الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
420 -
(عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا دَحَضَتْ الشَّمْسُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد)
421 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ، وَمَا نَدْرِي أَمَا ذَهَبَ مِنْ النَّهَارِ أَكْثَرُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
422 -
(وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ عَجَّلَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ) .
423 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ)
ــ
[نيل الأوطار]
الْأَوْقَاتِ، وَإِذَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ التَّأْوِيلُ حَصَلَ مَعْرِفَةُ آخِرِ الْوَقْتِ، فَانْتَظَمَتْ الْأَحَادِيثُ عَلَى اتِّفَاقٍ. وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّ إثْبَاتَ مَا عَدَا الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ دَعْوَى مُفْتَقِرَةٌ إلَى دَلِيلٍ خَالِصٍ عَنْ شَوَائِبِ الْمُعَارَضَةِ، فَالتَّوَقُّفُ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ هُوَ الْوَاجِبُ حَتَّى يَقُومَ مَا يُلْجِئُ إلَى الْمَصِيرِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا. وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا ذِكْرُ بَقِيَّةِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ، وَسَيَعْقِدُ الْمُصَنِّفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَابًا، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[بَابُ تَعْجِيلِهَا وَتَأْخِيرِهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ]
تَعْجِيلِهَا وَتَأْخِيرِهَا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ: صَحِيحٌ، وَعَنْ خَبَّابُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ، وَعَنْ أَبِي بَرْزَةَ عِنْدَهُمَا أَيْضًا، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ ابْن مَاجَهْ وَفِيهِ زَيْدُ بْنُ جَبِيرَةَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ. وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْد التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (دَحَضَتْ الشَّمْسُ) هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْخَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ زَالَتْ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِهَا، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي أَفْضَلِيَّةِ أَوَّل الْوَقْتِ، وَقَدْ خَصَّهُ الْجُمْهُورُ بِمَا عَدَا أَيَّامَ شِدَّةِ الْحَرِّ وَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ فِيهَا إلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ وَيَنْكَسِرَ الْوَهَجُ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ
421 -
(وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ، وَمَا نَدْرِي أَمَا ذَهَبَ مِنْ النَّهَارِ أَكْثَرُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ) .
422 -
(وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ وَإِذَا كَانَ الْبَرْدُ عَجَّلَ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَلِلْبُخَارِيِّ نَحْوُهُ) .
423 -
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ) .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
حَدِيثُ أَنَسٍ الْأَوَّلُ أَخْرَجَهُ أَيْضًا عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَفِي الْبَابِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى عِنْدَ النَّسَائِيّ، وَعَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ. وَعَنْ الْمُغِيرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ وَابْنِ حِبَّانَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْخَلَّالِ:«وَكَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِبْرَادَ» وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ صَفْوَانَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالْحَاكِمِ وَالْبَغَوِيِّ. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَفِيهِ عَمْرُو بْنِ صَهْبَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَارِيَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ. وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَلْقَمَةَ عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ قَوْلُهُ:(فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ) أَيْ أَخِّرُوهَا عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَادْخُلُوا بِهَا فِي وَقْتِ الْإِبْرَادِ، وَهُوَ الزَّمَانُ الَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ انْكِسَارُ شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُوجَدُ فِيهِ بُرُودَةُ جَهَنَّمَ يُقَالُ: أَبْرَدَ الرَّجُلُ أَيْ صَارَ فِي بَرْدِ النَّهَارِ.
وَفَيْحُ جَهَنَّمَ: شِدَّةُ حَرِّهَا وَشِدَّةُ غَلَيَانِهَا. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّشْبِيهِ وَالِاسْتِعَارَةِ وَتَقْدِيرُهُ إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تُشْبِهُ نَارَ جَهَنَّمَ فَاحْذَرُوهُ وَاجْتَنِبُوا ضَرَرَهُ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ فَوَجَبَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ انْتَهَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ:«إنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إلَى رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ» وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ. وَحَدِيثُ " إنَّ لِجَهَنَّمَ نَفَسَيْنِ " وَهُوَ كَذَلِكَ. وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْإِبْرَادِ وَالْأَمْرُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَقِيلَ: عَلَى الْوُجُوبِ، حَكَى ذَلِكَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَهُ. وَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ لَكِنَّهُمْ خَصُّوا ذَلِكَ بِأَيَّامِ شِدَّةِ الْحَرِّ كَمَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ:" فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " وَلِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ، وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِد، وَقَالَ أَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ: الْأَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ التَّعْجِيلُ، وَالْحَقُّ عَدَمُ الْفَرْقِ؛ لِأَنَّ التَّأَذِّي بِالْحَرِّ الَّذِي يَتَسَبَّبُ عَنْهُ ذَهَابُ الْخُشُوعِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُنْفَرِدُ وَغَيْرُهُ.
وَخَصَّهُ الشَّافِعِيُّ بِالْبَلَدِ الْحَارِّ، وَقَيَّدَ الْجَمَاعَةُ بِمَا إذَا كَانُوا يَنْتَابُونَ الْمَسْجِدَ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ لَا إذَا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ كَانُوا يَمْشُونَ فِي ظِلٍّ فَالْأَفْضَلُ التَّعْجِيلُ
وَظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ عَدَمُ الْفَرْقِ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْأَخْذِ بِهَذَا الظَّاهِرِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَالْكُوفِيُّونَ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَكِنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ:" فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ " يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْبَلَدِ الْحَارِّ.
وَذَهَبَ الْهَادِي وَالْقَاسِمُ وَغَيْرُهُمَا إلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الظُّهْرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ الْمَذْكُورِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ هُنَاكَ وَبِأَحَادِيثِ أَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَلَى الْعُمُومِ كَحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا، قَالَ:«سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» .
وَبِحَدِيثِ خَبَّابُ عِنْدَ مُسْلِمٍ قَالَ: «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا
424 -
(وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
بَابُ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَآخِرِهِ فِي الِاخْتِيَارِ وَالضَّرُورَةِ قَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي بَابِ وَقْتِ الظُّهْرِ.
ــ
[نيل الأوطار]
وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ لَمْ يَعْذُرْنَا وَلَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا» وَزَادَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْبَيْهَقِيُّ " وَقَالَ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلُّوا " وَتَأَوَّلُوا حَدِيثَ الْإِبْرَادِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ صَلُّوا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَخْذًا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُهُ وَهُوَ تَعَسُّفٌ يَرُدُّهُ قَوْلُهُ: " فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ " وَقَوْلُهُ: " فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ " وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ بِتَعْجِيلِ الظُّهْرِ وَأَفْضَلِيَّةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ، وَحَدِيثُ الْإِبْرَادِ خَاصٌّ أَوْ مُقَيَّدٌ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ عَامٍّ وَخَاصٍّ وَلَا بَيْنَ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدٍ.
وَأُجِيبُ عَنْ حَدِيثِ خَبَّابُ بِأَنَّهُ كَمَا قَالَ الْأَثْرَمُ وَالطَّحَاوِيُّ مَنْسُوخٌ، قَالَ الطَّحَاوِيَّ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ «كُنَّا نُصَلِّي بِالْهَاجِرَةِ فَقَالَ: لَنَا أَبْرِدُوا» فَبَيَّنَ أَنَّ الْإِبْرَادَ كَانَ بَعْدَ التَّهْجِيرِ، وَقَالَ آخَرُونَ: إنَّ حَدِيثَ خَبَّابُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًا زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الْإِبْرَادِ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَادَ أَنْ يُؤَخِّرَ بِحَيْثُ يَصِيرُ لِلْحِيطَانِ فَيْءٌ فِيهِ وَيَتَنَاقَصُ الْحَرُّ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ الْإِبْرَادِ عَلَى مَا إذَا صَارَ الظِّلُّ فَيْئًا، وَحَدِيثُ خَبَّابُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَصَى لَمْ يَبْرُدْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْرُدُ حَتَّى تَصْفَرَّ الشَّمْسُ فَلِذَلِكَ رَخَّصَ فِي الْإِبْرَادِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي التَّأْخِيرِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَعَلَى فَرْضِ عَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ فَرِوَايَةُ الْخَلَّالِ السَّابِقَةُ عَنْ الْمُغِيرَةِ بِلَفْظِ:«كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْإِبْرَادَ» ، وَقَدْ صَحَّحَ أَبُو حَاتِمٍ وَأَحْمَدُ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ، وَعَدَّهُ الْبُخَارِيُّ مَحْفُوظًا مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّسْخِ كَمَا قَالَهُ مَنْ قَدَّمْنَا، وَلَوْ نُسَلِّمُ جَهْلَ التَّارِيخِ وَعَدَمَ مَعْرِفَةِ الْمُتَأَخِّرِ لَكَانَتْ أَحَادِيثُ الْإِبْرَادِ أَرْجَحَ؛ لِأَنَّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بَلْ فِي جَمِيعِ الْأُمَّهَاتِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَحَدِيثُ خَبَّابُ فِي مُسْلِمٍ فَقَطْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ طُرُقٍ.
424 -
(وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: «كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَبْرِدْ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: أَبْرِدْ حَتَّى رَأَيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) . قَوْلُهُ: (فَيْءَ التُّلُولِ) قَالَ ابْن سَيِّدَهُ: الْفَيْءُ مَا كَانَ شَمْسًا فَنَسَخَهُ الظِّلُّ وَالْجَمْعُ أَفَيَاءٌ وَفُيُوءٌ، وَفَاءَ الْفَيْءَ فَيْئًا: تَحَوَّلَ، وَتَفَيَّأَ فِيهِ: تَظَلَّلَ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يَتَوَهَّمُ النَّاسُ أَنَّ الظِّلَّ وَالْفَيْءَ بِمَعْنًى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ: بَلْ الظِّلُّ يَكُونُ غَدْوَةً وَعَشِيَّةً وَمِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى آخِرِهِ، وَأَمَّا الْفَيْءُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَلَا يُقَالُ مَا قَبْلَ الزَّوَالِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَا بَعْدَ الزَّوَالِ: فَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ ظِلٌّ فَاءَ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ أَيْ رَجَعَ، وَالْفَيْءُ: الرُّجُوعُ، وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى أَهْلِ اللُّغَةِ. وَالتُّلُولُ جَمْعُ تَلٍّ: وَهُوَ الرَّبْوَةُ مِنْ التُّرَابِ الْمُجْتَمِعِ، وَالْمُرَادُ