الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ لَعْنِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى جَوَازِ لَعْنِ الْعَاصِي الْمُعَيَّنِ وَبَحَثْت مَعَهُ فِي ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَعْنُهُمْ لَهَا لَيْسَ بِالْخُصُوصِ بَلْ بِالْعُمُومِ بِأَنْ يُقَالَ لَعَنَ اللَّهُ مَنْ بَاتَتْ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا.
[بَابُ الطَّلَاقِ]
[الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ سُؤَالُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ]
بَابُ الطَّلَاقِ (الْكَبِيرَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: سُؤَالُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ) . أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنَا خُزَيْمَةَ وَحِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا، عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» . وَالْبَيْهَقِيُّ فِي حَدِيثٍ قَالَ: «وَإِنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ، وَمَا مِنْ امْرَأَةٍ تَسْأَلُ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَتَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ أَوْ قَالَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ صَرِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِمَا فِيهِ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ عَلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا الْمُؤَيَّدَةِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى -:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَالشَّرْطُ قَبْلَهُ لَيْسَ لِلْجَوَازِ بَلْ لِنَفْيِ كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ، وَبِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«خُذْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً» ، وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ عَلَى مَا إذَا أَلْجَأَتْهُ إلَى الطَّلَاقِ بِأَنْ تَفْعَلَ مَعَهُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عُرْفًا كَأَنْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي طَلَبِهِ مَعَ عِلْمِهَا بِتَأَذِّيهِ بِهِ تَأَذِّيًا شَدِيدًا، وَلَيْسَ لَهَا عُذْرٌ شَرْعِيٌّ فِي طَلَبِهِ.
[الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ الدِّيَاثَةُ وَالْقِيَادَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ]
(الْكَبِيرَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّمَانُونَ وَالثَّالِثَةُ وَالثَّمَانُونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: الدِّيَاثَةُ وَالْقِيَادَةُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَوْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ) . عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالدَّيُّوثُ، وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقَيْنِ: إحْدَاهُمَا هَذِهِ، وَالثَّانِيَةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَصَحَّحَ الثَّانِيَةَ، قَالَ: وَالْقَلْبُ إلَى الْأُولَى أَمْيَلُ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: إسْنَادُ الْحَدِيثِ صَالِحٌ. وَرَوَى أَحْمَدُ بِسَنَدٍ فِيهِ مَجْهُولٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما -
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثَةٌ حَرَّمَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ الْخَبَثَ فِي أَهْلِهِ» .
وَالنَّسَائِيُّ عَنْهُ أَيْضًا بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ عَطَاءَهُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ، وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ» .
وَأَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالنَّسَائِيُّ وَالْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ:«ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تبارك وتعالى عَلَيْهِمْ الْجَنَّةَ: مُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي أَهْلِهِ الْخَبَثَ» . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ الْمُتَشَبِّهَةُ بِالرِّجَالِ، وَالدَّيُّوثُ وَثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى» .
وَالطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ، قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ مَجْرُوحًا وَلَهُ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَبَدًا: الدَّيُّوثُ، وَالرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ، وَمُدْمِنُ الْخَمْرِ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَمَّا مُدْمِنُ الْخَمْرِ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الدَّيُّوثُ؟ قَالَ: الَّذِي لَا يُبَالِي مَنْ دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، قِيلَ: فَمَا الرَّجُلَةُ مِنْ النِّسَاءِ؟ قَالَ: الَّتِي تُشَبَّهُ بِالرِّجَالِ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَيْنِ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ الْعُلَمَاءُ: الدَّيُّوثُ الَّذِي لَا غَيْرَةَ لَهُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَفِي الْجَوَاهِرِ: الدِّيَاثَةُ هِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّاسِ وَاسْتِمَاعُ الْمَكْرُوهِ وَالْبَاطِلِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إذَا كَانَ شَخْصٌ لَا يَعْرِفُ الْغِنَاءَ وَإِنَّمَا مَعَهُ مَنْ يُغَنِّي ثُمَّ يَمْضِي بِهِ إلَى النَّاسِ فَهُوَ فَاسِقٌ وَهَذِهِ دِيَاثَةٌ. انْتَهَى كَلَامُ الْجَوَاهِرِ، وَحَدُّهُ لِلدِّيَاثَةِ بِمَا ذَكَرَ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَإِنَّمَا الْمَعْرُوفُ مَا مَرَّ عَنْ الْعُلَمَاءِ الْمُوَافِقُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْمَذْكُورِ آنِفًا. وَأَمَّا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ تَلْحَقُ بِالدِّيَاثَةِ، وَفِي لِسَانِ الْعَرَبِ: وَالدَّيُّوثُ الْقَوَّادُ عَلَى أَهْلِهِ وَاَلَّذِي لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَالتَّدْثِيثُ الْقِيَادَةُ. وَفِي الْمُحْكَمِ: الدَّيُّوثُ الَّذِي يَدْخُلُ الرِّجَالُ عَلَى حَرَمِهِ بِحَيْثُ يَرَاهُمْ، وَقَالَ ثَعْلَبُ: هُوَ الَّذِي يُؤْتَى أَهْلُهُ وَهُوَ يَعْلَمُ وَأَصْلُ الْحَرْفِ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَعُرِّبَ. انْتَهَى. أَيْ فَعَلَى هَذَا هُوَ سُرْيَانِيٌّ مُعَرَّبٌ ثُمَّ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ لِسَانِ الْعَرَبِ ثَانِيًا تَشْمَلُ الدِّيَاثَةُ الْقِيَادَةَ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَأَمَّا مَا قَالَهُ أَوَّلًا فَخَصَّ فِيهِ