الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
(1)
، وقوله تعالى:{إِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}
(2)
.
حرصه على اتباع السنّة حتى في لحظاته الأخيرة:
كان «الباقر» رضي الله عنه حريصا على السنّة مجانبا للبدعة وأهلها حتى في لحظات عمره الأخيرة.
وقد روى الكليني في «الكافي» بسنده عن جعفر بن محمد رضي الله عنهما أنه قال: «إنّ أبي (ع) استودعني ما هناك، فلما حضرته الوفاة قال: ادع لي شهوداً فدعوت له أربعة من قريش، فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر فقال: اكتب، هذا ما أوصى به يعقوب بنيه {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وأمره أن يكفنه في برده الذي كان يصلي فيه الجمعة، وأن يعممه بعمامته، وأن يربع قبره ويرفعه أربعة أصابع وأن يحل عنه أطماره عند دفنه، ثم قال للشهود: انصرفوا رحمكم الله، فقلت له: يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: إنه لم يوص إليه، فأردت أن تكون لك الحجة»
(3)
.
(1)
المائدة (8).
(2)
الأنعام (152).
(3)
الكافي للكليني (1/ 307) باب (الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق) حديث رقم (8).
وفي هذه الوصية فوائد عظيمة منها:
1 -
الاقتداء بالأنبياء والصالحين وبأفعالهم، فوصية «الباقر» رضي الله عنه كانت هي وصية يعقوب عليه السلام لأبنائه كما ورد في التنزيل.
2 -
الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، في النهي عن رفع القبر ما فوق أربعة أصابع، ومن هنا يتبين أن الأضرحة وتجصيصها، وجعلها مزارات تعبد من دون الله، يُطاف ويُستغاث بها ويُطلب المدد والعون من أصحابها، وتقديم القرابين وأكاليل الزهور لها، وما إلى ذلك من البدع المنكرة، لم تكن بأمر أئمة الهدى من أهل البيت، ولم يرضوا بها
(1)
، وهم بذلك متبعون لنهج النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال:«اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»
(2)
، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه عنه الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:«لاتتخذوا قبري عيداً، ولاتتخذوا قبوركم مساجدكم ولابيوتكم قبورا»
(3)
.
(1)
انظر مشكوراً كتاب «عقيدة آل البيت» لعبد الله بن جوران الخضير.
(2)
الموطأ رواية يحيى الليثي كتاب النداء للصلاة باب (جامع الصلاة) حديث رقم (376)، ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة (1/ 410).
(3)
مستدرك الوسائل (2/ 379).
ولعل من أبرز مظاهر التزامه بسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهيه عن الجزع والنياحة واللطم فهو القائل: «ما من مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند مصيبته إلا غفر الله له ما مضى من ذنوبه»
(1)
.
(2)
.
كل ذلك اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي فقد ابنه ابراهيم عليه السلام فلم يقم عليه مأتما ولا أمر بالنياحة عليه بل قال: «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون»
(3)
، وروى عنه النوري الطبرسي في الوسائل قوله عليه الصلاة والسلام:«ما كان من حزن في القلب أو في العين فإنما هو رحمة، وما كان من حزن باللسان و باليد فهو من الشيطان»
(4)
.
(1)
بحار الأنوار للمجلسي (79/ 132) باب (ثواب الاسترجاع).
(2)
الكافي للكليني (3/ 222) باب الصبر والجزع والاسترجاع حديث رقم (1).
(3)
صحيح مسلم كتاب (الفضائل) باب (رحمته صلى الله عليه وآله وسلم الصبيان والعيال) حديث رقم (4279).
(4)
مستدرك الوسائل (2/ 463).
وأوصى ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قبل موته بالتزام سنته واجتناب فعل أهل الجاهلية فقد روى الكليني في «الكافي» أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته أوصى ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها بقوله: «إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها ولا تنشري علي شعراً ولا تنادي بالويل ولا تقيمي علي نائحة»
(1)
.
(1)
الكافي الكليني (5/ 527) باب (صفة مبايعة النبي صلى الله عليه وآله النساء) حديث رقم (4).