المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الكبيرة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمائة الزنا] - الزواجر عن اقتراف الكبائر - جـ ٢

[ابن حجر الهيتمي]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّبَتُّلُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نَظَرُ الْأَجْنَبِيَّةِ بِشَهْوَةٍ وَلَمْسُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نَظَرُ الْأَمْرَدِ الْجَمِيلِ بِشَهْوَةٍ وَلَمْسُهُ وَالْخَلْوَةُ بِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّنَابُزُ بِالْأَلْقَابِ الْمَكْرُوهَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِالْمُسْلِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ النَّمِيمَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ كَلَامُ ذِي اللِّسَانَيْنِ وَهُوَ ذُو الْوَجْهَيْنِ الَّذِي لَا يَكُونُ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْبُهُتُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَضْلُ الْوَلِيِّ مُوَلِّيَتَهُ عَنْ النِّكَاحِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْخِطْبَةُ عَلَى الْخِطْبَةِ الْغَيْرِ الْجَائِزَةِ الصَّرِيحَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَخْبِيبُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمَائِينَ عَقْدُ الرَّجُلِ عَلَى مَحْرَمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ رِضَا الْمُطَلِّقُ بِالتَّحْلِيلِ وَطَوَاعِيَةُ الْمَرْأَةِ وَرِضَا الزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ لَهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ إفْشَاءُ الرَّجُلِ سِرَّ زَوْجَتِهِ وَهِيَ سِرَّهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إتْيَانُ الزَّوْجَةِ أَوْ السُّرِّيَّةِ فِي دُبُرِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ يُجَامِعَ حَلِيلَتَهُ بِحَضْرَةِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ]

- ‌[بَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَفِي عَزْمِهِ أَلَّا يُوَفِّيَهَا صَدَاقَهَا لَوْ طَلَبَتْهُ]

- ‌[بَابُ الْوَلِيمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَصْوِيرُ ذِي رُوحٍ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ كَانَ مِنْ مُعَظَّمٍ أَوْ مُمْتَهَنٍ بِأَرْضٍ أَوْ غَيْرِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ وَالسَّبْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّطَفُّلُ]

- ‌[بَابُ عِشْرَةِ النِّسَاءِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَرْجِيحُ إحْدَى الزَّوْجَاتِ عَلَى الْأُخْرَى ظُلْمًا وَعُدْوَانًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ مَنْعُ الزَّوْجِ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ زَوْجَتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ التَّهَاجُرُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسَّبْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ خُرُوجُ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا مُتَعَطِّرَةً مُتَزَيِّنَةً وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ نُشُوزُ الْمَرْأَةِ]

- ‌[بَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الدِّيَاثَةُ وَالْقِيَادَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]

- ‌[بَابُ الرَّجْعَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَطْءُ الرَّجْعِيَّةِ قَبْلَ ارْتِجَاعِهَا مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ]

- ‌[بَابُ الْإِيلَاءِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْإِيلَاءُ مِنْ الزَّوْجَةِ]

- ‌[بَابُ الظِّهَارِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الظِّهَارُ]

- ‌[بَابُ اللِّعَانِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ قَذْفُ الْمُحْصَنِ أَوْ الْمُحْصَنَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ وَالتِّسْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ سَبُّ الْمُسْلِمِ وَالِاسْتِطَالَةُ فِي عِرْضِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ تَبَرُّؤُ الْإِنْسَانِ مِنْ نَسَبِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ الثَّابِتِ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ]

- ‌[كِتَابُ الْعِدَدِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الْخِيَانَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ خُرُوجُ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ الْمَسْكَنِ الَّذِي يَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَدَمُ إحْدَادِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ وَطْءُ الْأَمَةِ قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُمِائَةِ مَنْعُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَوْ كِسْوَتِهَا مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: إضَاعَةُ عِيَالِهِ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَإِنْ عَلَا وَلَوْ مَعَ وجود أقرب مِنْهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَطْعُ الرَّحِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوَلِّي الْإِنْسَانِ غَيْرَ مَوَالِيهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إفْسَادُ الْقِنِّ عَلَى سَيِّدِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إبَاقُ الْعَبْدِ مِنْ سَيِّدِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ اسْتِخْدَامُ الْحُرِّ وَجَعْلُهُ رَقِيقًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْعَاشِرَةُ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَالثَّانِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ امْتِنَاعُ الْقِنِّ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ خِدْمَةِ سَيِّدِهِ وَامْتِنَاعُ السَّيِّدِ مِمَّا يَلْزَمُهُ]

- ‌[كِتَابُ الْجِنَايَاتِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَتْلُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْمَعْصُومِ عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَتْلُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ وَالسَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْإِعَانَةُ عَلَى الْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ ضَرْبُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ بِغَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْوِيعُ الْمُسْلِمِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ بِسِلَاحٍ أَوْ نَحْوِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْعِشْرُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ السِّحْرُ الَّذِي لَا كُفْرَ فِيهِ وَتَعْلِيمُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ حَتَّى الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْكِهَانَةُ وَالْعِرَافَةُ]

- ‌[بَابُ الْبُغَاةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْبَغْيُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ نكث بيعة الْإِمَام]

- ‌[بَابُ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوَلِّي الْإِمَامَةِ أَوْ الْإِمَارَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِخِيَانَةِ نَفْسِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَوْلِيَةُ جَائِرٍ أَوْ فَاسِقٍ أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ عَزْلُ الصَّالِحِ وَتَوْلِيَةُ مَنْ هُوَ دُونَهُ الْوِلَايَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ جَوْرُ الْإِمَامِ أَوْ الْأَمِيرِ أَوْ الْقَاضِي وَغِشُّهُ لِرَعِيَّتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثمِائَةِ ظُلْمُ السَّلَاطِينِ وَالْأُمَرَاءِ وَالْقُضَاةِ وَغَيْرِهِمْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إيوَاءُ الْمُحْدِثِينَ]

- ‌[كِتَابُ الرِّدَّةِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَوْلُ إنْسَانٍ لِمُسْلِمٍ: يَا كَافِرُ أَوْ يَا عَدُوَّ اللَّهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحُدُودِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الشَّفَاعَةُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ هَتْكُ الْمُسْلِمِ وَتَتَبُّعُ عَوْرَاتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ إظْهَارُ زِيِّ الصَّالِحِينَ فِي الْمَلَأِ وَانْتِهَاكُ الْمَحَارِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْمُدَاهَنَةُ فِي إقَامَةِ حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الزِّنَا]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِيمَا جَاءَ فِي حِفْظِ الْفَرْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ وَالسِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مُسَاحَقَةُ النِّسَاءِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ وَطْءُ الشَّرِيكِ لِلْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ السَّرِقَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّبْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالسَّبْعُونَ حَتَّى الثَّانِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ شُرْبُ الْخَمْرِ مُطْلَقًا وَالْمُسْكِرِ]

- ‌[بَابُ الصِّيَالِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الصِّيَالُ عَلَى مَعْصُومٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مَنْ يَطَّلِعَ ثُقْبٍ ضَيِّقٍ فِي دَارِ غَيْرِهِ عَلَى حُرَمِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ التَّسَمُّعُ إلَى حَدِيثِ قَوْمٍ يَكْرَهُونَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ خِتَانِ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ التِّسْعُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ الْجِهَادِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ تَرْكُ رَدِّ السَّلَامِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ مَحَبَّةُ الْإِنْسَانِ أَنْ يَقُومَ النَّاسُ لَهُ افْتِخَارًا أَوْ تَعَاظُمًا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْفِرَارُ مِنْ الزَّحْفِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالتِّسْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الْفِرَارُ مِنْ الطَّاعُونِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُمِائَةِ وَالْحَادِيَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْغُلُولُ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالسَّتْرُ عَلَيْهِ]

- ‌[بَابُ الْأَمَانِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَتْلُ أَوْ غَدْرُ أَوْ ظُلْمُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الدَّلَالَةُ عَلَى عَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاضَلَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اتِّخَاذُ نَحْوِ الْخَيْلِ تَكَبُّرًا أَوْ نَحْوَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةَ وَالْعَاشِرَةَ وَالْحَادِيَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَالْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَالرَّابِعَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْحَلِفُ بِالْأَمَانَةِ أَوْ بِالصَّنَمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْحَلِفُ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الْإِسْلَامِ]

- ‌[بَاب النَّذْر]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةَ وَالثَّامِنَةَ وَالتَّاسِعَةَ عَشْرَةَ وَالْعِشْرُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ وَتَوَلِّيهِ وَسُؤَالُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الْخِيَانَةَ أَوْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إعَانَةُ الْمُبْطِلِ وَمُسَاعَدَتُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إرْضَاءُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ النَّاسَ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ تَعَالَى]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ بِسَبَبِ شَفَاعَتِهِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْخُصُومَةُ بِبَاطِلٍ]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ جَوْرُ الْقَاسِمِ فِي قِسْمَتِهِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ شَهَادَةُ الزُّورِ وَقَبُولُهَا]

- ‌[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ كَتْمُ الشَّهَادَةِ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْكَذِبُ الَّذِي فِيهِ حَدٌّ أَوْ ضَرَرٌ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْجُلُوسُ مَعَ شَرَبَةِ الْخَمْرِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ مُجَالَسَةُ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ الْفَسَقَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْقِمَارُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الْخَامِسَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَة وَالْأَرْبَعُونَ حَتَّى الْحَادِيَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ ضَرْبُ وَتَرٍ وَاسْتِمَاعُهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ التَّشْبِيبُ بِغُلَامٍ أَوْ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ وَالثَّامِنَةُ وَالتَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الشِّعْرُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى هَجْوِ الْمُسْلِمِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ الْإِطْرَاءُ فِي الشِّعْرِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إدْمَانُ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغَائِرَ بِحَيْثُ تَغْلِبُ مَعَاصِيهِ طَاعَتَهُ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ تَرْكُ التَّوْبَةِ مِنْ الْكَبِيرَةِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ وَشَتْمُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعَاوَى] [

- ‌الْكَبِيرَةُ السَّادِسَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ دَعْوَى الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[الْكَبِيرَةُ السَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ]

- ‌[خَاتِمَةُ فِي ذِكْرِ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ] [

- ‌الْأَمْرُ الْأَوَّلُ مَا جَاءَ فِي فَضَائِلِ التَّوْبَةِ]

- ‌الْأَمْرُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ الْحَشْرِ وَالْحِسَابِ وَالشَّفَاعَةِ وَالصِّرَاطِ وَمُتَعَلِّقَاتهَا وَيَشْتَمِلُ عَلَى فُصُولٍ

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْحَشْرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي ذِكْرِ الْحِسَابِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْحَوْضِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْإِذْنِ فِي الشَّفَاعَةِ وَوَضْعُ الصِّرَاطِ]

- ‌[الْأَمْرُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ النَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[الْأَمْرُ الرَّابِعُ فِي الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

الفصل: ‌[الكبيرة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمائة الزنا]

وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ: «مَثَلُ الْقَائِمِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالرَّاتِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا إذَا اسْتَقَوْا مِنْ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَسَلِمُوا جَمِيعًا» . تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْأَخِيرِ وَمَا قَبْلَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، وَإِذَا سَبَقَ فِي الشَّفَاعَةِ فِي الْحَدِّ مَا مَرَّ فَكَيْفَ بِالْحَاكِمِ إذَا تَرَكَهُ مُدَاهَنَةً أَوْ تَسَاهُلًا.

[الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ الزِّنَا]

(الْكَبِيرَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: الزِّنَا أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ) قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا} [الإسراء: 32] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15]{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 16] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: 22] ، وَصَفَ تَعَالَى النِّكَاحَ الَّذِي هُوَ زِنًا فِي الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ بِأَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ، وَالزِّنَا فِي الْآيَةِ الْأُولَى بِوَصْفَيْنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ أَفْحَشُ وَأَقْبَحُ؛ لِأَنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ تُشْبِهُ الْأُمَّ فَكَانَتْ مُبَاشَرَتُهَا مِنْ أَفْحَشِ الْفَوَاحِشِ، لِأَنَّ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ مِنْ أَقْبَحِ الْأَشْيَاءِ حَتَّى عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ الْجُهَلَاءِ.

فَالْفَاحِشَةُ أَقْبَحُ الْمَعَاصِي، وَالْمَقْتُ بُغْضٌ مَقْرُونٌ بِاسْتِحْقَارٍ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْفَاحِشَةِ وَهُوَ مِنْ اللَّهِ عز وجل فِي حَقِّ الْعَبْدِ يَدُلُّ عَلَى غَايَةِ الْخِزْيِ وَالْخَسَارِ، وَإِنَّمَا قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ قَوْله تَعَالَى:{وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: 22] لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْهُ كَانَ مُنْكَرًا فِي قُلُوبِهِمْ مَمْقُوتًا عِنْدَهُمْ، وَكَانُوا يَقُولُونَ لِوَلَدِ الرَّجُلِ مِنْ امْرَأَةِ أَبِيهِ مَقِيتٌ، وَكَانَ فِي الْعَرَبِ قَبَائِلُ اعْتَادَتْ أَنْ يَخْلُفَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَةِ أَبِيهِ وَكَانَتْ هَذِهِ السِّيرَةُ فِي الْأَنْصَارِ لَازِمَةً وَفِي قُرَيْشٍ مُبَاحَةً مَعَ التَّرَاضِي.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَرَاتِبَ الْقُبْحِ ثَلَاثَةٌ: عَقْلِيٌّ وَشَرْعِيٌّ وَعَادِيٌّ؛ {فَاحِشَةً} [النساء: 22] إشَارَةٌ

ص: 212

لِلْأَوَّلِ، {وَمَقْتًا} [النساء: 22] إشَارَةٌ لِلثَّانِي، {وَسَاءَ سَبِيلا} [النساء: 22] إشَارَةٌ لِلثَّالِثِ، وَمَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ هَذِهِ الْوُجُوهُ فَقَدْ بَلَغَ الْغَايَةَ فِي الْقُبْحِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي " إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ " قِيلَ مُنْقَطِعٌ إذْ الْمَاضِي لَا يُجَامِعُ الِاسْتِقْبَالَ: أَيْ لَكِنْ مَا سَلَفَ فَلَا إثْمَ فِيهِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ وَبِالِاسْتِثْنَاءِ مَا كَانَ بَعْضُهُمْ يَتَعَاطَاهُ مِنْ الزِّنَا؛ فَالْمَعْنَى وَلَا تَعْقِدُوا عَلَى مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ آبَاؤُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ زِنَاهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْكُمْ مَنْ زَنَوْا بِهِنَّ. وَقِيلَ مُتَّصِلٌ بِحَمْلِ النِّكَاحِ عَلَى الْوَطْءِ: أَيْ لَا تَطَئُوا مَا وَطِئَ آبَاؤُكُمْ وَطْئًا مُبَاحًا بِالتَّرْوِيجِ إلَّا مَنْ كَانَ وَطْؤُهَا فِيمَا مَضَى وَطْءَ زِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. وَقِيلَ (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ؛ وَالْمَعْنَى وَلَا تَنْكِحُوا مِثْلَ نِكَاحِ آبَائِكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إلَّا مَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنْكُمْ مِنْ تِلْكَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فَمُبَاحٌ لَكُمْ الْإِقَامَةُ عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَامِ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، وَأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ إلَّا اللَّاتِي مَضَيْنَ وَفَنِينَ وَكَوْنُ هَذَا مُحَالًا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يُخْرِجُهُ عَنْ الِاتِّصَالِ. وَقِيلَ إلَّا بِمَعْنَى بَعْدَ نَحْوُ {إِلا الْمَوْتَةَ الأُولَى} [الدخان: 56] وَقِيلَ {إِلا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ التَّحْرِيمِ فَإِنَّهُ مُقَرَّرٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِنَّ مُدَّةً ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِمُفَارَقَتِهِنَّ لِيَكُونَ إخْرَاجُهُمْ عَنْ الْعَادَةِ الرَّدِيئَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ.

وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَحَدًا عَلَى نِكَاحِ امْرَأَةِ أَبِيهِ مُطْلَقًا؛ بَلْ قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: «مَرَّ بِي خَالِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ وَمَعَهُ لِوَاءٌ، قُلْت أَيْنَ تَذْهَبُ؟ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ آتِيهِ بِرَأْسِهِ وَآخُذُ مَالَهُ» ، وَفِي الرَّدِّ بِذَلِكَ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ الْأَمْرِ بِمُفَارَقَتِهِنَّ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ الْمُدَّعَى. وَأَحْسَنُ مَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَقَرَّهُمْ مُدَّةً ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِمُفَارَقَتِهِنَّ. وَ " كَانَ فِي " إنَّهُ كَانَ " لَا تَدُلُّ هُنَا عَلَى الْمَاضِي فَقَطْ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى لَمْ يَزَلْ فِي عِلْمِهِ وَحُكْمِهِ مَوْصُوفًا بِهَذَا الْوَصْفِ، قِيلَ وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي أَلْجَأَ الْمُبَرِّدَ إلَى ادِّعَاءِ زِيَادَتِهَا فَمُرَادُهُ بِزِيَادَتِهَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمَاضِي فَقَطْ وَإِلَّا فَشَرْطُ الزَّائِدَةِ مِنْ عَدَمِ ذِكْرِ الْخَبَرِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا.

وَوَجْهُ انْتِظَامِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا أَمَرَ فِي الْآيَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِالْإِحْسَانِ إلَى النِّسَاءِ أَمَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِالتَّغْلِيظِ عَلَيْهِنَّ فِيمَا يَأْتِينَهُ مِنْ الْفَاحِشَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ إحْسَانٌ إلَيْهِنَّ فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَيْضًا فَهُوَ تَعَالَى كَمَا يَسْتَوْفِي لِخَلْقِهِ يَسْتَوْفِي عَلَيْهِنَّ إذْ

ص: 213

لَيْسَ فِي أَحْكَامِهِ تَعَالَى مُحَابَاةٌ، وَأَيْضًا فَلِئَلَّا يُجْعَلَ أَمْرُ اللَّهِ بِالْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ سَبَبًا لِتَرْكِ إقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَيْهِنَّ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُقُوعِهِنَّ فِي أَنْوَاعِ الْمَفَاسِدِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ هُنَا الزِّنَا كَذَا قِيلَ، وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِ، وَأُطْلِقَتْ عَلَيْهِ لِزِيَادَتِهِ فِي الْقُبْحِ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ الْقَبَائِحِ.

لَا يُقَالُ الْكُفْرُ أَقْبَحُ مِنْهُ وَكَذَا الْقَتْلُ وَلَا يُسَمَّى أَحَدُهُمَا فَاحِشَةً. لِأَنَّا نَقُولُ مَمْنُوعٌ عَدَمُ تَسْمِيَةِ كُلٌّ مِنْهَا فَاحِشَةً وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُمَا بِذَلِكَ. وَجَوَابُهُ حِينَئِذٍ أَنَّ الْكُفْرَ لَا يَسْتَقْبِحُهُ الْكَافِرُ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَعْتَقِدُهُ قَبِيحًا بَلْ صَوَابًا وَكَذَلِكَ الْقَتْلُ وَيَفْتَخِرُ بِهِ الْقَاتِلُ وَيَعُدُّهُ شَجَاعَةً، وَأَمَّا الزِّنَا فَكُلُّ فَاعِلٍ لَهُ يَعْتَقِدُهُ فُحْشًا وَقَبِيحًا وَعَارًا إلَى الْغَايَةِ. وَأَيْضًا فَالْقُوَى الْمُدَبِّرَةُ لِقُوَى الْإِنْسَانِ ثَلَاثَةٌ نَاطِقَةٌ وَغَضَبِيَّةٌ وَشَهْوَانِيَّةٌ، فَفَسَادُ الْأُولَى بِالْكُفْرِ وَالْبِدَعِ وَنَحْوِهَا، وَالثَّانِيَةُ بِالْقَتْلِ وَنَحْوِهِ، وَأَخَسُّ هَذِهِ الْقُوَى الثَّلَاثَةِ الشَّهْوَانِيَّةُ فَلَا جَرَمَ كَانَ فَسَادُهَا أَخَسَّ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ، فَلِهَذَا السَّبَبِ خُصَّ هَذَا الْفِعْلُ بِاسْمِ الْفَاحِشَةِ.

" وَمِنْكُمْ " أَيْ الْمُسْلِمِينَ وَإِنَّمَا جَعَلَ تَعَالَى الشَّهَادَةَ عَلَى الزِّنَا أَرْبَعَةً دُونَ غَيْرِهِ تَغْلِيظًا عَلَى الْمُدَّعِي وَسِتْرًا عَلَى الْعِبَادِ، وَهَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ أَيْضًا كَذَلِكَ. أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ:«جَاءَتْ الْيَهُودُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ مِنْهُمْ زَنَيَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صلى الله عليه وسلم ائْتُونِي بِأَعْلَمِ رَجُلٍ مِنْكُمْ فَأَتَوْهُ بِاثْنَيْنِ فَنَشَدَهُمَا كَيْفَ تَجِدَانِ أَمْرَ هَذَيْنِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ إذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ رُجِمَا، قَالَ فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تَرْجُمُوهُمَا؟ قَالَ ذَهَبَ سُلْطَانُنَا فَكَرِهْنَا الْقَتْلَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّهُودِ فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ، فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِرَجْمِهِمَا» . وَقَالَ قَوْمٌ: إنَّمَا كَانَ الشُّهُودُ فِي الزِّنَا أَرْبَعَةً لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّانِيَيْنِ شَاهِدَانِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ إذْ هُوَ حَقٌّ يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَرُدَّ بِأَنَّ الْيَمِينَ لَا مَدْخَلَ لَهَا هُنَا فَلَيْسَ هُوَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ: وَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا نُسِبَتْ إلَى الزِّنَا. فَإِنْ شَهِدَ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ أَحْرَارٍ عُدُولٍ أَنَّهَا زَنَتْ أُمْسِكَتْ فِي بَيْتٍ مَحْبُوسَةً إلَى أَنْ تَمُوتَ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهَا سَبِيلًا. وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: الْمُرَادُ مِنْ الْفَاحِشَةِ هُنَا السِّحَاقُ وَحَدُّ فَاعِلَتِهِ الْحَبْسُ إلَى الْمَوْتِ. وَمِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: 16] أَهْلُ

ص: 214

اللِّوَاطِ وَحَدُّهُمَا الْأَذَى بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ. وَالْمُرَادُ بِآيَةِ النُّورِ الزِّنَا بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَحَدُّهُ فِي الْبِكْرِ الْجَلْدُ، وَفِي الْمُحْصَنِ الرَّجْمُ. وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّاتِي لِلنِّسَاءِ وَاَللَّذَانِ لِلْمُذَكَّرَيْنِ. وَلَا يُقَالُ غَلَّبَ الْمُذَكَّرَ؛ لِأَنَّ إفْرَادَ النِّسَاءِ مِنْ قَبْلُ يَرُدُّ ذَلِكَ، وَبِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا نَسْخَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ، وَعَلَى خِلَافِهِ يَلْزَمُ النَّسْخُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَالنَّسْخُ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَبِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى خِلَافِهِ أَيْضًا تَكْرِيرُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ فِي الْمَحَلِّ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَّهُ قَبِيحٌ، وَبِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ هَذِهِ فِي الزِّنَا فَسَّرُوا السَّبِيلَ بِالْجَلْدِ وَالتَّغْرِيبِ وَالرَّجْمِ، وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَيْهِنَّ لَا لَهُنَّ.

وَأَمَّا نَحْنُ فَنُفَسِّرُ بِتَسْهِيلِ اللَّهِ لَهَا قَضَاءَ الشَّهْوَةِ بِطَرِيقِ النِّكَاحِ. قَالَ: وَيَدُلُّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَتَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَهُمَا زَانِيَانِ، وَإِذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» وَرَدُّوا عَلَيْهِ بِأَنَّ مَا قَالَهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْمُفَسِّرِينَ، وَبِأَنَّهُ جَاءَ فِي حَدِيثٍ تَفْسِيرُ السَّبِيلِ بِرَجْمِ الثَّيِّبِ وَجَلْدِ الْبِكْرِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي حَقِّ الزِّنَا. وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ اللِّوَاطِ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَعَدَمُ تَمَسُّكِهِمْ بِهَا مَعَ شِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَى نَصٍّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ أَقْوَى الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ فِي اللِّوَاطِ. وَأَجَابَ أَبُو مُسْلِمٍ بِأَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ بِذَلِكَ وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ مُتَقَدِّمِي الْمُفَسِّرِينَ وَبِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ اسْتِنْبَاطَ تَأْوِيلٍ جَدِيدٍ فِي الْآيَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُفَسِّرُونَ جَائِزٌ، وَبِأَنَّ مَا ذَكَرُوهُ يُفْضِي إلَى نَسْخِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَبِأَنَّ مَطْلُوبَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ هَلْ يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى اللُّوطِيِّ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ ذَلِكَ فَلَمْ يَرْجِعُوا إلَيْهَا. وَيُرَدُّ بِأَنَّ الَّذِي يَأْتِي عَنْ مُجَاهِدٍ خِلَافُ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي نَسْخِ الْقُرْآنِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ إنَّمَا هُوَ فِي الدَّلَالَةِ وَهِيَ ظَنِّيَّةٌ فِيهِمَا، عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ لَا نَسْخَ فِي ذَلِكَ، وَزَعْمُهُ أَنَّ تَفْسِيرَ السَّبِيلِ بِالْجَلْدِ أَوْ الرَّجْمِ عَلَيْهَا لَا لَهَا مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ السَّبِيلَ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ، فَقَالَ:«خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَرَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» .

وَبَعْدَ أَنْ فَسَّرَ صلى الله عليه وسلم السَّبِيلَ بِذَلِكَ يَجِبُ قَبُولُهُ عَلَى أَنَّ وَجْهَهُ ظَاهِرٌ لُغَةً أَيْضًا لِأَنَّ الْمَخْلَصَ مِنْ الشَّيْءِ سَبِيلٌ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ أَخَفَّ أَمْ أَثْقَلَ. وَالْمُرَادُ بِنِسَائِكُمْ فِيهَا الزَّوْجَاتُ وَقِيلَ الثَّيِّبَاتُ. وَحِكْمَةُ إيجَابِ الْحَبْسِ أَوَّلًا أَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَقَعُ فِي الزِّنَا عِنْدَ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ. فَإِذَا حُبِسَتْ فِي الْبَيْتِ. لَمْ تَقْدِرْ عَلَى الزِّنَا. قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ حَتَّى نُسِخَ بِالْأَذَى الَّذِي بَعْدَهُ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالرَّجْمِ فِي الثَّيِّبِ. وَقِيلَ كَانَ

ص: 215

الْإِيذَاءُ أَوَّلًا ثُمَّ نُسِخَ بِالْإِمْسَاكِ وَلَكِنْ التِّلَاوَةُ أُخِّرَتْ. قَالَ ابْنُ فُورَكٍ: وَهَذَا الْإِمْسَاكُ وَالْحَبْسُ فِي الْبُيُوتِ كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ يَكْثُرَ الْخَنَا فَلَمَّا كَثُرُوا وَخُشِيَ قُوَّتُهُمْ اُتُّخِذَ لَهُمْ سِجْنٌ.

وَمَعْنَى {يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} [النساء: 15] يَأْخُذُهُنَّ أَوْ يَتَوَفَّاهُنَّ مَلَائِكَتُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32] وَأَوْ فِي (أَوْ يَجْعَلَ) إمَّا عَاطِفَةٌ فَالْجَعْلُ غَايَةٌ لِإِمْسَاكِهِنَّ أَيْضًا، أَوْ بِمَعْنَى إلَّا فَلَيْسَ غَايَةً. وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: أَنَّهُ جَلَدَ سُرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ يَوْمَ الْخَمِيسِ مِائَةً، ثُمَّ رَجَمَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَالَ: جَلَدْتهَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَرَجَمْتهمَا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ. وَعَامَّةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَلْدَ يَدْخُلُ فِي الرَّجْمِ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ وَلَمْ يَجْلِدْهُمَا. وَقَالَ لِأُنَيْسٍ: امْضِ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْجَلْدِ» . وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رضي الله عنه: أَنَّ التَّغْرِيبَ مَنْسُوخٌ فِي حَقِّ الْبِكْرِ، وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثُبُوتِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم ضَرَبَ وَغَرَّبَ، وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما.

وَاخْتَلَفُوا فِي الْحَبْسِ فِي الْبَيْتِ، فَقِيلَ كَانَ تَوَعُّدًا بِالْحَدِّ لَا حَدًّا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ: إنَّهُ حَدٌّ، زَادَ ابْنُ زَيْدٍ وَأَنَّهُنَّ مُنِعْنَ مِنْ النِّكَاحِ حَتَّى يَمُتْنَ عُقُوبَةً لَهُنَّ حِينَ طَلَبْنَ النِّكَاحَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَدًّا بَلْ أَشَدُّ غَيْرَ أَنَّهُ حَدٌّ إلَى غَايَةٍ هِيَ الْأَذَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى عَلَى اخْتِلَافِ التَّأْوِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَكِلَاهُمَا مَمْدُودٌ إلَى غَايَةٍ هِيَ الْجَلْدُ أَوْ الرَّجْمُ كَمَا بَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ السَّابِقِ:«خُذُوا عَنِّي» إلَخْ. وَحِينَئِذٍ فَلَا نَسْخَ فِي الْآيَةِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِأَنَّهَا عَلَى حَدِّ {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] فِيهِ يَرْتَفِعُ حُكْمُ الصِّيَامِ لِانْتِهَاءِ غَايَتِهِ لَا نَسْخُهُ. وَأَيْضًا فَشَرْطُ النَّسْخِ تَعَذُّرُ الْجَمْعِ، وَهُنَا الْجَمْعُ مُمْكِنٌ بَيْنَ الْحَبْسِ وَالتَّغْرِيبِ وَالْجَلْدِ أَوْ الرَّجْمِ كَمَا تَقَرَّرَ، فَإِطْلَاقُ الْمُتَقَدِّمِينَ النَّسْخَ هُنَا تَجَوُّزٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَذَى وَالتَّغْرِيبُ بَاقِيَانِ مَعَ الْجَلْدِ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَعَارَضَانِ بَلْ يُحْمَلَانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ. وَأَمَّا الْحَبْسُ فَمَنْسُوخٌ بِالْإِجْمَاعِ: أَيْ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا عُرِفَ مِمَّا تَقَرَّرَ.

وَاخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ تَكْرِيرِ اللَّذَانِ إلَخْ. فَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْأُولَى فِي النِّسَاءِ وَهَذِهِ فِي الرِّجَالِ، وَخُصَّ الْإِيذَاءُ بِهِمْ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إنَّمَا تَقَعُ فِي الزِّنَا عِنْدَ الْخُرُوجِ غَالِبًا فَبِحَبْسِهَا تَنْقَطِعُ مَادَّةُ ذَلِكَ، وَالرَّجُلُ يَتَعَذَّرُ حَبْسُهُ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْخُرُوجِ لِإِصْلَاحِ مَعَاشِهِ.

ص: 216

وَقِيلَ كَانَ الْإِيذَاءُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَالْحَبْسُ مُخْتَصًّا بِالْمَرْأَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: هَذِهِ فِي الْبِكْرِ مِنْهُمَا وَالْأُولَى فِي الثَّيِّبِ. قَالَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: فَآذُوهُمَا عَيِّرُوهُمَا بِاللِّسَانِ أَمَا خِفْت اللَّهَ وَنَحْوُهُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَبُّوهُمَا وَاشْتُمُوهُمَا، وَقِيلَ قُولُوا لَهُمَا فَجَرْتُمَا وَفَسَقْتُمَا.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آذُوهُمَا بِالتَّعْيِيرِ وَاضْرِبُوهُمَا بِالنِّعَالِ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]{يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 69]{إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] سَبَبُ نُزُولِهَا أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرُوا مِنْ الْقَتْلِ وَالزِّنَا، فَقَالُوا يَا مُحَمَّدُ مَا تَدْعُو إلَيْهِ حَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَاهُ كَفَّارَةً فَنَزَلَتْ وَنَزَلَ:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] .

«وَجَاءَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك، قَالَ إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك» فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى تَصْدِيقَ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةَ. وَسَيَأْتِي فِي الْأَحَادِيثِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ وَيُوَافِقُهُ. وَذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَا ذُكِرَ فَلِذَلِكَ حَدٌّ. وَالْأَثَامُ: الْعُقُوبَةُ، وَقِيلَ الْإِثْمُ نَفْسُهُ؟ أَيْ مُلَاقٍ جَزَاءَ إثْمٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ اسْمُ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ: وَقِيلَ بِئْرٌ فِيهَا. وَيُضَاعَفُ وَيَخْلُدُ بِالرَّفْعِ حَالًا أَوْ اسْتِئْنَافًا وَبِالْجَزْمِ بَدَلٌ مِنْ يَلْقَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ وَمُهَانًا مِنْ أَهَانَهُ أَذَلَّهُ وَأَذَاقَهُ الْهَوَانَ. وَفِيهِ أَيْ الْعَذَابِ أَوْ التَّعْذِيبِ أَوْ تَضْعِيفِهِ، وَسَبَبُ هَذَا التَّضْعِيفِ أَنَّ الْمُشْرِكَ ضَمَّ تِلْكَ الْمَعَاصِيَ إلَى شِرْكِهِ فَعُوقِبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا.

وَقَالَ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] الْجَلْدُ الضَّرْبُ وَأُوثِرَ لِيُفْهَمَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَنْ يُبَرِّحَ وَلَا يَبْلُغَ اللَّحْمَ، وَالرَّأْفَةُ الرَّحْمَةُ وَالرِّقَّةُ. وَسَبَبُ النَّهْيِ ارْتِكَابُ فَاعِلِهِ لِهَذِهِ الْكَبِيرَةِ الْفَاحِشَةِ بَلْ هِيَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْقَتْلِ كَمَا يَأْتِي، وَمِنْ ثَمَّ قَرَنَهُ تَعَالَى بِالشِّرْكِ وَالْقَتْلِ فِي الْآيَةِ السَّابِقَةِ.

ص: 217

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ النَّاسِ اتَّقُوا الزِّنَا فَإِنَّ فِيهِ سِتَّ خِصَالٍ ثَلَاثٌ فِي الدُّنْيَا وَثَلَاثٌ فِي الْآخِرَةِ، أَمَّا الَّتِي فِي الدُّنْيَا: فَيُذْهِبُ الْبَهَاءَ وَيُورِثُ الْفَقْرَ وَيَنْقُصُ الْعُمُرَ؛ وَأَمَّا الَّتِي فِي الْآخِرَةِ فَسَخَطُ اللَّهِ وَسُوءُ الْحِسَابِ وَعَذَابُ النَّارِ» ، قَالَ مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ عَصْرِهِ {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ} [النور: 2] فَتُعَطِّلُوا الْحُدُودَ وَلَا تُقِيمُوهَا، وَقِيلَ إنَّهُ نَهَى عَنْ التَّخْفِيفِ وَأَمَرَ بِأَنْ يُوجِعَا ضَرْبًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ؛ وَمَعْنَى {فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] فِي حُكْمِهِ.

جَلَدَ ابْنُ عُمَرَ أَمَةً لَهُ زَنَتْ فَقَالَ لِلْجَلَّادِ اضْرِبْ ظَهْرَهَا وَرِجْلَيْهَا فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: 2] فَقَالَ يَا بُنَيَّ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَأْمُرْنِي بِقَتْلِهَا وَقَدْ ضَرَبْت فَأَوْجَعْت. وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَئِمَّتُنَا يَضْرِبُ هُنَا وَفِي بَقِيَّةِ الْحُدُودِ بِسَوْطٍ مُعْتَدِلٍ لَا حَدِيدٍ يَجْرَحُ وَلَا خَلَقٍ لَا يُؤْلِمُ وَلَا يُمَدُّ وَلَا يُرْبَطُ بَلْ يُتْرَكُ وَإِنْ اتَّقَى بِيَدَيْهِ، وَيُضْرَبُ الرَّجُلُ قَائِمًا وَلَا يُجَرِّدُ إلَّا مِمَّا يَمْنَعُ وُصُولَ الْأَلَمِ إلَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً وَتُرْبَطُ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا حَتَّى لَا يَبْدُوَ مِنْهَا شَيْءٌ، وَتُفَرَّقُ السِّيَاطُ عَلَى أَعْضَائِهِ وَلَا يَجْمَعُهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَتَتَّقِي الْمَهَالِكَ كَالْوَجْهِ وَالرَّقَبَةِ وَالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ.

وَاخْتُلِفَ فِي الطَّائِفَةِ هُنَا: فَقِيلَ وَاحِدٌ وَقِيلَ اثْنَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَرْبَعَةٌ عَدَدُ شُهُودِ الزِّنَا وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ عَشَرَةٌ، وَظَاهِرُ " وَلْيَشْهَدْ " وُجُوبُ الْحُضُورِ، وَلَمْ يَقُلْ بِهِ الْفُقَهَاءُ بَلْ حَمَلُوهُ عَلَى النَّدْبِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ إعْلَانُ إقَامَةِ الْحَدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ الرَّدْعِ، وَدَفْعِ التُّهْمَةِ، وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالطَّائِفَةِ الشُّهُودُ يُسْتَحَبُّ حُضُورُهُمْ لِيُعْلَمَ بَقَاؤُهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه: إنْ ثَبَتَ الزِّنَا بِالْبَيِّنَةِ لَزِمَ الشُّهُودَ أَنْ يَبْدَءُوا بِالرَّمْيِ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، أَوْ بِالْإِقْرَارِ بَدَأَ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ وَلَمْ يَحْضُرْ» ، ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَلْدِ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَأَمَّا الْمُحْصَنُ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ مَرَّةً فِي عُمُرِهِ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ بِالْحِجَارَةِ إلَى أَنْ يَمُوتَ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَمَنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ حَدٍّ وَلَا تَوْبَةٍ عُذِّبَ فِي النَّارِ بِسِيَاطٍ مِنْ نَارٍ، كَمَا وَرَدَ أَنَّ فِي الزَّبُورِ مَكْتُوبًا: أَنَّ الزُّنَاةَ يُعَلَّقُونَ بِفُرُوجِهِمْ فِي النَّارِ وَيُضْرَبُونَ عَلَيْهَا بِسِيَاطٍ مِنْ حَدِيدٍ فَإِذَا اسْتَغَاثَ أَحَدُهُمْ مِنْ الضَّرْبِ نَادَتْهُ الزَّبَانِيَةُ أَيْنَ كَانَ هَذَا الصَّوْتُ وَأَنْتَ تَضْحَكُ وَتَفْرَحُ وَتَمْرَحُ وَلَا تُرَاقِبُ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا وَلَا تَسْتَحِي مِنْهُ.

ص: 218

وَجَاءَ فِي السُّنَّةِ تَغْلِيظٌ عَظِيمٌ فِي الزَّانِي لَا سِيَّمَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ وَاَلَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا. أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ فِي التَّفْسِيرِ وَالْأَدَبِ وَالتَّوْحِيدِ وَالدِّيَاتِ وَالْمُحَارِبِينَ، وَمُسْلِمٌ فِي الْإِيمَانِ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ:«سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَك: قُلْت إنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَك مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَك، قُلْت ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِك» . زَادَ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَةٍ: «وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان: 69] {إِلا مَنْ تَابَ} [الفرقان: 70] الْحَلِيلَةُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ: الزَّوْجَةُ» .

وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَعَائِلٌ - أَيْ فَقِيرٌ - مُسْتَكْبِرٌ» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى الشَّيْخِ الزَّانِي وَلَا إلَى الْعَجُوزِ الزَّانِيَةِ» . وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ: الْبَيَّاعُ الْحَلَّافُ، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْجَائِرُ» . وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ، وَالْعَائِلُ الْمَزْهُوُّ» . وَفِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ: «الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللَّهُ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ» .

وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا ابْنَ لَهِيعَةَ، وَحَدِيثُهُ حَسَنٌ فِي الْمُتَابَعَاتِ:«لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى الْأُشَيْمِطِ الزَّانِي، وَالْعَائِلِ الْمَزْهُوِّ» . وَالْأُشَيْمِطُ تَصْغِيرُ أَشْمَطَ: وَهُوَ مَنْ اخْتَلَطَ شَعْرُ رَأْسِهِ الْأَسْوَدُ بِالْأَبْيَضِ. وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ

ص: 219

مُؤْمِنٌ» ، زَادَ النَّسَائِيُّ:«فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الْإِسْلَامِ مِنْ عُنُقِهِ فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . وَالْبَزَّارُ: «لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، الْإِيمَانُ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ» .

وَالشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ» . وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَّا فِي إحْدَى ثَلَاثٍ: زِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَرَجُلٍ خَرَجَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُنْفَى مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ يَقْتُلُ نَفْسًا فَيُقْتَلُ بِهَا» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا صَحِيحٌ: «يَا بَغَايَا الْعَرَبِ إنَّ مِنْ أَخْوَفِ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الزِّنَا وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ» ، وَضَبَطَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ بِالرَّاءِ وَالتَّحْتِيَّةِ.

وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ فَيُنَادِي مُنَادٍ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابُ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجُ عَنْهُ؟ فَلَا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو دَعْوَةً إلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ عز وجل لَهُ إلَّا زَانِيَةً تَسْعَى بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارًا» . وَأَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ: «إنَّ اللَّهَ يَدْنُو مِنْ خَلْقِهِ - أَيْ بِلُطْفِهِ وَرَحْمَتِهِ - فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَسْتَغْفِرُ إلَّا لِبَغِيٍّ بِفَرْجِهَا أَوْ عَشَّارٍ» . وَالطَّبَرَانِيُّ: «إنَّ الزُّنَاةَ تَشْتَعِلُ وُجُوهُهُمْ نَارًا» . وَالْبَيْهَقِيُّ: «الزِّنَا يُورِثُ الْفَقْرَ» .

وَالْبُخَارِيُّ وَتَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ: «رَأَيْت اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي فَأَخْرَجَانِي إلَى أَرْضٍ مُقَدَّسَةٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: فَانْطَلَقْنَا إلَى نَقْبٍ مِثْلِ التَّنُّورِ أَعْلَاهُ ضَيِّقٌ وَأَسْفَلُهُ وَاسِعٌ يَتَوَقَّدُ تَحْتَهُ نَارٌ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعُوا حَتَّى كَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا وَإِذَا خَمَدَتْ رَجَعُوا فِيهَا، وَفِيهَا رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ» الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ «فَانْطَلَقْنَا إلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، قَالَ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ

ص: 220

ضَوْضَوْا - أَيْ صَاحُوا» الْحَدِيثَ. وَفِي آخِرِهِ: «وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ هُمْ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي» . وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا: قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَلَا عِلَّةَ لَهُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أَتَانِي رَجُلَانِ فَأَخَذَا بِضَبْعَيَّ فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا، فَقَالَا اصْعَدْ، فَقُلْت إنِّي لَا أُطِيقُهُ فَقَالَا إنَّا سَنُسَهِّلُهُ لَك فَصَعِدْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي سَوَاءِ الْجَبَلِ فَإِذَا أَنَا بِأَصْوَاتٍ شَدِيدَةٍ، فَقُلْت مَا هَذِهِ الْأَصْوَاتُ؟ قَالُوا هَذَا عُوَاءُ أَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ مُشَقَّقَةً أَشْدَاقُهُمْ تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا، قَالَ: قُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ، فَقَالَ خَابَتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى» قَالَ سُلَيْمٌ: مَا أَدْرِي أَسَمِعَهُ أَبُو أُمَامَةَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ شَيْءٌ مِنْ رَأْيِهِ «ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ أَشَدُّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنُ رِيحًا وَأَسْوَأُ مَنْظَرًا، فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ هَؤُلَاءِ قَتْلَى الْكُفَّارِ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ أَشَدُّ شَيْءٍ انْتِفَاخًا وَأَنْتَنُهُ رِيحًا كَأَنَّ رِيحَهُمْ الْمَرَاحِيضُ، قُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ الزَّانُونَ وَالزَّوَانِي، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِنِسَاءٍ تَنْهَشُ ثَدْيَهُنَّ الْحَيَّاتُ، قُلْت مَا بَالُ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ هَؤُلَاءِ يَمْنَعْنَ أَوْلَادَهُنَّ أَلْبَانَهُنَّ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي فَإِذَا أَنَا بِغِلْمَانٍ يَلْعَبُونَ بَيْنَ نَهْرَيْنِ، قُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قِيلَ هَؤُلَاءِ ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ شَرَفَ بِي شَرَفًا فَإِذَا أَنَا بِثَلَاثَةٍ يَشْرَبُونَ مِنْ خَمْرٍ لَهُمْ، قُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ هَؤُلَاءِ جَعْفَرٌ وَزَيْدٌ وَابْنُ رَوَاحَةَ ثُمَّ شَرَفَ بِي شَرَفًا آخَرَ فَإِذَا أَنَا بِنَفَرٍ ثَلَاثَةٍ، قُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ هَذَا إبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى وَهُمْ يَنْتَظِرُونَك» .

وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ: «إذَا زَنَى الرَّجُلُ أُخْرِجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ وَكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ فَإِذَا أَقْلَعَ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ» . وَالْحَاكِمُ: «مَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ الْخَمْرَ نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ الْإِيمَانَ كَمَا يَخْلَعُ الْإِنْسَانُ الْقَمِيصَ مِنْ رَأْسِهِ» . وَالْبَيْهَقِيُّ: «إنَّ الْإِيمَانَ سِرْبَالٌ يُسَرْبِلُهُ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ فَإِذَا زَنَى الْعَبْدُ نُزِعَ مِنْهُ سِرْبَالُ الْإِيمَانِ فَإِنْ تَابَ رُدَّ عَلَيْهِ» . وَرَزِينٌ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ، فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ فَمَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ

ص: 221

لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68]، وَقَالَ: قُرِنَ الزِّنَا مَعَ الشِّرْكِ. وَقَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» .

وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تَعَبَّدَ عَابِدٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فَعَبَدَ اللَّهَ فِي صَوْمَعَتِهِ سِتِّينَ عَامًا فَأَمْطَرَتْ الْأَرْضُ فَاخْضَرَّتْ فَأَشْرَفَ الرَّاهِبُ مِنْ صَوْمَعَتِهِ فَقَالَ لَوْ نَزَلْت فَذَكَرْت اللَّهَ فَازْدَدْت خَيْرًا، فَنَزَلَ وَمَعَهُ رَغِيفٌ أَوْ رَغِيفَانِ فَبَيْنَمَا هُوَ فِي الْأَرْضِ لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهَا وَتُكَلِّمُهُ حَتَّى غَشِيَهَا ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ الْغَدِيرَ لِيَسْتَحِمَّ فَجَاءَ سَائِلٌ فَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ الرَّغِيفَيْنِ، ثُمَّ مَاتَ فَوُزِنَتْ عِبَادَةُ سِتِّينَ سَنَةً بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ فَرَجَحَتْ الزَّنْيَةُ بِحَسَنَاتِهِ، ثُمَّ وُضِعَ الرَّغِيفُ أَوْ الرَّغِيفَانِ مَعَ حَسَنَاتِهِ فَرَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ فَغُفِرَ لَهُ» .

وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الصَّبَّاحِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرُوَاتُهُ إلَى الصَّبَّاحِ ثِقَاتٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِسْكِينٌ مُسْتَكْبِرٌ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ وَلَا مَنَّانٌ عَلَى اللَّهِ بِعَمَلِهِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ فَقَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى أَنْ قَالَ: إيَّاكُمْ وَعُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ فَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ وَاَللَّهِ لَا يَجِدُهَا عَاقٌّ وَلَا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلَا شَيْخٌ زَانٍ وَلَا جَارٍّ إزَارَهُ خُيَلَاءَ إنَّمَا الْكِبْرِيَاءُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» . وَالْبَزَّارُ: «إنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ لَيَلْعَنَّ الشَّيْخَ الزَّانِيَ وَإِنَّ فُرُوجَ الزُّنَاةِ لَيُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ نَتَنُ رِيحِهَا» . وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْخَرَائِطِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ: «إنَّ النَّاسَ يُرْسَلُ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رِيحٌ مُنْتِنَةٌ فَيَتَأَذَّى مِنْهَا كُلُّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ مِنْهُمْ كُلَّ مَبْلَغٍ نَادَاهُمْ مُنَادٍ يُسْمِعُهُمْ الصَّوْتَ وَيَقُولُ لَهُمْ: هَلْ تَدْرُونَ هَذِهِ الرِّيحَ الَّتِي قَدْ آذَتْكُمْ؟ فَيَقُولُونَ لَا نَدْرِي وَاَللَّهِ أَلَا إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ، فَيُقَالُ أَلَا إنَّهَا رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ الَّذِينَ لَقُوا اللَّهَ بِزِنَاهُمْ وَلَمْ يَتُوبُوا مِنْهُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ بِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ عِنْدَ الصَّرْفِ بِهِمْ جَنَّةً وَلَا نَارًا وَسَيَأْتِي فِي شُرْبِ الْخَمْرِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَفِيهِ: وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنَ

ص: 222

الْخَمْرِ سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ نَهْرِ الْغَوْطَةِ، قِيلَ وَمَا نَهْرُ الْغَوْطَةِ؟ قَالَ نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ - يَعْنِي الزَّانِيَاتِ - يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ» .

وَالْخَرَائِطِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُقِيمُ عَلَى الزِّنَا كَعَابِدِ وَثَنٍ» . وَيُؤَيِّدُهُ مَا صَحَّ أَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ إذَا مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الزِّنَا أَشَدُّ وَأَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ.

وَالْبَيْهَقِيُّ: «لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْت بِرِجَالٍ تُقْرَضُ جُلُودُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ، فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ الَّذِينَ يَتَزَيَّنُونَ لِلزِّينَةِ، قَالَ ثُمَّ مَرَرْت بِجُبٍّ مُنْتِنِ الرِّيحِ فَسَمِعْت فِيهِ أَصْوَاتًا شَدِيدَةً، فَقُلْت مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ نِسَاءٌ كُنَّ يَتَزَيَّنَّ لِلزِّينَةِ وَيَفْعَلْنَ مَا لَا يَحِلُّ لَهُنَّ» .

وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ الزِّنَا فَإِذَا فَشَا فِيهِمْ الزِّنَا فَأَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعَذَابٍ» . وَأَبُو يَعْلَى: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مُتَمَاسِكٌ أَمْرُهَا مَا لَمْ يَظْهَرْ فِيهِمْ وَلَدُ الزِّنَا» . وَالْبَزَّارُ: «إذَا ظَهَرَ الزِّنَا ظَهَرَ الْفَقْرُ وَالْمَسْكَنَةُ» . وَأَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ: «مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَا وَالرِّبَا إلَّا أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عَذَابَ اللَّهِ» . وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ حِينَ نَزَلَتْ آيَةُ الْمُلَاعَنَةِ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَنْ يُدْخِلَهَا اللَّهُ جَنَّتَهُ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ» .

وَأَحْمَدُ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا؟ قَالُوا حَرَامٌ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَهُوَ حَرَامٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: لَأَنْ يَزْنِيَ الرَّجُلُ بِعَشَرَةِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِيَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ» . وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالْخَرَائِطِيُّ وَغَيْرُهُمَا: «الزَّانِي بِحَلِيلَةِ جَارِهِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِ وَيَقُولُ لَهُ اُدْخُلْ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ» . وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْكَبِيرِ: «مَنْ قَعَدَ عَلَى فِرَاشِ مُغِيبَةٍ» - أَيْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ

ص: 223

فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ مَنْ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا - «قَيَّضَ اللَّهُ لَهُ ثُعْبَانًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ: «مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَى فِرَاشِ الْمُغِيبَةِ مَثَلُ الَّذِي يَنْهَشُهُ أَسْوَدُ مِنْ أَسَاوِدِ» أَيْ حَيَّاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

وَمُسْلِمٌ: «حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنْ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ فَيَخُونُهُ فِيهِمْ إلَّا وَقَفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَأْخُذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شَاءَ حَتَّى يَرْضَى ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: فَمَا ظَنُّكُمْ؟» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: «إلَّا نُصِّبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقِيلَ هَذَا خَلَفُك فِي أَهْلِك فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْت» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ كَأَبِي دَاوُد وَزَادَ: «أَتَرَوْنَهُ يَدَعُ لَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْئًا؟» .

تَنْبِيهٌ: عَدُّ الزِّنَا هُوَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بَلْ مَرَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَقِيلَ الزِّنَا مُطْلَقًا أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ، فَهُوَ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الَّذِي يَلِي الشِّرْكَ هُوَ الْقَتْلُ ثُمَّ الزِّنَا؛ وَأَفْحَشُ أَنْوَاعِهِ الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ، قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: وَالزِّنَا أَكْبَرُ مِنْ اللِّوَاطِ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَكْثُرُ وُقُوعُهُ وَيَعْظُمُ الضَّرَرُ بِكَثْرَتِهِ أَيْ وَلِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا اخْتِلَاطُ الْأَنْسَابِ وَقَدْ يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي أَنَّ حَدَّهُ أَغْلَظُ بِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَآخَرِينَ بِرَجْمِ اللُّوطِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ بِخِلَافِ الزَّانِي، وَبِدَلِيلِ مَا يَأْتِي أَيْضًا أَنَّ جَمَاعَةً آخَرِينَ شَدَّدُوا فِي حَدِّ اللُّوطِيِّ مَا لَمْ يُشَدِّدُوا بِهِ فِي حَدِّ الزِّنَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَفْضُولَ قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَزِيَّةٌ وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَلِلْحَلِيمِيِّ كَلَامٌ هُنَا مَرَّ عَنْهُ نَظَائِرُهُ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَأْيٍ لَهُ وَالْأَصْحَابُ عَلَى خِلَافِهِ.

وَعِبَارَةُ مِنْهَاجِهِ: وَالزِّنَا كَبِيرَةٌ وَإِنْ كَانَ بِحَلِيلَةِ الْجَارِ أَوْ بِذَاتِ رَحِمٍ أَوْ بِأَجْنَبِيَّةٍ لَكِنْ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ فَهُوَ فَاحِشَةٌ؛ وَأَمَّا دُونَ الزِّنَا الْمُوجِبِ لِلْحَدِّ فَإِنَّهُ مِنْ الصَّغَائِرِ فَإِنْ كَانَ مَعَ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ حَلِيلَةِ الِابْنِ أَوْ مَعَ أَجْنَبِيَّةٍ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالْإِكْرَاهِ كَانَ كَبِيرَةً انْتَهَتْ. وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الزِّنَا فَاحِشَةٌ مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء: 32] فَقَصْرُهُ تَسْمِيَتَهُ فَاحِشَةً عَلَى الزِّنَا بِحَلِيلَةِ الْجَارِ وَمَا ذَكَرَهُ مَعَهُ مَمْنُوعٌ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ هُنَا أُمُورًا عُهْدَتُهَا عَلَيْهِ، وَهِيَ عَنْ عَطَاءٍ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى عَنْ جَهَنَّمَ:{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ} [الحجر: 44] أَشَدُّ تِلْكَ الْأَبْوَابِ غَمًّا وَكَرْبًا وَحَرًّا وَأَنْتَنُهَا رِيحًا لِلزُّنَاةِ. وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ: يَجِدُ أَهْلُ النَّارِ

ص: 224

رَائِحَةً مُنْتِنَةً، فَيَقُولُونَ مَا وَجَدْنَا أَنْتَنَ مِنْ هَذِهِ الرَّائِحَةِ، فَيُقَالُ لَهُمْ هَذِهِ رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ أَحَدُ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ: إنَّهُ لَيُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ رِيحُ فُرُوجِ الزُّنَاةِ، فَفِي الْعَشْرِ الْآيَاتِ الَّتِي كَتَبَهَا اللَّهُ عز وجل لِمُوسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ: وَلَا تَسْرِقْ وَلَا تَزْنِ فَأَحْجُبْ وَجْهِي عَنْك فَإِذَا كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِنَجِيِّهِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ؟ .

وَجَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ إبْلِيسَ يَبُثُّ جُنُودَهُ فِي الْأَرْضِ وَيَقُولُ لَهُمْ أَيُّكُمْ أَضَلَّ مُسْلِمًا أُلْبِسُهُ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ فَأَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً أَقْرَبُهُمْ إلَيْهِ مَنْزِلَةً، فَيَجِيءُ إلَيْهِ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ لَمْ أَزَلْ بِفُلَانٍ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا سَوْفَ يَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، ثُمَّ يَجِيءُ الْآخَرُ فَيَقُولُ لَمْ أَزَلْ بِفُلَانٍ حَتَّى أَلْقَيْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ الْعَدَاوَةَ فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا سَوْفَ يُصَالِحُهُ، ثُمَّ يَجِيءُ الْآخَرُ فَيَقُولُ لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى زَنَى فَيَقُولُ إبْلِيسُ نِعْمَ مَا فَعَلْت، فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَضَعُ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَجُنُودِهِ» . وَجَاءَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ بَعْدَ الشِّرْكِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ نُطْفَةٍ وَضَعَهَا رَجُلٌ فِي رَحِمٍ لَا يَحِلُّ لَهُ» . وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «فِي جَهَنَّمَ وَادٍ فِيهِ حَيَّاتٌ كُلُّ حَيَّةٍ ثُخْنُ رَقَبَةِ الْبَعِيرِ تَلْسَعُ تَارِكَ الصَّلَاةِ فَيَغْلِي سُمُّهَا فِي جِسْمِهِ سَبْعِينَ سَنَةً ثُمَّ يَتَهَرَّأُ لَحْمُهُ، وَإِنَّ فِي جَهَنَّمَ وَادِيًا اسْمُهُ جُبُّ الْحُزْنِ، فِيهِ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ كُلُّ عَقْرَبٍ مِنْهَا بِقَدْرِ الْبَغْلِ لَهَا سَبْعُونَ شَوْكَةً فِي كُلِّ شَوْكَةٍ زَاوِيَةُ سُمٍّ تَضْرِبُ الزَّانِي وَتُفَرِّعُ سُمَّهَا فِي جِسْمِهِ يَجِدُ مَرَارَةَ وَجَعِهَا أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ يَتَهَرَّأُ لَحْمُهُ وَيَسِيلُ مِنْ فَرْجِهِ الْقَيْحُ وَالصَّدِيدُ» .

وَوَرَدَ أَيْضًا: «إنَّ مَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ كَانَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا فِي الْقَبْرِ نِصْفُ عَذَابِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَكِّمُ اللَّهُ تَعَالَى زَوْجَهَا فِي حَسَنَاتِهِ، هَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَإِنْ عَلِمَ وَسَكَتَ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَتَبَ عَلَى بَابِهَا أَنْتِ حَرَامٌ عَلَى الدَّيُّوثِ» وَهُوَ الَّذِي يَعْلَمُ بِالْفَاحِشَةِ فِي أَهْلِهِ وَيَسْكُتُ وَلَا يَغَارُ وَوَرَدَ أَيْضًا: «إنَّهُ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ بِشَهْوَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَغْلُولَةً يَدُهُ إلَى عُنُقِهِ فَإِنْ قَبَّلَهَا قُرِضَتْ شَفَتَاهُ فِي النَّارِ، فَإِنْ زَنَى بِهَا نَطَقَتْ فَخِذُهُ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَتْ أَنَا لِلْحَرَامِ رَكِبْت، فَيَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِ بِعَيْنِ الْغَضَبِ فَيَقَعُ لَحْمُ وَجْهِهِ فَيُكَابِرُ وَيَقُولُ مَا فَعَلْت فَيَشْهَدُ عَلَيْهِ لِسَانُهُ وَيَقُولُ أَنَا بِمَا لَا يَحِلُّ لِي نَطَقْت وَتَقُولُ يَدَاهُ أَنَا لِلْحَرَامِ تَنَاوَلْت، وَتَقُولُ عَيْنُهُ أَنَا لِلْحَرَامِ نَظَرْت، وَتَقُولُ رِجْلُهُ أَنَا لِمَا لَا يَحِلُّ لِي مَشَيْت،

ص: 225