الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: (اختلاف الراهن والمرتهن)
سئل الشيخ عبد الله أيضا: إذا اختلف الراهن والمرتهن فقال الراهن: هو رهن عندك ; وقال المرتهن: بل بعتنيه.
فأجاب: المشهور في هذه المسألة، أنهما يتحالفان، فيحلف كل منهما على نفي ما ادعاه الآخر، ويأخذ الراهن رهنه ; وعبارة أهل المذهب: وإن قال رهنتك ما بيدك بألف ; فقال: بل بعتنيه، أو قال بعتكه، فقال رهنته بها، حلف كل على نفي ما يدعيه عليه، وأخذ الراهن رهنه، وبقي الألف بلا رهن.
وأجاب الشيخ حمد بن ناصر: وأما إذا ادعى المرتهن، أنه اشترى الرهن وأنكر الراهن، فالقول قول الراهن، إلا إن أقام المرتهن بينة على الشراء.
وسئل: إذا كان على رجل ألفان أحدهما برهن والآخر بغير رهن، فقضى ألفا، وقال: قضيت الألف الذي فيه الرهن، وقال المرتهن: بل قضيت الآخر؟
فأجاب: القول قول الراهن مع يمينه، سواء اختلفا في نية الراهن بذلك أو في لفظه ; لأنه أعلم بنيته وصفة دفعه، ولأنه يقول الباقي بلا رهن، والقول قوله في أصل الرهن، فكذلك في صفته، والخلاف بين الفقهاء فيما إذا أطلق ولم ينو شيئا، فبعضهم يقول: له صرف الألف إلى أيهما شاء، كما لو كان له مال حاضر وغائب، فأدى قدر زكاة أحدهما، كان له أن يعين عن أي المالين شاء ; وقال بعضهم: يقع عن الدينين معا، عن كل واحد نصفه، لأنهما قسط في القضاء، فقسط في وقوعه عنهما، هذا إذا أطلق ; وأما إذا ادعى أنه نواه عن الألف الذي فيه الرهن، فالقول قوله، لأنه أعلم بنيته.
وسئل بعضهم: إذا اختلف الراهن والمرتهن في قدر الدين فقال الراهن: الرهن في ثمانية ; وقال المرتهن: في عشرة ; ولا بينة لهما؟
فأجاب: قد اختلف العلماء رحمهم الله في ذلك، فقال مالك: القول قول المرتهن، ما لم يدع أكثر من ثمن الرهن أو قيمته، وحكى ذلك عن الحسن وقتادة، واختاره الشيخ تقي الدين وابن القيم، قالوا: لأن الله سبحانه جعل الرهن بدلا من الكتابة والشهود التي تنطق بالحق، فلو لم يقبل قول المرتهن في ذلك، بطلت التوثقة من الرهن به، وادعى الراهن أنه رهنه على أقل شيء، فلم يكن في الرهن فائدة ; ولأن الله أمر بكتابة الدين، وأمر بإشهاد الشهود، ثم أمر بعد ذلك بما تحفظ به الحقوق، عند عدم القدرة على الكتابة والشهود،
وهو السفر في الغالب، فقال تعالى {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِباً فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [سورة البقرة آية: 283] فدل ذلك دلالة بينة: أن الرهن قائم مقام الكتابة والشهود، شاهد مخبر بالحق، كما يخبر الكتاب والشهود، فلو لم يقبل قول المرتهن على الراهن في قدر الدين، لم يكن الرهن وثيقة ولا حافظا لدينه ; ولا بد من الكتابة والشهود، فإن الراهن يتمكن من أخذه منه، ويقول: إنما رهنته على درهم ونحوه، وهذا القول هو أرجح القولين.
والقول الثاني: أن القول قول الراهن، وبه قال النخعي والثوري، والشافعي والبستي، وأبو ثور وأصحاب الرأي ; قالوا: لأن الراهن منكر للزيادة التي يدعيها المرتهن، والقول قول المنكِر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو يعطى الناس بدعواهم لأخذ قوم دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه " 1 رواه مسلم ; وفي الحديث الآخر: " البينة على المدعي واليمين على من أنكر " 2 ولأن الأصل براء الذمة من الزائد، فكان القول قول من ينفيه، كما لو اختلفا في قدر الدين.
سئل الشيخ: حمد بن ناصر بن معمر: هل يجوز لمرتهن الدار أن يسكنها بنفسه؟
فأجاب: هذه المسألة فيها خلاف، فإن سكنها بغير إذن الراهن حرم، فإن كان بإذنه وأذن الراهن للمرتهن في الانتفاع من غير عوض، وكان دين الراهن قرضا لم يجز ; لأنه يصير
1 البخاري: تفسير القرآن (4552)، ومسلم: الأقضية (1711)، والنسائي: آداب القضاة (5425)، وابن ماجه: الأحكام (2321) ، وأحمد (1/363) .
2 الترمذي: الأحكام (1341) .
قرضا جر منفعة، وذلك حرام ; وإن كان الرهن بثمن مبيع، أو دين غير قرض وأذن له الراهن بالانتفاع جاز ذلك، وكذلك إن كان انتفاعه بعوض، مثل أن يستأجرها بأجرة مثلها من غير محاباة، جاز في القرض وغيره، لكونه ما انتفع بالقرض، بل بالأجرة، فإن حاباه في داره فحكمه حكم الانتفاع بغير عوض، فلا يجوز في القرض، ويجوز في غيره.
وأجاب الشيخ عبد الله أبا بطين: وأما الرهن إذا كان محلوبا أو مركوبا، فإن المرتهن يحلب ويركب بقدر نفقته متحريا للعدل، وأما غير المحلوب والمركوب، فلا ينتفع به بغير إذن صاحبه.
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: وأما مسألة المرأة التي أذنت لبعض بنيها يرهن نخلها في دين عليه، وبعد موتها فك بعضه، فإذا صار النخل مشاعا فالذي فك بين الورثة، والذي بقى: في الرهن.
سئل الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: إذا أعار رجل رجلا سلعة يرهنها فقال المعير: أذنت لك في رهنها بدينار ; وقال المستعير: بل أذنت في الرهن من غير تقييد بشيء ; من القول قوله؟
فأجاب: هذه المسألة القول فيها قول المالك صرحوا بذلك في باب الرهن.
سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: عن المرتهن إذا