الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَصْحَابُ الطَّاعُونِ نَحْنُ شُهَدَاءُ، فَيَقُولُ اُنْظُرُوا فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُمْ كَجِرَاحِ الشُّهَدَاءِ تَسِيلُ دَمًا كَرِيحِ الْمِسْكِ فَهُمْ شُهَدَاءُ فَيَجِدُونَهُمْ كَذَلِكَ» . وَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ:«مَنْ قَتَلَهُ بَطْنُهُ لَمْ يُعَذَّبْ فِي قَبْرِهِ» .
[الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُمِائَةِ وَالْحَادِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالسَّتْرُ عَلَيْهِ]
(الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُمِائَةِ وَالْحَادِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالسَّتْرُ عَلَيْهِ) . قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [آل عمران: 161] . وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ عَلَى نَفْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ غَنِيمَتِهِ - رَجُلٌ يُقَال لَهُ كِرْكِرَةُ - بِكَسْرِ الْكَافَيْنِ وَحُكِيَ فَتْحُهُمَا - مَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هُوَ فِي النَّارِ، فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا» .
وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قِيلَ لَهُ اُسْتُشْهِدَ مَوْلَاك أَوْ غُلَامُك فُلَانٌ فَقَالَ بَلْ يُجَرُّ إلَى النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا» . وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ: «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ، فَقَالَ إنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَفَتَّشُوا مَتَاعَهُ فَوَجَدُوا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ» .
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنهم قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ وَفُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: كَلًّا إنِّي رَأَيْته فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ غَلَّهَا. ثُمَّ قَالَ صلى الله عليه وسلم يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إلَّا الْمُؤْمِنُونَ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ: «لَوْ لَمْ تَغُلَّ أُمَّتِي لَمْ يَقُمْ لَهُمْ عَدُوٌّ أَبَدًا» . قَالَ أَبُو ذَرٍّ لِحَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ: هَلْ يَثْبُتُ لَكُمْ الْعَدُوُّ حَلْبَ شَاةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ وَثَلَاثَ شِيَاهٍ غُزُرٍ. قَالَ أَبُو ذَرٍّ: غَلَلْتُمْ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ.
وَالشَّيْخَانِ: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ حَتَّى قَالَ: لَا أُلْفِيَنَّ، أَيْ أَجِدَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ -
أَيْ هُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ صَوْتُ الْإِبِلِ وَذَوَاتِ الْخُفِّ - فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ حَمْحَمَةٌ - أَيْ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ صَوْتُ الْفَرَسِ - فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ - أَيْ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ صَوْتُ الْغَنَمِ - يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ - أَيْ جَمْعُ رُقْعَةٍ وَهِيَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ الْحَقُّ - تَخْفِقُ - أَيْ تَتَحَرَّكُ وَتَضْطَرِبُ - فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي فَأَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَك مِنْ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُك» .
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَصَابَ غَنِيمَةً أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ فَيَجِيئُونَ بِغَنَائِمِهِمْ فَيُخَمِّسُهُ وَيَقْسِمُهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَوْمًا بَعْدَ النِّدَاءِ بِزِمَامٍ مِنْ شَعَرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ فِيمَا أَصَبْنَاهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقَالَ: أَسَمِعْت بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا مَنَعَك أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟ فَاعْتَذَرَ إلَيْهِ، فَقَالَ: كُنْ أَنْتَ تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْك» .
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا صَلَّى الْعَصْرَ ذَهَبَ إلَى بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ فَيَتَحَدَّثُ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَنْحَدِرَ لِلْمَغْرِبِ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْرِعُ إلَى الْمَغْرِبِ مَرَرْنَا بِالْبَقِيعِ - أَيْ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ - فَقَالَ أُفٍّ لَك أُفٍّ لَك أُفٍّ لَك، قَالَ: فَكَبُرَ ذَلِكَ فِي ذَرْعِي - أَيْ بِالْمُعْجَمَةِ عَظُمَ عِنْدِي مَوْقِعُهُ - فَاسْتَأْخَرْت وَظَنَنْت أَنَّهُ يُرِيدُنِي، فَقَالَ: مَالَك؟ امْشِ. قُلْت: أَحَدَثَ حَدَثٌ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْت: أَفَفْتَ بِي؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَذَا فُلَانٌ بَعَثْته سَاعِيًا عَلَى بَنِي فُلَانٍ فَغَلَّ نَمِرَةً - أَيْ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ بُرْدَةٌ مِنْ صُوفٍ يَلْبَسُهَا الْأَعْرَابُ - فَدُرِّعَ مِثْلُهَا مِنْ نَارٍ -» أَيْ جُعِلَ لَهُ دِرْعٌ مِنْهَا مِنْ نَارٍ.
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا:«مَنْ جَاءَ بَرِيئًا مِنْ ثَلَاثَةٍ دَخَلَ الْجَنَّةَ: الْكِبْرِ وَالْغُلُولِ وَالدَّيْنِ» .
وَأَبُو دَاوُد وَالطَّبَرَانِيُّ: «أُتِيَ صلى الله عليه وسلم بِنِطَعٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا لَك تَسْتَظِلُّ بِهِ مِنْ الشَّمْسِ قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنْ يَسْتَظِلَّ نَبِيُّكُمْ بِظِلٍّ مِنْ نَارٍ» . زَادَ الطَّبَرَانِيُّ: «يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَأَبُو دَاوُد عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ يَكْتُمُ غَالًّا - أَيْ يَسْتُرُ عَلَيْهِ - فَإِنَّهُ مِثْلُهُ» .
تَنْبِيهٌ: عُدَّ الْغُلُولِ هُوَ مَا صَرَّحُوا بِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَالْغَنِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْغُلُولُ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالزَّكَاةِ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا فَرْقَ فِي غَالِّ الزَّكَاةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا وَغَيْرِهِمْ لِأَنَّ الظَّفَرَ مَمْنُوعٌ فِيهَا إذْ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ بَلْ لَوْ أَفْرَزَ الْمَالِكُ قَدْرَهَا وَنَوَى لَمْ يَجُزْ الظَّفَرُ أَيْضًا لِتَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَى إعْطَاءِ الْمَالِكِ، فَعِنْدَ عَدَمِ إعْطَائِهِ يَتَعَذَّرُ الْمِلْكُ فَكَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ، فَاتَّضَحَ امْتِنَاعُ الظَّفَرِ فِي مَالِ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ: أَنَّ «نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرُوا الْكَبَائِرَ وَهُوَ مُتَّكِئٌ فَقَالُوا. الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَوْلُ الزُّورِ، وَالْغُلُولُ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَأَيْنَ تَجْعَلُونَ {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] إلَى آخِرِ الْآيَةِ» وَعُدَّ السَّتْرُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَرِيحُ الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ " فَإِنَّهُ مِثْلُهُ ".
وَعُلِمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْغُلُولَ هُوَ اخْتِصَاصُ أَحَدِ الْغُزَاةِ سَوَاءٌ الْأَمِيرُ