الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَمْ لَا
19 -
1 -
(عَنْ أَبِي حَبَّةَ قَالَ: رَأَيْت عَلِيًّا رضي الله عنه «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ كَانَ طُهُورُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ) .
ــ
[نيل الأوطار]
[بَابُ هَلْ يُسَنُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ أَمْ لَا]
وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا ابْنُ مَاجَهْ. وَرُوِيَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مِثْلُهُ. وَعَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مِثْلُهُ أَيْضًا، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ بِلَفْظِ:(وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً) . قَالَ الْحَافِظُ: وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَرَوَاهُ أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ مِنْ حَدِيثِ رُزَيْقِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ مُطَوَّلًا وَفِيهِ:(مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ، وَكَذَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ مَسْحَ الرَّأْسِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي رِوَايَةٍ يَعْنِي مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَكَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْآتِي بَعْدَ هَذَا فَإِنَّهُ قَيَّدَ الْمَسْحَ فِيهِ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ «رَأَيْت عَلِيًّا تَوَضَّأَ وَفِيهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَأَخْرَجَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ (أَنَّ عَلِيًّا مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً)، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ بِلَفْظِ:«أَنَّهَا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ قَالَتْ: مَسَحَ رَأْسَهُ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَمَا أَدْبَرَ وَصُدْغَيْهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً» وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَفِي تَصْحِيحِهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَقِيلٍ. وَرَوَى النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ (أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) .
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ خَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ بِلَفْظِ: مَرَّةً وَاحِدَةً، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ بِلَفْظِ:(وَمَسَحَ رَأْسَهُ حَتَّى لَمَّا يَقْطُرْ الْمَاءُ) . وَأَخْرَجَ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي تَعْلِيمِهَا لِوُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (قَالَ وَمَسَحَتْ رَأْسَهَا مَسْحَةً وَاحِدَةً) ، وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ أَنْ يَكُونَ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَذَهَبَ عَطَاءٌ وَأَكْثَرُ الْعِتْرَةِ وَالشَّافِعِيُّ إلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَثْلِيثُ مَسْحِهِ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ (أَنَّهُمَا مَسَحَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) وَفِي كِلَا الْحَدِيثَيْنِ مَقَالٌ.
أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَهُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ خَيْرٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْهُ، وَقَالَ: إنَّ أَبَا حَنِيفَةَ خَالَفَ الْحُفَّاظَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ثَلَاثًا وَإِنَّمَا هُوَ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَيْضًا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[نيل الأوطار]
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَلْعٍ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ بِلَفْظِ: (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ثَلَاثًا) ، وَمِنْهَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَبَّةَ عَنْ عَلِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا. وَمِنْهَا عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَفِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ عُثْمَانَ فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْبَزَّارُ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِلَفْظِ (فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا) وَفِي إسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَرْدَانَ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا بِهِ بَأْسٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: صَالِحٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَتَابَعَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ حُمْرَانَ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ طَرِيقِ عَامِرِ بْنِ شَقِيقٍ بِلَفْظِ:(وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ مِثْلَ هَذَا) وَعَامِرُ بْنُ شَقِيقٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْنُ السَّكَنِ، وَفِي إسْنَادِهِ ابْنُ دَارَةَ: مَجْهُولُ الْحَالِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِيهِ ابْنُ الْبَيْلَمَانِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ أَيْضًا ضَعِيفٌ.
وَرَوَاهُ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى. وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ عَنْ عُثْمَانَ بِلَفْظِ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ هَكَذَا بِدُونِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِ الْمَسْحِ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِيَ مِنْ أَوْجُهٍ غَرِيبَةٍ عَنْ عُثْمَانَ وَفِيهَا مَسْحُ الرَّأْسِ ثَلَاثًا إلَّا أَنَّهَا مَعَ خِلَافِ الْحُفَّاظِ الثِّقَاتِ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَحْتَجُّ بِهَا، وَمِثْلُهُ مَقَالَةُ أَبِي دَاوُد الَّتِي سَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ آخِرَ الْبَابِ. وَمَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكَلِ إلَى تَصْحِيحِ التَّكْرِيرِ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ السَّلَفِ جَاءَ عَنْهُ اسْتِكْمَالُ الثَّلَاثِ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ إلَّا عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، قَالَ الْحَافِظُ: وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَزَاذَانَ وَمَيْسَرَةَ، وَأَوْرَدَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: وَأَغْرَبُ مَا يُذْكَرُ هُنَا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ حَكَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَوْجَبَ الثَّلَاثَ، وَحَكَاهُ صَاحِبُ الْإِبَانَةِ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَذَهَبَ مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْمُؤَيَّدُ بِاَللَّهِ وَأَبُو نَصْرٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إلَى أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ مِنْ إطْلَاقِ مَسْحِ الرَّأْسِ مَعَ ذِكْرِ تَثْلِيثِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ، وَبِحَدِيثِ الْبَابِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدَهُ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ.
وَالْإِنْصَافُ أَنَّ أَحَادِيثَ الثَّلَاثِ لَمْ تَبْلُغْ إلَى دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ حَتَّى يَلْزَمَ التَّمَسُّكُ بِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ، فَالْوُقُوف عَلَى مَا صَحَّ مِنْ الْأَحَادِيثِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا هُوَ