المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌باب الخيار خيار المجلس سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌باب الخيار خيار المجلس سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما

‌باب الخيار

خيار المجلس

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما الله تعالى: ما خيار المجلس؟ وما صورته؟.

فأجاب: خيار المجلس يثبت للمتبايعين، لكل منهما فسخه ما داما مجتمعين ولم يتفرقا، وهو قول أكثر أهل العلم، لما في الصحيحين عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا، ولم يترك أحدهما البيع، فقد وجب البيع " والمرجع في التفرق إلى عرف الناس وعادتهم.

وأجاب الشيخ: حمد بن ناصر: خيار المجلس يثبت للمتبايعين، لكل منهما فسخه ما داما مجتمعين لم يتفرقا، وهو قول أكثر أهل العلم، لما في الصحيحين عن ابن عمر، أنه قال:" إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار، ما لم يتفرقا وكانا جميعا، أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع " والمرجع في التفرق إلى عرف الناس وعادتهم.

ص: 51

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: ما يثبت في خيار المجلس من العقود؟.

فأجاب: يثبت في البيع في قول جمهور العلماء، خلافا لمالك وأصحاب الرأي، للأحاديث الصحيحة، ويثبت في الصلح بمعنى البيع، وفي الهبة إذا شرط فيها عوضا معلوما، ويثبت في الإجارة، وفي الصرف، وفي السلم، كل هذا يثبت فيه خيار المجلس، ولا يثبت في سائر العقود، كالنكاح، والوقف، والهبة بغير عوض، فكل هذا لازم لا خيار فيه، وكذلك الرهن لازم في حق الراهن وحده، لا خيار فيه، وكذلك الضامن والكفيل لا خيار لهما، وكذلك الحوالة، والأخذ بالشفعة عقد لازم، لا خيار فيهما على المشهور.

وأما المساقاة والمزارعة، فإن قلنا: إنهما عقد لازم على القول الراجح، ثبت فيهما خيار المجلس؟ وإن قلنا: إنهما عقد جائز، فلا خيار فيهما، لأن الخيار مستغنى عنه حينئذ.

وأجاب أيضا: إذا وليت الإجارة العقد لم يثبت فيها خيار، وإن كانت لا تلى العقد ثبت فيها خيار.

وسئل بعضهم: إذا أبطل خيار المجلس أيبطل أم لا؟

فأجاب: وإذا شرطا أن ليس بينهما خيار مجلس، يلزم البيع، ويبطل الخيار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر:" فإن خير أحدهما صاحبه فتبايعا على ذلك، فقد وجب البيع "1.

1 البخاري: البيوع (2112)، ومسلم: البيوع (1531)، والنسائي: البيوع (4472) ، وأحمد (2/119) .

ص: 52

يعني: لزم البيع، قال في الشرح: وهو مذهب الشافعي، وهو الصحيح- إن شاء الله- لحديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وسئل الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: عن اشتراط الخيار في السلم؟.

فأجاب: اشتراط الخيار في السلم لا يصح، على الصحيح من المذهب، وعند بعض العلماء يصح، اختاره ابن الجوزي، وعند الشيخ تقي الدين: يصح اشتراط الخيار في كل العقود، وهذا بخلاف خيار المجلس، فإنه يثبت في السلم والصرف، ونحوهما.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: عمن قال: بعني هذه النخلات بمالي عليك، ولك الخيار إلى شهر؟.

فأجاب: إذا قال بعني هذه النخلات بالذي عليك، ولك الخيار شهرا، يملكها إذا انقضت مدة الخيار، ويكون البيع صحيحا، إن شاء الله تعالى.

وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: من باع عقارا بثمن في ذمته، وجعل له أجلا معلوما، فإن حل الأجل قبل وفائه لزم البيع، إذا كان صدر من جائز التصرف بإيجاب وقبول، فهو صحيح مطلقا، لازم بحلول الأجل قبل الوفاء، ولا ينازع في ذلك إلا من نازع في صحة البيع بالجملة.

ص: 53

وأجاب الشيخ: إبراهيم بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن، رحمهم الله: أما بيع الخيار دارا، أو نخلا ثمنه دين في الذمة وكل واحد منهما ما قصد حقيقة البيع، البائع يريد دفع الغريم إلى وقت، لعله أن يجد فيه قضاء الدين، والمشتري ما قصد حقيقة الشراء، وإنما قصده استخراج حقه، فهذا البيع يغلب فيه حكم الرهن.

سئل الشيخ: حسين، وعبد الله ابنا الشيخ محمد، رحمهم الله: عمن اشترى نخلا بثمن معين، ونذر متى جاء البائع بثمنه أرجع إليه نخله؟

فأجابا: هذا العقد المذكور في السؤال عقد باطل، وهو حيلة باطلة، والحيل لا تجوز في الدين، ويجب على المشتري رد الثمن، ويعود النخل على بائعه، وأما ما أكل في حال كفره وجهله من غلة النخل، فإنه لا يطالب بذلك.

سئل الشيخ: حسن بن حسين بن الشيخ محمد: هل يصح الخيار المجهول؟

فأجاب: لا يصح سواء كان أبدا، أو مدة مجهولة أو أجلا مجهولا، أو تعليقا على مشيئة، أو على نزول مطر ونحوه، كما صرح بذلك الفقهاء.

خيار الشرط

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: ما يثبت فيه خيار الشرط من العقود؟

فأجاب: أما خيار الشرط فيثبت في البيع، والصلح

ص: 54

بمعنى البيع، والهبة بعوض، والإجارة في الذمة ونحو ذلك، ولا يثبت في الصرف والسلم ونحوهما، وقال الشيخ تقي الدين: يثبت خيار الشرط في كل العقود، فيثبت عنده في الصرف والسلم إذا تقابضا، ثم جعلا الخيار لهما، أو لأحدهما مدة معلومة.

وأجاب أيضا: لا يثبت خيار الشرط إلا في البيع والصلح، والإجارة في الذمة، أو على مدة لا تلي العقد، ويثبت في أشياء غير ذلك.

وأجاب أيضا: أما بيع الحيوان وغيره إلى أجل، ويشترط البائع الخيار إلى الأجل، إما بدراهم وإما بتمر، فهذا فيه تفصيل، فإن كان البيع بدراهم، أو بتمر حاضر، فهو جائز، ولا إشكال فيه، وأما إن جعله رأس مال سلم في تمر، وشرط الخيار، فهذا فيه خلاف، والمشهور في المذهب: أن السلم لا يجوز فيه خيار الشرط، وذكر في الشرح أنه رواية واحدة، واختار الشيخ تقي الدين الجواز، وعليه عمل الناس اليوم عندنا.

وأجاب الشيخ: عبد الله أبا بطين: وأما اشتراط الخيار في السلم، فلا يصح على الصحيح من المذهب، وعن بعض الأصحاب يصح، اختاره ابن الجوزي، وعند الشيخ تقي الدين رحمه الله: يصح اشتراط الخيار في كل العقود، وهذا بخلاف خيار المجلس، فإنه يثبت في السلم والصرف ونحوهما.

ص: 55

وأجاب الشيخ: حسن بن حسين بن الشيخ: المساقاة إذا قلنا إنها عقد لازم، ثبت فيها خيار الشرط، قياسا على الإجارة، وقد اختار أبو العباس ثبوت خيار الشرط في كل عقد.

سئل الشيخ:- محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: عن البيع إذا انقطع الخيار، وصار بدون القيمة، هل يصح؟

فأجاب: والبيع يصح إذا انقطع الخيار، ولو كان بدون القيمة.

وسئل عن ضمان المبيع في مدة الخيار؟

فأجاب: وضمان المبيع في مدة الخيار للمشتري ونماؤه له.

وأجاب أيضا والنماء المتصل للبائع، إذا فسخ المشترى.

وأجاب ابنه: الشيخ عبد الله، ما حصل من غلات المبيع ونمائه في مدة الخيار، فهو للمشتري أمضيا العقد أو فسخاه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الخراج بالضمان " 1 فيجب أن يكون خراجه له في مقابلة ضمانه.

وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: ما حصل من غلات المبيع ونمائه مدة الخيار، فهو للمشتري أمضيا العقد أو فسخاه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الخراج بالضمان ".

1 الترمذي: البيوع (1285)، والنسائي: البيوع (4490)، وأبو داود: البيوع (3508)، وابن ماجه: التجارات (2243) .

ص: 56

قال الترمذي هذا حديث صحيح، وهذا من ضمان المشتري، فيجب أن يكون خراجه له في مقابلة ضمانه.

وأجاب الشيخ: حسن بن حسين بن علي، وأما النماء في مدة الخيار فهو للمشتري، أي النماء المنفصل، لقوله:" الخراج بالضمان "1.

وأجاب الشيخ: عبد الله بن حمد الحجازي، رحمه الله تعالى: بيع الخيار إن كان ثمنه منقودا للبائع، فالثمرة للمشتري في مدة الخيار، وإن كان الخيار ثمنه دين ساقط من ذمة البائع، فالثمرة للبائع، لأن هذا البيع زيادة في التوثيق على الرهن، لأنه ينطر فيه بعد حلول الأجل، هل فيه غبن أم لا.

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما الله: عن التصرف في المبيع في مدة الخيار؟

فأجاب: لا يجوز التصرف في المبيع في مدة الخيار، إلا بما يحصل به تجربة المبيع، فإن كان لأحدهما صح، وبطل خياره.

وسئل عن التصرف في الثمن: إذا كان معينا في مدة الخيار؟

فأجاب: نعم يؤخذ ولا يتصرف فيه في مدة الخيار، وإذا أعتق المشتري في مدة الخيار،، ينفذ عتقه ويبطل

1 الترمذي: البيوع (1285)، والنسائي: البيوع (4490)، وأبو داود: البيوع (3508)، وابن ماجه: التجارات (2243) .

ص: 57

خياره، وكذلك إن تلف المبيع، وعنه: لا يبطل خيار البائع، وله الفسخ والرجوع بالقيمة، والرواية الأولى أظهر، ويرجع البائع- بثمنه.

سئل الشيخ: عبد الله أبا بطين: إذا اشترى رجل نخلا والخيار فيه للمشتري، وحدث قطع في النخل

إلخ؟

فأجاب: إذا فسخ المشتري قبل قطع النخل صح الفسخ، فإن ثبت قطع شيء منه قبل الفسخ فعلى المشتري، لأن الملك للمشتري فضمانه عليه.

سئل الشيخ: محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: هل يبطل خيار الشرط بالموت؟

فأجاب: وأما خيار الشرط فلا يبطل بموت أحدهما، ويرثه ورثته.

وأجاب ابنه الشيخ حسين، ولا ينقطع الخيار بموت مشترطه.

سئل الشيخ: عبد الرحمن بن حسن: عن تلقي الركبان؟

فأجاب: وأما تلقي الركبان للمشترى منهم ما جلبوه، فيلزم منعهم من ذلك.

وأجاب الشيخ عبد الله أبا بطين: وما سألت عنه، من ثبوت الخيار في البيع في صورة تلقي الركبان، والنجش،

ص: 58

والمسترسل إذا غبنوا غبنا يخرج عن العادة، والمسترسل الذي يثبت له الخيار، هو الجاهل بقيمة السلعة، وأما العارف الحاذق إذا غبن لأجل عجلته، فلا خيار له.

وأجاب أيضا: وأما تلقي الركبان فهو ظاهر، والبائع بالخيار إذا قدم البلد، كما في الحديث، وبيع الحاضر للبادي معروف، والبادي من لا يكون من أهل البلد، من غير اشتراط أن يكون بدويا، واشترط بعض العلماء لذلك شروطا مذكورة في مواضعها.

وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: الذي عليه أكثر الأصحاب، كما نقل عنهم صاحب الإنصاف وغيره، وجزم به في الإقناع: لا يثبت لغير المسترسل، وقال صاحب المذهب فيه، لو جهل الغبن فيما اشتراه لعجلة وهو لا يجهل، ثبت له الخيار أيضا، قال في الإنصاف: وجزم به في النظم، وعنه يثبت أيضا لمسترسل مع بائع لم يماكسه، اختاره الشيخ تقي الدين، وذكره المذهب، وقال في الانتصار: له الفسخ ما لم يعلمه.

سئل الشيخ عبد الله أبا بطين: عن التصرية؟

فأجاب: التصرية معروفة، وهو الذي يسمى التحيين، 1 وهو حرام، وأما الغش فأنواع كثيرة، وضابطه:

1 التحيين: حبس اللبن في الضرع، ليغتر بذلك المشتري.

ص: 59

إذا كان المبيع غير متساو، بأن أظهر الحسن للمشتري وأخفى الذي دونه، أو يخفي عيبا في المبيع ويكتمه عن المشتري، أو يفعل فعلا في المبيع فيحسنه في عين المشتري، وهو غير ثابت في المبيع، كتحمير وجه الجارية المبيعة، وتسويد شعرها ونحو ذلك.

وأما خلط البر بالشعير، فقد ورد فيه حديث بالنهي عن خلطه للبيع لا للبيت، انتهى.

وأجاب الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى: أما خلط البر بالشعير فلا يجوز، لما ورد في ذلك من الآثار التي رواها ابن أبي شيبة في مسنده.

وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن الشيخ: أما خلط البر بالشعير للبيت فيجوز، وأما للبيع ونحوه فمكروه، لما فيه من الغش والتدليس، وضابط الغش المحرم: اشتمال المبيع ونحوه على وصف نقص، لو علم به المشتري امتنع من شرائه، وأكثر الناس لا يعلمون قدر المشوب، وإن شاهدوه، وروى ابن ماجه، وابن عساكر، عن صهيب مرفوعا:"ثلاث فيهن البركة، البيع إلى أجل، والمقارضة، وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع" 1 لكن قال الحافظ الذهبي: إنه واه جدا، وقال البخاري فيما نقله عنه ابن حجر: أنه موضوع.

1 ابن ماجه: التجارات (2289) .

ص: 60

سئل الشيخ إبراهيم بن الشيخ عبد اللطيف، بن عبد الرحمن: عن مبيع غبن صاحبه الثلث أو الربع

إلخ؟

فأجاب: الغبن في صور مخصوصة، فإذا كانت المسألة تدخل في إحدى الصور المنصوص عليها، فالغبن المشهود به، أي الثلث أو الربع غبن فاحش، وإذا توجه الحكم به، فالبائع له الخيار بين الإمضاء والفسخ، ولا تلتفت إلى قول المشتري أنا أدفع قيمة الغبن، ولا يفسخ البيع، لأن المغبون يملك الفسخ إن أراده، وأما سقوط الغبن إذا أسقطه البائع، فالظاهر سقوطه إذا كان البائع عالما به، وأما إذا لم يعلم به وإنما قال ذلك على ما يعتاد بعض الناس، فلا أدري هل يسقط أم لا

وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: دعوى الغبن لا يثبت إلا لثلاثة، كما هو مقرر في كتب أهل العلم، المتلقى، والمسترسل الذي لا يحسن أن يماكس، وبزيادة الناجش الذي لا يريد شراء، وما سوى هذه المسائل الثلاث لا يثبت فيه غبن قل أو كثر.

ص: 61