الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْكَبِيرَةُ السَّبْعُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ قَطْعُ الطَّرِيقِ]
ِ أَيْ إخَافَتُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسًا وَلَا أَخَذَ مَالًا) . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33]{إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى تَغْلِيظَ الْإِثْمِ فِي قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ أَتْبَعَهُ بِبَيَانِ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المائدة: 33] أَيْ أَوْلِيَاءَهُ كَذَا قَرَّرَهُ الْجُمْهُورُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يُحَارِبُونَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمُحَارَبَةُ الْمُسْلِمِينَ فِي حُكْمِ مُحَارَبَتِهِ، يَعْنِي أَنَّ الْقَصْدَ مُحَارَبَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى تَعْظِيمًا لِمُحَارَبَةِ رَسُولِهِ نَحْوُ:{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] وَلَك أَنْ تَحْمِلَ الْمُحَارَبَةَ عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَمْرِ إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ أَحْكَامَ اللَّهِ وَأَحْكَامَ رَسُولِهِ. {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} [المائدة: 33] الْقَتْلُ أَوْ الصَّلْبُ أَوْ قَطْعُ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ {مِنْ خِلافٍ} [المائدة: 33] أَوْ النَّفْيُ مِنْ الْأَرْضِ وَإِنْ تَحَمَّلَهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ، وَبِالنِّسْبَةِ إلَى رَسُولِهِ وَخُلَفَائِهِ عَلَى الْمُقَاتَلَةِ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا: أَيْ بِالْقَتْلِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ أَوْ إخَافَةِ السَّبِيلِ، فَكُلُّ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَانَ مُحَارِبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَطَعُوا السَّبِيلَ وَأَفْسَدُوا، وَقِيلَ فِي «قَوْمِ هِلَالٍ الْأَسْلَمِيِّ: وَادَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لَا يُعِينَهُ وَلَا يُعِينَ عَلَيْهِ وَمَنْ مَرَّ بِهِ إلَيْهِ فَهُوَ آمِنٌ، فَمَرَّ بِقَوْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ قَوْمٌ مِنْ كِنَانَةَ يُرِيدُونَ الْإِسْلَامَ فَقَتَلَهُمْ قَوْمُهُ وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ» ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام بِالْقِصَّةِ، وَقِيلَ فِي «قَوْمٍ مِنْ عُرَيْنَةَ وَعُكَلٍ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُمْ كَذَبَةٌ، فَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَبَعَثَهُمْ صلى الله عليه وسلم إلَى إبِلِ الصَّدَقَةِ لِيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا فَارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِمْ مَنْ رَدَّهُمْ وَأَمَرَ بِقَطْعِ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلِهِمْ وَكَحْلِ أَعْيُنِهِمْ بِمَسَامِيرَ مُحْمَاةٍ بِالنَّارِ وَطَرَحَهُمْ فِي الْحِرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ حَتَّى مَاتُوا» . قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَهَؤُلَاءِ قَتَلُوا وَسَرَقُوا: أَيْ أَخَذُوا الْمَالَ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَسَعَوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ.
وَمَنْ مَنَعَهُ قَالَ إنَّمَا نَسَخَ السُّنَّةَ سُنَّةٌ أُخْرَى، وَهَذِهِ الْآيَةُ مُطَابِقَةٌ لِلسُّنَّةِ النَّاسِخَةِ ثُمَّ الْمَنْسُوخُ إنَّمَا هُوَ كَحْلُ
الْأَعْيُنِ وَالْمُثْلَةُ وَأَمَّا الْقَتْلُ فَبَاقٍ. وَعَنْ ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: لَمَّا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ الْحُدُودَ وَنَهَاهُ عَنْ الْمُثْلَةِ. قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ» . وَعَنْ أَنَسٍ: إنَّمَا سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ سَمَلُوا أَعْيُنَ الرُّعَاةِ، فَإِنْ صَحَّ فَلَا نَسْخَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ، فَقَدْ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ مُعَاتَبَةً لَهُ صلى الله عليه وسلم وَتَعْظِيمًا لَهُ بِعُقُوبَتِهِمْ، فَقَالَ إنَّمَا جَزَاؤُهُمْ هَذَا لَا الْمُثْلَةُ وَلِذَلِكَ مَا قَامَ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا إلَّا نَهَى عَنْ الْمُثْلَةِ، وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ، قَالُوا: وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّينَ، أَنَّ قَتْلَ الْمُرْتَدِّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُحَارَبَةِ، وَلَا عَلَى إظْهَارِ الْفَسَادِ فِي دَارِنَا.
وَلَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ فِيهِ عَلَى قَطْعٍ وَلَا عَلَى نَفْيٍ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ قَتْلُهُ بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ، وَأَنَّ الصَّلْبَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي حَقِّهِ. ثُمَّ الْمُحَارِبُونَ هُمْ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ وَلَهُمْ مَنَعَةٌ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ نَحْوِهِ.
فَإِنْ كَانُوا فِي الصَّحْرَاءِ فَقُطَّاعٌ اتِّفَاقًا أَوْ فِي الْبَلَدِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ وَمَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ إنْ لَمْ يَلْحَقْهُمْ غَوْثٌ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ فِي الْمُدُنِ أَعْظَمُ ذَنْبًا وَبِأَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ وَبِأَنَّ هَذَا حَدٌّ فَلَا يَخْتَلِفُ بِالْمَكَانِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُونَ قُطَّاعًا.
وَاخْتَلَفُوا فِي " أَوْ " فِي الْآيَةِ، فَفِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهَا قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ الْمُسَيِّبِ وَمُجَاهِدٌ وَالنَّخَعِيُّ: إنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ وَالْإِبَاحَةِ فَيَفْعَلُ الْإِمَامُ بِالْقُطَّاعِ مَا شَاءَ مِنْ الْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ أَيْضًا: أَنَّهَا لِبَيَانِ اخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ وَتَرْتِيبِهَا بِاخْتِلَافِ الْجِنَايَةِ فَهِيَ لِلتَّنْوِيعِ؛ فَإِذَا قَتَلُوا وَأَخَذُوا الْمَالَ قُتِلُوا وَصُلِبُوا، وَإِذَا قَتَلُوا وَلَمْ يَأْخُذُوا مَالًا قُتِلُوا فَقَطْ وَيَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ فِي هَذَيْنِ فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ، وَإِذَا أَخَذُوا الْمَالَ فَقَطْ قُطِعُوا مِنْ خِلَافٍ، وَإِذَا أَخَافُوا السَّبِيلَ نُفُوا مِنْ الْأَرْضِ وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقَتْلِ وَالصَّلْبِ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ: يُقْتَلُ وَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصْلَبُ عَلَى خَشَبَةٍ مُعْتَرِضَةً ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ زَجْرًا وَتَنْكِيلًا عَنْ مِثْلِ فِعْلِهِ ثُمَّ يُدْفَنُ، وَقِيلَ يُصْلَبُ حَيًّا ثُمَّ يُطْعَنُ حَتَّى يَمُوتَ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ. وَقِيلَ يُصْلَبُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَيًّا ثُمَّ يُنْزَلُ وَيُقْتَلُ وَقِيلَ يُقْطَعُ مِنْ خِلَافٍ فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى ثُمَّ تُحْسَمُ ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ تُحْسَمُ. وَاخْتَلَفُوا فِي النَّفْيِ؛ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَطْلُبُهُ الْإِمَامُ فَكُلُّ مَحَلٍّ وَجَدَهُ فِيهِ نَفَاهُ عَنْهُ. وَقِيلَ يَطْلُبُهُ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: هُوَ أَنْ يُهْدِرَ الْإِمَامُ دَمَهُ فَيَقُولُ مَنْ لَقِيَهُ فَلْيَقْتُلْهُ هَذَا فِيمَنْ لَمْ
يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَنَفْيُهُ حَبْسُهُ، وَقِيلَ النَّفْيُ الْحَبْسُ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ: قَالُوا: لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ النَّفْيُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ فَهُوَ مُحَالٌ أَوْ إخْرَاجُهُ إلَى بَلَدٍ أُخْرَى مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ فَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَنَّهُ يُؤْذِيهِمْ أَيْضًا أَوْ مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ فَهُوَ حَمْلٌ لَهُ عَلَى الرِّدَّةِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ يُحْبَسُ وَالْمَحْبُوسُ يُسَمَّى مَنْفِيًّا مِنْ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِشَيْءٍ مِنْ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا وَلَا يَجْتَمِعُ بِأَقَارِبِهِ وَأَحِبَّائِهِ فَكَانَ كَالْمَنْفِيِّ حَقِيقَةً، وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا حَبَسُوا صَالِحَ بْنَ عَبْدِ الْقُدُّوسِ عَلَى تُهْمَةِ الزَّنْدَقَةِ فِي حَبْسٍ ضَيِّقٍ وَطَالَ لُبْثُهُ قَالَ:
خَرَجْنَا مِنْ الدُّنْيَا وَنَحْنُ مِنْ أَهْلِهَا
…
فَلَسْنَا مِنْ الْمَوْتَى عَلَيْهَا وَلَا الْأَحْيَاءِ
إذْ جَاءَنَا السَّجَّانُ يَوْمًا لِحَاجَةٍ
…
عَجِبْنَا وَقُلْنَا جَاءَ هَذَا مِنْ الدُّنْيَا
" ذَلِكَ " أَيْ الْجَزَاءُ الْمُتَقَدِّمُ " لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ " أَيْ فَضِيحَةٌ وَهَوَانٌ وَعَذَابٌ {وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 33] أَيْ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَدِلَّةٌ أُخْرَى خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ أَيْ الظَّفَرِ بِهِمْ {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} [البقرة: 173] أَيْ لَهُمْ {رَحِيمٌ} [المائدة: 34] أَيْ بِهِمْ فَيُسْقِطُ عَنْهُمْ عُقُوبَةَ قَطْعِ الطَّرِيقِ. وَقِيلَ: كُلُّ عُقُوبَةٍ وَحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ سَوَاءٌ الدَّمُ وَالْمَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ الْمَالُ بِعَيْنِهِ فَيَرُدَّهُ لِصَاحِبِهِ؛ وَقِيلَ كُلُّ عُقُوبَةٍ وَحَقٍّ لِلَّهِ فَقَطْ.
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ لَكِنْ بِدُونِ الْغَايَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي التَّرْجَمَةِ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِيهَا ظَاهِرٌ وَالْآيَةُ نَاصَّةٌ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ مِنْ الْمُخِيفِ لِلطَّرِيقِ فَقَطْ وَمَا قَبْلَهُ بِالْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ جِدًّا، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِهِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْآيَةَ السَّابِقَةَ: فَبِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَدْ ارْتَكَبَ الْكَبِيرَةَ فَكَيْفَ إذَا أَخَذَ الْمَالَ أَوْ جَرَحَ أَوْ قَتَلَ أَوْ فَعَلَ عِدَّةَ كَبَائِرَ مَعَ غَالِبِ الْقُطَّاعِ عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ وَإِنْفَاقِ مَا يَأْخُذُونَهُ فِي الْخَمْرِ وَالزِّنَا وَغَيْرِ ذَلِكَ انْتَهَى.