الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ
.
72 -
(عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: «كُنَّا نَغَزُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَنُصِيبُ مِنْ آنِيَةِ الْمُشْرِكِينَ وَأَسْقِيَتِهِمْ فَنَسْتَمْتِعُ بِهَا وَلَا يَعِيبُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد) .
73 -
وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ قَالَ: إنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: «إنَّ أَرْضَنَا أَرْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّهُمْ يَأْكُلُونَ لَحْم الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ فَكَيْفَ نَصْنَعُ بِآنِيَتِهِمْ وَقُدُورِهِمْ؟ قَالَ: إنْ لَمْ تَجِدُوا غَيْرَهَا فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ وَاطْبُخُوا فِيهَا وَاشْرَبُوا» . وَلِلتِّرْمِذِيِّ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قُدُورِ الْمَجُوسِ، قَالَ: أَنْقُوهَا غَسْلًا وَاطْبُخُوا فِيهَا»
ــ
[نيل الأوطار]
أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟ قَالَ: بَلَى فَخَرَجَ الرَّجُلُ يَشْتَدُّ فَجَاءَ بِقَدَحٍ فِيهِ نَبِيذٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَلَا خَمَّرْتَهُ وَلَوْ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودًا» . وَأَخْرَجَهَا أَيْضًا مُسْلِمٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْكِ سِقَاءَكَ) الْوِكَاءُ: كَكِسَاءِ رِبَاط الْقِرْبَةِ وَقَدْ وَكَأَهَا وَأَوْكَأَهَا: أَيْ رَبَطَهَا. قَوْلُهُ: (وَخَمِّرْ إنَاءَك) التَّخْمِيرُ: التَّغْطِيَةُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَنْ تَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودًا) أَيْ تَضَعَهُ عَلَى الْعَرْضِ وَهُوَ الْجَانِبُ مِنْ الْإِنَاء مِنْ عَرْضِ الْعُودِ عَلَى الْإِنَاءِ وَالسَّيْفِ عَلَى الْفَخِذِ يَعْرِضُهُ وَيَعْرِضُهُ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَبَاء) الْوَبَاءُ: مُحَرَّكَةٌ الطَّاعُونُ أَوْ كُلُّ مَرَضٍ عَامٍّ قَالَ فِي الْقَامُوسِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ التَّبَرُّكِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ عِنْدَ إيكَاءِ السِّقَاءِ وَتَخْمِيرِ الْإِنَاءِ وَكَذَلِكَ عِنْد تَغْلِيقِ الْبَابِ وَإِطْفَاءِ الْمِصْبَاحِ، كَمَا فِي الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا. وَقَدْ أَشْعَرَ التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّ الشَّيْطَانَ إلَى آخِرِهِ أَنَّ فِي التَّسْمِيَةِ حِرْزًا عَنْ الشَّيْطَانِ وَأَنَّهَا تَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُرَادِهِ. وَالتَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ: (فَإِنَّ فِي السَّنَةِ لَيْلَةً) كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ شَرْعِيَّةَ التَّخْمِيرُ لِلْوِقَايَةِ عَنْ الْوَبَاءِ، وَكَذَلِكَ الْإِيكَاءُ وَقَدْ تَكَلَّفَ بَعْضُهُمْ لِتَعْيِينِ هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ.
[بَابُ آنِيَةِ الْكُفَّارِ]
حَدِيثُ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِمَعْنَاهُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَةِ الْكَافِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجَمَاهِيرِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ تَقْرِيرَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِآنِيَةِ الْكُفَّارِ مَعَ كَوْنِهَا مَظِنَّةً لِمُلَابَسَتِهِمْ وَمَحَلًّا لِلْمُنْفَصِلِ مِنْ رُطُوبَتِهِمْ مُؤْذِنٌ بِالطَّهَارَةِ.
وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَة اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْكَافِرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْهَادِي وَالْقَاسِمِ وَالنَّاصِرِ وَمَالِكِ،
74 -
(وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ: وَالْإِهَالَةُ الْوَدَكُ. وَالسَّنِخَةُ الزَّنِخَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءُ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ، وَعَنْ عُمَرَ الْوُضُوءُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ) .
أَبْوَابُ أَحْكَامِ التَّخَلِّي بَابُ مَا يَقُولُ الْمُتَخَلِّي عِنْد دُخُوله وَخُرُوجه
ــ
[نيل الأوطار]
وَقَدْ نَسَبَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إلَى الشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ أَغْرَبَ، وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ بِالْأَكْلِ فِيهَا إلَّا بَعْدَ غَسْلِهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ الْغَسْلَ لَوْ كَانَ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ لَمْ يَجْعَلْهُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْوِجْدَانِ لِغَيْرِهَا إذْ الْإِنَاءُ الْمُتَنَجِّسُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يَتَنَجَّسْ بَعْدَ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِلِاسْتِقْذَارِ وَرُدَّ أَيْضًا بِأَنَّ الْغَسْلَ إنَّمَا هُوَ لِتَلَوُّثِهَا بِالْخَمْرِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ثَعْلَبَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَيَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَبِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ حُرِّمَتْ رُطُوبَتُهُمْ لَاسْتَفَاضَ نَقْلُ تَوَقِّيهمْ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ حِينَئِذٍ وَأَكْثَر مُسْتَعْمَلَاتهمْ لَا يَخْلُو مِنْهَا مَلْبُوسًا وَمَطْعُومًا وَالْعَادَةُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ تَقْتَضِي الِاسْتِفَاضَةَ انْتَهَى.
وَأَيْضًا قَدْ أَذِنَ اللَّهُ بِأَكْلِ طَعَامِهِمْ وَصَرَّحَ بِحِلِّهِ وَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ رُطُوبَاتِهِمْ فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالنَّجَاسَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَصَرَّحْنَا بِمَا هُوَ الْحَقُّ فِي بَابِ طَهَارَةِ الْمَاءِ الْمُتَوَضَّأِ بِهِ وَهُوَ الْبَابُ الثَّانِي مِنْ أَبْوَابِ الْكِتَابِ فَرَاجِعْهُ.
74 -
(وَعَنْ أَنَسٍ «أَنَّ يَهُودِيًّا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ فَأَجَابَهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ: وَالْإِهَالَةُ الْوَدَكُ. وَالسَّنِخَةُ الزَّنِخَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوُضُوءُ مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ، وَعَنْ عُمَرَ الْوُضُوءُ مِنْ جَرَّةِ نَصْرَانِيَّةٍ) . الْكَلَامُ عَلَى فِقْهِ الْحَدِيثَيْنِ قَدْ سَبَقَ، قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي حَرْفِ السِّينِ: السَّنِخَةُ: الْمُتَغَيِّرَةُ الرِّيحِ، وَيُقَالُ بِالزَّايِ، وَقَالَ فِي حَرْفِ الزَّاي:«إنَّ رَجُلًا دَعَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَدَّمَ إلَيْهِ إهَالَةً زَنِخَةً فِيهَا عِرْقٌ» أَيْ مُتَغَيِّرَةُ الرَّائِحَةِ، وَيُقَالُ سَنِخَةٌ بِالسِّينِ انْتَهَى.
قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَى الْمَنْعِ مِنْ اسْتِعْمَالِ آنِيَة الْكُفَّارُ حَتَّى تُغْسَلَ إذَا كَانُوا مِمَّنْ لَا تُبَاحُ ذَبِيحَتُهُ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ مِنْ النَّصَارَى بِمَوْضِعٍ مُتَظَاهِرًا فِيهِ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ مُتَمَكِّنًا فِيهِ أَوْ يَذْبَحُ بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِآنِيَةِ مَنْ سِوَاهُمْ جَمْعًا بِذَلِكَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَاسْتَحَبَّ بَعْضُهُمْ غَسْلَ الْكُلِّ لِحَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ اهـ. وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.