المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أحرز الرهن في غير بيته فتلف وقد كان المرتهن قبل - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: أحرز الرهن في غير بيته فتلف وقد كان المرتهن قبل

أحرز الرهن في غير بيته فتلف وقد كان المرتهن قبل ذلك يستعمله أحيانا، فهل يضمنه؟

فأجاب: الرهن أمانة في يد المرتهن، يضمنه بتعديه أو تفريطه ; قال في الإقناع: فإن انتفع به بغير إذن الراهن، فعليه أجرته، وإن تلف ضمنه للتعدي، انتهى.

قلت: ويؤخذ من صريح كلامهم، في باب الرهن والوديعة: أنه إذا أخرجه عن يده لغير مالكه، يقوم مقامه بلا عذر ضمنه، فعليه: يكون جعله في غير بيته، بغير إذن الراهن تفريطا، يوجب الضمان، والله أعلم.

ص: 253

‌باب الضمان

سئل بعضهم: عن ضمان المجهول، كمن ضمن على إنسان دينا لا يعلم قدره، ثم علم ذلك؟

فأجاب: الصحيح في هذه المسألة صحة ذلك، وهو قول أبي حنيفة وأحمد، وهو اختيار الشيخ وابن القيم، لقول الله تعالى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [سورة يوسف آية: 72] وحمل البعير غير معلوم، بل يختلف باختلاف المحمول عليه، ولعموم قوله عليه السلام " الزعيم غارم " 1 ولأنه التزام حق في الذمة من غير معاوضة، فصح في المجهول كالنذر ; وقال الثوري والليث، وابن أبي ليلى والشافعي،

1 الترمذي: البيوع (1265)، وأبو داود: البيوع (3565) ، وأحمد (5/267)

ص: 253

وابن المنذر: لا يصح ; لأنه التزام فلم يصح مجهولا، كالثمن.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما الله: عن رجل ضمن على رجل ريالا مثلا، فلما حل الأجل لم يعطه المضمون عنه الريال؟

فأجاب: لصاحب الريال مطالبة الضمين بالريال، والضامن يرجع على المضمون عنه بالريال خاصة، فإن أعطاه زيادة فهي عليه.

وأجاب الشيخ حمد بن ناصر بن معمر: إذا ضمن رجل على آخر، وادعى المضمون عنه أنه أعطى الضامن، فلصاحب الحق مطالبة من شاء الضامن والمضمون عنه، وبه قال الشافعي والثوري وإسحاق، وأصحاب الرأي وأبو عبيد، لقوله عليه السلام "الزعيم غارم " 1 فإذا أدى المضمون عنه برئت ذمة الضامن، وإن أدى الضامن الدين، ونوى الرجوع رجع إلى المضمون عنه، لما أداه لصاحب الحق، وهو مذهب مالك والشافعي.

وسئل بعضهم: إذا طالب صاحب المال المشتري وترك الضامن؟

فأجاب: الذي ذكره العلماء أن صاحب الحق مخير فيمن شاء منهما، قال في مختصر الشرح: لصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في حال الحياة والموت.

1 الترمذي: البيوع (1265)، وأبو داود: البيوع (3565) ، وأحمد (5/267) .

ص: 254

وسئل الشيخ صالح بن محمد الشثري: إذا قال رجلان لآخر ضمنا مالك على فلان؟

فأجاب: اعلم أن المعاني قوالب الألفاظ، فإذا قالا: كل واحد منا ضامن لك ما عليه، فهو ضمان اشتراك في انفراد، له مطالبة كل واحد منهما بما عليه، ومطالبتهما معا، فإن قضاه أحدهما لم يصر له رجوع إلا على الآخر، وإن قالا ضمنا مالك عليه، فهو بينهما بالحصص.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: إذا كان لرجل على آخر طعام، وقال اشتر لي واضمن الثمن؟

فأجاب: ظاهر المذهب صحة الضمان ; لأن غايته أن يؤول الضمان، إلى نقد الثمن عن المضمون عنه، وقد صرحوا في باب القرض، بأنه إذا قال: أقرضني دراهم، اشتري لك بها البر الذي علي لك، أنه جائز ; وهذا هو المذهب، وفيه رواية بالكراهة، وكرهه سفيان كراهية شديدة، أعني في مسألة القرض.

سئل الشيخ: حمد بن عبد الوهاب رحمه الله، عن الضمين إذا أخذ للمضمون عنه؟

فأجاب: الضمين إذا أخذ للمضمون عنه فهو على الضامن، إلا أن يذكر وقت العقد أنه لفلان، بحضور البينة أو المشتري.

وسئل ابنه الشيخ عبد الله: عن صاحب الرشوة، الذي

ص: 255

سلم له الضمين من ماله قبل الإسلام، ثم بعد الإسلام، امتنع المضمون عنه أن يسلم للضمين؟

فأجاب: صاحب الرشوة الذي سلم له الضمين قبل الإسلام ثم بعد الإسلام امتنع المضمون عنه، فالإسلام لا يبطل مثل هذا ; لأنه سلم من ماله، فلزم المضمون عليه أن يسلم للضمين ما سلم الضمين.

وأجاب أيضا: إذا ضمن رجل على رجل، وعجز عن وفاء دينه، لزم الضمين وفاء دينه.

سئل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب: عمن عليه دينان بضمين وغير ضمين، ووفى أحدهما فادعى صاحب الدين، أن المقبوض غير المضمون؟

فأجاب: وأما الرجل الذي عليه دين شيء بضمين، وشيء ما عليه ضمين، ودفع إليه بعض الدين، وادعى صاحب الدين: أنه ليس من الدين المضمون، فالقول قول المضمون عنه مع يمينه.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عمن ثبت عليه لآخر دين، ثم ثبت على من له الحق دين لآخر وقال للمدين الأول: لا تعطه دينك إلا بحضرتي، فإني قارع ما عندك له في يدك، وأوفى غريمه، هل يلزمه ضمان ما قرع في يده؟

فأجاب: لم أر للفقهاء في هذه المسألة نصا، ومقتضى

ص: 256