الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
164 -
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَا يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، وَالْجَمِيعُ فِي أَسَانِيدِهَا مَقَالٌ قَرِيبٌ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ رَبَاحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي حَدِيثَ: سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَسُئِلَ إِسْحَاقَ بْنُ رَاهْوَيْهِ أَيُّ حَدِيثٍ أَصَحُّ فِي التَّسْمِيَةِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ) .
ــ
[نيل الأوطار]
وَهَذِهِ نُكْتَةٌ سَرِيَّةٌ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي أَعْمَالِ الطَّاعَاتِ وَأَنَّ مَا وَقَعَ مِنْ الْأَعْمَالِ بِدُونِهَا غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَفِي الْحَدِيثِ فَوَائِدُ مَبْسُوطَةٌ فِي الْمُطَوَّلَاتِ لَا يَتَّسِعُ لَهَا الْمَقَامُ وَهُوَ عَلَى انْفِرَادِهِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُفْرَدَ لَهُ مُصَنَّفٌ مُسْتَقِلٌّ.
[بَابُ التَّسْمِيَةِ لِلْوُضُوءِ]
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَخَرَجَهُ. أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ السَّكَنِ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى الْمَخْزُومِيِّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ: يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ الْمَاجِشُونُ، وَصَحَّحَهُ لِذَلِكَ فَوَهِمَ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ اللَّيْثِيُّ، قَالَهُ الْحَافِظُ: قَالَ الْبُخَارِيُّ:. لَا يُعْرَفُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ أَبِيهِ وَلَا لِأَبِيهِ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبُوهُ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ: رُبَّمَا أَخْطَأَ، وَهَذِهِ عِبَارَةٌ عَنْ ضَعْفِهِ، فَإِنَّهُ قَلِيلُ الْحَدِيثِ جِدًّا، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ سِوَى وَلَدُهُ، فَإِذَا كَانَ يُخْطِئُ مَعَ قِلَّةِ مَا رَوَى فَكَيْفَ يُوصَفُ بِكَوْنِهِ ثِقَةٌ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: انْقَلَبَ إسْنَادُهُ عَلَى الْحَاكِمِ فَلَا يُحْتَجُّ لِثُبُوتِهِ بِتَخْرِيجِهِ لَهُ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ.
وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: «مَا تَوَضَّأَ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَمَا صَلَّى مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ» وَفِي إسْنَادِهِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ الظَّفَرِيُّ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَفِي إسْنَادِهِ أَيْضًا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَقَدْ رَوَى يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ إلَّا حَدِيثًا وَاحِدًا غَيْرَ هَذَا.
وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إذَا تَوَضَّأْتَ فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ فَإِنَّ حَفَظَتَكَ لَا تَزَالُ تَكْتُبُ لَكَ الْحَسَنَاتِ حَتَّى تُحْدِثَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءِ» قَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ، وَإِسْنَادُهُ وَاهٍ.
وَفِيهِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يُدْخِلْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
وَيُسَمِّي قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا» تَفَرَّدَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَائِشَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَأَبِي سَبْرَةَ وَأُمِّ سَبْرَةَ وَعَلِيٍّ وَأَنَسٍ. فَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارِمِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ عَدِيٍّ وَابْنُ السَّكَنِ وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِلَفْظِ حَدِيثِ الْبَابِ. وَزَعَمَ ابْنُ عَدِيٍّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ الْحُبَابِ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ الْحَافِظُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَحْمَدَ الزُّهْرِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، وَكَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ رُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ وَرُبَيْحٌ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: شَيْخٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ. وَقَالَ الْمَرْوَزِيِّ: لَمْ يُصَحِّحْهُ أَحْمَدُ. وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ يَثْبُت. وَقَالَ الْبَزَّارُ: كُلُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَيْسَ بِقَوِيٍّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ رَوَى عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ: الْأَسَانِيدُ فِي هَذَا الْبَابِ فِيهَا لِينٌ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إنَّهُ أَحْسَنُ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ قَالَ أَيْضًا: لَا أَعْلَمُ فِي التَّسْمِيَةِ حَدِيثًا صَحِيحًا، وَأَقْوَى شَيْءٍ فِيهِ حَدِيثُ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رُبَيْحٍ. وَقَالَ إِسْحَاقُ: هَذَا يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ، أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَزَّارُ وَأَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْعُقَيْلِيُّ وَالْحَاكِمُ، وَأُعِلَّ بِالِاخْتِلَافِ وَالْإِرْسَالِ.
وَفِي إسْنَادِهِ أَبُو ثِفَالٍ عَنْ رَبَاحٍ مَجْهُولَانِ، فَالْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَةَ. وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ عَلَى حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ فِي التَّلْخِيصِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُسْنَدِيهِمَا وَابْنُ عَدِيٍّ وَفِي إسْنَادِهِ حَارِثَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالطَّبَرَانِيُّ وَفِيهِ عَبْدُ الْمُهَيْمِنِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَتَابَعَهُ أَخُوهُ أُبَيّ بْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَبْرَةَ وَأُمِّ سَبْرَةَ، فَرَوَاهُ الدُّولَابِيُّ فِي الْكُنَى، وَالْبَغَوِيِّ فِي الصَّحَابَةِ. وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ عِيسَى بْنُ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ الْأَنْدَلُسِيُّ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ شَدِيدُ الضَّعْفِ. قَالَ الْحَافِظُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَجْمُوعَ الْأَحَادِيثِ يَحْدُثُ مِنْهَا قُوَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: ثَبَتَ لَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ، قَالَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَا يَخْلُو هَذَا الْبَابُ مِنْ حُسْنٍ صَرِيحٍ وَصَحِيحٍ غَيْرِ صَرِيحٍ. وَالْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ النَّفْيَ لِلصِّحَّةِ لِكَوْنِهَا أَقْرَبَ إلَى الذَّاتِ وَأَكْثَرَ لُزُومًا لِلْحَقِيقَةِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
فَيَسْتَلْزِمُ عَدَمُهَا عَدَمَ الذَّاتِ وَمَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لَا يَجْزِي وَلَا يُقْبَلُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَإِيقَاعُ الطَّاعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَتَّبُ قَبُولُهَا وَإِجْرَاؤُهَا عَلَيْهِ وَاجِبٌ. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى الْوُجُوبِ وَالْفَرْضِيَّةِ الْعِتْرَةُ وَالظَّاهِرِيَّةُ وَإِسْحَاقُ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ فَرْضٌ مُطْلَقًا أَوْ عَلَى الذَّاكِرِ؟ فَالْعِتْرَةُ عَلَى الذَّاكِرِ، وَالظَّاهِرِيَّةُ مُطْلَقًا، وَذَهَبَتْ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ وَمَالِكٌ وَرَبِيعَةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْهَادِي إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ.
احْتَجَّ الْأَوَّلُونَ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ، وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «مَنْ تَوَضَّأَ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّه عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ» أَخَرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ أَبُو بَكْرٍ الدَّاهِرِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَكَمِ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ وَمَنْسُوبٌ إلَى الْوَضْعِ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ مِرْدَاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَانَ عَنْ أَبِيهِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَفِي إسْنَادِهِ يَحْيَى بْنُ هِشَامٍ السِّمْسَارُ وَهُوَ مَتْرُوكٌ.
قَالُوا: فَيَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ قَرِينَةً لِتَوَجُّهِ ذَلِكَ النَّفْيِ إلَى الْكَمَالِ لَا إلَى الصِّحَّةِ كَحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» فَلَا وُجُوبَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ «ذِكْرُ اللَّهِ عَلَى قَلْبِ الْمُؤْمِنِ سَمَّى أَوْ لَمْ يُسَمِّ» . وَاحْتَجَّ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ بِحَدِيثِ «لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ» وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ التَّمَامَ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى غَيْرِ الْإِسْبَاغِ، فَإِذَا حَصَلَ حَصَلَ. وَاسْتَدَلَّ النَّسَائِيّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّسْمِيَةِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ:«طَلَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدْ فَقَالَ: هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مَاءٌ؟ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَقَالَ: تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ» وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِدُونِ قَوْلِهِ: (تَوَضَّئُوا بِاسْمِ اللَّهِ) .
وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يُمْكِنُ أَنْ يُحْتَجَّ فِي الْمَسْأَلَةِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِبِسْمِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» وَلَا يَخْفَى عَلَى الْفَطِنِ ضَعْفُ هَذِهِ الْمُسْتَنَدَاتِ وَعَدَمُ صَرَاحَتِهَا وَانْتِفَاءُ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَمَا فِي الْبَابِ إنْ صَلَحَ لِلِاحْتِجَاجِ أَفَادَ مَطْلُوبَ الْقَائِلِ بِالْفَرْضِيَّةِ لِمَا قَدَّمْنَا، وَلَكِنَّهُ صَرَّحَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ لَا وُضُوءَ كَامِلًا. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِهِ الرَّافِعِيُّ، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَرَهُ هَكَذَا انْتَهَى. فَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ وَجْهٍ مُعْتَبَرٍ فَلَا أَصْرَحَ مِنْهَا فِي إفَادَةِ مَطْلُوبِ الْقَائِلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ.
وَقَدْ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ عَلَى الذَّاكِرِ فَقَطْ بِحَدِيثِ «مَنْ تَوَضَّأَ وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ كَانَ طُهُورًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ» وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، قَالُوا: فَحَمَلْنَا أَحَادِيثَ الْبَابِ عَلَى الذَّاكِرِ، وَهَذَا عَلَى النَّاسِي جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ.