الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ النَّفَقَاتِ عَلَى الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ وَالْمَمَالِيكِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ
[الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُمِائَةِ مَنْعُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَوْ كِسْوَتِهَا مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّلَاثُمِائَةِ: مَنْعُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ أَوْ كِسْوَتِهَا مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ شَرْعِيٍّ) . وَذِكْرُ هَذَا ظَاهِرٌ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الظُّلْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَقْبَحِهِ، وَيَأْتِي فِي الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ تَامٌّ بِهَا.
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: إضَاعَةُ عِيَالِهِ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ]
(الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ: إضَاعَةُ عِيَالِهِ كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ) أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ. إلَّا أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ يَعُولُ» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ أَحَفِظَ أَمْ ضَيَّعَ حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ» . وَالشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» .
تَنْبِيهٌ: ذِكْرُ هَذَا ظَاهِرٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا مِنْ أَقْبَحِ الظُّلْمِ وَأَفْحَشِهِ. فَائِدَةٌ: فِي ذِكْرِ مَا وَرَدَ مِنْ الْحَثِّ عَلَى الْإِحْسَانِ إلَى الزَّوْجَةِ وَالْعِيَالِ سِيَّمَا الْبَنَاتُ. أَخْرَجَ مُسْلِمٌ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ
تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِك أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِك» . وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ:«أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» . قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ، وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمْ اللَّهُ أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ لَهُ وَيُغْنِيهِمْ.
وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ بِنَحْوِهِ:«عُرِضَ عَلَيَّ أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ، وَأَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ. فَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: فَالشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ وَنَصَحَ لِسَيِّدِهِ، وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ. وَأَمَّا أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ النَّارَ فَأَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ، وَفَقِيرٌ فَخُورٌ» .
وَالشَّيْخَانِ مِنْ جُمْلَةِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «وَإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ» .
وَأَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ: «مَا أَطْعَمْت نَفْسَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ» - أَيْ إنْ كَانَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِقَصْدِ التَّقَوِّي بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ - «وَمَا أَطْعَمْت وَلَدَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْت زَوْجَتَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْت خَادِمَك فَهُوَ لَك صَدَقَةٌ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: «مَنْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ نَفَقَةً يَسْتَعِفُّ بِهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ. مَنْ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فَهِيَ صَدَقَةٌ» ، وَهَذَا مُفَسِّرٌ لِمَا قَبْلَهُ. وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَالشَّيْخَانِ بِنَحْوِهِ:«الْيَدُ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ أُمَّك وَأَبَاك وَأُخْتَك وَأَخَاك وَأَدْنَاك فَأَدْنَاك» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ: «تَصَدَّقُوا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِي دِينَارٌ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِك، قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى زَوْجَتِك، قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِك، قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ أَنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِك، قَالَ إنَّ عِنْدِي آخَرَ قَالَ أَنْتَ أَبْصَرُ بِهِ» .
وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَمَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ كُتِبَ لَهُ صَدَقَةٌ، وَمَا وَقَى بِهِ الْمَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ، وَمَا أَنْفَقَ الْمُؤْمِنُ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّ خَلَفَهَا عَلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ ضَامِنٌ إلَّا مَا كَانَ فِي بُنْيَانٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ» ، وَفُسِّرَتْ وِقَايَةُ الْعِرْضِ بِمَا يُعْطَى لِلشَّاعِرِ وَذِي اللِّسَانِ الْمُتَّقَى.
وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ رُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فِي كَلَامٍ مُرِيبٍ. قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ ذَلِكَ الْحَدِيثَ غَرِيبٌ: «إنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي مِنْ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ الْمُؤْنَةِ، وَإِنَّ الصَّبْرَ يَأْتِي مِنْ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ الْبَلَاءِ» .
وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ: «أَوَّلُ مَا يُوضَعُ فِي مِيزَانِ الْعَبْدِ نَفَقَتُهُ عَلَى أَهْلِهِ» . وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ: «كُلُّ مَا صَنَعْت إلَى أَهْلِك فَهُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِمْ» . وَالشَّيْخَانِ: «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ تَسْأَلُ عَائِشَةَ وَمَعَهَا بِنْتَاهَا فَلَمْ تَجِدْ إلَّا تَمْرَةً فَأَعْطَتْهَا إيَّاهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ بِنْتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا، فَذَكَرَتْ عَائِشَةُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَنْ اُبْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ فَأَحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا أَوْ حِجَابًا مِنْ النَّارِ» .
وَمُسْلِمٌ: «إنَّ مِسْكِينَةً جَاءَتْهَا بِبِنْتَيْهَا فَأَعْطَتْهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتْ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَهَا شَأْنُهَا فَذَكَرَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنْ النَّارِ» . وَمُسْلِمٌ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ أَصَابِعَهُ» .
وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ دَخَلْت أَنَا وَهُوَ الْجَنَّةَ كَهَاتَيْنِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعَيْهِ» .
وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَلَفْظُهُ: «مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى