الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
شيوخ «الباقر»
نبوغ الإمام «الباقر» رضي الله عنه وأرضاه في العلم كان بسبب اجتهاده وحرصه ورجاحة عقله أولاً، ثم تلقيه العلم عن جمع من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن كبار التابعين، فكما لا يخفى إنه لأجل أن تنمو الزروع و تُثمر فإنها تحتاج لأمرين أحدهما أرضٌ خصبة تُزرع فيها البذور وثانيهما زرَّاع حصيف يعني بهذا الزرع ويتعهّده بالسقي والرعاية، وقد منّ الله تعالى على «الباقر» بأن جمع له رجاحة العقل وخير المعلمين بعد الأنبياء وهم بعضٌ ممّن لقيهم من أصحاب النبي رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، وكبار التابعين، ونذكر هنا بعضاً من شيوخ «الباقر» رضي الله تعالى عنهم أجمعين لتعلم عزيزي القارئ أن نبوغ هذا الإمام لم يكن وليد صدفة أو طفرة بل هو نتيجة لعمل دؤوب من كلا الطرفين المعلم والمتعلم.
1 -
جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجى السلمي ت (بعد 70 هـ):
الصحابي الجليل الفقيه الورع المجاهد رضي الله عنه، شهد مع رسول الله المشاهد كلها إلّا بدراً وأُحُداً، أبوه هو أحد النقباء شهد بدراً واستُشْهِد بأُحد رضي الله عنهما، ويكفي جابر بن عبد الله فخراً شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له بالخيرية هو وأصحاب الحديبية رضوان الله عليهم أجمعين.
فعن عمرو، قال: سمعت جابراً قال: كنا يوم الحديبية ألفاً وأربع مئة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنتم اليوم خير أهل الأرض
(1)
، وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمدينة، وقد تتلمذ على يديه أعلام من هذه الأمّة كالحسن البصري و سعيد بن المسيب وطاووس بن كيسان وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وغيرهم كثير، وكان «الباقر» رحمه الله مكثراً عنه.
2 -
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ت (68) هـ بالطائف:
روى عنه «الباقر» خيراً كثيراً، وهو حبر الأمة وترجمان القرآن وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أحد العبادلة كان يقال له الحبر والبحر لكثرة علمه، وقد دعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالحكمة مرتين، توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعمره خمس عشرة سنة وذلك ما رجَّحه الإمام أحمد بن حنبل، فضائله ومناقبه مشهورة معروفة، وقد أثنى عليه جمعٌ من الصحابة والتابعين:
فقال عنه ابن مسعود: لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد.
و روى ابن أبي خيثمة بسنده أنّ ابن عمر كان يقول: ابن عباس أعلم أمة محمد بما أنزل على محمد.
(1)
صحيح مسلم كتاب (الإمارة) باب (إستحباب مبايعة الإمام الجيش) رقم (3453).
و روى ابن سعد بسند صحيح أنّ أبا هريرة قال لما مات زيد بن ثابت: مات اليوم حبر الأمة و لعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.
و قالت الصدِّيقة بنت الصدِّيق السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها: هو أعلم الناس بالحج.
وقال عروة بن الزبير: ما رأيت مثل ابن عباس قط.
و قال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجّاً، و خرج ابن عباس حاجّاً، فكان لمعاوية موكب، ولابن عباس ممن يطلب العلم موكب.
وروي أن ابن عمر قال: كان عمر يدعو ابن عباس ويُقرّبه ويقول: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعاك يوماً فمسح رأسك، وتفل في فيك وقال:«اللهم فقهه فى الدين، و علمه التأويل»
(1)
.
3 -
عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي ت (73 أو 74) هـ:
الصحابي الجليل الفقيه الورع، شقيق أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، وابن خليفة المسلمين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه وهو أحد العبادلَة ومن المكثرين في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أسلم مع أبيه قبل أن يبلغ الحُلم، استُصْغِر يوم أحد، وشهد الخندق وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال رضي الله عنه في ذلك: «عُرضت على رسول الله
(1)
تهذيب التهذيب (5/ 244)
صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد، و أنا ابن أربع عشرة فلم يُجزني، و عُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني»
(1)
، ولقد مدحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله:«إنّ عبد الله رجل صالح»
(2)
.
وقد امتدحه كثير من الصحابة والتابعين، فقال فيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر.
وقال فيه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ما منَّا أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال بها، إلا عبد الله بن عمر.
ومدحه الكثير من التابعين الذين عاصروه، فقال فيه سعيد بن المسيب: مات ابن عمر يوم مات، وما في الأرض أحد أحبُّ إليَّ أن ألقى الله بمثلِ عمله منه.
وقال الزهري: لا نعدل برأي ابن عمر.
ومن أبرز تلاميذ ابن عمر رضي الله عنه نافع مولاه، الحسن بن أبي الحسن البصري، سالم بن عبد الله بن عمر، سعيد بن جبير، سعيد بن المسيب، طاووس بن كيسان، عطاء بن أبي رباح، وغيرهم كثير
(3)
، وقد لقيه «الباقر» وحمل عنه.
(1)
سنن ابن ماجه كتاب (الحدود) باب (من لا يجب عليه الحد) رقم (2533) صححه الألباني.
(2)
صحيح البخاري كتاب (المناقب) باب (مناقب عمر بن عبد الله بن الخطاب) رقم (3458).
(3)
تهذيب الكمال (15/ 339).
4 -
أنس بن مالك بن النضر الأنصاري النجاري، أبو حمزة المدني
…
ت (92 أو 93) هـ:
لقيه الباقر وحمل عنه، وهو صاحب رسول الله وخادمه، وأمه أم سليم بنت ملحان، خدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين، مدة مقامه بالمدينة، وقد حكى رضي الله عنه بداية لقائه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وخدمته له فقال:«قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وأنا ابن ثماني سنين فذهبت بي أمي إليه، فقالت: يا رسول الله، إنّ رجال الأنصار، ونساءهم قد أتحفوك غيري وإني لم أجد ما أتحفك به إلا ابني هذا فاقبله مني، يخدمك ما بدا لك، قال: فخدمت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين، لم يضربني ضربة، و لم يسبني، ولم يعبس في وجهي» ، وقال رضي الله عنه:«جاءت بي أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأنا غلام، فقالت: يا رسول الله، أنيس، ادع له، فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم أكثر ماله وولده، وأدخله الجنة، قال: فقد رأيت اثنتين، وأنا أرجو الثالثة» ، وفضائله كثيرة رضي الله عنه وأرضاه
(1)
.
(1)
تهذيب الكمال (3/ 353).
5 -
سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، أبو سعيد الخدري ت (63 أو 64 أو 65) هـ وقيل (74) هـ بالمدينة:
صحابيٌّ جليل، استصغر يوم أحد، واستشهد أبوه يومئذ، وغزا بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنتي عشرة غزوة، وقد روى عنه «الباقر» رحمه الله.
قال أبو عمر بن عبد البر: «أول مشاهده الخندق، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اثنتي عشرة غزوة، و كان ممن حفظ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سنناً كثيرة و علماً جمّاً، و كان من نجباء الصحابة وعلمائهم وفضلائهم»
(1)
.
6 -
عبد الله بن جعفر بن أبي طالب القرشي الهاشمي ت (80 هـ):
أحد شيوخ «الباقر» رضي الله عنه، وهو الصحابي الجليل ابن شهيد مؤتة ذي الجناحين، رضي الله عنهما، لُقِّب بقطب السخاء لكرمه وجوده، شريفٌ سليل الأشراف كريمٌ مسارعٌ بالخير، ولد في دار الهجرة الأولى بالحبشة، وفيه قال عبد الله بن قيس الرقيات:
تقدت بي الشهباء نحو ابن جعفر
…
سواء عليها ليلها
…
و نهارها
تزور امرأً قد يعلم الله أنه
…
تجود له كفٌّ قليل غرارها
(1)
تهذيب الكمال (10/ 295).
فوالله لولا أَنْ تزورَ ابن جعفر
…
لكان قليلًا في دمشق قرارها
أتيتك أُثني بالذي أنت أهله عليك
…
كما أَثنى على الروض جارها
ذكرتك إذ فاض الفرات بأرضنا
…
وجلَّل أعلى الرقتين بحارها
فإن مِتّ لم يوصلْ صديقٌ و لم تقم
…
طريقٌ من المعروف أنت منارها
(1)
.
ومدائحه أكثر من أن تحصى رضي الله عنه وأرضاه، وفيه قال معاوية رضي الله تعالى عنه: رجل بني هاشم عبد الله بن جعفر، وهو أهلٌ لكلِّ شرف، لا والله ما سابقه أحد إلى شرفٍ إلا و سبقه
(2)
.
7 -
أم المؤمنين (أم سلمة) هند بنت أبي أمية حذيفة القرشية المخزومية ت (62) هـ:
أم المؤمنين، اسمها هند وقال أبو عمريقال اسمها رملة وليس بشيء واسم أبيها حذيفة وقيل سهيل ويلقب زاد الركب لأنه كان أحد الأجواد فكان إذا سافر لايترك أحدا يرافقه ومعه زاد بل يكفي رفقته من الزاد وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك الكنانية من بني فراس، تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جمادى الآخرة سنة أربع وقيل سنة ثلاث وكانت ممن أسلم قديماً هي وزوجها وهاجرا إلى الحبشة فولدت له سلمة ثم قدما مكة وهاجرا إلى المدينة، فيقال أنها أول ظعينة
(3)
(1)
تهذيب الكمال (14/ 367).
(2)
تهذيب التهذيب (5/ 150).
(3)
الظعينة: المرأة في الهودج
دخلت إلى المدينة مهاجرة ولما مات زوجها من الجراحة التي أصابته خطبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(1)
.
8 -
سعيد بن المسيب القرشي المخزومي (سيد التابعين) ت (بعد 90 هـ):
قال قتادة: ما رأيت أحداً قطّ أعلم بالحلال والحرام من سعيد بن المسيب.
و قال مكحول: طُفْت الأرض كلها في طلب العلم، فما لقيت أعلم من ابن المسيب.
و قال الأوزاعي: سُئِل الزهري و مكحول: من أفقه من أدركتما؟ قالا: سعيد بن
المسيب.
و قال سليمان بن موسى: كان سعيد بن المسيب أفقه التابعين.
و قال إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب: ما بقى أحدٌ أعلم بكل قضاء قضاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكل قضاء قضاه أبو بكر، وكل قضاء قضاه عمر ـ قال إبراهيم: قال أبي: و أحسبه قال: وكل قضاء قضاه عثمان ـ مني.
و قال مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: إن كنت لأرحل الأيام و الليالي في طلب الحديث الواحد.
(1)
الإصابة في تمييز الصحابة (8/ 342)
و قال يحيى بن سعيد: كان سعيد بن المسيب لا يكاد يفتي فتيا، و لا يقول شيئا إلا قال: اللهم سلمني وسلم مني
(1)
.
قال عنه ابن حجر: أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار اتفقوا على أنّ مرسلاته أصح المراسيل.
وقال عنه الذهبي: الإمام أحد الأعلام وسيد التابعين، ثقة حجة فقيه، رفيع الذكر، رأسٌ في العلم و العمل
(2)
.
9 -
محمد بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي «ابن الحنفية» ت (بعد 80 هـ):
قال عنه إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد: لا نعلم أحداً أسند عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثر و لا أصحّ مما أسند محمد بن الحنفية
(3)
.
وقال عنه ابن حبان: كان من أفاضل أهل بيته
(4)
.
(1)
تهذيب الكمال (11/ 66).
(2)
تقريب التهذيب (1/ 364).
(3)
تهذيب الكمال (26/ 147).
(4)
تهذيب التهذيب (9/ 316).
10 -
عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي «زين العابدين» ت (93 هـ):
وقد تقدمت ترجمته رضي الله عنه وأرضاه، ولكن نذكر من تلاميذه، زيد وعمر وعبد الله أبناؤه رضوان الله تعالى عليهم، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وعمرو بن دينار، ومحمد بن مسلم الزهري، وآخرون.
11 -
إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص القرشي الزهري المدني ت (بعد 100 هـ):
قال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث
(1)
.
قال العجلي: تابعي ثقة.
وقال يعقوب بن شيبة: معدود في الطبقة الثانية من فقهاء أهل المدينة بعد الصحابة.
وذكره ابن حبان في «الثقات»
(2)
.
(1)
تهذيب الكمال (2/ 94).
(2)
تهذيب التهذيب (1/ 107).
12 -
يزيد بن هرمز المدني، أبو عبد الله مولى بني ليث، ت (100 هـ):
قال عباس الدوري عن يحيى بن معين: وأبو زرعة: ثقة.
وذكره ابن حبان في كتاب «الثقات»
(1)
.
وقال العجلي: مدني تابعي ثقة
(2)
.
13 -
يزيد، أبو مرة الحجازي المدني، مولى عقيل بن أبي طالب:
عن ابن سعد: و كان ثقة قليل الحديث.
وقال العجلي: مدني تابعي ثقة.
ذكره ابن حبان في «الثقات»
(3)
.
14 -
عبيد الله بن أبي رافع، أبوه: أسلم المدني، مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
قال أبو حاتم، وأبو بكر الخطيب: ثقة.
و ذكره ابن حبان في كتاب «الثقات»
(4)
.
و قال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث
(5)
.
(1)
تهذيب الكمال (32/ 270).
(2)
تهذيب التهذيب (11/ 323).
(3)
تهذيب التهذيب (11/ 328).
(4)
تهذيب الكمال (19/ 34).
(5)
تهذيب التهذيب (7/ 10).
من تلاميذه جعفر بن محمد بن علي، الحسن بن محمد بن الحنفية، زيد بن علي بن الحسين، معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
15 -
عطاء بن يسار الهلالي ت (94 هـ):
قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين، وأبو زرعة، والنسائي: ثقة.
وأما مالك بن أنس فقال: عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي وكان ثقة كثير الحديث
(1)
.
و ذكره ابن حبان في «الثقات»
(2)
.
16 -
حرملة، مولى أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي المدني:
(3)
.
17 -
عبد الله بن خباب الأنصاري، مولى بني عدي بن النجار ت (بعد 100) هـ:
قال عنه إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى: سألتهم عنه فلم أرهم يقفون على حده ومعرفته.
(1)
تهذيب الكمال (20/ 125).
(2)
تهذيب التهذيب (7/ 194).
(3)
تهذيب التهذيب (2/ 203).
وقال أبو حاتم، والنسائى: ثقة.
وذكره ابن حبان فى كتاب «الثقات»
(1)
.
وقال ابن عدي: حدث عنه أئمة الناس، وهو صدوق لا بأس به.
وقال البخاري: روى عنه إسحاق بن يسار، وسمع منه محمد بن إسحاق فى خلافة عمر بن عبد العزيز
(2)
.
18 -
نعيم بن عبد الله المجمر، أبو عبد الله المدني، مولى آل عمر بن الخطاب:
قال عنه يحيى بن معين، وأبو حاتم، ومحمد بن سعد، والنسائي: ثقة.
وذكره ابن حبان فى كتاب «الثقات»
(3)
.
(1)
تهذيب الكمال (14/ 449).
(2)
تهذيب التهذيب (5/ 172).
(3)
تهذيب الكمال (29/ 488).