الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جملة افتراءات:
لقد رأينا ثبات ورسوخ عقيدة التوحيد عند الإمام «الباقر» رضي الله عنه ما يكفي القارئ اللبيب ويشبع نهم طالب الحقيقة بيد أن افتراءات الغلاة التي طالت فقه وتفسير الإمام «الباقر» قد وجدت طريقا أيضا لتشويه معالم التوحيد النقية التي زخر بها كلام «الباقر» رضي الله عنه.
وموقفنا من هذه الافتراءات هو موقف الإمام «الباقر» نفسه حين قال: «كل شيء خالف كتاب الله رُدّ إلى كتاب الله والسنّة»
كما أن كل من علم بطلان ما ينسب إليه ولم يدافع عنه وينزهه عن هذا الظلم هو مشارك في الإثم كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث النبوي الشريف: «من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين»
وإليك أيها القارئ الكريم يعضاً من تلك الروايات المختلقة والمنسوبة إلى أبي جعفر «الباقر» رضي الله عنه، وما يناقضها من الآيات والسنة الصحيحة:
الرواية الأولى: روى المجلسي عن الإمام «الباقر» أنه قال في تفسير قول الله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} : إن إلينا إياب هذا الخلق وعلينا حسابهم
(1)
.
(1)
بحار الأنوار للمجلسي (35/ 59).
انظر كيف يغلو هذا المتغافل المفتري في الأئمَّة ويضفي عليهم صفات الألوهيه، وكلنا نعلم أنَّ إياب الخلق لله سبحانه وأنَّ حسابهم على الله سبحانه ولا شريك له وقد قال جلَّ وعلا:{يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}
(1)
.
وقوله تعالى: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}
(2)
.
الرواية الثانية: روى النوري الطبرسي عن «الباقر» رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: مضيت مع والدي علي بن الحسين عليهما السلام إلى قبر جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بالنجف بناحية الكوفة، فوقف عليه ثم بكى، وقال: السلام على أبي الأئمة، وخليل النبوة والمخصوص بالأخوة، السلام على يعسوب الإيمان، وميزان الأعمال، وسيف ذي الجلال، السلام على صالح المؤمنين، ووارث علم النبيين، الحاكم في يوم الدين السلام على شجرة التقوى، السلام على حجة الله البالغة، ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة، السلام على الصراط الواضح، والنجم اللائح، والإمام الناصح ورحمة الله وبركاته. ثم قال: أنت وسيلتي إلى الله وذريعتي، ولي حق موالاتي وتأميلي فكن لي شفيعي إلى الله عز وجل في الوقوف على قضاء حاجتي، وهي فكاك رقبتي من النار واصرفني في موقفي هذا بالنجح وبما سألته كله برحمته وقدرته، اللهم
(1)
الانفطار (19).
(2)
الشعراء (113).
ارزقني عقلاً كاملاً، ولبّاً راجحاً، وقلبا زاكياً، وعملاً كثيراً، وأدباً بارعاً، واجعل ذلك كله لي، ولا تجعله علي، برحمتك يا أرحم الراحمين»
(1)
.
قلت: سنبدأ في نقدنا لهذه الرواية بعبارةٍ فجةٍ قبيحة، وهي عبارة «الحاكم في يوم الدين» ، انظر إلى غلوّ واضع هذا الحديث في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وجرأته في الكذب على أئمَّة أهل البيت ومخالفته الصريحة لقول الله عز وجل:{ثُمَّ رُدُّوا إلى اللّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}
(2)
.
(3)
.
وقوله عز وجل: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}
(4)
.
فالآيات واضحة بأن الحكم يوم القيامة لا يكون إلا لله سبحانه، وهذا المُبطل المغالي يدّعي زوراً وبهتاناً أن الحاكم هو غير الله.
ثمَّ عبارة «فكن لي شفيعي إلى الله عز وجل في الوقوف على قضاء حاجتي، وهي فكاك رقبتي من النار» .
(1)
مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي (10/ 223) باب (استحباب زيارة أمير المؤمنين) حديث رقم (11900).
(2)
الأنعام 62
(3)
القصص 88
(4)
الانفطار (19).
ومخالفته لقول الله سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}
(1)
.
(2)
.
وقوله تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظَّالِمِينَ}
(3)
.
(4)
.
وقوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً}
(5)
.
(6)
.
(1)
الأعراف (194).
(2)
يونس (18).
(3)
يونس (106).
(4)
النحل (73).
(5)
مريم (81).
(6)
الأحزاب (17).
(1)
.
وقوله تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ {43} قُل لِّلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً لَّهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ {44} }
(2)
.
(1)
الأحقاف (5).
(2)
الزمر (43 - 44).