المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الصلح سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: عن صلح - الدرر السنية في الأجوبة النجدية - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

الفصل: ‌ ‌باب الصلح سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: عن صلح

‌باب الصلح

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد: عن صلح جرى في الجاهلية

الخ؟

فأجاب: والفعل الذي قد أصلح فيه، بدية أو غرامة في الجاهلية، من دم أو غيره، فهو يسلم ويتم في الإسلام.

وسئل: عن الصلح عن المؤجل ببعضه حالا؟

فأجاب: وأما الصلح عن المؤجل ببعضه حالا، فالذي يظهر لي الصحة.

وأجاب أيضا: إذا كان لرجل على آخر عشرة أريل مثلا، وأراد أن يعجل له بخمسة ويترك الباقي، ففيها خلاف مشهور بين العلماء، قال في الإنصاف، ولو صالح عن المؤجل ببعضه حالا لم يصح، هذا هو المذهب، نقله الجماعة عن أحمد، وعليه جماهير الأصحاب، وفي الإرشاد والمبهج رواية يصح، واختاره الشيخ تقي الدين، لبراءة الذمة هنا، وكدين الكتابة، جزم به الأصحاب في دين الكتابة، ونقله ابن منصور، انتهى.

ص: 259

والذي يترجح عندي هو القول الأخير، وهو الذي اختاره الشيخ ابن تيمية قدس الله روحه، وأما إذا كان الدين حالا فوضع بعضه وأجل باقيه، فقال في الإنصاف: صح الإسقاط دون التأجيل، أما الإسقاط فيصح على الصحيح من المذهب، وعنه لا يصح الإسقاط، وأما التأجيل فيصح على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب لأنه وعد، وعنه لا يصح، وذكر الشيخ تقي الدين رواية بتأجيل الحال في المعاوضة لا التبرع، قال في الفروع: والظاهر أنها هذه الرواية، والله أعلم.

وسئل بعضهم: عمن له ريالان عند رجل نسيئة، وأخذ ريالا ونصفا؟

فأجاب: الأئمة الأربعة لا يجوزونه، وأفتوا لنا عيال الشيخ بالجواز، وهو الذي نعمل عليه الآن.

سئل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن: عما إذا اصطلحا أن الدين يكون نجوما

الخ؟

فأجاب: هذا ليس بصلح، ولا يدخل في حد الصلح، كما نص عليه الحجاوي وغيره بل هو وعد يستحب الوفاء به على المشهور، وكونه فيه إرفاق فذلك لا يغير الحدود الشرعية، ولا يدخل في مسمى الصلح، كما لا تدخله الهبة والعطية.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: هل يجوز مصالحة المرأة عن ثمنها؟

فأجاب: الظاهر عدم الصحة.

ص: 260

سئل الشيخ حسن بن حسين بن علي: إذا اصطلح اثنان في خصومة، ثم بعد ذلك ظهرت البينة بصحة الدعوى لمن هي له؟

فأجاب: تسمع البينة ويحكم بها، ويبطل الصلح.

وأجاب الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف: إذا وجد أحد المتداعيين بينة على ما ادعاه، بعد صدور الصلح الذى لم يرض به إلا لعدم اطلاعه على البينة، فالذي اطلعنا عليه من كلام بعضهم: أن المذهب عدم نقض الصلح، واختيار الشيخ تقي الدين نقض الصلح ; لأنه إنما صالح مكرها في الحقيقة، إذ لو علم البينة لم يسمح بشيء من حقه.

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ: إذا أراد أن يجري ساقية في أرض غيره بغير إذنه

الخ؟

فأجاب: قال في المغنى، وإذا أراد أن يجري ماء في أرض غيره، لغير ضرورة لم يجز إلا بإذنه، وإن كان لضرورة مثل أن تكون له أرض للزراعة، لها ماء لا طريق له إلا أرض جاره، فهل له ذلك؟ على روايتين، إحداهما: لا يجوز بغير إذنه، كما لو لم تدع إليه ضرورة ; والأخرى يجوز، ثم ساق الأثر المروي عن عمر، حيث قال لمحمد بن مسلمة:"لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع؟ والله ليمرن به ولو على بطنك" فأمره عمر أن يمر به ففعل، رواه مالك في الموطأ، انتهى ; والقول الأول هو المذهب، ومال إليه في المغنى والشرح، وقال هو أقيس، والقول الثاني هو اختيار الشيخ تقي الدين رحمه الله.

ص: 261

سئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: عن إجراء السيل مع أرض الغير؟

فأجاب: مجرى السيل مع أرض الغير قده عندكم 1 في بلدكم، وافق الشيخ حمد رحمه الله: بإجرائه إذا لم يتعد الضرر، وحجته قوية، قصة عمر لمحمد بن مسلمة، لما قال له: أجره ولو على بطنك، والعمل عليها.

وأجاب الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن: وأما صاحب الأرض الذي أرادوا إجراء النهر على أرضه، فهذه المسألة فيها روايتان، إحداهما وهي المذهب أنه لا يجبر ; والثانية: أنه يجبر، فعلى هذه الرواية ينظر، فإن كان لا طريق لذلك النهر إلا مع تلك الأرض، أجرى معها مجانا بلا ضرر يعود على صاحب الأرض، فإن كان له طريق غير تلك الأرض، فالظاهر أنه لا يجبر.

سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين: عن طريق أقام المدعى بينة، أنهم يعرفون أنهم يستطرقون معه

الخ؟

فأجاب: هذا لا يثبت لهم به طريق، حتى تشهد البينة أن لهم طريقا ثابتا ; لأن الملك إذا لم يكن محصنا بالبناء، لا يدل الاستطراق معه على حق ثابت.

1 يعني: عند الشيخ عبد الله بن فيصل، ساكن بلد "القرينة" وهو إذاك قاضي بلد "المحمل".

ص: 262

سئل الشيخ: عبد الله بن محمد: إذا بنى رجل على طريق نافذ بإذن الإمام، هل يصح؟

فأجاب: إذا كان نافذا ليس بسد مشترك، فإن له بناه بإذن الإمام، بشرط أن لا يكون به ضرر.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن حسن: إذا غير الطريق النافذ مسجدا، هل هو جائز أم لا؟

فأجاب: الذي رأينا من كلام العلماء رحمهم الله، كصاحب الإنصاف وغيره، أنه لا يجوز البناء في طريق نافذ مطلقا، قال في المغني والشرح: لا نعلم فيه خلافا ; قال شيخ الإسلام في الفتاوى المصرية، لا يجوز لأحد أن يخرج في طريق المسلمين شيئا من أجزاء البناء، حتى إنه ينهى عن تجصيص الحائط، إلا أن يدخل في حده بقدر الجص انتهى، فعلى هذا يكون مغصوبا لا تصح الصلاة فيه، بخلاف ما إذا كانت الطريق واسعة، ولا ضرر في البناء، فإنه يجوز ; قال البخاري في صحيحه:"باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس" وبه قال الحسن وأيوب ومالك ; قال القسطلاني: وعليه الجمهور، وأما ما رواه عبد الرزاق عن علي وابن عمر من المنع، فسنده ضعيف لا يحتج به.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ: إذا كان باب رجل في أول الدرب، فأراد نقله إلى أدخل منه، فهل له ذلك؟

فأجاب: إذا كان على طريق نافذ فله ذلك.

ص: 263

سئل الشيخ: حمد بن ناصر بن معمر: إذا بنى رجل بيتا، وبنى فيه مدابغ

الخ؟

فأجاب: إن كانت المدابغ والكنيف سابقة على ملك جاره، ولا حدثت دار جاره إلا بعد بناء الكنيف والمدابغ، فلا تزال ; لأنها سابقة علي ملك الجار، والجار هو الذي أدخل الضرر على نفسه، وفي إزالة ضرره إضرار بجاره، فلا يزال الضرر بالضرر ; فإذا كانت المدابغ ونحوها سابقة على ملك الجار لم تزل، وإن أضرت بالجار، وأما إذا بناها بعد بناء جاره، وأقام جاره بينة أنها تضر به، فيمنع الجار أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا ضرر ولا ضرار " 1 فإذا أراد أن يحدث في ملكه ما يضر بجاره، فإنه يمنع للحديث، وهذه المسألة عكس التي قبلها في الصورة والحكم.

وأجاب بعضهم رحمه الله: وأما إذا كانت الأرض محددة مملوكة، فلا يجوز لأحد أن يأخذ من ملك أخيه شيئا، لا من الهواء ولا من تحت الأرض، ولا يجوز للجار أن يحدث في ملكه ما يضر جاره، كالمرحاض الذي له رائحة كريهة، وأشباه ذلك.

سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد: إذا كان لأحد علو بيت، ولآخر أسفله، فانهدم البيت، هل يلزم صاحب العلو البناء معه؟

فأجاب: الظاهر أنه يجبر على البناء معه.

1 ابن ماجه: الأحكام (2340) ، وأحمد (5/326) .

ص: 264

سئل الشيخ سعيد بن حجي: إذا كان لإنسان بناء مشرف سابق، وطلب الجار ستره؟

فأجاب: لم نقف للعلماء على تفرقة بين البناء المتقدم والحادث، وإنما ذكروا في المغني والشرح وغيرهما، أنه إذا كان سطح أحدهما أعلى من سطح الآخر، فليس لصاحب العلو الصعود على وجه يشرف على جاره، إلا أن يبني سترة تستره ; لأنه إضرار بجاره، فأشبه ما لو اطلع عليه من خلل بابه، وقد دل على المنع قوله صلى الله عليه وسلم " لو أن رجلا اطلع عليك، فخذفته بحصاة ففقأت عينه، لم يكن عليك جناح " 1 لكن قال في الإقناع والروض: فإن استويا اشتركا، وأيهما أبى أجبر مع الحاجة إلى السترة.

سئل الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: عن مسجد أحدث عليه بعض جيرانه بناء، يمنع الشمس زمن الشتاء، وادعى أهل المسجد بالضرر؟

فأجاب: بأن البناء والحالة هذه تجب إزالته.

سئل الشيخ: حسن بن حسين بن الشيخ محمد رحمهم الله: عن معنى قوله عليه السلام: " لا ضرر ولا إضرار "2.

فأجاب: قال أبو الفرج ابن رجب، في شرح الأربعين: اختلفوا هل بين اللفظتين أعني - الضرر والإضرار - فرق أم لا؟ فمنهم من قال: هما بمعنى واحد على وجه التأكيد، والمشهور: أن بينهما فرقا ; ثم قيل: إن الضرر الاسم،

1 البخاري: الديات (6902)، ومسلم: الآداب (2158)، والنسائي: القسامة (4861)، وأبو داود: الأدب (5172) ، وأحمد (2/243 ،2/428) .

2 مالك: الأقضية (1461) .

ص: 265

والإضرار الفعل، فالمعنى أن الضرر نفسه منتف في الشرع، وإدخال الضرر بغير حق كذلك ; وقيل: الضرر أن يدخل على غيره ضررا بما ينتفع به هو، والإضرار أن يدخل على غيره ضررا مما لا منفعة له به، كمن منع ما لا يضره ويتضرر به الممنوع ; وقيل إن الضرر أن يضر بمن لا يضر به، والضرار أن يضر بمن قد أضر به، بوجه غير جائز.

وبكل حال: فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نفى الضرر والضرار بغير حق، فأما إدخال الضرر على أحد بحق، إما لكونه تعدى حدود الله فيعاقب بقدر جريمته، أو كونه ظلم غيره، فيطلب المظلوم مقابلته بالعدل، فهذا غير مراد قطعا، وإنما المراد إلحاق الضرر بغير حق، وهذا على نوعين.

أحدهما: أن لا يكون في ذلك غرض سوى ضرر بذلك، فهذا لا ريب في قبحه وتحريمه ; وقد ورد النهي في القرآن عن المضارة في مواضع - إلى أن قال: - وأما النوع الثاني: أن يكون له غرض صحيح، مثل أن يتصرف في ملكه بما فيه مصلحة له، فيتعدى ذلك إلى ضرر غيره، أو يمنع غيره من الانتفاع في ملكه توفرا، فيتضرر الممنوع.

فأما الأول: فإن كان على غير الوجه المعتاد، مثل أن يؤجج في أرضه نارا في يوم عاصف فيحترق ما يليه، فإنه متعد بذلك وعليه الضمان، وإن كان على الوجه المعتاد، ففيه

ص: 266

للعلماء قولان مشهوران،

أحدهما: لا يمنع من ذلك وهو قول الشافعي وأبي حنيفة، وغيرهما ;

والثاني: المنع وهو قول أحمد، ووافقه مالك في بعض الصور.

فمن صور ذلك: أن يفتح كوة في بنائه العالي مشرفة على جاره، أو أن يبني عاليا ليشرف على جاره ولا يستره، فإنه يلزمه يستره نص عليه أحمد، ووافقه طائفة من أصحاب الشافعي، قال الروياني منهم في كتاب الحلية، يجتهد الحاكم في ذلك، ويمنع إذا ظهر له التعفن في الفساد، قال وكذلك القول في إطالة البناء، ومنع الشمس والقمر، وقد خرج الخرائطي وابن عدي بإسناد ضعيف، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا، حديثا طويلا في حق الجار، وفيه:"ولا يستطيل عليه بالبناء فيحجب عنه الريح إلا بإذنه"

ومنها: أن يحفر بئرا بالقرب من بئر جاره فيذهب ماؤها، فإنها تطم في مذهب مالك وأحمد، وأخرج أبو داود في المراسيل، من حديث أبي قلابة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تضاروا في الحفر، وذلك: أن يحفر الرجل إلى جنب بئر الرجل ليذهب بمائه "

ومنها: أن يحدث بما يضر بملك جاره، من هز ودق ونحوهما، فإنه يمنع منه في ظاهر مذهب مالك وأحمد، وهو أحد الوجوه للشافعية.

ص: 267

ومنها: أن يكون له ملك في أرض غيره، ويتضرر صاحب الأرض بدخوله إلى أرضه، فإنه يجبر على إزالته، ليدفع به ضرر الدخول، وخرج أبو داود في سننه، من حديث أبي جعفر محمد بن علي، أنه حدث عن سمرة بن جندب، أنه كان له عضيد من نخل في حائط رجل من الأنصار، ومع الرجل أهله، فكان سمرة يدخل إلى أهله، فيتأذى به ويشق عليه، فطلب إليه أن يناقله، فأبى، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فطلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعه فأبى، فطلب أن يناقله فأبى، قال: فهبه له ولك كذا وكذا، أمرا أرغبه فيه، قال فقال: أنت مضار ; فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري: " اذهب فاقلع نخله " 1 وقد روى عن أبي جعفر مرسلا.

قال أحمد: في رواية حنبل بعد أن ذكر له هذا الحديث، فما كان على هذه الجهة وفيه ضرر يمنع من ذلك، فإن أجاب وإلا أجبره السلطان، ولا يضر بأخيه في ذلك إذا كان من فعاله، وذكر حديثا من نحوه، ثم قال: ففي هذا والذي قبله إجباره على المعاوضة حيث كان على شريكه أو جاره ضرر في شركه، وعلى وجوب العمارة على الشريك الممتنع من العمارة، وعلى إيجاب البيع إذا تعذرت القسمة، بكون المقسوم يتضرر بقسمته، وطلب أحد الشريكين البيع، أجبر الآخر وقسم الثمن، نص عليه الإمام أحمد، وأبو عبيد وغيرهما من الأئمة.

1 أبو داود: الأقضية (3636) .

ص: 268

وأما الثاني: وهو منع الجار من الانتفاع بملكه والارتفاق به، فإن كان ذلك يضر بمن انتفع بملكه فله المنع، وأما إن لم يضر به، فهل يجب عليه التمكين، ويحرم عليه الامتناع أم لا؟ فمن قال في القسم الأول: لا يمنع المالك من التصرف في ملكه وإن أضر بجاره، قال هنا للجار المنع من التصرف في ملكه بغير إذنه، ومن قال هناك بالمنع، فاختلفوا هاهنا على قولين، أحدهما: المنع هاهنا وهو قول مالك ; والثاني: أنه لا يجوز المنع، وهو مذهب أحمد في طرح الخشب على جدار جاره، ووافقه الشافعي في القديم.

وفي الصحيحين: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم " لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبه على جداره " 1 قال أبو هريرة: "ما لي أراكم عنها معرضين، والله لأرمين بها بين أكتافكم""وقضى عمر بن الخطاب على محمد بن مسلمة: أن يجري ماء جاره في أرضه، وقال ليمرن ولو على بطنك" وفي الإجبار على ذلك روايتان عن أحمد، ومذهب أبي ذر الإجبار على إجراء الماء بأرض جاره، إذا أجراه في قناة في باطن أرضه، نقله عنه حرب الكرماني - إلى أن قال:

وقال عبد الرحمن الحضرمي الشافعي، في شرح الأربعين، في الكلام على هذا الحديث "فائدة" يؤخذ من هذا الحديث قاعدتان عظيمتان، وهما رعاية المصالح ودرء المفاسد، ويتفرع منهما أيضا قواعد أخر، كقولهم: الضرر يزال، وقولهم: إذا ضاق الأمر اتسع، والمشقة تجلب

1 البخاري: المظالم والغصب (2463)، ومسلم: المساقاة (1609)، والترمذي: الأحكام (1353)، وأبو داود: الأقضية (3634)، وابن ماجه: الأحكام (2335) ، وأحمد (2/240 ،2/274 ،2/327 ،2/396 ،2/447 ،2/463)، ومالك: الأقضية (1462) .

ص: 269

التيسير، والضرر يبيح المحظورات، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، والضرر لا يزال بالضرر، وقولهم: يراعى أخف الضررين، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والحاجة العامة أو الخاصة، تنْزل منْزلة الضرورة، وكل واحدة من هذه القواعد، لها فروع منتشرة في كتب الفقه، لا يمكن حصرها.

وسئل الشيخ: عبد الله أبا بطين: عن قول الفقهاء: الضرر لا يزال بالضرر

الخ؟

فأجاب: قول الفقهاء الضرر لا يزال بالضرر، فهذا كما قالوا: في أن الجار لا يملك وضع الخشب على جدار جاره، إلا عند الضرورة إليه، فإن كان جدار الجار يتضرر بوضع الخشب عليه فلا يجوز ; لأن الضرر لا يزال بالضرر، وكما لو كان مع إنسان طعام أو شراب هو مضطر إليه، وإنسان آخر مضطر إلى ذلك، فصاحبه أحق به، فلا يزال ضرر غير المالك بإدخال الضرر على المالك، ويدخل في ذلك صور كثيرة.

وأجاب الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف: لا يجوز له منعه من غرز خشبه في جداره، سواء كان الأول قديما أو حديثا هذا بالنص، كما دل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 270

سئل الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما الله: إذا كان لرجل بئر وأرض، ولجاره أرض ليس لها ماء

الخ؟

فأجاب: إذا امتنع صاحب الماء من إجرائه إلى جاره من غير حاجة بالماء، فإنه يجبر على إجرائه.

وسئل بعضهم: إذا فضل ماء هل لمالكه منعه؟

فأجاب: وأما من حفر بئرا أو قناة، فإنه أحق بمائها من غيره، ولا يجوز له منع فضل مائها. وأجاب الشيخ حسن بن حسين بن علي: وأما الذي له قليب مستغن عن مائها، لا يجوز له منع جاره منها، إذا لم يكن عليه ولا على القليب ضرر منه.

وسئل: عن الجزوى؟ 1

فأجاب: وأما الجزوى إذا قل الماء، فهي على نظر الأمير، وأهل المعرفة بمصالح البلد، فيقدم الأصلح فالأصلح، وتحتمل المضرة اليسيرة على من عنده زيادة الماء.

وأجاب الشيخ عبد العزيز بن حسن: وأما إن رأى أهل الخبرة والإنصاف، أن الجزوى في سنين المحل أصلح لحال الملك، لزمتهم لتوفير الماء عليه.

1 هي ترك السني في بعض الأوقات لتوفير الماء.

ص: 271