الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمامه، ومن فعله قبل ذلك لم يستحقه، وحرم أخذه، انتهى من التنقيح ملخصا، وبه يتحصل الجواب.
وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري: إذا قال من جاء بها فله كذا، فجاء بها رجل فطلب الجعل المجعول، فقال: لم أعينك، يستحق الجعل; وأما من وجد ضالة من ضوال الإبل، وطلب عليها بعد وجدانها جعلا، فلا يظهر لي أنه يستحق عليها شيئا.
باب اللّقطة
سئل الشيخ سعيد بن حجي: هل يجوز التقاط الإبل؟ وإذا التقطها ثم ردها إلى موضعها
…
إلخ؟
فأجاب: نذكر لك شيئا من كلام العلماء، لكي يتبين لك الصواب، قال في المغنى: ولا يتعرض لبعير ولا لما فيه قوة يمنع عن نفسه، قال عمر:"من أخذ ضالة فهو ضال" - أي مخطئ - وبهذا قال الشافعي والأوزاعي وأبو عبيد; وقال مالك والليث - في ضالة الإبل - من وجدها في القرى عرفها، ومن وجدها في الصحراء لا يقربها;
وكان الزهري يقول: من وجد بدنة فليعرفها، فإن لم يجد صاحبها فلينحرها; وقال أبو حنيفة: هي لقطة. ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عنها - " مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر، حتى يجدها ربها "1.
1 البخاري: في اللقطة (2427)، ومسلم: اللقطة (1722)، والترمذي: الأحكام (1372)، وأبو داود: اللقطة (1704)، وابن ماجه: الأحكام (2504) ، وأحمد (4/115)، ومالك: الأقضية (1482) .
الحديث متفق عليه; وقيل: " يا رسول الله إنا نصيب هوامي الإبل؟ فقال: ضالة المسلم حرق النار " وروى عن جابر بن عبد الله: أنه أمر بطرد بقرة لحقت بقره، حتى توارت، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " لا يؤوي الضالة إلا ضال " 1 رواه أبو داود بمعناه إلى أن قال - فإن أخذ الذي لا يجوز أخذه ضمنه، لأنه أخذ ملك غيره بغير إذنه، ولا أذن الشارع له، فهو كالغاصب; فإن رده إلى موضعه لم يبرأ من الضمان، وبهذا قال الشافعي; وقال مالك يبرأ، لأن عمر قال أرسله في الموضع الذي أصبته فيه، وجابر طرد البقرة التي لحقت ببقره.
ولنا: أن ما لزمه ضمانه، لا يزول عنه إلا برده إلى صاحبه; وأما حديث جابر: فإنه لم يأخذ البقرة، ولا أخذها راعيها، وإنما لحقت بالبقر فطردها عنها، فمن لم يأخذها لا يلزمه ضمانها، سواء طردها أو لم يطردها، فإن أخذها فلزمه ضمانها، فدفعها إلى الإمام أو نائبه زال عنه الضمان، انتهى.
وقال في الإنصاف: الثاني الضوال التي تمتنع من صغار السباع، كالإبل، فلا يجوز التقاطها بلا نزاع، ومن أخذها ضمنها - يعني إذا تلفت - ويضمن نقصها إذا تعيبت، لكن تلفها لا يخلو، إما أن يكون قد كتمها أم لا، فإن كان ما كتمها وتلفت ضمنها كغاصب، وإن كان كتمها حتى تلفت، ضمنها بقيمتها مرتين على المذهب، نص عليه; وقال أبو بكر: للخبر، وقال في المبدع: ولا يجوز التقاطها - يعني
1 أبو داود: اللقطة (1720)، وابن ماجه: الأحكام (2503) ، وأحمد (4/360 ،4/362) .
الإبل - لقول عمر: "من أخذ الضالة فهو ضال" أي: مخطئ; ومن أخذها ضمنها، لأنه أخذ ملك غيره بغير إذنه، ولا أذن الشارع له، فهو كغاصب; فإن ردها إلى موضعها لم يبرأ منه، لكن إذا التقطها وكتمها ضمنها بقيمتها مرتين، نص عليه للخبر، انتهى، فتأمل كلامهم يتبين الحق.
سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن وجد صقرا
…
إلخ
فأجاب: وأما الصقر إذا صاده ولم يظهر فيه أثر ملك، ولم يعرف له مالك، جاز الانتفاع به، ومتى ظهر له مالك وجب رده عليه.
سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: عن تعريف اللقطة
…
إلخ؟
فأجاب: واللقطة يعرفها سنة، فإن لقي صاحبها وإلا وضعها في ماله.
وأجاب الشيخ عبد الله العنقري: واللقطة يعرف عفاصها ووكاءها، ثم يعرفها حولا، ثم يتملكها بشرط الضمان إن جاء ربها، وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء.
سئل الشيخ: حسن بن حسين بن الشيخ: عمن كتمها ليبذل له
…
إلخ؟
فأجاب: لا يحل له أخذ المال المبذول والحال ما ذكر، لوجوب تعريفها عليه، وإيصالها إلى صاحبها فورا متى جاء، بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحرم عليه كتمانها، ولو تلفت في
هذه الحال ضمنها بقيمتها مرتين،
قال أبو بكر في التنبيه: لست أعدل عن خبر النبي صلى الله عليه وسلم في الضالة المكتومة: غرامتها، ومثلها معها، وهذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرد، انتهى.
وصرح الفقهاء: بأن أجرة المنادي عليه، ولكتمانه لها ارتكب محرما، وترك واجبات متعددة، فيجب عليه رد ما أخذه إن لم تطب نفسه ببذله بعد علمه بالحال، وقول مالكها حال الإنشاد: حلال من الله لا تأثير له، وقد صرحوا فيمن رد ضالة، قبل بلوغه بذل مالكها للجعل، أنه يحرم أخذه، وهو من أكل المال بالباطل، مع كونه بعد بذل صاحب الضالة، لكنه لم يسمعه، وهذا في مقابلة عمله، ولم يرتكب فيه عملا محرما، ويمتنع من واجب، فكيف بمن كتم وأثم؟
سئل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب عن ضالة الكافر؟
فأجاب: والضالة التي توجد حول البلد، وهي من مال الكافر، فهي لمن وجدها،
وأما لقطة النثار: فإذا لم تعرف بصفة تعرف بها، لم يجب تعريفها.
سئل ابنه الشيخ عبد الله: عمن أخذ ضالة الإبل يريد الحفظ، وهو معروف بالأمانة، ثم تلفت؟
فأجاب: قال في الإنصاف: ويجوز للإمام أو نائبه أخذ ما يمتنع من صغار السباع، وحفظه لربه، ولا يلزمه تعريفه، قاله الأصحاب; ولا يكتفي فيها بالصفة، قاله المصنف وغيره، واقتصر عليه في الفروع; ولا يجوز لغيرهما أخذ شيء
من ذلك لحفظه لربه، على الصحيح من المذهب، وقال المصنف، ومن تبعه: يجوز أخذها إذا خيف عليها، كما لو كانت في أرض مسبعة، أو قريبا من دار حرب، أو موضع يستحل أهله أموال المسلمين، أو في برية لا ماء فيها ولا مرعى، ولا ضمان على آخذها، لأنه إنقاذ من الهلاك، قال الحارثي قالوا كما قال، وجزم به في تجريد العناية، قلت: ولو قيل بوجوب أخذها والحالة هذه، لكان له وجه، انتهى.
والذي يترجح عندي: أن الرجل إذا عرف بالأمانة، وأنه محسن في حفظها، ولم يتعرض لها بركوب ولا غيره، أنه لا يضمن، كما اختاره هؤلاء الأئمة.
وسئل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق: إذا وجد الحيوان قريب الموت، ولم يعلم صاحبه هل يذكيه أم لا؟ وهل يغرم أم لا؟
فأجاب: أما تذكيته فمن المعروف، وأما الغرم فإن بينه، أو كان مأمونا غير متهم فلا غرم عليه، وإن كان متهما أو غير مأمون، ولم يصدقه صاحب الدابة، ولم يعف عنه، لزمه الغرم.
وسئل: إذا وجد ضالة الغنم غير صاحبها، وباعها على آخر هل تكون عنده الخراج بالضمان، كما في مدة الخيار؟
فأجاب: لا فرق. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
آخر الجزء السادس، ويليه الجزء السابع
وأوله: "كتاب الوقف"