الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ» . وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ: «مَنْ خَبَّبَ عَبْدًا عَلَى أَهْلِهِ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ أَفْسَدَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا فَلَيْسَ مِنَّا» . وَرَوَاهُ بِنَحْوِهِ جَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنْهُمْ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ صَحِيحٍ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ: «إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ فَعَلْت كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ مَا صَنَعْت شَيْئًا، ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْته حَتَّى فَرَّقْت بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ نَعَمْ أَنْتَ فَيَلْتَزِمُهُ» .
تَنْبِيهٌ: عَدُّ الْأُولَى كَبِيرَةً هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ وَرَوَوْا فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ الْأَحَادِيثُ الَّتِي ذَكَرْتهَا، وَالثَّانِيَةُ كَالْأُولَى كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ أَمْكَنَ الْفَرْقُ بِأَنَّ الرَّجُلَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمُفْسِدِ لَهُ وَزَوْجَتِهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ إفْسَادَ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا وَالرَّجُلِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ مِنْ الْمَرْأَةِ مَعَ إرَادَةِ تَزْوِيجٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ لَا مَعَ إرَادَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
[الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمَائِينَ عَقْدُ الرَّجُلِ عَلَى مَحْرَمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ]
(الْكَبِيرَةُ التَّاسِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمَاءَيْنِ: عَقْدُ الرَّجُلِ عَلَى مَحْرَمِهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ) وَعَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّهُ لَمْ يُعَمِّمْ الْمَحْرَمَ وَلَا ذَكَرَ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ وَذَلِكَ مُرَادُهُ بِلَا شَكٍّ، ثُمَّ لِمَا ذَكَرَهُ نَوْعُ اتِّجَاهٍ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى مَحْرَمِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى خَرْقِهِ سِيَاجَ الشَّرِيعَةِ الْغَرَّاءِ مِنْ أَصْلِهِ وَأَنَّهُ لَا مُبَالَاةَ عِنْدَهُ بِحُدُودِهَا سِيَّمَا مَا اتَّفَقَتْ الْعُقُولُ الصَّحِيحَةُ عَلَى قُبْحِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَصْدُرُ مِمَّنْ لَهُ أَدْنَى مِسْكَةٍ مِنْ مُرُوءَةٍ فَضْلًا عَنْ دِينٍ.
[الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ رِضَا الْمُطَلِّقُ بِالتَّحْلِيلِ وَطَوَاعِيَةُ الْمَرْأَةِ وَرِضَا الزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ لَهُ]
(الْكَبِيرَةُ السِّتُّونَ وَالْحَادِيَةُ وَالثَّانِيَةُ وَالسِّتُّونَ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ: رِضَا الْمُطَلِّقُ بِالتَّحْلِيلِ وَطَوَاعِيَةُ الْمَرْأَةِ الْمُطَلَّقَةِ عَلَيْهِ وَرِضَا الزَّوْجِ الْمُحَلِّلِ لَهُ) . أَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ
الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ هُوَ الْمُحَلِّلُ. لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ.
وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُحَلِّلِ؟ فَقَالَ لَا، إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَا نِكَاحَ دُلْسَةٍ وَلَا اسْتِهْزَاءً بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل ثُمَّ تَذُوقُ الْعُسَيْلَةَ» . وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا، فَسُئِلَ ابْنُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: كِلَاهُمَا زَانٍ. «وَسَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا لِأُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا لَمْ يَأْمُرْنِي وَلَمْ يَعْلَمْ. فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ إنْ أَعْجَبَتْك أَمْسَكْتهَا وَإِنْ كَرِهْتهَا فَارَقْتهَا، وَإِنَّا كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَسُئِلَ عَنْ تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا فَقَالَ ذَلِكَ هُوَ السِّفَاحُ. وَعَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ ابْنَةَ عَمِّهِ ثُمَّ نَدِمَ وَرَغِبَ فِيهَا، فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ لِيُحِلَّهَا لَهُ فَقَالَ كِلَاهُمَا زَانٍ، وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ نَحْوِهَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا» .
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه عَمَّنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ نَدِمَ فَقَالَ هُوَ عَصَى اللَّهَ فَأَنْدَمَهُ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. قِيلَ لَهُ: فَكَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ يُحِلُّهَا؟ فَقَالَ مَنْ يُخَادِعُ اللَّهَ يَخْدَعْهُ.
تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اللَّعْنِ، وَهُمَا مَحْمُولَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه عَلَى مَا إذَا شَرَطَ فِي صُلْبِ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ أَنَّهُ يُطَلِّقُ بَعْدَ أَنْ يَطَأَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ لِلنِّكَاحِ، وَحِينَئِذٍ التَّحَلُّلُ كَبِيرَةٌ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْمُطَلِّقِ وَالْمُحَلِّلِ وَالْمَرْأَةِ فَاسِقًا لِإِقْدَامِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْفَاحِشَةِ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ إطْلَاقُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ التَّحْلِيلَ كَبِيرَةٌ إذْ هُوَ بِدُونِ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ كَبِيرَةً وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَضْمَرُوهُ وَلَا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ عَلَى الْعَقْدِ، وَأَخَذَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثَيْنِ فَحَرَّمُوا التَّحَلُّلَ مُطْلَقًا مِنْهُمْ مَنْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فَقَالَ: إذَا هَمَّ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بِالتَّحَلُّلِ فَقَدْ أَفْسَدَ الْعَقْدَ.
وَالنَّخَعِيُّ فَقَالَ: إذَا كَانَتْ نِيَّةُ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ أَوْ الزَّوْجُ الْآخَرُ أَوْ الْمَرْأَةُ التَّحْلِيلَ فَنِكَاحُ الْآخَرِ بَاطِلٌ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ. وَابْنُ الْمُسَيِّبِ فَقَالَ: مَنْ تَزَوَّجَ