَّرَ تَارِكَ الصَّلَاةِ]

- ‌بَابُ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ تَارِكَ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ أَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ تَمْرِينًا لَا وُجُوبًا

- ‌بَابُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ لَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ

- ‌أَبْوَابُ الْمَوَاقِيتِ

- ‌[بَابُ وَقْتِ الظُّهْرِ]

- ‌[بَابُ تَعْجِيلِهَا وَتَأْخِيرِهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]

- ‌[بَابُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالضَّرُورَةِ]

- ‌[بَاب مَا جَاءَ فِي تَعْجِيلِهَا وَتَأْكِيدِهِ مَعَ الْغَيْمِ]

- ‌[بَابُ بَيَانِ أَنَّهَا الْوُسْطَى وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا]

الفصل: ‌[باب بيان أنها الوسطى وما ورد في ذلك في غيرها]

432 -

(عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَوْمَ الْأَحْزَابِ: مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِمُسْلِمٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ) » .

433 -

(وَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ: «كُنَّا نَرَاهَا الْفَجْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ» يَعْنِي صَلَاةَ الْوُسْطَى. رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ) .

ــ

[نيل الأوطار]

أَوْ اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ قَبْلَ فِعْلِ الصَّلَاةِ، وَلِهَذِهِ الزِّيَادَةِ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ بِقَوْلِهِ: وَتَأْكِيدُهُ فِي الْغَيْمِ. وَالْحَدِيث مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ لَكِنْ مُقَيَّدًا بِذَلِكَ الْقَيْدِ وَعَلَى عِظَمِ ذَنْبِ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ مَزِيدُ بَيَانٍ

[بَابُ بَيَانِ أَنَّهَا الْوُسْطَى وَمَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ فِي غَيْرِهَا]

هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْأَخِيرَةُ رَوَاهَا ابْنُ مَهْدِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قُلْتُ لِعُبَيْدَةَ: «سَلْ عَلِيًّا عليه السلام عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَسَأَلَهُ فَقَالَ: كُنَّا نَرَاهَا الْفَجْرَ حَتَّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ» قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ. وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا آكَدُ الصَّلَوَاتِ.

(الْقَوْلُ الْأَوَّلُ) أَنَّهَا الْعَصْرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام وَأَبُو أَيُّوبَ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَعَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ وَعَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ وَالْكَلْبِيُّ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ، نَقَلَهُ عَنْ هَؤُلَاءِ النَّوَوِيُّ، وَابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُهُمَا، وَنَقَلَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَرَوَاهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام وَالْمُؤَيَّدِ بِاَللَّهِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ.

(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّهَا الظُّهْرُ نَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَعَائِشَةَ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، وَنَقَلَهُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام وَالْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَأَبِي الْعَبَّاسِ وَأَبِي طَالِبٍ

ص: 384

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

وَهُوَ أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) أَنَّهَا الصُّبْحُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ صَرَّحَ بِهِ فِي كُتُبِهِ، وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ وَابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ عَنْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَعَطَاءٍ وَعِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: إنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ فِيهِ قَالَ: وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى أَنَّهَا الصُّبْحُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي الْعَصْرِ وَمَذْهَبُهُ اتِّبَاعُ الْحَدِيثِ وَرَوَاهُ أَيْضًا فِي الْبَحْرِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) أَنَّهَا الْمَغْرِب وَإِلَيْهِ ذَهَبَ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ.

(الْقَوْلُ الْخَامِسُ) أَنَّهَا الْعِشَاءُ، نَسَبَهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ وَغَيْرُهُ إلَى الْبَعْضِ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَصَرَّحَ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْإِمَامِيَّةِ

(الْقَوْلُ السَّادِسُ) أَنَّهَا الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَفِي سَائِرِ الْأَيَّامِ الظُّهْرُ، حَكَاهُ ابْنُ مِقْسَمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْبَعْضِ

(الْقَوْلُ السَّابِعُ) أَنَّهَا إحْدَى الْخَمْسِ مُبْهَمَةٌ، رَوَاهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَنَافِعٍ وَشُرَيْحٍ وَبَعْضِ الْعُلَمَاءِ.

(الْقَوْلُ الثَّامِنُ) أَنَّهَا جَمِيعُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَكَاهُ الْقَاضِي وَالنَّوَوِيُّ، وَرَوَاهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ عَنْ الْبَعْضِ (الْقَوْل التَّاسِعُ) أَنَّهَا صَلَاتَانِ: الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ، ذَكَرَهُ ابْنُ مِقْسَمٍ فِي تَفْسِيرِهِ أَيْضًا وَنَسَبَهُ إلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ (الْقَوْلُ الْعَاشِرُ) أَنَّهَا الصُّبْحُ وَالْعَصْرُ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ.

(الْقَوْلُ الْحَادِيَ عَشَرَ) أَنَّهَا الْجَمَاعَةُ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيِّ (الْقَوْلُ الثَّانِي عَشَرَ) أَنَّهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ ذَكَرَهُ الدُّمْيَاطِيُّ، وَقَالَ: حَكَاهُ لَنَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ عَشَرَ) أَنَّهَا الْوِتْرُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ السَّخَاوِيُّ الْمُقْرِي.

(الْقَوْلُ الرَّابِعُ عَشَرَ) أَنَّهَا صَلَاةُ عِيدِ الْأَضْحَى ذَكَرَهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ، وَالدِّمْيَاطِيُّ. (الْقَوْلُ الْخَامِسَ عَشَرَ) أَنَّهَا صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ حَكَاهُ الدِّمْيَاطِيُّ (الْقَوْلُ السَّادِسَ عَشَرَ) أَنَّهَا الْجُمُعَةُ فَقَطْ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ.

(الْقَوْلُ السَّابِعَ عَشَرُ) أَنَّهَا صَلَاةُ الضُّحَى رَوَاهُ الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ ثُمَّ تَرَدَّدَ فِي الرِّوَايَةِ.

احْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَمِنْهَا حَدِيثُ الْبَابِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ الْآتِيَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ، وَلَا يَرْتَابُ فِي صِحَّتِهِ مَنْ أَنْصَفَ مِنْ نَفْسِهِ وَاطَّرَحَ التَّقْلِيدَ وَالْعَصَبِيَّةَ، وَجَوَّدَ النَّظَرَ إلَى الْأَدِلَّةِ وَلَمْ يَعْتَذِرْ عَنْ أَدِلَّةِ هَذَا الْقَوْلِ أَهْلُ الْأَقْوَالِ الْآخِرَةِ بِشَيْءٍ يُعْتَدّ بِهِ إلَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ " أَنَّهَا أَمَرَتْ أَبَا يُونُسَ يَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا " الْحَدِيثُ سَيَأْتِي، وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْ هَذَا الِاعْتِذَارِ. وَأَمَّا اعْتِذَارُ مَنْ اعْتَذَرَ عَنْهُ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْوُسْطَى مِنْ حَيْثُ، الْعَدَدِ فَهُوَ عُذْرٌ بَارِدٌ وَنَصْبٌ لِنَظَرٍ فَاسِدٍ فِي مُقَابَلَةِ النُّصُوصِ؛ لِأَنَّ الْوُسْطَى لَا تَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ لِجَوَازِ

ص: 385

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

أَنْ تَكُونَ مِنْ حَيْثُ الْفَضْلِ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْوُسْطَى مِنْ حَيْثُ الْعَدَدِ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ غَيْرُ الْعَصْرِ مِنْ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، إذْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ الِابْتِدَاءُ لِيُعْرَفَ الْوَسَطُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ فَرَضْنَا وُجُودَ دَلِيلٍ يُرْشِدُ إلَى الِابْتِدَاءِ لَمْ يَنْتَهِضْ لِمُعَارَضَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا الْمُتَضَمِّنَةِ لِأَخْبَارِ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ أَنَّ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْمُتَدَيِّنِ أَنْ يُعَوِّلَ عَلَى مَسْلَكِ النَّظَرِ الْمَبْنِيِّ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ لِيَتَحَصَّلَ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةُ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَهَذِهِ أَقْوَالُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُنَادَى بِبَيَانِ ذَلِكَ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي بِأَنَّ الظُّهْرَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ نَهَارِيَّتَيْنِ وَبِأَنَّهَا فِي وَسَطِ النَّهَارِ وَنَصْبُ هَذَا الدَّلِيلِ فِي مُقَابِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ الْغَرَائِبِ الَّتِي لَا تَقَعُ لِمُنْصِفٍ وَلَا مُتَيَقِّظٍ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] فَلَمْ يَذْكُرْهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا حَيْثُ قَالَ: {لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] وَأَفْرَدَهَا فِي الْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَهَذَا الدَّلِيلُ أَيْضًا مِنْ السُّقُوطِ بِمَحَلٍّ لَا يُجْهَلُ، نَعَمْ، أَحْسَنُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَهُمْ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ وَسَيَأْتِيَانِ وَسَنَذْكُرُ الْجَوَابَ عَلَيْهِمَا.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ بِأَنَّ الصُّبْحَ تَأْتِي وَقْتَ مَشَقَّةٍ بِسَبَبِ بَرْدِ الشِّتَاءِ وَطِيبِ النَّوْمِ فِي الصَّيْفِ وَالنُّعَاسِ وَفُتُورِ الْأَعْضَاءِ وَغَفْلَةِ النَّاسِ وَبِوُرُودِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي تَأْكِيدِ أَمْرِهَا فَخُصَّتْ بِالْمُحَافَظَةِ لِكَوْنِهَا مُعَرَّضَةً لِلضَّيَاعِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا، وَهَذِهِ الْحُجَّةُ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى الِاحْتِجَاجُ لَهُمْ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«أَدْلَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ عَرَّسَ فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ بَعْضُهَا فَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى وَهِيَ صَلَاةُ الْوُسْطَى» وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْخَبَرِ " وَهِيَ صَلَاةُ الْوُسْطَى " يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُدْرَجِ وَلَيْسَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ:" الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ " وَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ مِنْ الِاحْتِمَالِ مَا يَتَطَرَّقُ إلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُعَارِضُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي، مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الرَّاوِي رِوَايَتُهُ بِمَا رَوَى لَا بِمَا رَأَى، فَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ:«قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَدُوًّا فَلَمْ يَفْرُغْ مِنْهُمْ حَتَّى أَخَّرَ الْعَصْرَ عَنْ وَقْتِهَا فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ حَبَسَنَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى امْلَأْ بُيُوتَهُمْ نَارًا أَوْ قُبُورَهُمْ نَارًا» وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْفَرَسِ فِي كِتَابِهِ أَحْكَامُ الْقُرْآنِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَرَأَ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى الْبَدَلِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَرْفَعْ تِلْكَ الْمَقَالَةَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَلْ قَالَهَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ، وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ بِأَنَّ الْمَغْرِبَ سَبَقَتْ عَلَيْهَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَتَأَخَّرَتْ عَنْهَا الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْخَامِسِ بِأَنَّهَا الْعِشَاءُ بِمِثْلِ مَا احْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ السَّادِسِ

ص: 386

434 -

(وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الْعَصْر

ــ

[نيل الأوطار]

بِأَنَّ الْجُمُعَةَ قَدْ وَرَدَ التَّرْغِيبُ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْإِيصَاءِ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا إنَّمَا كَانَ؛ لِأَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلضَّيَاعِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالْجُمُعَةِ، فَإِنَّ النَّاسَ يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا فِي الْعَادَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي فِي الْأُسْبُوعِ مَرَّةً بِخِلَافِ غَيْرِهَا.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ السَّابِعِ عَلَى أَنَّهَا مُبْهَمَةٌ بِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى فَقَالَ: حَافِظْ عَلَى الصَّلَوَاتِ تُصِبْهَا فَهِيَ مَخْبُوءَةٌ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ خَبْءَ سَاعَةِ الْإِجَابَةِ فِي سَاعَاتِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي لَيَالِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَالِاسْمِ الْأَعْظَمِ فِي جَمِيعِ الْأَسْمَاءِ، وَالْكَبَائِرِ فِي جُمْلَةِ الذُّنُوبِ. وَهَذَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ لَمْ يَنْتَهِضْ لِمُعَارَضَةِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّامِنِ بِأَنَّ ذَلِكَ أَبْعَثُ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا أَيْضًا، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَذْكُرُ الشَّيْءَ مُفَصَّلًا ثُمَّ تُجْمِلُهُ وَإِنَّمَا تَذْكُرُهُ مُجْمَلًا ثُمَّ تُفَصِّلُهُ أَوْ تُفَصِّلُ بَعْضَهُ تَنْبِيهًا عَلَى فَضِيلَتِهِ.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ التَّاسِعِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» وَقَوْلُهُ: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ، وَمَنْ صَلَّاهَا مَعَ الصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ» وَهَذَا اسْتِدْلَالٌ مَعَ كَوْنِهِ لَا يُثْبِتُ الْمَطْلُوبَ مُعَارَضٌ بِمَا وَرَدَ فِي الْعَصْرِ غَيْرَهَا مِنْ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْعَاشِرِ بِمِثْلِ مَا اُحْتُجَّ بِهِ لِلتَّاسِعِ، وَرُدَّ بِمِثْلِ مَا رُدَّ وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ بِمَا وَرَدَ مِنْ التَّرْغِيبِ فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَرُدَّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا الْوُسْطَى، وَعُورِضَ بِمَا وَرَدَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَشَرَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى عَقِيبَ قَوْلِهِ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238]{فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] وَذَكَرُوا وُجُوهًا لِلِاسْتِدْلَالِ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ عَشَرَ بِأَنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَالصَّلَاةُ الْوُسْطَى غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَقَدْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ بِفَضْلِ الْوِتْرِ فَتَعَيَّنَتْ، وَالنَّصُّ الصَّرِيحُ الصَّحِيحُ يَرُدُّهُ.

وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الرَّابِعِ عَشَرَ بِمِثْلِ مَا اُحْتُجَّ بِهِ لِلَّذِي قَبْلَهُ، وَرُدَّ بِمِثْلِ مَا رُدَّ وَاحْتَجَّ أَهْلُ الْقَوْلِ الْخَامِسِ عَشَرَ، وَالسَّادِسِ عَشَرَ، وَالسَّابِعِ عَشَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِالنَّصِّ وَالْمُعَارَضَةِ، إذَا تَقَرَّرَ لَكَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ حُجَجِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ مَا يُعَارِضُ حُجَجَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُعَارَضَةً يُعْتَدُّ بِهَا فِي الظَّاهِرِ إلَّا مَا سَيَأْتِي فِي الْكِتَابِ مِنْ الِاحْتِجَاجِ لِأَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي وَسَتَعْرِفُ عَدَمَ صَلَاحِيَّتِهِ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ.

434 -

(وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ

ص: 387

حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ) .

435 -

(وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .

436 -

(وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَسَمَّاهَا لَنَا أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ»

ــ

[نيل الأوطار]

حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ حَشَا اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ) .

435 -

(وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) .

436 -

(وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَسَمَّاهَا لَنَا أَنَّهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ» . حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّانِي حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ، وَحَدِيثُ سَمُرَةَ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ سُنَنِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّفْسِيرِ، وَلَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ فَقَالَ شُعْبَةُ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا. وَقِيلَ: سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ، وَمَنْ أَثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ نَفَى. وَرِوَايَةُ أَحْمَدَ ذَكَرَهَا الْحَافِظُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا، وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا يَشْهَدُ لَهَا.

وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَالدِّمْيَاطِيِّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ، وَعَنْ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا، وَهَذِهِ الْأَحَادِيث مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ فَهِيَ مِنْ حُجَجِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي أَسْلَفْنَاهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَحْقِيقُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ. قَوْلُهُ:(عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ) هَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ غَيْرهَا، وَفِي الْمُوَطَّإِ أَنَّهَا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ، وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ:«شَغَلَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى ذَهَبَ مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ» وَمِثْلُهُ أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ، وَأَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ رَجَّحَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ كَابْنِ الْعَرَبِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الْخَنْدَقَ كَانَتْ وَقْعَتُهُ أَيَّامًا فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ

ص: 388

437 -

(وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّه، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّه فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . فَقَالَ رَجُلٌ: هِيَ إذًا صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ)

ــ

[نيل الأوطار]

أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ الطَّحَاوِيِّ عَنْ الْمُزَنِيّ عَنْ الشَّافِعِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ، وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ جَلِيلٌ. وَأَيْضًا لَا يُصَارُ إلَى التَّرْجِيحِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ مَقْبُولَةٌ بِالْإِجْمَاعِ إذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَافِيَةٍ لِلْمَزِيدِ. قَوْلُهُ:(حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ) وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الصَّحِيحِ: (حَتَّى غَابَتْ) قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخَّرَهَا نِسْيَانًا لَا عَمْدًا، وَكَانَ السَّبَبُ فِي النِّسْيَانِ الِانْشِغَالَ بِالْعَدُوِّ، وَكَانَ هَذَا عُذْرًا قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى حَسْبِ الْأَحْوَالِ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ عَنْ ذَلِكَ.

437 -

(وَعَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ. فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللَّه، ثُمَّ نَسَخَهَا اللَّه فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . فَقَالَ رَجُلٌ: هِيَ إذًا صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ) . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ الْبَرَاءِ وَلَيْسَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ شَقِيقٍ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ مُتَمَسَّكٌ لِمَنْ قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ بِقَرِينَةِ اللَّفْظِ الْمَنْسُوخِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى اللَّفْظِ النَّاسِخِ مَعْنَى اللَّفْظِ الْمَنْسُوخِ، وَرُبَّمَا تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ يَرَى أَنَّهَا غَيْرُ الْعَصْرِ قَائِلًا: لَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ النَّاسِخِ مَعْنَى اللَّفْظِ الْمَنْسُوخِ لَمْ يَكُنْ لِلنَّسْخِ فَائِدَةٌ؛ فَالْعُدُولُ إلَى لَفْظِ الْوُسْطَى لَيْسَ إلَّا لِقَصْدِ الْإِبْهَام، وَيُجَاب عَنْهُ بِأَنَّهُ أَرْشَدَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِخِ الْمُبْهَمِ نَفْسُ الْمَنْسُوخِ الْمُعَيَّنِ مَا فِي الْبَابِ مِنْ الْأَدِلَّةِ الصَّحِيحَةِ

قَالَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله: وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهَا الْعَصْرَ؛ لِأَنَّهُ خَصَّهَا وَنَصَّ عَلَيْهَا فِي الْأَمْرِ بِالْمُحَافَظَةِ، ثُمَّ جَاءَ النَّاسِخُ فِي التِّلَاوَةِ مُتَيَقَّنًا وَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَسْتَصْحِبُ الْمُتَيَقَّنُ السَّابِقَ، وَهَكَذَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَعْظِيمُ أَمْرِ فَوَاتِهَا تَخْصِيصًا فَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الَّذِي تَفُوتهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وَتَرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ انْتَهَى. قَوْلُهُ: " أَهْلَهُ وَمَالَهُ " رُوِيَ بِنَصْبِ اللَّامَيْنِ وَرَفْعِهِمَا، وَالنَّصْب هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ، وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَمَعْنَاهُ اُنْتُزِعَ مِنْهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ فَقَالَ الْخَطَّابِيِّ وَغَيْرُهُ: مَعْنَاهُ نَقَصَ هُوَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَسُلِبَهُمْ فَبَقِيَ بِلَا أَهْلٍ وَلَا مَالٍ فَلْيَحْذَرْ مِنْ تَفْوِيتِهَا كَحَذَرِهِ مِنْ ذَهَابِ أَهْلِهِ وَمَالِهِ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْفِقْهِ أَنَّهُ كَاَلَّذِي يُصَابُ بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ إصَابَةً يَطْلُبُ بِهَا وِتْرًا، وَالْوِتْر:

ص: 389

438 -

(وَعَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ «أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، فَقَالَتْ: إذَا بَلَغْت هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] . قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ) .

ــ

[نيل الأوطار]

الْجِنَايَةُ الَّتِي يَطْلُبُ ثَأْرَهَا فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ غَمُّ الْمُصِيبَةِ وَغَمُّ مُقَاسَاةِ طَلَبِ الثَّأْرِ.

438 -

(وَعَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ «أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، فَقَالَتْ: إذَا بَلَغْت هَذِهِ الْآيَةَ فَآذِنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا، فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] . قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَهْ) . وَفِي الْبَابِ عَنْ حَفْصَةَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ " قَالَ عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ: إنَّهُ كَانَ يَكْتُب لَهَا مُصْحَفًا فَقَالَتْ لَهُ: إذَا انْتَهَيْتَ إلَى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَآذِنِّي، فَآذَنْتُهَا فَقَالَتْ: اُكْتُبْ {وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَصَلَاةِ الْعَصْرِ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] .

" اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى غَيْرُ صَلَاةِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْخِلَافِ الثَّابِتِ فِي الْأُصُولِ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ هَلْ تَنْزِل مَنْزِلَةَ أَخْبَارِ الْآحَادِ، فَتَكُونَ حُجَّةً كَمَا ذَهَبَتْ إلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ؟ أَمْ لَا تَكُونُ حُجَّةً؟ ؛ لِأَنَّ نَاقِلَهَا لَمْ يَنْقُلْهَا إلَّا عَلَى أَنَّهَا قُرْآنٌ، وَالْقُرْآنُ لَا يَثْبُتْ إلَّا بِالتَّوَاتُرِ كَمَا ذَهَبَتْ إلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ. وَقَدْ غَلَطَ مَنْ اسْتَدَلَّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى لَيْسَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، لِمَا عَرَفْت مِنْ أَنَّ مَذْهَبَهُمْ فِي الْأُصُولِ يَأْبَى هَذَا الِاسْتِدْلَالَ، وَأُجِيبُ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرَفِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهَا الْعَصْرُ بِوَجْهَيْنِ. الْأَوَّلِ: أَنْ تَكُونَ الْوَاو زَائِدَةٌ فِي ذَلِكَ عَلَى حَدِّ زِيَادَتِهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} [الأنعام: 75] وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ} [الأنعام: 105] وَقَوْلُهُ: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40] وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الحج: 25] حُكِيَ عَنْ الْخَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ: يَصُدُّونَ وَالْوَاوُ مُقْحَمَةٌ زَائِدَةٌ. وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ

وَمِنْهُ قَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الْحَيِّ وَانْتَحَى

بِنَا بَطْنٌ خَبْتٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلٍ

وَقَوْلُ الْآخَرِ:

فَإِذَا وَذَاكَ يَا كُبَيْشَةُ لَمْ يَكُنْ

إلَّا كَلِمَةُ حَالِمٍ بِخَيَالِ

الثَّانِي: أَنْ لَا تَكُونَ زَائِدَةً وَتَكُون مِنْ بَابِ عَطْفِ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُمَا

ص: 390

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

لِشَيْءٍ وَاحِدٍ نَحْو قَوْلِهِ:

إلَى الْمَلِكِ الْقَرْمِ وَابْنِ الْهُمَامِ

وَلَيْثِ الْكَتِيبَةِ فِي الْمُزْدَحَمِ

وَقَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ الْآخَرِ:

أَكُرُّ عَلَيْهِمْ دَعْلَجًا وَلُبَانَةً

إذَا مَا اشْتَكَى وَقَعَ الرِّمَاحِ تَحَمْحَمًا

فَعَطَفَ لُبَانَةً وَهُوَ صَدْرُهُ عَلَى دَعْلَجٍ وَهُوَ اسْمُ فَرَسِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَرَسَ لَا يَكِرّ إلَّا وَمَعَهُ صَدْرُهُ لَمَّا كَانَ الصَّدْرُ يَلْتَقِي بِهِ وَيَقَعُ بِهِ الْمُصَادَمَةُ.

وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي تَفْسِيرِهِ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تُوجِبُ أَنْ تَكُونَ الْوُسْطَى غَيْرَ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ سِيبَوَيْهِ حَكَى: مَرَرْتُ بِأَخِيكَ وَصَاحِبِكَ، وَالصَّاحِبُ هُوَ الْأَخُ، فَكَذَلِكَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ، وَإِنْ عُطِفَتْ بِالْوَاوِ انْتَهَى. وَتَغَايُرِ اللَّفْظِ قَائِمٌ مَقَامَ تَغَايُرِ الْمَعْنَى فِي جَوَازِ الْعَطْفِ. وَمِنْهُ قَوْلُ أَبِي دَاوُد الْإِيَادِيِّ:

سُلِّطَ الْمَوْتُ وَالْمَنُونُ عَلَيْهِمْ

فَلَهُمْ فِي صَدَا الْمَقَابِرِ هَامُ

وَقَوْلُ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْعَبَّادِيُّ:

وَقَدَّمَتْ الْأَدِيمَ لِرَاهِشَيْهِ

فَأَلْفَى قَوْلُهَا كَذِبًا وَمَيْنًا

وَقَوْلُ عَنْتَرَةَ:

حُيِّيتَ مِنْ طَلَلٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ

أَقْوَى وَأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الْهَيْثَمِ

وَقَوْلُ الْآخِرِ:

أَلَا حَبَّذَا هِنْدٌ وَأَرْضُ بِهَا هِنْدٌ

وَهِنْدٌ أَتَى مِنْ دُونِهَا النَّأْيُ وَالْبُعْدُ

وَهَذَا التَّأْوِيلُ لَا بُدّ مِنْهُ لِوُقُوعِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الْمُحْتَمَلَةِ فِي مُقَابِلَةِ تِلْكَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] صَلَاةِ الْعَصْرِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ يَجْرِي فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَيَخْتَصُّ حَدِيثُ حَفْصَةَ بِمَا رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ رَافِعٍ قَالَ: كَانَ مَكْتُوبًا فِي مُصْحَفِ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وَهِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَالرِّوَايَةُ السَّابِقَةُ عَنْ السَّائِبِ ابْنِ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بَعْدَ سِيَاقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَا لَفْظُهُ: وَهَذَا يَتَوَجَّهُ مِنْهُ كَوْنُ الْوُسْطَى الْعَصْرَ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهَا فِي الْحَثِّ

ص: 391

439 -

(وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنْهَا فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . وَقَالَ: إنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

440 -

(وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى قَالَ: هِيَ الظُّهْرُ، «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَجِيرِ وَلَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إلَّا الصَّفُّ وَالصَّفَّانِ، وَالنَّاسُ فِي قَائِلَتِهِمْ وَفِي تِجَارَتِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] » . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

ــ

[نيل الأوطار]

عَلَى الْمُحَافَظَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَأَكُّدِهَا، وَتَكُونُ الْوَاوُ فِيهِ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً} [الأنبياء: 48] أَيْ ضِيَاءً وَقَوْلُهُ: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ - وَنَادَيْنَاهُ} [الصافات: 103 - 104] أَيْ نَادَيْنَاهُ إلَى نَظَائِرِهَا انْتَهَى.

439 -

(وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ وَلَمْ يَكُنْ يُصَلِّي صَلَاةً أَشَدَّ عَلَى أَصْحَابِهِ مِنْهَا فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] . وَقَالَ: إنَّ قَبْلَهَا صَلَاتَيْنِ وَبَعْدَهَا صَلَاتَيْنِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .

440 -

(وَعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى قَالَ: هِيَ الظُّهْرُ، «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَجِيرِ وَلَا يَكُونُ وَرَاءَهُ إلَّا الصَّفُّ وَالصَّفَّانِ، وَالنَّاسُ فِي قَائِلَتِهِمْ وَفِي تِجَارَتِهِمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] » . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد وَالْمُنْذِرِيُّ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَأَخْرَجَ نَحْوَ ذَلِكَ فِي الْمُوَطَّإِ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ زَيْدٍ أَيْضًا. وَالْحَدِيثُ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ مَنِيعٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ، وَرِجَالُ إسْنَادِهِ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ: (الْهَجِيرِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْهَجِيرَةُ وَالْهَجِيرُ وَالْهَاجِرَةُ: نِصْفُ النَّهَارِ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ مَعَ الظُّهْرِ، أَوْ مِنْ عِنْدِ زَوَالِهَا إلَى الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَسْكُنُونَ فِي بُيُوتِهِمْ كَأَنَّهُمْ قَدْ تَهَاجَرُوا لِشِدَّةِ الْحَرِّ. وَالْأَثَرَانِ اسْتَدَلَّ بِهِمَا مَنْ قَالَ: إنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْرُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِ صَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَتْ شَدِيدَةً عَلَى الصَّحَابَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَازِلَةً فِيهَا، غَايَةُ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ تَكُونَ الْوُسْطَى هِيَ الظُّهْرُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعَارَضُ بِهِ تِلْكَ النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ الثَّابِتَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، قَدْ قَدَّمْنَا لَك مِنْهَا جُمْلَةً نَافِعَةً وَعَلَى فَرْضِ أَنَّ قَوْلِ هَذَيْنِ الصَّحَابِيَّيْنِ تَصْرِيحٌ بِبَيَانِ سَبَبِ النُّزُولِ لَا إبْدَاءُ مُنَاسَبَةٍ فَلَا يَشُكُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى إلْمَامٍ بِعُلُومِ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْتَهِضُ لِمُعَارَضَةِ مَا سَلَفَ عَلَى أَنَّهُ يُعَارِضُ الْمَرْوِيَّ عَنْ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ، هَذَا مَا قَدَّمْنَا عَنْهُ فِي شَرْحِ حَدِيثِ عَلِيٍّ فَرَاجِعْهُ، وَلَعَلَّك إذَا أَمْعَنْتَ النَّظَرَ فِيمَا حَرَّرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ لَا تَشُكُّ بَعْدَهُ أَنَّ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ.

فَكُنْ رَجُلًا رِجْلُهُ فِي الثَّرَى

وَهَامَةُ هِمَّتِهِ فِي الثُّرَيَّا

ص: 392

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[نيل الأوطار]

قَالَ الْمُصَنِّف رحمه الله بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْأَثَرَيْنِ مَا لَفْظُهُ: وَقَدْ احْتَجَّ مَنْ يَرَى تَعْجِيلَ الظُّهْرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ انْتَهَى.

ص: 393