الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَغَيْرُهُ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْضِرَهُ إلَى أَمِيرِ الْجُيُوشِ لِيُخَمِّسَهُ وَإِنْ قَلَّ الْمَأْخُوذُ، نَعَمْ يَجُوزُ عِنْدَنَا التَّبَسُّطُ بِأَخْذِ بَعْضِ الْمَأْكُولِ لَهُ أَوْ لِدَابَّتِهِ مِنْ مَالِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِشُرُوطٍ مَذْكُورَةٍ فِي مَحَلِّهَا.
[بَابُ الْأَمَانِ]
[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ قَتْلُ أَوْ غَدْرُ أَوْ ظُلْمُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ]
بَابُ الْأَمَانِ (الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ: قَتْلُ أَوْ غَدْرُ أَوْ ظُلْمُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ أَوْ ذِمَّةٌ أَوْ عَهْدٌ) . قَالَ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا} [الإسراء: 34] . وَقَالَ عَزَّ قَائِلًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] أَيْ الْعُهُودِ، وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْعَهْدُ وَالْأَمَانُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ. وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» .
وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اللَّهُ عز وجل: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ الْعَمَلَ وَلَمْ يُوَفِّهِ أَجْرَهُ» . وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «إذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءً يُعْرَفُ بِهِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ» . وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا - أَيْ غَدَرَهُ وَنَقَضَ عَهْدَهُ - فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلًا وَلَا صَرْفًا» . وَأَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا قَالَ: «لَا إيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ» . وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ لَكِنْ بِلَفْظِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ: «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إلَّا كَانَ الْقَتْلُ
بَيْنَهُمْ وَلَا ظَهَرَتْ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ إلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْمَوْتَ، وَلَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إلَّا حَبَسَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْقَطْرَ» . وَأَبُو دَاوُد عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ آبَائِهِمْ لَكِنَّ الْأَبْنَاءَ مَجْهُولُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتَلَهُ فَأَنَا مِنْ الْقَاتِلِ بَرِيءٌ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا» . وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: «فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهِدَةً بِغَيْرِ حَقٍّ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَ الْجَنَّةِ لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ مِائَةِ عَامٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا فِي عَهْدِهِ لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ» يُرِحْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ مِنْ أَرَحْت الشَّيْءَ وَجَدْت رِيحَهُ وَبِفَتْحِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ رِحْت الرِّيحَ وَجَدْته وَبِفَتْحِ أَوَّلَيْهِ وَمَعْنَى الْكُلِّ شَمُّ الرَّائِحَةِ. وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ مَاجَهْ: «أَلَا مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَقَدْ أَخْفَرَ بِذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَرِيحُ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ هُوَ صَرِيحُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ فِي قَتْلِ الْمُعَاهِدِ وَفِي الْغَدْرِ لَكِنْ خَصَّهُ بِالْأَمِيرِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ جَاءَ عَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - أَنَّهُ عَدَّ مِنْ الْكَبَائِرِ نَكْثَ الصَّفْقَةِ: أَيْ الْغَدْرَ بِالْمَعَاهِدِ، بَلْ صَرَّحَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْعَلَائِيُّ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمَّاهُ كَبِيرَةً لَكِنْ اعْتَرَضَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ: أَيْ الَّتِي سَاقَهَا مَنْصُوصًا فِيهَا عَلَى الْكَبَائِرِ النَّصُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ، قَالَ وَإِنَّمَا فِيهِ وَعِيدٌ شَدِيدٌ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ؛ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِمَا تَقَدَّمَ حَدِيثَ أَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ الَّذِي قَدَّمْته فِيهِ: